أميركا وأوروبا تجددان تمسكهما بإجراء الانتخابات الليبية في موعدها

مجلس «المفوضية العليا» في ليبيا خلال مناقشة ترتيبات إطلاق حملات التوعية الانتخابية (المفوضية)
مجلس «المفوضية العليا» في ليبيا خلال مناقشة ترتيبات إطلاق حملات التوعية الانتخابية (المفوضية)
TT
20

أميركا وأوروبا تجددان تمسكهما بإجراء الانتخابات الليبية في موعدها

مجلس «المفوضية العليا» في ليبيا خلال مناقشة ترتيبات إطلاق حملات التوعية الانتخابية (المفوضية)
مجلس «المفوضية العليا» في ليبيا خلال مناقشة ترتيبات إطلاق حملات التوعية الانتخابية (المفوضية)

بينما تسارع المفوضية العليا للانتخابات في ليبيا الخطى لتجهيز البنية اللازمة لإتمام الاستحقاق في موعده المحدد، أبدى مسؤولون من فرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا والولايات المتحدة تمسكهم بتنفيذ خارطة الطريق، التي أقرها ملتقى «الحوار السياسي» الليبي، بما يفضي إلى إجراء الانتخابات الوطنية في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.
وقالت البعثة الأممية لدى ليبيا إن المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، يان كوبيش، بحث دعم الانتخابات مع مسؤولين دوليين رفيعي المستوى، إضافة إلى الوضع الأمني والسياسي في ليبيا.
وأوضحت البعثة في بيانها، مساء أول من أمس، أن رئيسها عقد رفقة الأمين العام المساعد، ومنسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، ريزدون زينينغا، اجتماعاً مع عدد من المبعوثين الخاصين والسفراء، ومسؤولين آخرين رفيعي المستوى، يمثلون فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا، ضمن مجموعة «الدول الثلاث دائمة العضوية + 2».
وفيما أشارت إلى أن اللقاء استهدف دفع تنفيذ خارطة الطريق، بما يضمن إجراء الاستحقاق الانتخابي في موعده المحدد، والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، قال مسؤول بالمفوضية العليا للانتخابات، لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك سباقاً مع الزمن لضمان إجراء الانتخابات في وقتها، من خلال تجهيز مقار الاقتراع، والبدء في فرز كشوف الناخبين. لكنه لفت إلى أن المدة المتبقية على إجراء الانتخابات «قليلة جداً بالنظر إلى أن ليبيا لم تشهد انتخابات رئاسية بشكل حقيقي من قبل، ما يتطلب استعدادات واسعة في أنحاء البلاد المترامية».
ونقلت البعثة عن المشاركين في الاجتماع تأكيدهم مجدداً على أهمية الإسراع في سحب «المرتزقة» والمقاتلين الأجانب، والقوات الأجنبية من ليبيا، وفقاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وقرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة.
كما ناقش المجتمعون الخطوات المحتملة لتنفيذ خارطة الطريق، التي أقرها ملتقى الحوار السياسي الليبي، وقراري مجلس الأمن الدولي.
وقالت البعثة إنه في ضوء الوضع السياسي والأمني في ليبيا والمنطقة، أجرى المبعوث الخاص محادثات هاتفية مع مسؤولين رفيعي المستوى، يمثلون جهاز الاستخبارات العامة المصرية، ونائب وزير خارجية روسيا الاتحادية ميخائيل بوغدانوف، ونائب الأمين العام لحلف الـ«ناتو»، ميرتشا جيوانا.
ولتذليل العقبات التي تواجه إجراء الانتخابات في موعدها، التقى خالد المبروك، وزير المالية في حكومة «الوحدة الوطنية»، عماد السائح، رئيس مجلس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات. وأكد المبروك منح المفوضية «كامل الدعم» للقيام بهذه المهمة، مثمناً دورها في هذه المرحلة الراهنة.
وكان السائح قد ناقش التحضيرات المتعلقة بمراكز الاقتراع، التي يتوقع أن تُجرى فيها الانتخابات مع موسى المقريف، وزير التعليم بحكومة «الوحدة الوطنية»، الذي أكد أن وزارته مستعدة لتقديم «الدعم الكامل للعملية الانتخابية من خلال توفير المعلومات والإمكانات اللازمة لتهيئة الظروف الملائمة عبر المؤسسات التعليمية التابعة للوزارة». كما ركّز اللقاء على اختيار المدارس كمراكز للاقتراع، والتنسيق مع وزارة التعليم في استحداث ما تتطلبه العملية الانتخابية.
يأتي ذلك في وقت بحث فيه السائح مع مجلس المفوضية ملف إطلاق حملات التوعية للانتخابات المقبلة، والتحضيرات المبدئية لحملة التوعية الخاصة بتسجيل الناخبين، التي ستنطلق قريباً، وأهم المواد والمحتوى الخاص بالحملة. إضافة إلى سبل التواصل مع الشركاء من وسائل الإعلام لتنفيذ خطط التوعية الانتخابية. كما ناقش الاجتماع الترتيبات الخاصة بافتتاح المركز الإعلامي، حيث تعكف المفوضية حالياً على وضع اللمسات الأخيرة على مبنى المركز، وتجهيزه بالإمكانات استعداداً لافتتاحه خلال الفترة القريبة المقبلة.
وفيما يتعلّق باستكمال مسار الانتخابات المحلية، أعلنت اللجنة المركزية لانتخابات المجالس البلدية، أمس، فتح منظومة تسجيل الناخبين في أربع بلديات؛ هي القطرون والشرقية وتراغن والجفرة، وذلك عقب فتح سجل الناخبين في 38 بلدية سابقا.



تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
TT
20

تجدد القتال في «سول»... هل يفاقم الصراع بين «أرض الصومال» و«بونتلاند»؟

رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)
رئيس أرض الصومال المُنتخب عبد الرحمن محمد عبد الله عرو (وكالة الأنباء الصومالية)

تجدد القتال في «إقليم سول» يُحيي نزاعاً يعود عمره لأكثر من عقدين بين إقليمي «أرض الصومال» الانفصالي و«بونتلاند»، وسط مخاوف من تفاقم الصراع بين الجانبين؛ ما يزيد من تعقيدات منطقة القرن الأفريقي.

وبادر رئيس أرض الصومال، عبد الرحمن عرو، بالتعهد بـ«الدفاع عن الإقليم بيد ويد أخرى تحمل السلام»، وهو ما يراه خبراء في الشأن الأفريقي، لن يحمل فرصاً قريبة لإنهاء الأزمة، وسط توقعات بتفاقم النزاع، خصوصاً مع عدم وجود «نية حسنة»، وتشكك الأطراف في بعضها، وإصرار كل طرف على أحقيته بالسيطرة على الإقليم.

وأدان «عرو» القتال الذي اندلع، يوم الجمعة الماضي، بين قوات إدارتي أرض الصومال وإدارة خاتمة في منطقة بوقداركاين بإقليم سول، قائلاً: «نأسف للهجوم العدواني على منطقة سلمية، وسنعمل على الدفاع عن أرض الصومال بيد، بينما نسعى لتحقيق السلام بيد أخرى»، حسبما أورده موقع الصومال الجديد الإخباري، الأحد.

وجاءت تصريحات «عرو» بعد «معارك عنيفة تجددت بين الجانبين اللذين لهما تاريخ طويل من الصراع في المنطقة، حيث تبادلا الاتهامات حول الجهة التي بدأت القتال»، وفق المصدر نفسه.

ويعيد القتال الحالي سنوات طويلة من النزاع، آخرها في فبراير (شباط) 2023، عقب اندلاع قتال عنيف بين قوات إدارتي أرض الصومال وخاتمة في منطقة «بسيق»، وفي سبتمبر (أيلول) من العام نفسه، نشرت إدارة أرض الصومال مزيداً من قواتها على خط المواجهة الشرقي لإقليم سول، بعد توتر بين قوات ولايتي بونتلاند وأرض الصومال في «سول» في أغسطس (آب) 2022.

