من الموهبة إلى الصداقة... انتقادات لمعايير «اختيار الممثلين» في مصر

جدل واسع في الوسط الفني بشأن توزيع الأدوار

الفنان عمرو عبد الجليل ظهر في أكثر من عمل
الفنان عمرو عبد الجليل ظهر في أكثر من عمل
TT

من الموهبة إلى الصداقة... انتقادات لمعايير «اختيار الممثلين» في مصر

الفنان عمرو عبد الجليل ظهر في أكثر من عمل
الفنان عمرو عبد الجليل ظهر في أكثر من عمل

تجددت حالة الجدل بشأن طريقة تشغيل الممثلين في مصر، بعد منشور الفنانة مها أحمد، عبر صفحتها على «فيسبوك»، والذي انتقدت خلاله فنانين مصريين لم يلبيا طلبها بالمساعدة في العمل الفني، وذلك بعد قرار «الشركة المتحدة للإنتاج الفني»، إحدى كبرى شركات الإنتاج المصري، وقف التعاون مع المخرج المصري محمد سامي.
وأكد قطاع كبير من الفنانين الذين تعاطفوا مع مها أحمد، على وجود خلل في توزيع الأدوار على الفنانين، وسيطرة «الشللية» و«الوساطة» على عملية اختيار أطقم العمل من الفنانين، فعلى الرغم من إنتاج 25 مسلسلاً رمضانياً في العام الحالي، فإن ثمة فنانين جلسوا في بيوتهم من دون عمل، بينما شارك آخرون في أكثر من عمل، على غرار عمرو عبد الجليل، وسيد رجب، بالإضافة إلى ظهور عدد معين من الفنانين مع بعض المخرجين في معظم أعمالهم؛ وهو ما يدافع عنه المخرجون بقولهم، إن «الدور ينادي صاحبه... وإن الموهبة وحدها هي الفيصل في عملية الاختيار المتكرر».
وشددت نقابة الممثلين المصريين في بيان لها مساء أول من أمس على «ضرورة التخلي عن بعض السلوكيات المرفوضة، والتراشق غير اللائق بين أعضائها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والالتفاف حول قضايا الوطن والقضية الفلسطينية والالتزام بأخلاقيات المهنة والدور التنويري الذي يلعبه الفن والفنان في الارتقاء بالمجتمع».
ويبلغ عدد أعضاء نقابة المهن التمثيلية المصرية نحو 4 آلاف عضو، وفق الفنان إيهاب فهمي، عضو مجلس النقابة.
وتعد قضية تشغيل الممثلين إحدى أبرز أزمات الوسط الفني المصري خلال العقد الأخير؛ بسبب تغير خريطة الإنتاج التلفزيوني والتي ساهمت في استبعاد عدد كبير من الممثلين، وخصوصاً من جيل الكبار والوسط؛ ما دعا بعضهم إلى الإعلان عن ضيقه ومعاناته مما يحدث على غرار الفنانة نشوى مصطفى، حيث تلقت نقابة الممثلين عشرات الشكاوى من أعضائها الذين طالبوا بتدخلها لتشغيلهم، وطالت هذه الأزمة مخرجين وكتاباً ومديري تصوير أيضاً.

صاحب القرار
من الطبيعي أن يكون المخرج هو صاحب قرار اختيار فريق العمل معه، إلا أن هذا الحق سُلب منه على يد ممثلين وشركات إنتاج، منحت النجم كل الحقوق، بحسب المخرج المصري مجدي أحمد علي الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوضع تغير في مصر، حيث بات يختار النجم بنفسه مخرجاً يقبل بفرض سيطرته على العمل ويتنازل عن حقوقه للنجم والذي يتدخل في السيناريو وفي اختيار الممثلين؛ لذا لم يعد المخرج أصل الحكاية إلا فيما ندر؛ لذلك لجأت الفنانة مها أحمد إلى زملائها لمساعدتها لأنها تدرك الآلية الخطأ التي تسيطر على الأجواء الفنية حالياً والتي تجعل النجم متحكماً في تشغيل الممثلين والمخرجين وكل فريق العمل».
مشيراً إلى أن «المخرج الحقيقي لا بد أن يكون مهموماً بالقضية التي يطرحها، ولديه رؤية فنية، وهؤلاء أصبحوا استثناءات نادرة في ظل منظومة عمل خاطئة، أقعدت أغلب الموهوبين في بيوتهم من دون سبب». مؤكداً أنه «لن يرضى لنفسه تدخل النجم في عمله بشكل سافر، ويملي شروطه عليه».

