المحكمة الاتحادية العراقية ترفع الحصانة عن النواب لحسم دعاوى الفساد

جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)
جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)
TT

المحكمة الاتحادية العراقية ترفع الحصانة عن النواب لحسم دعاوى الفساد

جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)
جلسة سابقة للبرلمان العراقي (رويترز)

قررت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، اليوم (الثلاثاء)، رفع الحصانة عن أعضاء مجلس النواب في خطوة تفتح الباب لمحاكمة سياسيين متهمين بجرائم فساد، حسب بيان رسمي.
ويحظى أعضاء مجلس النواب منذ تأسيس النظام السياسي الجديد بحصانة برلمانية تمنع محاكمة أو اعتقال أحدهم من دون موافقة مجلس النواب والتي غالباً ما يتم تسويفها ضمن تسويات سياسية.
وأورد البيان الذي نقلته وكالة الصحافة الفرنسية: «قررت المحكمة العدول عن قرارات المحكمة السابقة بخصوص استحصال موافقة مجلس النواب في جميع الجرائم التي يُتهم بها أعضاء مجلس النواب سواء كانت جرائم جنايات أم جنحاً أم مخالفات».
ووفق قرار المحكمة، يقتصر «الحصول على موافقة مجلس النواب في حالة واحدة فقط هي صدور مذكرة قبض في جريمة من نوع الجنايات غير المشهودة». ويفصّل أنه «في ما عدا ذلك لا حصانة لأعضاء مجلس النواب وبالإمكان اتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم مباشرةً في حال اتهام أيٍّ منهم بجريمة جناية مشهودة أو جريمة جنحة أو مخالفة».
وحسب مصدر قضائي، فإن عدداً من القضايا مرفوعة ضد نواب بتهم فساد مالي وأخرى بتهم ابتزاز وغيرها، لكن البرلمان لا يرفع الحصانة، ما يجعل محاكمتهم وفق القانون أمراً شبه مستحيل.
لكن حسب قرار المحكمة الاتحادية الجديد فإن «المحاكم تستطيع حسم دعاوى الفساد بشكل أسرع من السابق لأن معظم جرائم الفساد ينطبق عليها وصف جرائم الجنح وكان حسمها يتوقف على رفع الحصانة عن المتهم بها إن كان عضو مجلس نواب».
وتأتي هذه الخطوة بالتزامن مع مشروع قانون مكافحة الفساد الذي أطلقه الرئيس العراقي برهم صالح ويهدف إلى استعادة الأموال العامة التي فُقدت جراء الاختلاس وملاحقة المسؤولين عن ذلك.
وكشف صالح (الأحد) أن 150 مليار دولار قد هُرّبت من العراق منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003. وقال مصدر مصرفي عراقي إن سياسيين عراقيين متورطين بالفساد هرّبوا 60 مليار دولار من البلاد خلال 18 عاماً إلى لبنان.
وشكّل الفساد المستشري في العراق أحد أبرز دوافع الاحتجاجات التي شهدتها البلاد في أكتوبر (تشرين الأول) 2019.


مقالات ذات صلة

«نزاهة» السعودية توقف 139 متهماً في قضايا فساد

الخليج هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية (الشرق الأوسط)

«نزاهة» السعودية توقف 139 متهماً في قضايا فساد

أعلنت هيئة الرقابة ومكافحة الفساد في السعودية «نزاهة»، أنها حققت مع 380 موظفاً بوزارات الداخلية والدفاع والعدل والصحة والتعليم والبلديات والإسكان.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
أوروبا صورة التقطتها وزارة الدفاع الروسية يناير 2015 تُظهر نائب وزير الدفاع السابق بافيل بوبوف في الصورة الرسمية بموسكو (أ.ب)

اعتقال نائب وزير الدفاع الروسي السابق بتهمة الاحتيال

أمرت السلطات الروسية باحتجاز مسؤول عسكري روسي سابق بتهمة الاحتيال، اليوم (الخميس)، في أحدث اعتقال رفيع المستوى لمسؤول عسكري كبير بالبلاد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
المشرق العربي صورة متداولة لـ«نور زهير» المتهم الرئيسي لما تُعرف بـ«سرقة القرن» (فيسبوك)

