«مصدّر الكبتاغون» يحظى بحماية سورية

كان يتحضر للتقاعد وثروته تقدَّر بمئات ملايين الدولارات

السلطات السعودية ضبطت كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون المنشطة كانت مخبأة داخل شحنة رمان آتية من لبنان (أ.ب)
السلطات السعودية ضبطت كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون المنشطة كانت مخبأة داخل شحنة رمان آتية من لبنان (أ.ب)
TT
20

«مصدّر الكبتاغون» يحظى بحماية سورية

السلطات السعودية ضبطت كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون المنشطة كانت مخبأة داخل شحنة رمان آتية من لبنان (أ.ب)
السلطات السعودية ضبطت كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون المنشطة كانت مخبأة داخل شحنة رمان آتية من لبنان (أ.ب)

يقف حسن محمد دقو (سوري الأصل حصل على الجنسية اللبنانية بموجب حكم قضائي صدر عام 2019) على رأس لائحة مصدّري حبوب الكبتاغون إلى عدد من الدول ومن بينها المملكة العربية السعودية، ويكاد يكون المصدّر الأول، لا بل الأوحد، بعد أن أُوقف اثنان من كبار منافسيه في تهريب هذه المواد المخدّرة، وكان يتحضّر ليحيل نفسه على «التقاعد» متوقفاً عن التهريب بعد أن أصبح في عداد الأغنياء، حيث إن ثروته تقدّر بمئات الملايين من الدولارات ما عدا أملاكه الموزّعة بين لبنان وسوريا ومن بينها 4 شقق فخمة تقع في منطقة الرملة البيضاء في بيروت أُوقف في إحداها على يد «شعبة المعلومات» في قوى الأمن الداخلي في عملية نوعية نفّذتها في 6 أبريل (نيسان) الجاري.
لكن دقو كان يتلطى وراء شركات وهمية أسسها ومن بينها عقارية وإنشائية ليست مسجّلة باسمه كحال الشقق التي يملكها في الرملة البيضاء وهو متزوج من محامية لبنانية، وتمكّن من أن يقيم شبكة علاقات واسعة في لبنان موازية لتلك التي أقامها مع أبرز الرموز الأمنية والعسكرية في النظام السوري أتاحت له التخلص من الملاحقة حيناً والتوقيف حيناً آخر، وكان آخرها الإفراج عنه بعد أن أُوقف في البقاع على خلفية تسهيل خطف مواطن سوري معادٍ للنظام وتسليمه للاستخبارات السورية، رغم أن شهوداً اعترفوا بمسؤوليته عن خطفه مع ما توافر من أدلة تثبت ضلوعه في خطفه.
ويتردد أن ملاءته المالية أتاحت له توزيع «خيراته» من أموال وهدايا على بعض النافذين لتبرئته من التهم الموجّهة إليه ومن بينها تهريب كميات كبيرة من الكبتاغون، وكان آخرها تلك التي ضُبطت في جدة والتي أدت إلى اتخاذ السلطات السعودية قرارها بوقف استيراد الخضراوات والفاكهة من لبنان.
لكن دقو فوجئ بتوقيفه بالجرم المشهود على يد القوّة الضاربة في «شعبة المعلومات»، وحاولت زوجته المحامية التدخُّل لكنها لم تفلح في تبرئته من التهم الموجّهة إليه، خصوصاً بعد أن ثبت تورّطه من خلال قيام فرع التحقيق في الشعبة بإجراء مقارنة بين ما لديه من أدلّة وبين هاتفه المحمول الذي احتوى على صورة هي نسخة طبق الأصل عن بوليصة الشحن المتعلقة بشحنة «الكبتاغون» التي ضُبطت في ماليزيا وتبين أنها كانت في طريقها إلى هونغ كونغ ومنها إلى السعودية وبداخلها ملايين الحبوب المخدّرة.
كما أن دقّو الذي تربطه علاقات وطيدة بعدد من أبرز الرموز من أمنيين وعسكريين في النظام السوري، وتحديداً من المسؤولين عن الوحدات السورية المرابطة على طول الحدود السورية مع لبنان، كان يستخدم من حين لآخر الموانئ السورية وتحديداً مرفأ اللاذقية لتهريب «الكبتاغون» ولكن بعد أن يقوم بتزوير شهادات المنشأ والنقل، إضافة إلى أن شحنات التهريب لا تصل مباشرة إلى البلد المحدد لها وإنما تسلك عدة مسالك بحرية، خصوصاً تلك القادمة من الموانئ السورية للالتفاف على «قانون قيصر» الذي يفرض حصاراً اقتصادياً على سوريا من جهة ولتضليل الرقابة المشدّدة للهروب من المفاعيل الاقتصادية لهذا القانون.
إلا أن الشحنة المخدّرة التي ضُبطت أخيراً في السعودية كانت عبارة عن حاويات من حبّات الرمان المبرّد أُدخلت براً من سوريا إلى لبنان بذريعة أنها للاستهلاك المحلي وباسم شركة وهمية لا تحمل اسماً تجارياً وليست مسجّلة لدى الدوائر اللبنانية المعنية، وتم تزوير شهادة المنشأ على أنها من الصنف المنتج في لبنان مع أن الموسم ليس موسماً للرمان، إضافةً إلى أنه لا اكتفاء محلياً يسمح بتصدير الفائض من الرمان الذي يُستورد من سوريا وتركيا ومصر، مع أن استيراد الرمان من الأخيرة توقف بسبب تدهور سعر صرف الليرة اللبنانية.
