بايدن يحدد ملامح سياسته لإعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى المفاوضات

حل الدولتين خيار «وحيد» وإسرائيل «دولة يهودية»

فلسطينيون يحاولون أمس جمع ما يمكن الاستفادة منه من مبنى دمرته الضربات الإسرائيلية في مدينة غزة (أ.ب)
فلسطينيون يحاولون أمس جمع ما يمكن الاستفادة منه من مبنى دمرته الضربات الإسرائيلية في مدينة غزة (أ.ب)
TT

بايدن يحدد ملامح سياسته لإعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى المفاوضات

فلسطينيون يحاولون أمس جمع ما يمكن الاستفادة منه من مبنى دمرته الضربات الإسرائيلية في مدينة غزة (أ.ب)
فلسطينيون يحاولون أمس جمع ما يمكن الاستفادة منه من مبنى دمرته الضربات الإسرائيلية في مدينة غزة (أ.ب)

وضع الرئيس الأميركي جو بايدن ما يمكن اعتباره ملامح أولية لسياسة سيعتمدها في محاولة لإعادة الفلسطينيين والإسرائيليين إلى طاولة المفاوضات، انطلاقاً من وقف إطلاق النار في غزة، على أساس حل الدولتين لأنه الخيار «الوحيد» للتسوية وإنشاء دولة فلسطينية، معتبراً أن «لا سلام» من دون الإقرار بإسرائيل «دولة يهودية».
وكان الرئيس الأميركي يتحدث في مؤتمر صحافي مع نظيره الكوري الجنوبي مون جاي - إن في البيت الأبيض مساء الجمعة، حين تطرق إلى الموقف بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد وقف النار بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، وبينما تستعد إدارته لتكثيف الجهود الدبلوماسية مع استعداد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن للقيام بجولة في المنطقة والانخراط في محادثات مباشرة مع المسؤولين الفلسطينيين والإسرائيليين وعدد من اللاعبين الآخرين بهدف وضع استراتيجية لإعادة إعمار غزة، وإحلال الهدوء والرخاء الاقتصادي في الضفة الغربية والأراضي الفلسطينية المحتلة، بما في ذلك القدس، وصولاً إلى إعادة الطرفين إلى طاولة المفاوضات في ظل التزام أميركي حازم بأمن إسرائيل.
وقلل بايدن من شأن التقارير حول أن القتال أدى إلى شرخ بين أعضاء حزبه الديمقراطي، بعدما انتقد العشرات منهم «الدبلوماسية الهادئة» التي اعتمدها بايدن لوقف إطلاق النار. وقال: «لا يوجد تحول في التزامي بأمن إسرائيل. لا تغيير على الإطلاق»، مضيفاً: «لا نزال بحاجة إلى حل الدولتين. إنه الجواب الوحيد». وعبر عن اعتقاده بأنه «يمكننا الآن التحرك»، مشيراً إلى أنه أكد للرئيس الفلسطيني محمود عباس «أننا سنوفر الأمن في الضفة الغربية. وجددنا الالتزام الأمني وكذلك الالتزام الاقتصادي تجاه سكان الضفة الغربية». ولفت إلى أنه قال للمسؤولين الإسرائيليين إنه «من المهم للغاية أن يتوقفوا في القدس، هذا القتال الأهلي بين الطرفين المتطرفين في كلا الجانبين يجب أن ينتهي». وبالنسبة إلى غزة، قال: «سنحاول تجميع حزمة كبيرة مع الدول الأخرى التي تشاركنا وجهة نظرنا لإعادة بناء المنازل»، ولكن «من دون إتاحة الفرصة لحماس لإعادة بناء أنظمة أسلحتها».
وأكد بايدن أن «حزبي لا يزال يدعم إسرائيل»، مضيفاً: «دعونا نحصل على أمر ما هنا (...) إلى أن تقول المنطقة بشكل لا لبس فيه إنها تعترف بحق إسرائيل في الوجود كدولة يهودية مستقلة، فلن يكون هناك سلام».
