200 عام على وفاة نابليون... لكنه ما زال مادة جذابة لآلاف الكتب

لوحة تصوّر الإمبراطور نابليون بونابرت في كامل هيئته الرسمية تعرض في قصر فونتينبلو قرب باريس (أ.ف.ب) - تييري لينتز مدير المؤسسة التي أصدرت «قاموس نابليون التاريخي» من ألف صفحة وكتاب «من أجل نابليون» (إ.ب.أ)
لوحة تصوّر الإمبراطور نابليون بونابرت في كامل هيئته الرسمية تعرض في قصر فونتينبلو قرب باريس (أ.ف.ب) - تييري لينتز مدير المؤسسة التي أصدرت «قاموس نابليون التاريخي» من ألف صفحة وكتاب «من أجل نابليون» (إ.ب.أ)
TT

200 عام على وفاة نابليون... لكنه ما زال مادة جذابة لآلاف الكتب

لوحة تصوّر الإمبراطور نابليون بونابرت في كامل هيئته الرسمية تعرض في قصر فونتينبلو قرب باريس (أ.ف.ب) - تييري لينتز مدير المؤسسة التي أصدرت «قاموس نابليون التاريخي» من ألف صفحة وكتاب «من أجل نابليون» (إ.ب.أ)
لوحة تصوّر الإمبراطور نابليون بونابرت في كامل هيئته الرسمية تعرض في قصر فونتينبلو قرب باريس (أ.ف.ب) - تييري لينتز مدير المؤسسة التي أصدرت «قاموس نابليون التاريخي» من ألف صفحة وكتاب «من أجل نابليون» (إ.ب.أ)