وفي هذا السياق تبين أن حمولة الرمان أُدخلت على دفعات من معبر شرعي يربط لبنان بسوريا وأُخضعت بعد حشو أكثر من ألف حبة من الرمان بحبوب «الكبتاغون» لعملية «تزوير شرعي» لشحنها إلى السعودية، وهذا ما تم اكتشافه في الاجتماع الأمني برئاسة الرئيس ميشال عون الذي خُصّص للبحث في تداعيات القرار السعودي، وتخلل الاجتماع تبادل رمي المسؤوليات بين وزيري الزراعة عباس مرتضى، والاقتصاد والتجارة راوول نعمة حول مسؤولية التوقيع على شهادات منشأ مزوّرة.
كما تبين -حسبما توافر من معلومات لـ«الشرق الأوسط»- أن حبات الرمان المسمومة أُدخلت إلى لبنان باسم ثلاثة أشخاص لبنانيين، اثنان منهم من طرابلس والثالث من البقاع الغربي، وتردد أن الأخير لجأ إلى سوريا بينما لجأ الآخران إلى تركيا.
وحسب المعلومات فإن عدد الموقوفين رهن التحقيق في ملف الرمان الملغوم بلغ سبعة أشخاص من بينهم أشقّاء للأشخاص الفارين إلى تركيا وسوريا، وأنكروا لدى إخضاعهم للتحقيق معرفتهم بوجود «الكبتاغون» داخل حاويات الرمان وأن دورهم اقتصر على الجانب اللوجيستي، فيما يُفترض بالتحقيق أن يتوسّع لجلاء الأسباب الكامنة وراء التوقيع على شهادات المنشأ المزوّرة لـ«تشريع» شحن الرمان الملغوم إلى الخارج على أساس أنه مُنتج محلي، مع أنه يُفترض بالمعنيين التنبُّه لأمرين: الأول أن الموسم الآن ليس موسم الرمان، والآخر أنه لم يسبق تصديره إلى الخارج لعدم توفر الاكتفاء الذاتي.
وبالنسبة إلى المعامل التي تتولى تصنيع «الكبتاغون» تمهيداً لتهريبه إلى الخارج، علمت «الشرق الأوسط» من مصادر مواكبة للاتصالات التي تجريها السعودية ودول الخليج بالمعنيين الأمنيين في مجال مكافحة المخدرات أن هذه المعامل كانت موجودة في عدد من المناطق الممتدة ما بين البقاع الشمالي والحدود المتداخلة بين لبنان وسوريا، لكنها دُمّرت بعد إخراج المجموعات الإرهابية منها ولم يبقَ منها إلا القليل التي تتولى تصنيع «الكبتاغون» بكميات محدودة لعدم توافر الأجهزة المتطورة لصناعتها، وبالتالي فإن ما تنتجه يبقى محصوراً في الترويج لـ«منتجاتها» في الداخل اللبناني.
وأكدت المصادر نفسها أن مصانع «الكبتاغون» موجودة الآن في المناطق الحدودية داخل الأراضي السورية، وقالت إن دقو يتمتع بنفوذ من المنظومة الأمنية السورية الفاعلة، ولفتت إلى أن «داعش» و«جبهة النصرة» كانتا خلال وجودهما في البقاع وجرود عرسال على تواصل مع جهات سورية نافذة تؤمّن لها مسالك التهريب عبر الأراضي السورية ومعابرها إلى دول الخليج. وكشفت أن دقو فوجئ بدهم إحدى شققه في الرملة البيضاء من شعبة «المعلومات» التي صادرت منه أكثر من ثلاثة ملايين دولار، وكان يستعد لوقف تصنيع «الكبتاغون»، وهو استبق قراره بإحالة نفسه على التقاعد بملء إرادته وقام بتصنيع مئات الملايين من حبوب «الكبتاغون» تمهيداً لتهريبها إلى الخارج لزيادة ثروته التي تقدّر حالياً بمئات الملايين من الدولارات.
وأكدت أن ممثلين من السعودية ودول الخليج العربي يترددون من حين لآخر على بيروت لملاحقة وقف عمليات تهريب «الكبتاغون» إلى بلدانهم، وهم يتواصلون مع الجهات الأمنية المعنية بمكافحة المخدرات التابعة لقوى الأمن الداخلي، ورأت أن الدول المتضررة من تدفق «الهدايا المسمومة» إلى أراضيها تتعامل مع تهريبها من خلفية سياسية وأمنية تتجاوز نظر البعض إليها في لبنان على أنها مجرد تدابير وقائية وليست سياسية، انطلاقاً من الأخطار التي تهدد مجتمعاتها.
ورأت هذه المصادر أن اجتماع بعبدا عُقد من باب رفع العتب، ولم تصدر عنه إجراءات وتدابير جذرية تتجاوز التقصير الحاصل من وزارتي الزراعة والاقتصاد والجمارك حيال عدم التدقيق في الشحنة المخدّرة، ليس لغياب الأجهزة الكاشفة على الحاويات فحسب، وإنما لتغييب أي تدبير لضبط الحدود بين البلدين ولقطع الهواء عن المصانع لإقفالها والتشدد في ملاحقة التهريب «المنظّم» الذي قد ينطوي على خلفية سياسية.
وتصر أطراف رئيسة في «محور الممانعة» على استخدام لبنان منصة لاستهداف أمن السعودية وسلامة شعبها والمقيمين على أراضيها. وعليه فإن توقيف «رجل الكبتاغون الأول»، أي دقو، وإن كان يحمل أهمية خاصة، فإن معالجة مفاعيل وتداعيات استهداف السعودية لن يتحقق بالاتصالات أو بالنيات الحسنة ما لم تكن مقرونة بإجراءات سياسية، وهذا ما تُشدّد عليه الهيئات الاقتصادية وأركان الجالية اللبنانية في السعودية ودول الخليج.