ورفض بايدن كشف تفاصيل المفاوضات التي أجراها مع فريقه خلف الكواليس ما أدى إلى وقف النار الخميس الماضي، مصراً على «عدم التحدث عما أقوله للناس على انفراد. أنا لا أتحدث عما نتفاوض عليه في السر». لكنه ذكر بأنه «في المرة الأخيرة، استوجب الأمر 56 يوماً وستة أشهر للحصول على وقف لإطلاق النار. أدعو الله أن يصمد وقف إطلاق النار». وأشاد برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لأنه «لم يحنث بكلمته قط» عندما اتفقا على وقف النار، داعياً إلى «الاعتراف بعباس كزعيم الشعب الفلسطيني، وهو كذلك، وبحماس كمنظمة إرهابية».
وبينما كشف مسؤولون أميركيون تفاصيل ما دار في الكواليس الدبلوماسية لوقف النار بين إسرائيل و«حماس»، بات بايدن أحدث رئيس أميركي يدخل على خط الوساطة في النزاع المرير من أجل حصول الفلسطينيين على دولة.
ويستعد بايدن لزيادة انخراط الولايات المتحدة في الجهود لدفع عملية السلام، إذ اتصل وزير الخارجية بالرئيس عباس قبل التوجه إلى المنطقة في أوائل الأسبوع، علماً بأن وزارة الخارجية ستوفد الدبلوماسي المخضرم مايكل راتني لكي يقود موقتاً السفارة الأميركية في القدس، علماً بأن بايدن يتجه إلى تعيين توماس نايدس كسفير. لكن عملية الترشيح والمصادقة على هذا التعيين يمكن أن تستوجب أشهراً.
وأفاد الناطق باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس بأن بلينكن تحادث مع عباس، ورحبا بوقف إطلاق النار وناقشا «الإجراءات اللازمة لضمان استمراره». وقال إن بلينكن «شدد على التزام الولايات المتحدة العمل مع السلطة الفلسطينية والأمم المتحدة لتقديم مساعدات إنسانية سريعة وحشد الدعم الدولي لجهود إعادة إعمار غزة»، مضيفاً أن الرئيس والوزير «عبرا عن تقديرهما لجهود الوساطة المصرية والتزامهما الحفاظ على خطوط اتصال مفتوحة على كل المستويات». ونقل عن الرئيس الفلسطيني «ترحيبه بالسفر المخطط للوزير بلينكن إلى المنطقة، حيث سيلتقي الوزير بنظراء فلسطينيين وإسرائيليين وإقليميين لمناقشة جهود الإغاثة والعمل معاً لبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين».
ويخطط مسؤولو الإدارة لإعادة فتح قنصلية في القدس كانت نقطة الاتصال الرئيسية لواشنطن مع الفلسطينيين، قبل أن يدمجها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب بالسفارة بعدما نقلها إلى القدس. وأوردت صحيفة «نيويورك تايمز» أن مسؤولي البيت الأبيض يناقشون كيفية إعادة ضبط نهجهم، أملاً في تلافي أزمة أخرى من شأنها تحويل انتباه الرئيس بايدن عن أولويات سياسته الخارجية: الصين وروسيا والعودة إلى الاتفاق النووي مع إيران ولجم البرنامج النووي لدى كوريا الشمالية.
في غضون ذلك، دعا زعيم الغالبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور تشاك شومر إلى السلام خلال مناسبة في نيويورك غداة اعتقال الشرطة أكثر من 20 متظاهراً عند تقاطع ساحة «تايمز سكوير» الشهير في مانهاتن. وقال: «هنا في نيويورك، الاحتجاج السلمي هو السمة المميزة لدينا، لكن يجب أن يظل سلمياً»، مضيفاً أن «الكراهية ضد أي مجموعة من الآسيويين واليهود والفلسطينيين خطأ».
وأفادت الشرطة بأن أكثر من 20 شخصاً اعتقلوا عندما اشتبك متظاهرون مؤيدون لإسرائيل مع مؤيدين لفلسطين في الساحة ليلة الخميس، وتحقق الشرطة في اعتداء عصابة على رجل يهودي باعتباره جريمة كراهية.