ما زال الإمبراطور نابليون بونابرت يحظى بمكانة خاصة رغم مرور 200 عام على وفاته، وتعتبر حياته الشخصية والسياسية والعسكرية مادة خصبة للروايات والأفلام وكتب السيرة الذاتية.
ورأت أستاذة التاريخ في جامعة أفينيون، ناتالي بوتيتو، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية، أن شخصية نابليون «ستظل مبهرة على الدوام؛ لأنها قدر فردي استثنائي يعبّر عن كل ما أتاحته الثورة».
ولاحظت أن كُتّاب سيرة مَن تصِفه بـ«البطل الرومانسي بامتياز» الذي توفي قبل مئتي عام رسموا عنه «صورة تتبدل وفقاً للتيارات السياسية السائدة».
وقدّر المؤرخ جان تولار عام 2014 عدد الأعمال المكتوبة عن الإمبراطور بنحو 80 ألفاً. وإذا صحّ هذا الرقم الذي لا يمكن التحقق منه، يعني ذلك أن ما معدّله أكثر من عمل واحد صدر يومياً عن بونابرت منذ ولادته في أجاكسيو بولاية كورسيكا.
ولتولار نفسه كتب كثيرة عن نابليون، آخرها نُشر في مارس (آذار) الماضي يتناول معركة حاسمة حصلت عام 1800 ويحمل عنوان «مارينغو أو الانتصار الغريب لبونابرت». وهذا الكتاب بمثابة تمهيد لعملين آخرين صدرا في الوقت نفسه هما «نابليون والله» لفيليب بورنيه عن دار «غلينا»، و«أطلس نابليون الكبير» ضمن منشورات «أطلس».
وأسفر البحث في لوائح المكتبة الوطنية الفرنسية عن أكثر من 18 ألف كتاب يتضمن في عنوانه اسم «نابليون»، بما في ذلك تلك المتعلقة بابن أخيه نابليون الثالث.
وشكلت أصول نابليون المتواضعة، وجرأته المعطوفة على عبقريته، وقربه من عامة الناس، وإعلائه مجد فرنسا في مواجهة المَلَكيات الرجعية، مجموعة أساطير صانها بونابرت نفسه بذكاء مدى حياته العسكرية والسياسية، وهي لا تزال قائمة إلى اليوم.
لكن إريك أنسو، الذي أصدر أخيراً كتاباً عن سيرة الإمبراطور بعنوان «نابليون (1769 - 1821)»، رأى أن الكتابة عن بونابرت في تجدد مستمر، ملاحظاً أن «ثمة دائماً أشياء جديدة تُكتَشَف».
وأشار إلى أن «الذكرى المئوية الثانية لوفاته كانت مناسَبة للتركيز على المرات الكثيرة التي نجا فيها من الموت، وعلى منفاه في جزيرة سانت هيلينا، وعلى وفاته وعلى ذكراه».
واستهوى هذا المحاضر في جامعة السوربون كتابان صدرا أخيراً، هما «نابليون في سانت هيلينا» (الجزيرة الواقعة في جنوب المحيط الأطلسي، حيث توفي الإمبراطور السابق في 5 مايو (أيار) 1821) الذي نشره بيار براندا في يناير (كانون الثاني) الماضي، و«نابليون: آخر شهود يروون» لديفيد شانتوران (نُشر في مارس).
واعتبرت ناتالي بوتيتو «أن الطبيعة المتشابكة لشخصية نابليون تؤدي بطبيعة الحال إلى رسم صور متناقضة عنه. ومن هذا المنطلق، ثمة اليوم كما في الأمس من يؤلهه ومن يكرهه، وفي منزلة بين المنزلتين مؤرخون جامعيون حرصاء على الموضوعية، غالباً ما يجدون صعوبة في إبراز وجهة نظرهم أمام المؤرخين ذوي الشعبية الواسعة».
فعلى سبيل المثال، حقق «بونابرت» (1967) و«نابليون» (1968) للكاتب المشهور جداً أندريه كاستيلو أفضل المبيعات، وتوصي مؤسسة نابليون الرسمية جداً الأهل بجعل أبنائهم يقرأون الجزأين إذا شاءوا للاطلاع على تاريخ الإمبراطور.
لكنّ القراء الشباب اليوم يفضّلون ربما الرواية التصويرية الصادرة أخيراً «أنا نابليون» لفينسان موتيه وبرونو ويناجيل. فجدية هذا العمل الذي يتحدث الإمبراطور فيه بصيغة المتكلم، ضمنتها مقدمة بقلم تييري لينتز، مدير المؤسسة التي أصدرت في سبتمبر (أيلول) الماضي «قاموس نابليون التاريخي» من ألف صفحة، والذي سيشكّل علامة فارقة، وفي مارس مرافعة «من أجل نابليون».
أما في مجال الشرائط المصورة، فأعادت دار «كاسترمان» أخيراً المجلّد الكامل «نابليون بونابرت» لدافوز وجاك مارتان وجان تورتون.
أما أولئك الذين يعتبرون نابليون طاغية، فإن كتب المؤرخ السويسري هنري غيومان التي عادت إلى الضوء من خلال منصة «يوتيوب» في السنوات الأخيرة، هي بمثابة مراجع تُستخدم دائماً، ولكن لم يُعَد نشرها أخيراً.
وأعادت دار «إش إيه أو» في بداية أبريل (نيسان) إصدار سيرة ساخرة عن الإمبراطور بعنوان «مغامرات نابليون» من تأليف الكاتب الساخر الراحل فرنسوا كافانا، نُشرت للمرة الأولى عام 1988.
وإذا أراد القارئ أن يبتعد عن الجدل في شأن نابليون وعن آلام السياسة والحرب، فعليه بالاطلاع على مراسلات بونابرت مع جوزفين دو بوارنيه، حيث يمكنه أن «يكتشف بعضاً من أجمل صفحات أدب الحب»، بحسب دار «لو باسور» التي تعيد نشرها.


مقالات ذات صلة

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

يوميات الشرق زاهي حواس (حسابه على فيسبوك)

زاهي حواس يُفند مزاعم «نتفليكس» بشأن «بشرة كليوباترا»

أكد الدكتور زاهي حواس، أن رفض مصر مسلسل «كليوباترا» الذي أذاعته «نتفليكس» هو تصنيفه عملاً «وثائقي».

