«سرقة النار» يستعيد التراث الفلسطيني

فيلم يعرض النهب المزعوم لمواقع أثرية من جانب دايان

لقطة من فيلم «سرقة النار»
لقطة من فيلم «سرقة النار»
TT

«سرقة النار» يستعيد التراث الفلسطيني

لقطة من فيلم «سرقة النار»
لقطة من فيلم «سرقة النار»

يستعد المخرج الفلسطيني عامر شومالي لتسليط الضوء على فكرة قيام القائد العسكري والسياسي الإسرائيلي موشيه دايان بعمليات تنقيب غير قانونية عن آثار فلسطينية، في إطار مشروع مختلط يتفحص فقدان التاريخ الثقافي من خلال فيلم مفعم بالحركة والإثارة، ويستعين المخرج في جزء منه برسوم متحركة. جدير بالذكر، أن دايان لا يزال حتى يومنا هذا من الشخصيات التي يوجد حولها انقسام بمختلف أرجاء العالم.
يحمل الفيلم اسم «سرقة النار»، وهو إنتاج مشترك بين رشيد عبد الحميد من «مشروع صنع في فلسطين» وإينا فيشمان من شركة «إنتويتيف بيكتشرز» التي يوجد مقرها في مونتريال. جدير بالذكر في هذا الصدد، أن فيشمان سبق لها إنتاج فيلم آخر لشومالي، «المطلوب 18» عام 2014، والذي حصد جوائز، وذلك بالتعاون مع بول كوان.
ومن المقرر عرض شومالي وعبد الحميد مشروعهما الفني المشترك خلال منتدى التمويل والإنتاج المشترك، والذي يمثل إحدى فعاليات مهرجان كوبنهاغن للأفلام الوثائقية المقام حالياً ويستمر حتى بعد غد الجمعة 30 أبريل (نيسان).
وسيتولى فيلم «سرقة النار» طرح تأريخ للنهب المزعوم للمواقع الفلسطينية الأثرية من جانب دايان، الذي شغل منصب وزير الدفاع الإسرائيلي بين عامي 1967 إلى 1974، ثم وزير الخارجية من 1977 حتى 1979. وبعد وفاة دايان عام 1982، باعت أرملته راشيل المجموعة الهائلة من القطع الأثرية التي حصدها زوجها إلى متحف إسرائيل مقابل مليون دولار، تبعاً لما نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» عام 1982. وتضمنت مجموعة دايان ما يزيد على 800 قطعة فنية تغطي فترة زمنية تمتد لـ7.500 عام. وفي ذلك الوقت، جرى وصف هذه المجموعة بأنها «أهم عملية استحواذ لقطع أثرية ينفذها المتحف بعد مخطوطات البحر الميت».
وسيتضمن الفيلم الهجين مشاهد مكتوبة وقصة تعتمد على رسوم متحركة خيالية تتبع رحلة سعي محاضر في تاريخ الفن الفلسطيني للعثور على مجموعة قطع فنية وأثرية مخبأة داخل سجن في صحراء النقب، واستعادتها. إضافة إلى ذلك، يتضمن الفيلم مقابلات حقيقية مع شهود عيان حول أعمال الحفر والتنقيب الأثرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي، بجانب جنود إسرائيليين سابقين شاركوا في أعمال التنقيب، وكذلك مسؤولون بمتاحف وخبراء بمجال الآثار وتجار أعمال فنية.
وبالإضافة إلى اللقطات الأرشيفية الحقيقية، يعتمد شومالي على تكنولوجيا «ديب فيك» لإعادة تمثيل مشاهد ومقابلات مع شخصيات حقيقية لم تعد على قيد الحياة، بجانب تكنولوجيا «سي جي آي» للتسلسل المتحرك. وسيجري دمج قصة السرقة مع المقابلات، بما في ذلك مع بعض الأسرى الفلسطينيين الحقيقيين الذين سيردون على أسئلة عبر منظمة «الصليب الأحمر» وسيجري تمثيلهم في الفيلم في شكل رسوم متحركة.
اليوم، يبقى مشروع الفيلم في مرحلة التمويل الأولى، وقد حصل على تمويل مبدئي من «صندوق الأردن للأفلام» و«مؤسسة الدوحة للأفلام». كما سيستفيد الفيلم من تمويل كندي ومؤسسة «الائتمان الضريبي للخدمات الإنتاجية» في كندا.
في الوقت ذاته، يبحث المنتجون عن شركاء دوليين محتملين من أميركا الشمالية أو أوروبا.
من جهته، قال عبد الحميد، إن استيلاء دايان المزعوم على قطع أثرية قديمة أمر موثق جيداً، لكنه لا يزال من الموضوعات المحظورة داخل إسرائيل بالنظر إلى المكانة المرموقة التي يحظى بها الوزير الراحل.
ومع ذلك، لا يدور الفيلم حول دايان نفسه بقدر ما يتعلق بالأرض وإلى من تنتمي، وما يعنيه فقدان التراث، حسبما أضاف عبد الحميد.