​المتهم بـ«سرقة القرن» مطارداً بمذكرة قبض عراقية

بات المتهم بـ«سرقة القرن» نور زهير مطارداً بمذكرة قبض أصدرتها محكمة الفساد العراقية بعدما ألغت الكفالة المشروطة التي منحت له لاسترداد صكوك الأمانات الضريبية.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي نور زهير المتهم الرئيسي بـ«سرقة القرن» خلال حوار تلفزيوني (قناة الشرقية)

غموض يلفُّ إصابة المتهم بـ«سرقة القرن» العراقية في بيروت

تحوّل خبر حادث مروري مزعوم في بيروت إلى سجال عراقي حول قضية المتهم الرئيسي بـ«سرقة القرن» في العراق.

«الشرق الأوسط» (بيروت - بغداد)
الخليج هيئة الرقابة أكدت مضيها في تطبيق ما يقتضيه النظام بحق المتجاوزين دون تهاون (الشرق الأوسط)

السعودية: إيقاف ضابط متقاعد و3 مقيمين تورطوا بقضية فساد

أعلنت «هيئة الرقابة» السعودية إيقاف ضابط متقاعد وثلاثة مقيمين تورطوا بقضية فساد منظورة لديها، مؤكدة أن العمل جارٍ لاتخاذ الإجراءات النظامية بحقهم.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تشكو إثيوبيا مجدداً لمجلس الأمن: تهدد استقرار الإقليم

«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
«سد النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

صعّدت مصر في نزاعها مع إثيوبيا بشأن «سد النهضة» على نهر النيل، مجددة شكواها إلى مجلس الأمن الدولي، ضد ما وصفته بـ«السياسات الأحادية» لأديس أبابا، والتي اعتبرتها «تهدد استقرار الإقليم».

ومصر وإثيوبيا على خلاف منذ سنوات بسبب السد، الذي تبنيه إثيوبيا منذ عام 2011 بداعي توليد الطاقة الكهرومائية على النيل الأزرق (الرافد الأساسي لنهر النيل) بالقرب من الحدود مع السودان.

ووجّه وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، الأحد، خطاباً إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بعد التصريحات الأخيرة لرئيس الوزراء الإثيوبي حول المرحلة الخامسة من ملء «سد النهضة»، والتي بدأت في يوليو (تموز) الماضي.

وشدد الخطاب على «رفض مصر القاطع للسياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي»، والتي اعتبرها «تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق (إعلان المبادئ) الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، والبيان الرئاسي لمجلس الأمن الصادر في 15 سبتمبر (أيلول) 2021».

وأضاف الخطاب أن «تصريحات رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد حول حجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي، تُعد غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم الذي تطمح أغلب دوله لتعزيز التعاون والتكامل فيما بينها، بدلاً من زرع بذور الفتن والاختلافات بين شعوب تربطها وشائج الأخوة والمصير المشترك».

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، الاثنين الماضي، أن «بناء (سد النهضة) سينتهي بشكل كامل بحلول شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل». وكشف في مقابلة مع التلفزيون الإثيوبي من موقع السد، أن إجمالي المياه المحتجزة في بحيرة السد بلغ «62.5 مليار متر مكعب»، متوقعاً أن يصل في ديسمبر المقبل إلى ما بين 70 و71 مليار متر مكعب من إجمالي السعة الكلية للسد؛ 74 مليار متر مكعب.

وتطالب مصر ومعها السودان بـ«اتفاق قانوني ملزم» ينظم عمليتَي الملء والتشغيل، بما لا يضر بحصتيهما المائية.

ولا تعد هذه هي المرة الأولى التي تخاطب مصر فيها مجلس الأمن بشأن نزاع «سد النهضة»؛ فقد سبق أن قدمت شكوى في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي عقب انتهاء إثيوبيا من الملء الرابع للسد. كما اعتمد مجلس الأمن في سبتمبر عام 2021، بياناً رئاسياً دعا فيه أطراف «سد النهضة» إلى استئناف المفاوضات برعاية الاتحاد الأفريقي.