مقالات ذات صلة

قانون مقترح في الكويت يلوّح بـ«الإعدام» في قضايا المخدرات

الخليج كمية كبيرة من المخدرات ضبطتها سابقاً السلطات الكويتية (كونا)

قانون مقترح في الكويت يلوّح بـ«الإعدام» في قضايا المخدرات

كشفت مسودة التعديلات التي أجرتها لجنة حكومية لتعديل قانون مكافحة المخدرات عن اقتراح عقوبات صارمة تصل للإعدام بحق المتاجرين بالمخدرات.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
آسيا عَلم إيران (متداولة)

أفغانستان: وفد من وزارة النقل والطيران يتوجه إلى إيران

توجه وفد من وزارة النقل والطيران في أفغانستان، الأحد، إلى إيران.

«الشرق الأوسط» (كابل )
شؤون إقليمية صورة لسجن سيليفري مرمرة في إسطنبول (إ.ب.أ)

إطلاق أكبر عملية لمكافحة المخدرات في تركيا... واحتجاز 525 مشتبهاً

احتجزت الشرطة التركية 525 شخصاً على خلفية الاشتباه في تجارة المخدرات، وذلك خلال عملية جرت فجر اليوم (الخميس) في أنحاء العاصمة أنقرة.

«الشرق الأوسط» (أنقرة)
أوروبا وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان (أ.ف.ب)

وزير العدل الفرنسي: عدة سجون تعرضت لهجمات الليلة الماضية

أكد وزير العدل الفرنسي جيرالد دارمانان، اليوم الثلاثاء، وقوع هجمات خلال الليلة الماضية على عدة سجون فرنسية.

«الشرق الأوسط» (باريس )
خاص أحد عناصر السلطة السورية داخل مصنع لحبوب «الأمفيتامين» المعروفة باسم الكبتاغون في دوما على مشارف دمشق 13 ديسمبر (أ.ب) play-circle 03:26

خاص الكبتاغون: ورش عشوائية تنمو على أنقاض «خطوط إنتاج» نظام الأسد

بدأت القصة حين حوّل النظام السوري السابق أقراص الكبتاغون (وهو مخدّر صناعي مكوّن من مادتي الأمفيتامين والثيوفيلين) إلى «عملةٍ دمويةٍ».

