حملات جباية حوثية جديدة تستهدف 3 مدن يمنية

موالون للجماعة يتهمون «المشرفين» بنهب التجار

يمنيون يتبضعون في إحدى أسواق صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون يتبضعون في إحدى أسواق صنعاء (أ.ف.ب)
TT
20

حملات جباية حوثية جديدة تستهدف 3 مدن يمنية

يمنيون يتبضعون في إحدى أسواق صنعاء (أ.ف.ب)
يمنيون يتبضعون في إحدى أسواق صنعاء (أ.ف.ب)

أطلقت الميليشيات الحوثية حملات جباية جديدة بحق كبار التجار وباعة الأرصفة والسكان في العاصمة المختطفة صنعاء ومحافظتي إب والحديدة، بهدف الحصول على المزيد من الأموال تحت مسميات الزكاة والضرائب والمجهود الحربي، بالتزامن مع فرض غرامات على أي تاجر يقوم بتوزيع الزكاة على الفقراء والمحتاجين وتهديده بالحبس.
وفي هذا السياق، تحدثت مصادر مطلعة في صنعاء إلى «الشرق الأوسط» عن مواصلة الجماعة منذ مطلع الأسبوع الحالي تنفيذ حملات جباية ونهب لم تستثن فيها أحداً من التجار وملاك الأسواق والمطاعم والمقاهي والباعة المتجولين المنتشرين بمناطق متفرقة من العاصمة صنعاء.
وبحسب المصادر، فإن حملات التعسف التي بدأتها الجماعة منذ مطلع رمضان دفعت الكثير من التجار وأصحاب المهن الصغيرة إلى إغلاق متاجرهم والتهديد بوقف أنشطتهم التجارية احتجاجاً على السلوك الحوثي الذي يطالهم في كل مرة لنهب أموالهم تحت حجج وذرائع واهية.
وشكا تجار وباعة أرصفة ومواطنون لـ«الشرق الأوسط» مما وصفوه بـ«تعسفات» مشرفي الجماعة وتهديدهم المتكرر باعتقالهم حال رفضهم دفع أموال تقررها الميليشيات بشكل غير قانوني. وذكروا أن الاستهداف الذي طال كثيرين منهم يأتي في سياق حملات الجماعة السابقة التي تستهدف التجار بشكل عام، والمواطنين البسطاء الباحثين عن لقمة العيش لسد رمق جوع أسرهم على وجه الخصوص.
وأشاروا إلى أن حملات البطش الحوثية على مدى الأيام الخمسة الماضية أسفرت عنها اعتقال نحو 50 تاجراً والعشرات من الباعة المتجولين في صنعاء الذين تم الزج بهم في سجون الجماعة، ولم يفرج عنهم إلا بعد دفع مبالغ مالية.
وعلى وقع الانتهاكات وحملات التنكيل الحوثية المتواصلة بحق مواطني وتجار إب (170 كيلومتراً جنوب صنعاء) وجه هؤلاء نداء استغاثة لإنقاذهم من جور وبطش ونهب الانقلابيين. وفيما شكا بعضهم من استمرار حملات الاستهداف لمصادر رزقهم، أدان مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة اليمنية بمحافظة إب هذه الانتهاكات التي ترتكبها الميليشيات.
وقال المكتب في بيان إن الجماعة عبر ما يسمى بـ«هيئة الزكاة» وغيرها تفرض جبايات مالية غير قانونية على التجار والمواطنين وليس لها علاقة لها بالزكاة ومصارفها، مشيراً إلى قيام الجماعة بمضاعفة تلك الجبايات عما كان عليه الأمر في العام الماضي.
وأعلن المكتب عن رفضه لتلك الجبايات، داعياً التجار إلى عدم الاستجابة للجماعة والعمل على دفع الزكاة للمستحقين من أبناء المجتمع الذين يعيشون أوضاعاً صعبة جراء الانقلاب. وطالب المجتمع الدولي بالتدخل العاجل ووضع حد لانتهاكات ميليشيا الحوثي الانقلابية بحق أبناء المحافظة، كما دعا المواطنين إلى توثيق تلك الجرائم، مؤكداً أنها لن تسقط بالتقادم.
وفي محافظة الحديدة (غرب) شكا الصيادون بمديرية اللحية من جبايات غير قانونية فرضتها الميليشيات الحوثية أخيراً عليهم بشكل قسري وتسببت بترك الكثير منهم للمهنة، ما أدى إلى رفع أسعار الأسماك في المحافظة ومناطق يمنية أخرى.
ونقلت تقارير محلية عن صيادين بمنطقة الخوبة التابعة لمديرية اللحية، قولهم إن الجماعة تمارس الازدواجية في التحصيل الضريبي حيث تقوم بتحصيل الرسوم والضرائب أكثر من مرة في مركز الإنزال السمكي وفي منفذي اللحية والخوبة.
وأضافوا أن جرائم النهب المتعدد التي تقوم بها الجماعة في النقاط الأمنية بالطرقات، ومنفذي اللحية والخوبة بالحديدة ضاعفت من مآسي السكان، لا سيما الصيادين.
وكان القيادي الموالي للجماعة والمعين عضواً في مجلس حكمها الانقلابي سلطان السامعي اتهم مسؤولي ومشرفي الميليشيات بنهب التجار وصغار الباعة، بحسب ما جاء في منشورات له على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي سياق منع الانقلابيين لكبار التجار من التصرف بالزكاة، كشفت المصادر في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن فرض الجماعة غرامة تصل إلى 300 ألف ريال، إضافة إلى الحبس لكل تاجر يقوم بتوزيع الزكاة بطريقته الشخصية ولا يسلمها للهيئة الحوثية المسؤولة عن جباية هذه الأموال. وبالتزامن مع حملات النهب وجمع الإتاوات، تحدثت المصادر عن أن الجماعة، وعبر الهيئة ذاتها، أمهلت كبار التجار المكلفين في صنعاء وبقية مناطق سيطرتها أسبوعاً واحداً لتقديم إقرارات الزكاة. وقالت الهيئة الحوثية في بيان، إنها ستفرض غرامات باهظة على كل التجار الذين لم يقدموا الإقرارات الزكوية خلال شهر رمضان، كما حذرت من مغبة التأخير عن مواعيدها التي منحتها لهم.
ووفقاً للمصادر، فقد أنشأت الجماعة مطلع رمضان أكثر من 1200 لجنة مجتمعية من عناصرها لجمع الجبايات المالية ومكنتهم من مداهمة المحلات التجارية والشركات ومؤسسات القطاع الخاص بعموم مدن ومناطق سيطرتها.
وكشفت المصادر عن استيلاء «هيئة الزكاة» الحوثية منذ أول أيام الشهر الفضيل على مليارات الريالات من التجار ورجال الأعمال بالقوة وفرضت عليهم في الوقت ذاته شروطاً صارمة لمنعهم من التصرف بأموالهم التي كانوا يقدمونها للمساكين والفقراء.
وكانت الغرفة التجارية في صنعاء توصلت خلال الأيام القليلة الماضية، إلى هدنة مؤقتة مع الانقلابيين لوقف الحملة المسعورة بحق التجار وإعادة فتح المنشآت والمؤسسات التي أغلقتها بالقوة، مقابل دفع التجار ما يفرض عليهم من إتاوات ورسوم مالية تحت مسميات مختلفة. إلا أن الجماعة وفي نقض واضح لذلك الاتفاق عادت من جديد لاستهدافهم.


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.