زيادة كبيرة في إصابات «كورونا» بشرق المتوسط مقارنة مع بداية الوباء

المدير الإقليمي لـ«الصحة العالمية» لا يستبعد «حروباً اقتصادية» بسبب اللقاحات

الدكتور أحمد المنظري مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط
الدكتور أحمد المنظري مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط
TT

زيادة كبيرة في إصابات «كورونا» بشرق المتوسط مقارنة مع بداية الوباء

الدكتور أحمد المنظري مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط
الدكتور أحمد المنظري مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط

قال الدكتور أحمد المنظري، مدير منظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، إن أعداد الإصابات بدول الإقليم (22 دولة) تشهد ارتفاعا كبيرا بشكل مثير للقلق.
كلام المنظري جاء في مؤتمر صحافي نظم أمس (الثلاثاء)، بمناسبة «أسبوع التمنيع العالمي»، وشارك فيه تيد شيبان، المدير الإقليمي لـ«الشرق الأوسط» وشمال أفريقيا لليونيسف، ورنا الحجة، مديرة إدارة البرامج بمنظمة الصحة العالمية، وإيفان هوتن، مدير قسم مكافحة الأمراض السارية بالمنظمة.
وأوضح المنظري أن الإقليم أبلغ العام الماضي عمَّا مجموعُه 5 ملايين حالة إصابة، وفي هذا العام، وخلال الأسابيعِ الثلاثة عشرَ الأولى وحدها، أُبلغ عن 3 ملايين حالة أخرى، وفي الفترة من 17 مارس (آذار) إلى 9 أبريل (نيسان) 2021 - أي خلال 24 يوما - تم الإبلاغ عن عدد من الحالات يُماثل ما تم الإبلاغ عنه خلال الأشهر الستة الأولى من عام 2020.
وأرجع المنظري هذه الارتفاعات في أعداد الإصابات، رغم بدء حملات التلقيح التي كان من المفترض أن تؤدي إلى خفض الأعداد، إلى حدوث حالة من «الاطمئنان الزائف» على كل المستويات سواء الرسمية أو الشعبية. وقال: «كانت لدينا بالفعل انخفاضات ملحوظة مع بدء حملات التلقيح، ولكن هذه الانخفاضات لم تستمر طويلا بسبب تراخي الدول في تنفيذ إجراءات الحجر الصحي المتبعة عند السفر، وعلى المستوى الشعبي، كان هناك التزام ضعيف بارتداء الكمامات في بعض بلدان الإقليم على نحوٍ يبعث على القلق، كما أن المناسبات الدينية التي تشهد تجمُّعاتٍ اجتماعية مثل رمضان وعيد الفصح أدت لزيادة الأعداد».
وأعرب المنظري عن خشيته من تسارع وتيرة الإصابات بسبب مناسبتَي شم النسيم وعيد الفطر المقبلتَيْن اللتين ستزيدان من فرص الإصابة بالمرض، من خلال المخالطة المباشرة لأشخاص قد يكونون مصابين بالمرض دون أن يعرفوا.
وشدد على ضرورة استخدام كل أدوات الوقاية، والتي أصبحت متوفرة بعد مرورِ ستة عشرَ شهراً على اندلاع هذه الجائحة، وقال: «فلْنستخدِمْ جميعَ الوسائل المتاحة بكامل طاقتنا، حتى نتمكَّنَ مِنِ اتخاذِ خطواتٍ لاستئناف حياتنا الطبيعية».
ومن بين أدوات الوقاية المتاحة هي التطعيم، قال المنظري: «رغم إعطاء أكثر من 36 مليون جرعة من لقاحات (كوفيد - 19) في جميع أنحاء الإقليم، لم يحصل الناس على التطعيم بالمعدل المستهدَف لتقريبنا من وقف انتشار (كوفيد - 19)». وأضاف «هذا يرجع إلى نقص اللقاحات على المستوى العالمي، كما يرجع أيضا إلى أن التردد في أخذ اللقاح بإقليمنا لا يزال مرتفعاً».
وبعث برسالة طمأنة حول مأمونية وفاعلية اللقاحات، وقال إن «اللقاحات فعَّالة وأحُثُّكم جميعاً على الحصول عليها متى توفَّرت، وهذا ليس اختياراً شخصيّاً؛ بل هو مسؤولية تقع على عاتق كل فرد منا، فحرمان نفسك من اللقاح لا يعني سوى أنك تحرم نفسك والآخرين من الحق في عيش حياة خالية من المرض».
ولم يستبعد المنظري وجود حروب اقتصادية تستهدف النيل من بعض اللقاحات في إطار المناوشات والشد والجذب بين بعض الشركات والحكومات، وقال: «أيا كانت الدوافع فإننا لا نهتم إلا بمنطق العلم، والذي يقول لنا إنه بعد مراعاة الإجراءات المتبعة لاعتماد اللقاحات، فإننا مطمئنون لمأمونيتها».
وتحدثت الحجة بمزيد من التفاصيل حول ما يثار حول مأمونية اللقاحات المعتمدة من المنظمة مثل لقاحي «أسترازينيكا» و«جونسون آند جونسون»، وقالت إن العوارض الجانبية المتمثلة في حدوث جلطات لا تحدث بنسب كبيرة، ولا تتعدى معدلات الإصابة حالتين من كل مليون حصلوا على اللقاح، وهي نسبة ضئيلة جدا عند تقييم المخاطر. وانضمت إلى المنظري في توجيه الدعوة للناس للحصول على اللقاحات متى توفرت، مبدية استغرابها من تبني بعض العاملين الصحيين لتوجه رافض لأخذ اللقاحات، وقالت: «نحن ننتظر منكم أن تشجعوا الناس على التلقيح، فهو الوسيلة لوقف انتشار العدوى، وبالتالي عدم ظهور متحورات جديدة من الفيروس».
وشدد إيفان هوتن، مدير قسم مكافحة الأمراض السارية بمنظمة الصحة العالمية هو الآخر على مأمونية وسلامة اللقاحات رغم أنه جرى إنتاجها سريعا خلال أقل من عام، بشكل قد يثير حالة من القلق عند الناس. وقال: «لدينا ضوابط من حيث خطوات التجارب (ما قبل السريرية والسريرية)، وعدد الأشخاص الذين تجرى عليهم التجارب السريرية، ونسب الفاعلية المسموح بها، ولا يتم التغاضي عن أي من هذه الضوابط بسبب الرغبة في الإنتاج السريع».
وأضاف «تأكدنا قبل اعتماد اللقاحات من مأمونيتها وفاعليتها، ويتم بعد اعتماد اللقاحات وطرحها للتداول مراجعات أخرى بعد ظهور عوارض جانبية لا تظهر إلا مع طرح اللقاح للتداول على أعداد كبيرة».
واستلهم شيبان تاريخ اللقاحات المشرف في الوقاية من الأمراض، للتأكيد على أهميتها في الحرب ضد (كوفيد - 19).
وتعجب من أن بعض الأسر كانت تعطي لأطفال أكثر من لقاح في اليوم ولا تسأل عن مصدره ولا الشركة المنتجة له، لثقتها في أنظمتها الصحية، وهو الأمر الذي يجب أن يكون موجودا أيضا مع «كوفيد - 19». وعن تأثير الجائحة على حملات التلقيح ضد الأمراض الأخرى، قال: «هناك تأثير كبير في بدايات عام 2020 ولكننا نجحنا في تجاوز المشكلة في النصف الثاني من العام».