أحمد الجوري (دمشق)

«هدنة غزة»: محادثات جديدة بمصر لتحقيق «اختراق» وتفادي «التعثر»

فتيات فلسطينيات ينتظرن وجبات طعام خيرية في خان يونس جنوب غزة... الثلاثاء (رويترز)
فتيات فلسطينيات ينتظرن وجبات طعام خيرية في خان يونس جنوب غزة... الثلاثاء (رويترز)
TT
20

«هدنة غزة»: محادثات جديدة بمصر لتحقيق «اختراق» وتفادي «التعثر»

فتيات فلسطينيات ينتظرن وجبات طعام خيرية في خان يونس جنوب غزة... الثلاثاء (رويترز)
فتيات فلسطينيات ينتظرن وجبات طعام خيرية في خان يونس جنوب غزة... الثلاثاء (رويترز)

محادثات جديدة احتضنتها القاهرة بين رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وطاقم التفاوض الإسرائيلي برئاسة وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر؛ لبحث تهدئة في قطاع غزة، بعد أيام من زيارة وفد من حركة «حماس» لمصر، وطرحه رؤية شاملة لإنهاء الحرب تذهب لهدنة ما بين 5 و7 سنوات.

وبين نتائج تشير لـ«تقدم جزئي»، وأخرى تتحدَّث عن «قضايا شائكة»، تتوالى تسريبات إعلامية بشأن تلك المحادثات، التي تحل قبل نحو أسبوعين من زيارة الرئيس الأميركي، دونالد ترمب للمنطقة، وهو ما يراه خبراء تحدَّثوا لـ«الشرق الأوسط» يشي باحتمال تعثر المفاوضات حول اتفاق شامل بتعنت من رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، دون ضغوط حقيقية حتى الآن من واشنطن عليه.

صبي فلسطيني يحمل كتاباً وهو يجلس على أنقاض منزل إثر غارات إسرائيلية ليلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل كتاباً وهو يجلس على أنقاض منزل إثر غارات إسرائيلية ليلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)

وكانت قناة «القاهرة الإخبارية»، أفادت، مساء الاثنين، بأن «رئيس المخابرات المصرية التقى طاقم التفاوض الإسرائيلي برئاسة ديرمر في القاهرة في أعقاب زيارة وفد (حماس) لمصر منذ أيام عدة؛ لبحث التهدئة، وصولاً لوقف إطلاق النار بقطاع غزة واستمراراً للجهود المصرية - القطرية المكثفة المبذولة لاستعادة الهدوء بقطاع غزة».

حديث عن تقدم

وكشف مصدران أمنيان مصريان لوكالة «رويترز» عن أن المفاوضات التي عُقدت في القاهرة «تشهد تقدماً كبيراً، واتفاق الأطراف على عدد من القضايا، منها التوافق على وقف إطلاق نار طويل الأمد في غزة»، مؤكدين أن «بعض النقاط الشائكة لا تزال قائمةً رغم التقدم المحرز في المحادثات، ومنها مسألة أسلحة حركة (حماس)».

بالمقابل، أفادت صحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، الثلاثاء، بأن «تقارير إسرائيلية سارعت إلى التشكيك في تلك المزاعم، والتأكيد على أن التفاصيل غير صحيحة».

ونقل موقع «واللا» عن مصدر إسرائيلي كبير لم يُذكر اسمه قوله إنه «لم يحدث أي اختراق»، في حين نقل موقع «واينت» عن مصادر إسرائيلية قولها إنه «لم يكن هناك تقدم ملموس، وإن إسرائيل لن توافق على هدنة تمتد لسنوات لا تشمل نزع سلاح (حماس)».

ونقلت قناة «آي 24 نيوز» الإسرائيلية عن مسؤول، الثلاثاء، أن «التقارير عن حصول تقدم بالمفاوضات بين إسرائيل و(حماس) غير دقيقة»، كاشفاً عن أن «إسرائيل تعمل بشكل متواصل وحثيث مع الأميركيين والوسطاء؛ بهدف التوصُّل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن، ولكن حتى الآن لم يتم التوصُّل إلى تفاهم».