جانب من آخر جولة مفاوضات بين وزراء مياه مصر والسودان وإثيوبيا العام الماضي (وزارة الموارد المائية المصرية)

واعتبر أستاذ القانون الدولي المصري الدكتور محمد محمود مهران، لجوء مصر إلى مجلس الأمن «خطوة ضرورية»، مطالباً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» المجلس بـ«أن يتحرك لاتخاذ قرار حاسم بعد أن فشل البيان الرئاسي الصادر في سبتمبر 2021 في الوصول إلى تسوية ودية».

وأكد مهران ضرورة «أن يتدخل مجلس الأمن بقرارات جدية، تفرض عقوبات على إثيوبيا وفق القانون الدولي»، داعياً مصر إلى «المزيد من الضغط الدبلوماسي في المحافل الدولية، مع إمكانية اللجوء إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة وطرح تصويت على قرار يؤكد الانتهاكات الإثيوبية لحقوق مصر والسودان، كما يمكن طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن شرعية التصرفات الأحادية لإثيوبيا».

وفشلت آخر جولة تفاوض بين مصر والسودان وإثيوبيا في الوصول إلى حل في ديسمبر الماضي.

وتأتي هذه التطورات في أعقاب تصاعد التوترات السياسية بين مصر وإثيوبيا على خلفية إرسال مصر معدات ووفوداً عسكرية إلى الصومال للمشاركة في بعثة الدعم التابعة للاتحاد الأفريقي، التي من المقرر أن تحل محل بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية الحالية بحلول يناير (كانون الثاني) 2025.

وأعربت إثيوبيا عن «قلقها» إزاء انتقال بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال إلى بعثة جديدة لدعم السلام، وعدّ متحدث الخارجية الإثيوبية، نبيو تاديلي، أن هذه الخطوة «تشكل مخاطر على المنطقة»، وأكدت أديس أبابا أنها «لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي».

وفي خطابه لمجلس الأمن أكد وزير الخارجية المصري أن «السياسات الإثيوبية غير القانونية سيكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتَي المَصبّ مصر والسودان»، موضحاً أنه «بالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة، وكذلك الجهود الكبيرة التي بذلتها الدولة المصرية، قد أسهما في التعامل مع الآثار السلبية للتصرفات الأحادية لـ(سد النهضة) في السنوات الماضية»، فإن «مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كافة التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها ومصالحه».

وتوقعت مديرة البرنامج الأفريقي بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بمصر، الدكتورة أماني الطويل، أن يتفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر بشكل أكثر جدية من مجرد بيان، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تفاعل مجلس الأمن مع شكوى مصر يجب أن يتزامن مع ترتيبات إقليمية ودولية؛ إذ يوجد بالوقت الراهن متغيرات دولية وإقليمية غيرت معادلة وموازين القوى بالمنطقة، مثل توترات البحر الأحمر، وهو ما يوفر لمصر فرصة للتحرك لحشد التأييد لإلزام إثيوبيا بتوقيع اتفاق ملزم».

وأشارت الطويل إلى أنه «من بين المتغيرات الإقليمية التي تعزز موقف مصر، أن الرهان على الدور الإثيوبي كلاعب إقليمي ضعف كثيراً، هذا بجانب مشكلات أديس أبابا الداخلية، وما يمكن اعتباره فشل المشروع السياسي لآبي أحمد»، حسب وصفها.

وبشأن إمكانية استئناف مفاوضات «سد النهضة»، يرى أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة الدكتور عباس شراقي، أن «بعض التفاصيل الفنية لم تعد مطروحة للتفاوض بسبب اكتمال بناء السد، مثل التصميمات الهندسية للإنشاءات، ودراسات عوامل الأمان».

وقال شراقي لـ«الشرق الأوسط» إنه في حال تم الاتفاق على عودة المفاوضات، فإن أبرز ما يجب أن يُطرح هو «الاتفاق على قواعد محددة للتشغيل والملء المتكرر كل عام، ووضع آلية لفض المنازعات؛ بمعنى أنه إذا حدث خلاف بعد توقيع اتفاق ملزم يجب أن توضع قواعد للتعامل مع ذلك، كما يجب الاتفاق على قواعد تتعلق بأمان السد، مثلاً يجب أن تلتزم أديس أبابا بعدم تخزين كميات كبيرة قد تؤدي لانهيار السد».