مقالات ذات صلة

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

آسيا أحد أفراد الطاقم الطبي يعتني بمريض مصاب بفيروس كورونا المستجد في قسم كوفيد-19 في مستشفى في بيرغامو في 3 أبريل 2020 (أ.ف.ب)

«الصحة العالمية»: انتشار أمراض الجهاز التنفسي في الصين وأماكن أخرى متوقع

قالت منظمة الصحة العالمية إن زيادة حالات الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي الشائعة في الصين وأماكن أخرى متوقعة

«الشرق الأوسط» (لندن )
صحتك جائحة «كورونا» لن تكون الأخيرة (رويترز)

بعد «كوفيد»... هل العالم مستعد لجائحة أخرى؟

تساءلت صحيفة «غارديان» البريطانية عن جاهزية دول العالم للتصدي لجائحة جديدة بعد التعرض لجائحة «كوفيد» منذ سنوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

ما نعرفه عن «الميتانيوفيروس البشري» المنتشر في الصين

فيروس مدروس جيداً لا يثير تهديدات عالمية إلا إذا حدثت طفرات فيه

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية play-circle 01:29

فيروس رئوي قد يتسبب بجائحة عالمية

فيروس تنفسي معروف ازداد انتشاراً

د. هاني رمزي عوض (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أحد الأرانب البرية (أرشيفية- أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تسجل ارتفاعاً في حالات «حُمَّى الأرانب» خلال العقد الماضي

ارتفعت أعداد حالات الإصابة بـ«حُمَّى الأرانب»، في الولايات المتحدة على مدار العقد الماضي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.