«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
TT

«الصحة العالمية» تحذّر من «نقص حادّ» في المواد الأساسية بشمال قطاع غزة

منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)
منظمة الصحة العالمية تطالب إسرائيل بالسماح بإدخال مزيد من المساعدات إلى غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة الصحة العالمية، اليوم الخميس، من أنّ قطاع غزة، ولا سيّما شطره الشمالي، يعاني نقصاً حادّاً في الأدوية والأغذية والوقود والمأوى، مطالبة إسرائيل بالسماح بدخول مزيد من المساعدات إليه، وتسهيل العمليات الإنسانية فيه.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، وصفت المنظمة الأممية الوضع على الأرض بأنه «كارثي».

وقال المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إنه عندما اندلعت الحرب في غزة، قبل أكثر من عام في أعقاب الهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة «حماس» على جنوب إسرائيل، في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لجأ تقريباً جميع الذين نزحوا بسبب النزاع إلى مبان عامة أو أقاموا لدى أقارب لهم.

وأضاف، في مؤتمر صحافي بمقرّ المنظمة في جنيف: «الآن، يعيش 90 في المائة منهم في خيم».

وأوضح أن «هذا الأمر يجعلهم عرضة لأمراض الجهاز التنفّسي وغيرها، في حين يتوقّع أن يؤدّي الطقس البارد والأمطار والفيضانات إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية».

وحذّر تيدروس من أن الوضع مروِّع بشكل خاص في شمال غزة، حيث بدأ الجيش الإسرائيلي عملية واسعة، مطلع أكتوبر الماضي.

وكان تقريرٌ أُعِدّ بدعم من الأمم المتّحدة قد حذّر، في وقت سابق من هذا الشهر، من أن شبح المجاعة يخيّم على شمال قطاع غزة؛ حيث اشتدّ القصف والمعارك، وتوقّف وصول المساعدات الغذائية بصورة تامة تقريباً.

وقام فريق من منظمة الصحة العالمية وشركائها، هذا الأسبوع، بزيارة إلى شمال قطاع غزة استمرّت ثلاثة أيام، وجالَ خلالها على أكثر من 12 مرفقاً صحياً.

وقال تيدروس إن الفريق رأى «عدداً كبيراً من مرضى الصدمات، وعدداً متزايداً من المصابين بأمراض مزمنة الذين يحتاجون إلى العلاج». وأضاف: «هناك نقص حادّ في الأدوية الأساسية».

ولفت المدير العام إلى أن منظمته «تفعل كلّ ما في وسعها - كلّ ما تسمح لنا إسرائيل بفعله - لتقديم الخدمات الصحية والإمدادات».

من جهته، قال ريك بيبركورن، ممثّل منظمة الصحة العالمية في الأراضي الفلسطينية، للصحافيين، إنّه من أصل 22 مهمّة إلى شمال قطاع غزة، قدّمت طلبات بشأنها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، جرى تسهيل تسع مهام فقط.

وأضاف أنّه من المقرّر أن تُجرى، السبت، مهمّة إلى المستشفيين الوحيدين، اللذين ما زالا يعملان «بالحد الأدنى» في شمال قطاع غزة؛ وهما مستشفى كمال عدوان ومستشفى العودة، معرباً عن أمله في ألا تحدث عرقلة لهذه المهمة.

وقال بيبركورن إنّ هذين المستشفيين «بحاجة إلى كل شيء»، ويعانيان بالخصوص نقصاً شديداً في الوقود، محذراً من أنّه «دون وقود لا توجد عمليات إنسانية على الإطلاق».

وفي الجانب الإيجابي، قال بيبركورن إنّ منظمة الصحة العالمية سهّلت، هذا الأسبوع، إخلاء 17 مريضاً من قطاع غزة إلى الأردن، يُفترض أن يتوجه 12 منهم إلى الولايات المتحدة لتلقّي العلاج.

وأوضح أن هؤلاء المرضى هم من بين نحو 300 مريض تمكنوا من مغادرة القطاع منذ أن أغلقت إسرائيل معبر رفح الحدودي الرئيسي في مطلع مايو (أيار) الماضي.

لكنّ نحو 12 ألف مريض ما زالوا ينتظرون، في القطاع، إجلاءهم لأسباب طبية، وفقاً لبيبركورن الذي طالب بتوفير ممرات آمنة لإخراج المرضى من القطاع.

وقال: «إذا استمررنا على هذا المنوال، فسوف نكون مشغولين، طوال السنوات العشر المقبلة».