فتحية الدخاخني (القاهرة)
يوميات الشرق استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

استرداد حمض نووي لامرأة عاشت قبل 20000 عام من خلال قلادتها

وجد علماء الأنثروبولوجيا التطورية بمعهد «ماكس بلانك» بألمانيا طريقة للتحقق بأمان من القطع الأثرية القديمة بحثًا عن الحمض النووي البيئي دون تدميرها، وطبقوها على قطعة عُثر عليها في كهف دينيسوفا الشهير بروسيا عام 2019. وبخلاف شظايا كروموسوماتها، لم يتم الكشف عن أي أثر للمرأة نفسها، على الرغم من أن الجينات التي امتصتها القلادة مع عرقها وخلايا جلدها أدت بالخبراء إلى الاعتقاد بأنها تنتمي إلى مجموعة قديمة من أفراد شمال أوراسيا من العصر الحجري القديم. ويفتح هذا الاكتشاف المذهل فكرة أن القطع الأثرية الأخرى التي تعود إلى عصور ما قبل التاريخ المصنوعة من الأسنان والعظام هي مصادر غير مستغلة للمواد الوراثية

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

علماء: ارتفاع مستوى سطح البحر دفع الفايكنغ للخروج من غرينلاند

يُذكر الفايكنغ كمقاتلين شرسين. لكن حتى هؤلاء المحاربين الأقوياء لم يكونوا ليصمدوا أمام تغير المناخ. فقد اكتشف العلماء أخيرًا أن نمو الصفيحة الجليدية وارتفاع مستوى سطح البحر أدى إلى فيضانات ساحلية هائلة أغرقت مزارع الشمال ودفعت بالفايكنغ في النهاية إلى الخروج من غرينلاند في القرن الخامس عشر الميلادي. أسس الفايكنغ لأول مرة موطئ قدم جنوب غرينلاند حوالى عام 985 بعد الميلاد مع وصول إريك ثورفالدسون، المعروف أيضًا باسم «إريك الأحمر»؛ وهو مستكشف نرويجي المولد أبحر إلى غرينلاند بعد نفيه من آيسلندا.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

مروي أرض «الكنداكات»... في قلب صراع السودان

لا تزال مدينة مروي الأثرية، شمال السودان، تحتل واجهة الأحداث وشاشات التلفزة وأجهزة البث المرئي والمسموع والمكتوب، منذ قرابة الأسبوع، بسبب استيلاء قوات «الدعم السريع» على مطارها والقاعد الجوية الموجودة هناك، وبسبب ما شهدته المنطقة الوادعة من عمليات قتالية مستمرة، يتصدر مشهدها اليوم طرف، ليستعيده الطرف الثاني في اليوم الذي يليه. وتُعد مروي التي يجري فيها الصراع، إحدى أهم المناطق الأثرية في البلاد، ويرجع تاريخها إلى «مملكة كوش» وعاصمتها الجنوبية، وتقع على الضفة الشرقية لنهر النيل، وتبعد نحو 350 كيلومتراً عن الخرطوم، وتقع فيها أهم المواقع الأثرية للحضارة المروية، مثل البجراوية، والنقعة والمصورات،

أحمد يونس (الخرطوم)
يوميات الشرق علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

علماء آثار مصريون يتهمون صناع وثائقي «كليوباترا» بـ«تزييف التاريخ»

اتهم علماء آثار مصريون صناع الفيلم الوثائقي «الملكة كليوباترا» الذي من المقرر عرضه على شبكة «نتفليكس» في شهر مايو (أيار) المقبل، بـ«تزييف التاريخ»، «وإهانة الحضارة المصرية القديمة»، واستنكروا الإصرار على إظهار بطلة المسلسل التي تجسد قصة حياة كليوباترا، بملامح أفريقية، بينما تنحدر الملكة من جذور بطلمية ذات ملامح شقراء وبشرة بيضاء. وقال عالم الآثار المصري الدكتور زاهي حواس لـ«الشرق الأوسط»، إن «محاولة تصوير ملامح كليوباترا على أنها ملكة من أفريقيا، تزييف لتاريخ مصر القديمة، لأنها بطلمية»، واتهم حركة «أفروسنتريك» أو «المركزية الأفريقية» بالوقوف وراء العمل. وطالب باتخاذ إجراءات مصرية للرد على هذا

عبد الفتاح فرج (القاهرة)

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».