عشوائية الاختيار
هناك ممثلون شاركوا في أكثر من عمل خلال شهر رمضان مثل الفنان سيد رجب الذي ظهر في مسلسلي «موسي» و«لعبة نيوتن»، وهو ما تراه المخرجة رباب حسين، أمراً يضر الممثل نفسه ويسبب التباساً لدى الجمهور، وتقول لـ«الشرق الأوسط»، «تكرار ظهور الفنانين في أكثر من عمل ليس ذنبهم بل ذنب جهات الإنتاج»، مشيرة إلى «سيطرة العشوائية على أسلوب العمل في الدراما التلفزيونية، فقبل ذلك كانت جهات الإنتاج ترسل لنا كشوفاً بالممثلين الذين تعاقدوا على أعمال رمضانية؛ حتى لا يتم تكرار ظهورهم في الموسم نفسه، بجانب تحقيق عدالة توزيع الأدوار بين الممثلين».
وتضيف حسين «الفنانة مها أحمد وزوجها مجدي كامل ممثلان جيدان، ولديهما ابن معاق ولا يعملان منذ فترة، وحالياً يعاني فنانون على درجة عالية من الموهبة والحضور من بقائهم بلا عمل، وممثلون كبار يتساقطون من بين أيدينا في حسرة»، لافتة إلى أن «الفن في مصر يتطلب نظرة جديدة تعيد الأمور إلى نصابها وتحقق عدالة في العمل».
بدورها، قالت الفنانة حورية فرغلي، إن المشاركة في الأعمال الفنية حالياً أصبحت تعتمد بدرجة كبيرة على «الشللية» أكثر من الموهبة والتي تعيق ظهور المبدعين، معربة في تصريحات صحافية أمس، عن «أملها في إعادة النظر للنجاحات التي يحققها أي فنان قبل ترشيحه لأي عمل جديد حتى لا تتعرض المواهب الحقيقية للإقصاء أو الغياب عن الساحة الفنية لفترات طويلة».
في حين تقيّم الناقدة ماجدة خير الله أزمة تشغيل الممثلين على نحو مغاير قائلة «هناك موهوبون في كل مجال يكون حظهم قليلاً في العمل، وهناك لحظات خفوت يمر بها الفنان تجعله بعيداً عن العمل ثم يستعيد مكانته مع عمل يعيد اكتشافه مجدداً، ومن الممكن أن يلفت ممثل نظر المنتج أو المخرج لممثل زميل، على غرار ما فعله صلاح السعدني قبل عقود مع عادل إمام في بداياته، لكن هذا ليس أمراً حتمياً في كل الأوقات، لكن الأمور تبدو سيئة حالياً لوجود جهة إنتاج واحدة، لو لم يعمل الممثل بها فإن فرص عمله تضعف».
وفي عام 2019 تم تدشين «جمعية الزمن الجميل» بهدف إعادة التنوع الذي كانت تتميز به السينما المصرية، عبر إنتاج أفلام اجتماعية وكوميدية ورومانسية تطرح قضايا المجتمع، وتفتح الباب أمام مشاريع المخرجين والكتاب التي ظلت حبيسة الأدراج لسنوات طويلة، وخصوصاً من جيل الكبار.


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».