إطالة المفاوضات

عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، مساعد وزير الخارجية الأسبق السفير رخا أحمد حسن، يرى أن زيارة الوفد الإسرائيلي مؤشر على إمكانية قبول تصورات، لكن بالعادة إسرائيل تجيد لعبة إطالة المفاوضات دون إنجاز شيء، لافتاً إلى أن النقاط الشائكة التي تطرحها إسرائيل مثل نزع سلاح «حماس» أمر غير عقلاني، ولن يجد مساحةً للتطبيق، خصوصاً أنه لم تقم دولة فلسطينية كاملة السيادة بعد.

ويعتقد رخا أن «المطلوب من واشنطن ممارسة ضغط أكبر على نتنياهو، خصوصاً أن إمكانية التوصَّل لاتفاق قبل زيارة ترمب للمنطقة أكبر مهما كان (التعثر)»، لافتاً إلى أن «مطالب (حماس) متفقة مع المظاهرات التي تشهدها إسرائيل، وتطالب بإنهاء الحرب ضمن صفقة واحدة، لكن نتنياهو مَن يعطل مسار الحل».

فلسطيني يحمل حطاماً خلال إزالته الأنقاض إثر غارات إسرائيلية ليلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل حطاماً خلال إزالته الأنقاض إثر غارات إسرائيلية ليلية في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة (أ.ف.ب)

وبتقديرات المحلل السياسي الفلسطيني نزار نزال، فإن «هناك إشكاليات تعوق العبور تجاه هدنة شاملة مع رفض نتنياهو لها وتمسكه بسحق (حماس) وخشيته من سقوط حكومته»، لافتاً إلى أن وصول وفد إسرائيلي للقاهرة؛ لبحث المحادثات محاولةٌ لتقليل التوتر مع القاهرة وإرسال رسائل لواشنطن بأنه راغب في اتفاق ولا يعطله، ولكن في ضوء التصريحات الإسرائيلية «لا تفاؤل بانفراجة شاملة».

أفق لإقامة دولة

بالمقابل، تعالت الأصوات الدولية المطالِبة بوقف الحرب بغزة. ودعا رئيس وزراء قطر الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ووزير خارجية بريطانيا ديفيد لامي، في بيان مشترك، الثلاثاء، إلى «العودة الفورية إلى وقف إطلاق النار، مع إيجاد أفق سياسي جاد لإقامة الدولة الفلسطينية».

وشدَّد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، في كلمة الثلاثاء، على أنه «يجب العودة لوقف إطلاق النار في غزة»، بينما أعربت منظّمة العفو الدولية، في تقرير الثلاثاء، عن أسفها لأنّ «العالم يتفرّج مباشرة على الهواء على إبادة جماعية» ترتكبها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة.

أم فلسطينية تودع ابنها الذي قُتل في غارة إسرائيلية خلال جنازته يوم الاثنين في بيت لاهيا شمال (أ.ب)
أم فلسطينية تودع ابنها الذي قُتل في غارة إسرائيلية خلال جنازته يوم الاثنين في بيت لاهيا شمال (أ.ب)

وعشية تلك المناشدات، ووسط الخلافات المتصاعدة بإسرائيل، طرح الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، في مقابلتين مع صحيفتَي «هآرتس» و«يديعوت أحرونوت»، إخراج نتنياهو، الذي يحاكم في قضايا فساد، من المشهد السياسي، داعياً إلى دراسة إمكانية إبرام صفقة إقرار ذنب في محاكماته، وذلك مقابل خروجه من الحياة السياسية دون الزج به في السجن، و«كجزء من تخفيف التوتر في المجتمع الإسرائيلي».

ويعتقد السفير رخا، أن المطالبات الدولية لن تتوقف بوقف الحرب، وهذا قد يُشكِّل ضغطاً، موضحاً أن دعوة الرئيس الإسرائيلي بخروج نتنياهو من المشهد دون سجنه في ظل خلافات إسرائيلية متصاعدة، قد تُشكِّل ضغطاً أكبر وفرصةً للتوصُّل لاتفاق أكبر، مع ضغط أميركي لعودة الهدوء والاستقرار للمنطقة.

ولا يعتقد نزال أن تمارس واشنطن «ضغطاً خشناً» على إسرائيل، خصوصاً قبل زيارة ترمب، وستعمل فقط على فتح معابر غزة، وغلق ملف المجاعة ضمن هدنة إنسانية، حال فشلت محاولات التوصُّل لهدنة مؤقتة أو شاملة، بينما تشمل الزيارة محادثات بشأن هدنة أكبر وأوسع.