وشرح عبد الحميد، أنه «نريد أن يكون الفيلم مسلياً للغاية، مثل أفلام الإثارة والحركة. إنه ليس فيلماً عاكساً للذات، وإنما هو فيلم يدفعك للتفكير في كل شيء في النهاية عندما تعود إلى المنزل. أما أثناء مشاهدة الفيلم نفسه، فإننا نسعى لأن يكون فيلماً خفيفاً جداً، بحيث يمكن مشاهدته على مستويات عدة مختلفة، بمعنى أنه يمكنك مشاهدته أثناء تناول الفشار أو يمكنك مشاهدته في الجامعة أو في المدرسة».
وأوضح شومالي «إنه فيلم وثائقي تاريخي، لكنه في الوقت ذاته قصة لم تحدث، فالقصة ذاتها غير حقيقية. في الفيلم، سنجري مقابلات مع موشيه دايان ويوري أفنيري، وكذلك فلسطينيون داخل السجون، لكن القصة الإجمالية للسرقة لم تحدث، لكننا سنصنع الفيلم على نحو يجعل هذه السرقة المحتملة تحدث».
وسيظهر دايان في لقطات أرشيفية يناقش فيها هوايته، «لكننا سنوسع ذلك»، حسبما شرح شومالي. وأضاف «سنطرح على موشيه أسئلة لم يطرحها أحد من قبل».
وأشار عبد الحميد إلى أن الفيلم سيكون مربكاً عن قصد، موضحاً أنه «في النهاية أنت لا تفهم - هل هذه قصة حقيقية أم لا؟ وهذا جزء من اللعبة».
جدير بالذكر، أن مشروع الفيلم بدأ مع افتتاح المتحف الفلسطيني الجديد في بلدة بيرزيت بالضفة الغربية، حسبما ذكر شومالي. وأشار إلى أن فلسطين فقدت متحفها الوطني القديم وجميع معروضاته وآثاره عندما احتلت إسرائيل القدس عام 1967. وأجبر المتحف الجديد على فتح أبوابه دون أي معروضات؛ الأمر الذي يعود في جزء منه إلى تخوف هواة جمع المقتنيات الأثرية والفنانين من إقراض مجموعاتهم ومقتنياتهم الفنية خشية أن ينتهي الأمر بمصادرة السلطات الإسرائيلية لها، حسبما ذكر شومالي. جدير بالذكر، أن المتحف الخالي تعرض للسخرية من جانب وسائل إعلام إسرائيلية ودولية.
وذكرت «بي بي سي» حينها، أن «الفلسطينيين يعتبرون أنفسهم شعباً دونما وطن - والآن لديهم متحف دونما معروضات».
تجدر الإشارة هنا إلى أنه عندما اعتقل جنود إسرائيليون شقيق شومالي الأصغر، الذي كان يعمل في المتحف، حضر المخرج جلسة المحكمة العسكرية التي عقدت له. وعندما سأل القاضي شقيق شومالي عن عمله، أجابه بأنه يعمل في المتحف الفلسطيني.
وقال شومالي إنه «حينها شرع القاضي الإسرائيلي في الضحك قائلاً (لماذا تحتاجون يا معشر الفلسطينيين إلى متحف؟ ماذا لديكم لتعرضوه أمام العالم؟) نظر القاضي وهيئة المحلفين والجنود للأمر باعتباره نكتة».
وقال شومالي، إن فقدان الآثار والأعمال الفنية والأثرية «يعني أنه ليس لدينا ما نعرضه أمام العالم. وتسبب هذا في وجودنا في حد ذاته موضع شك. لقد جرى تجريدنا من إنسانيتنا، وبذلك أصبح قتلنا ليس بجريمة لأننا لم نكن موجودين من الأساس. إذا لم يكن هناك ضحية، لا تصبح هناك جريمة».
واستطرد بأنه «لذلك؛ بدأت أفكر حول السبيل الذي يمكننا من خلاله استعادة ما هو أصلاً لنا - الآثار والتحف الأثرية والأعمال الفنية. بالطبع، إذا طلبناها من الإسرائيليين لن يعيدوها لنا؛ لذا يجب أن نحصل عليها عبر السرقة».
* خاص من مجلة «فارييته»
- خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

يوميات الشرق مريم شريف في لقطة من فيلم «سنو وايت» (الشركة المنتجة)

بطلة «سنو وايت»: الفيلم يُنصف قِصار القامة ويواجه التنمر

رغم وقوفها أمام عدسات السينما ممثلة للمرة الأولى؛ فإن المصرية مريم شريف تفوّقت على ممثلات محترفات شاركن في مسابقة الأفلام الطويلة بـ«مهرجان البحر الأحمر».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق جوني ديب لفت الأنظار بحضوره في المهرجان (تصوير: بشير صالح)

اختتام «البحر الأحمر السينمائي» بحفل استثنائي

بحفل استثنائي في قلب جدة التاريخية ، اختم مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي» فعاليات دورته الرابعة، حيث أُعلن عن الفائزين بجوائز «اليُسر». وشهد الحفل تكريمَ

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق ياسمين عبد العزيز في كواليس أحدث أفلامها «زوجة رجل مش مهم» (إنستغرام)

«زوجة رجل مش مهم» يُعيد ياسمين عبد العزيز إلى السينما

تعود الفنانة المصرية ياسمين عبد العزيز للسينما بعد غياب 6 سنوات عبر الفيلم الكوميدي «زوجة رجل مش مهم».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.