كما أودت اشتباكات في عام 2018 في الإقليم نفسه، بحياة عشرات الضحايا والمصابين والمشردين، قبل أن يتوصل المتنازعان لاتفاق أواخر العام لوقف إطلاق النار، وسط تأكيد ولاية بونتلاند على عزمها استعادة أراضيها التي تحتلها أرض الصومال بالإقليم.

ويوضح المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، أن «النزاع في إقليم سول بين أرض الصومال وبونتلاند يعود إلى عام 2002، مع تصاعد الاشتباكات في 2007 عندما سيطرت أرض الصومال على لاسعانود (عاصمة الإقليم)»، لافتاً إلى أنه «في فبراير (شباط) 2023، تفاقم القتال بعد رفض زعماء العشائر المحلية حكم أرض الصومال، وسعيهم للانضمام إلى الحكومة الفيدرالية الصومالية؛ ما أدى إلى مئات القتلى، ونزوح أكثر من 185 ألف شخص».

ويرى الأكاديمي المختص في منطقة القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود كلني، أن «الحرب المتجددة في منطقة سول والمناطق المحيطة بها هي جزء من الصراعات الصومالية، خصوصاً الصراع بين شعب إدارة خاتمة الجديدة، وإدارة أرض الصومال، ولا يوجد حتى الآن حل لسبب الصراع في المقام الأول»، لافتاً إلى أن «الكثير من الدماء والعنف السيئ الذي مارسه أهل خاتمة ضد إدارة هرجيسا وجميع الأشخاص الذين ينحدرون منها لا يزال عائقاً أمام الحل».

ولم تكن دعوة «عرو» للسلام هي الأولى؛ إذ كانت خياراً له منذ ترشحه قبل شهور للرئاسة، وقال في تصريحات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن «سكان أرض الصومال وإقليم سول إخوة، ويجب حل الخلافات القائمة على مائدة المفاوضات».

وسبق أن دعا شركاء الصومال الدوليون عقب تصعيد 2023، جميع الأطراف لاتفاق لوقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، ووقتها أكد رئيس أرض الصومال الأسبق، موسى بيحي عبدي، أن جيشه لن يغادر إقليم سول، مؤكداً أن إدارته مستعدة للتعامل مع أي موقف بطريقة أخوية لاستعادة السلام في المنطقة.

كما أطلقت إدارة خاتمة التي تشكلت في عام 2012، دعوة في 2016، إلى تسوية الخلافات القائمة في إقليم سول، وسط اتهامات متواصلة من بونتلاند لأرض الصومال بتأجيج الصراعات في إقليم سول.

ويرى بري أن «التصعيد الحالي يزيد من التوترات في المنطقة رغم جهود الوساطة من إثيوبيا وقطر وتركيا ودول غربية»، لافتاً إلى أن «زعماء العشائر يتعهدون عادة بالدفاع عن الإقليم مع التمسك بالسلام، لكن نجاح المفاوضات يعتمد على استعداد الأطراف للحوار، والتوصل إلى حلول توافقية».

وباعتقاد كلني، فإنه «إذا اشتدت هذه المواجهات ولم يتم التوصل إلى حل فوري، فمن الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث اشتباك بين قوات إدارتي أرض الصومال وبونتلاند، الذين يشككون بالفعل في بعضهم البعض، ولديهم العديد من الاتهامات المتبادلة، وسيشتد الصراع بين الجانبين في منطقة سناغ التي تحكمها الإدارتان، حيث يوجد العديد من القبائل المنحدرين من كلا الجانبين».

ويستدرك: «لكن قد يكون من الممكن الذهاب إلى جانب السلام والمحادثات المفتوحة، مع تقديم رئيس أرض الصومال عدداً من المناشدات من أجل إنهاء الأزمة»، لافتاً إلى أن تلك الدعوة تواجَه بتشكيك حالياً من الجانب الآخر، ولكن لا بديل عنها.