الفرنسية الأكثر شعبية تُبعَث على المسرح

الممثلة كريستيانا ريالي تؤدي دور الوزيرة الراحلة سيمون فاي

كريستيانا ريالي في دور سيمون فاي
كريستيانا ريالي في دور سيمون فاي
TT

الفرنسية الأكثر شعبية تُبعَث على المسرح

كريستيانا ريالي في دور سيمون فاي
كريستيانا ريالي في دور سيمون فاي

تحت عنوان «معارك امرأة صفيقة»، يعرض مسرح أنطوان في باريس مسرحية تستعيد أبرز المحطات في سيرة وزيرة الصحة الفرنسية السابقة ورئيسة البرلمان الأوروبي سيمون فاي. ويأتي العنوان صادماً لكثيرين ممن يكنّون الإعجاب لتلك السيدة التي رحلت في عام 2017، وأُقيمت لها جنازة وطنية ثم أُودع جثمانها، في العام التالي، تحت قبة «البانثيون»، وكانت خامس امرأة تدخل مقبرة العظماء والشخصية الأكثر شعبية في استطلاعات الرأي على مدى سنوات.
لعل وصف سيمون فاي بـ«الصفيقة» يأتي من المعارك الاجتماعية المعقدة التي خاضتها، وأشهرها التشريع الذي يبيح الإجهاض في فرنسا. وهو القانون الذي بات يحمل اسمها وخلق ضدها جبهة من الأعداء الشرسين. كما أنّها واجهت في صباها تحدياً أكبر كونها يهودية وكانت معتقلة مع والدتها في معسكرات الإبادة النازية، لكنّها خرجت سالمة. ونظراً لاتساع سيرة فاي وكثرة الكتب التي صدرت عنها وتناولت سيرتها الاستثنائية، فقد كان على الممثلة كريستيانا ريالي مهمة صعبة. فهي ليست بطلة المسرحية فحسب، بل شاركت أنطوان موري في إعداد النص بالاستناد إلى مذكرات الوزيرة السابقة واختيار المقاطع الأكثر تعبيراً عن شخصيتها.
جمعت سيمون فاي في شخصيتها ما بين حياة داخلية كثيفة وتاريخ مثقل بالمأساة، وبين عيشة مرفهة وزوج ذي مركز مرموق وقف إلى جانبها وتخلى عن طموحه السياسي ليفسح لها مجال العمل العام. وبهذا فإنها تجاوزت دور ربة العائلة البرجوازية التقليدية التي تربي ثلاثة أبناء، فقدت منهم واحداً، ولعبت دوراً مؤثراً على الصعيد السياسي. وبلغ من مكانتها العالمية أن إسرائيل أرادت استثمار شهرتها بمنحها منصب رئيسة جمهوريتها عام 1983، لكنّ سيمون فاي اعتذرت ولم توافق.
تأتي المسرحية التي أخرجتها بولين سوزيني ضمن فعاليات مهرجان «خطاب مواطنات». ونظراً لتعليمات التباعد التي ما زالت سارية في فرنسا، فإنّ الجمهور لن يستطيع حضور العرض وجهاً لوجه، بل متابعته عبر «فيسبوك» في عروض مدفوعة الثمن «8 يورو للتذكرة»، ومحددة التوقيت بدأت مساء أول من أمس على أمل أن تُفتح للجمهور في باريس والمدن الأخرى بعد انتهاء فترة إغلاق صالات العروض الفنية.
تظهر سيمون فاي على المسرح بتسريحتها الشهيرة التي ترفع فيها شعرها خلف رأسها، وأناقتها الكلاسيكية ببدلة زرقاء داكنة ذات علامة شهيرة، ووشاح حريري. ومن الأمور التي لم يكن الجمهور يعرفها هو أن دار «شانيل» الباريسية العريقة كانت تعير بدلاتها وتقدمها للوزيرة من دون مقابل، على سبيل الدعاية لتصاميمها. ورغم خلو الصالة من المتفرجين فإنّ الممثلة كريستيانا ريالي كانت تتوجه بالكلام إلى مشاهدين مفترضين يتفاعل معها في انفعالاتها وتتفاعل مع ما تتوقعه من ردود أفعاله. وهو تحدٍّ لأي ممثلة أن تؤدي دور تلك الفرنسية المولودة في نيس عام 1927 والتي سيقت وهي في السادسة عشرة إلى المعتقلات النازية، حيث فقدت أباها وأمها وشقيقها. وهي عندما خرجت إلى الحرية واصلت حياتها ودراستها وتزوجت وأصبحت قاضية فوزيرة ومن ثم أول رئيسة للبرلمان الأوروبي جرى انتخابها بالتصويت المباشر.
وتشترك مع ريالي في التمثيل ناومي دوفلاي التي تلعب دور مذيعة دُعيت للمشاركة في تغطية وقائع دخول جثمان سيمون فاي إلى مقبرة العظماء. وبهذا كان عليها أن تعود إلى الوثائق والسجلات وإلى ذكرياتها الخاصة عن المرأة الراحلة التي لن تدخل «البانثيون» وحيدة. فنظراً للحياة الزوجية المديدة التي عاشتها مع زوجها أنطوان فاي المتوفى عام 1913، قررت الدولة نقل جثمانه ليرقد إلى جوارها تحت، القبة والممثلة التي التقت الوزيرة مرة وحيدة ترى أنّ أهم ملامح شخصيتها هي رغبتها في نقل تجارب جيلها إلى الأجيال التالية، لا سيما تشجيع الفتيات على الدراسة والعمل.
ومما لفت انتباهها بشكل خاص هو أن فاي حافظت على بساطتها على الرّغم مما حققته من إنجازات. وهي بدت للناس سيدة محافظة جداً، لكنّها في الحقيقة كانت بالغة الحداثة وفاهمة لمتطلبات عصرها.


مقالات ذات صلة

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق توقيع اتفاق شراكة بين هيئة المسرح وجمعية المسرح السعوديتين على هامش المؤتمر (جمعية المسرح)

جمعية المسرح السعودية تطلق 8 مشاريع لتعزيز عطاء المبدعين

أطلقت جمعية المسرح والفنون الأدائية في السعودية 8 مشاريع لتعزيز أدوارها في القطاع بوصفها رابطة مهنية للممارسين في مختلف الفنون المسرحية والأدائية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق مهرجان الخليج للمسرح ينطلق من الرياض في دورته الـ14 (حساب المهرجان على منصة إكس)

«المسرح الخليجي" يستأنف مسيرته من الرياض بعد غياب 10 سنوات

أطلق مهرجان المسرح الخليجي أعماله، في مدينة الرياض، التي تحتضنه للمرة الأولى منذ عام 1988 من خلال دورته الـ14.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق المصنع يشهد النسخة العصرية من مأساة ماكبث (مهرجان المسرح التجريبي)

«ماكبث المصنع»... صرخة مسرحية للتحذير من الذكاء الاصطناعي

في رائعة وليام شكسبير الشهيرة «ماكبث»، تجسد الساحرات الثلاث فكرة الشر؛ حين يهمسن للقائد العسكري لورد ماكبث بأنه سيكون الملك القادم على عرش أسكوتلندا.

رشا أحمد (القاهرة)

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.