لودريان في بيروت... استمع للمعارضين وأنّب المسؤولين

التقى عون 25 دقيقة و«الحراك الشعبي» ساعتين

الرئيس ميشال عون مع الوزير لودريان أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مع الوزير لودريان أمس (دالاتي ونهرا)
TT

لودريان في بيروت... استمع للمعارضين وأنّب المسؤولين

الرئيس ميشال عون مع الوزير لودريان أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مع الوزير لودريان أمس (دالاتي ونهرا)

تركزت لقاءات وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بيروت يوم أمس على الحديث عن عدم التزام المسؤولين اللبنانيين بوعودهم، فيما كان لافتا تخصيصه نحو ساعتين للقاء مجموعات الحراك الشعبي المعارض، ونحو 25 دقيقة للقاء رئيس الجمهورية ميشال عون و37 دقيقة مع رئيس البرلمان نبيه بري.
وفيما تضاربت المعلومات حول احتمال عقد لودريان مؤتمراً صحافياً اليوم، التزم أمس الصمت بعد اللقاءات التي عقدها رافضا الإدلاء بأي تصريح، وذلك بعدما كان قد استبق زيارته إلى بيروت برسالتين متتاليتين، الأولى الأسبوع الماضي، والثانية مساء أول من أمس، متوجها بشكل مباشر إلى المسؤولين في لبنان ولا سيما معرقلي تأليف الحكومة ملوحا بعقوبات ستفرضها بلاده عليهم، وهو ما جعل زيارته تتسم بالكثير من الأهمية بالنسبة إلى القيادات اللبنانية التي ترقبت ما سيحمله في جعبته إلى بيروت.
وفي تغريدة له مساء الثلاثاء قال لودريان إنه يزور لبنان «حاملاً رسالة شديدة الحزم للمسؤولين اللبنانيين»، مضيفاً «سنتعامل بحزم مع الذين يعطّلون تشكيل الحكومة، واتّخذنا تدابير (...) هذه ليست سوى البداية».
وفي بيان لها قالت رئاسة الجمهورية إن الرئيس عون أكد خلال استقباله لودريان، أن «تحقيق الإصلاحات وفي مقدمها التدقيق المالي الذي يشكل البند الأول في المبادرة الفرنسية المعلنة في الأول من سبتمبر (أيلول) الماضي، هو أمر أساسي للنهوض بلبنان واستعادة ثقة اللبنانيين والمجتمع الدولي. كذلك هناك أولوية قصوى لتشكيل حكومة جديدة تحظى بثقة مجلس النواب»، مشيرا إلى أنه سيواصل «بذل الجهود للوصول إلى نتائج عملية في هذه المسألة، رغم العوائق الداخلية والخارجية وعدم تجاوب المعنيين باتباع الأصول الدستورية والمنهجية المعتمدة في تأليف الحكومات».
ولفت البيان إلى أن الرئيس عون عرض للوزير لودريان، «المراحل التي قطعتها عملية تشكيل الحكومة»، شارحا «المسؤوليات الدستورية الملقاة على عاتق رئيس الجمهورية بموجب الدستور المؤتمن عليه ومسؤوليته في المحافظة على التوازن السياسي والطائفي خلال تشكيل الحكومة لضمان نيلها ثقة مجلس النواب»، مشيرا إلى «تكلفة الوقت الضائع لإنجاز عملية التشكيل».
وطلب رئيس الجمهورية من الوزير لودريان «مساعدة فرنسا خصوصا، والدول الأوروبية عموما، في استعادة الأموال المهربة إلى الخارج»، مؤكدا أن ذلك «يساعد على تحقيق الإصلاحات وعلى ملاحقة من أساء استعمال الأموال العامة أو الأموال الأوروبية المقدمة إلى لبنان، أو هدر الأموال بالفساد أو بتبييضها، وذلك استنادا إلى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد».
وقالت مصادر مطلعة على لقاءات لودريان لـ«الشرق الأوسط» إنه لم يتحدث في ملف الحكومة تفصيليا ولم يأت لهذه المهمة إنما تحدث عن المبادرة الفرنسية بشكل عام ومن ضمنها طبعا الحكومة إنما من دون الدخول في التفاصيل، معتبرا أن الأمر داخلي، لكنه كرر مواقفه السابقة بالنسبة إلى عدم التزام الطبقة السياسية بما تعهدت به خلال زيارة الرئيس إيمانويل ماكرون في سبتمبر الماضي، والإجراءات التي ستتخذها بلاده نتيجة الوضع القائم في لبنان إضافة إلى متابعة المشاريع الاجتماعية والتربوية التي ترعاها فرنسا مع المجتمع الأهلي والمنظمات غير الحكومية.
وفي اجتماعه الذي امتد ساعتين مع ممثلي القوى المعارضة ومجموعات المجتمع المدني، كانت كل القضايا اللبنانية حاضرة وكان لودريان مستمعا إلى هواجسهم وكان هناك تأكيد منهم على عدم ثقتهم بالطبقة الحاكمة وأحزاب السلطة الطائفية، وتشديد على ضرورة إجراء الانتخابات النيابية في موعدها، بحسب ما قالت كل من لوري هاتيان المنسقة العامة «لحزب تقدم»، وندى صحناوي «المنسقة العامة» لتجمع «بيروت مدينتي»، لـ«الشرق الأوسط».
وقالت هاتيان: «اجتمع لودريان مع القوى المعارضة التي تمثل 9 مجموعات منبثقة عن انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول) على امتداد ساعتين، وهذا يكفي ليكون إشارة إيجابية للجدية التي يوليها لهذه الأحزاب الجديدة مقابل اللقاءات التي لم تتعدّ الدقائق مع المسؤولين، واتسم اللقاء بالتوافق بين المجموعات على مختلف القضايا التي طرحت ما ينفي اتهامنا الدائم بالشرذمة»، ولفتت إلى أن المجموعات أكدت على ضرورة تشكيل حكومة مستقلة لإنقاذ الاقتصاد وصولا إلى الانتخابات النيابية والبلدية وضرورة إجرائها في موعدها كي نخلق هذا التغيير في المؤسسات.
من جهتها، قالت صحناوي إن «كلام الوزير لودريان عكس قناعة باريس بأن المسؤولين اللبنانيين لم يلتزموا بوعودهم وباتفاقهم السابق مع الرئيس ماكرون، ووصلت باريس إلى قناعة أنهم لم ولن يغيروا شيئا، ونحن من جهتنا أكدنا أن رهانهم على هذه القيادات والطبقة الفاسدة كان خاطئا ولا يمكن أن يشكلوا حكومة إنقاذ أو تنفيذ إصلاحات من شأنها أن تكون كعملية انتحارية بالنسبة إليهم».
ولفتت صحناوي إلى مطالبتهم بضرورة الضغط لإجراء الانتخابات النيابية العام المقبل في موعدها لإيصال صوت الناس على أن تكون بمراقبة المجتمع الدولي في كل المناطق، مشيرة كذلك إلى حديثها عن أهمية مراقبة المساعدات التي تصل إلى لبنان كي لا يستخدمها المسؤولون والأحزاب لدعم زبائنيتهم السياسية قبل الانتخابات، وطلبوا نشر أسماء الأشخاص الذين سبق أن تحدث عنهم لودريان وأعلن أنه سيفرض عليهم عقوبات مجددة التأكيد على شعار «كلن يعني كلن».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.