«قصر النيل»... حبكة بوليسية لعالم الثروة والباشوات

أحداث المسلسل المصري تدور في أعقاب «ثورة يوليو» 1952

لقطة لدينا الشربيني في المسلسل
لقطة لدينا الشربيني في المسلسل
TT

«قصر النيل»... حبكة بوليسية لعالم الثروة والباشوات

لقطة لدينا الشربيني في المسلسل
لقطة لدينا الشربيني في المسلسل

قد يُحيل عنوان مسلسل «قصر النيل» للوهلة الأولى إلى أحد أشهر شوارع وسط القاهرة الذي يحمل اسمه، أو إلى كوبري «قصر النيل» التاريخي الذي يشتهر بتماثيل الأسود البرونزية الأربعة القابعة عند مدخلي الكوبري. وعلى الرغم من أن تتر مسلسل «قصر النيل» تُطل به تلك الأسود بصفتها أيقونات بصرية لا يمكن أن تُفارق الصورة الذهنية لعنوان المسلسل، فإن الأحداث تأخذنا إلى مكان آخر مُتخيل، حيث تدور قصة صراع عائلي داخل قصر يُطل مباشرة على النيل.
المسلسل من بطولة الفنانة دينا الشربيني، والفنانة ريهام عبد الغفور، وصبري فواز، وصلاح عبد الله، ومحمود البزاوي، وأحمد مجدي، ومحمد حاتم، وأحمد خالد صالح، وناردين فرج، ومن تأليف محمد سليمان عبد الملك، وإخراج خالد مرعي، وإنتاج محمد مشيش، ويُطل صوت الفنانة السورية «أصالة» على تتر المسلسل بأغنية «مبنقدرش» التي قام بتوزيعها الموسيقار التونسي أمين بو حافة الذي وضع كذلك الموسيقى التصويرية للمسلسل.
تدور أحداث المسلسل في أعقاب ثورة يوليو 1952 ضد النظام الملكي في مصر، وما تبعها من قرارات تأميم ممتلكات العائلات الثرية والإقطاعية. وفي هذا السياق الاجتماعي السياسي المُعقد، تظهر «كاميليا» (دينا الشربيني) التي نشأت منذ طفولتها على ثأر قديم ضد عائلة «السيوفي» التي تسبب كبيرها «فهمي باشا السيوفي» في تدمير عائلتها، ووفاة والدها الذي كان عاملاً بسيطاً في مصنع السيوفي باشا، ويُعزز المسلسل عبر تقنية «الفلاش باك» ملامح تلك العُقدة النفسية للبطلة منذ طفولتها، في مسار يعكس الصراعات الطبقية المتأججة في تلك الفترة.
تنتقل الدراما بالثأر الذي تُضمره كاميليا إلى قلب قصر «السيوفي» باشا، وذلك بعد زواجها الغامض من «منصور السيوفي» (صبري فواز)، شقيق فهمي باشا الذي تُوفي خارج مصر، لتكون أملاكه محل صراع بين أبنائه وشقيقه الوحيد وزوجته كاميليا.
داخل قصر السيوفي، المُطل على النيل، تشتعل مكائد العائلة إلى أن يقع الحدث الدرامي الأبرز في المسلسل، وهو مقتل «منصور السيوفي» خلال حفل حاشد في القصر، لتبدأ دوائر الشبهات في الاتساع، في محاولة لحل لغز تلك الجريمة، لتكشف الحلقات مفاجآت درامية يقودها الثأر، والطمع في الثروة التي باتت مُهددة بين قرارات تأميم الدولة ومطامع الورثة وصراعاتهم.
وحسب الناقد الفني محمد عبد الرحمن، فإن مسلسل «قصر النيل» توفرت له كثير من العناصر الفنية التي ساهمت في نجاحه، سواء ما يخص التمثيل أو الأزياء والديكور، ويقول في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن هذا المسلسل عوض الفنانة دينا الشربيني عن تراجع مسلسلها (لعبة النسيان) العام الماضي الذي كان هناك فرق لافت بينه وبين النجاح الذي كان قد حققه مسلسلها (زي الشمس) في موسم رمضاني سابق».
ويعتقد عبد الرحمن أن أهم ما يميز «قصر النيل» هو حبكته البوليسية غير المستوحاة من أي «فورمات» أجنبي: «لقد استطاع المؤلف محمد سليمان عبد الملك أن يخلق حبكة بوليسية مصرية تدور في عالم القصور والباشوات المتضررين من ثورة يوليو الذين حاولوا التمسك بمكاسبهم المادية التي حققوها قبل الثورة، ومناورة المجتمع الجديد بعد الثورة عبر أساليب غير أخلاقية، مما أدى لحدوث الجريمة، وأجج الثأر بين أبطال المسلسل».
ويشير الناقد محمد عبد الرحمن إلى أنه قد تكون هناك بعض المبالغات في أحداث المسلسل، قائلاً: «لعل هذه الثغرة كان يمكن تجاوزها إذا كان عدد حلقاته عشر حلقات فقط، مدة كل حلقة ساعة، عندها لربما أصبح أفضل مسلسلات هذا العام»، على حد تعبيره.
ويناقش المسلسل تحديات الحب والطبقية في تلك المرحلة الزمنية، على غرار التناقض الذي كان يعيشه المُحقق في جريمة القصر «خالد نوح» (قام بدوره أحمد مجدي) المؤمن بأفكار الثورة، الذي يجد في تلك الجريمة فرصة لتطبيق مبادئه لمنع محاولات الإقطاعيين وأصحاب النفوذ التهرب من الجريمة، وعلى الجانب الآخر يفقد لغة التواصل والألفة مع زوجته التي تنتمي إلى هذه الطبقة العليا. ومع تطور الأحداث، يقع في حب «كاميليا» التي يتعاطف مع معاناتها الأسرية والاجتماعية، فيما تجد نفسها عالقة بين رغبتها في الحصول على حق أبيها الضائع والهروب من دوائر تلك الصراعات وبدء حياة جديدة خارج لعنة «قصر النيل».


مقالات ذات صلة

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يوميات الشرق هنا الزاهد بطلة المسلسل (الشركة المنتجة)

«إقامة جبرية» يراهن على جاذبية «دراما الجريمة»

يراهن صناع مسلسل «إقامة جبرية» على جاذبية دراما الجريمة والغموض لتحقيق مشاهدات مرتفعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق خالد النبوي ويسرا اللوزي مع المخرج أحمد خالد خلال التصوير (الشركة المنتجة)

خالد النبوي يعوّل على غموض أحداث «سراب»

يؤدي خالد النبوي في مسلسل «سراب» شخصية «طارق حسيب» الذي يتمتّع بحاسّة تجعله يتوقع الأحداث قبل تحققها.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد زكي مجسداً شخصية عبد الحليم حافظ (يوتيوب)

دراما السيرة الذاتية للمشاهير حق عام أم خاص؟

تصبح المهمة أسهل حين تكتب شخصية مشهورة مذكراتها قبل وفاتها، وهذا ما حدث في فيلم «أيام السادات» الذي كتب السيناريو له من واقع مذكراته الكاتب الراحل أحمد بهجت.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق أحمد مكي يقدم شخصية «شمس الغاوي» في رمضان 2025 (حسابه بموقع فيسبوك)

«الغاوي» رهان أحمد مكي الجديد في الدراما الرمضانية

يراهن الفنان المصري أحمد مكي على خوض ماراثون «الدراما الرمضانية» المقبل بمسلسل «الغاوي» الذي يشهد ظهوره بشخصية مختلفة عما اعتاد تقديمه من قبل.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق تخرج أمل بوشوشة من ذلك الصندوق الذي يصوّر الحياة بحجم أصغر (حسابها في «فيسبوك»)

أمل بوشوشة... «شوطٌ كبير» نحو الذات

تعلم أمل بوشوشة أنّ المهنة قد تبدو جاحدة أسوة بمجالات تتعدَّد؛ ولا تنتظر دائماً ما يُشبع الأعماق. أتاح «المهرّج» مساحة لعب أوسع. منحها إحساساً بالخروج من نفسها.

فاطمة عبد الله (بيروت)

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».