اتهام لنتنياهو بالسعي إلى انتخابات خامسة في الخريف

معارضو نتنياهو يتهمونه بالسعي لانتخابات خامسة (إ.ب.أ)
معارضو نتنياهو يتهمونه بالسعي لانتخابات خامسة (إ.ب.أ)
TT

اتهام لنتنياهو بالسعي إلى انتخابات خامسة في الخريف

معارضو نتنياهو يتهمونه بالسعي لانتخابات خامسة (إ.ب.أ)
معارضو نتنياهو يتهمونه بالسعي لانتخابات خامسة (إ.ب.أ)

شهدت جلسة الحكومة الإسرائيلية، أمس الثلاثاء، صداماً بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكل من: رئيس الوزراء البديل بيني غانتس، والمستشار القضائي للحكومة أبيحاي مندلبليت؛ إذ جرى التصويت على تعيين وزير للقضاء، رغم معارضة مندلبليت وتأكيده أن تصرفه غير قانوني.
وفي نهاية الجلسة التي استغرقت 3 ساعات، خرج جميع رؤساء أحزاب «معسكر التغيير» بتصريحات تشكك في جدية نتنياهو لحل أزمة الحكم، وأكدوا أنه «بعد فشله في تشكيل الحكومة يرفض قبول الحسم الديمقراطي، وهدفه الوحيد اليوم هو تكرار فعلته في المرات الأربع الماضية، وقيادة إسرائيل إلى انتخابات خامسة في الخريف المقبل». وضُبط أحد وزراء «الليكود» المقربين من نتنياهو؛ وزير المخابرات إيلي كوهن، وهو يقول إن «نتنياهو يتلاعب بالوقت. وقد تدهورنا إلى وضع بائس».
وتحدث رئيس حزب «يمينا»، نفتالي بينيت، عن أن إسرائيل باتت على حافة الفوضى السياسية العارمة، بينما صرح رئيس «معسكر التغيير» من حزب «ييش عتيد»، يائير لبيد، بأن «تصرفات نتنياهو اليوم تشكل جرس إنذار أمام كل من يبني على تحالف معه في ائتلاف حكومي مقبل؛ فالرجل؛ ببساطة، مخادع ولا يفتش عن حلفاء جدد». وقال إن كل ما يريده نتنياهو هو «انتخابات خامسة تتيح له أن يبقى رئيس حكومة لأشهر عدة أخرى».
وكانت المشكلة قد انفجرت بعد أن قررت المحكمة العليا منح الحكومة فرصة 48 ساعة لتعيين وزير للقضاء، فمنذ استقالة الوزير نيسان كورن قبل 6 أشهر والمنصب شاغر؛ وشغله بشكل مؤقت وزير الأمن بيني غانتس بصفته رئيس حزب «كحول لفان». ثم انتهت المدة من دون تعيين وزير آخر، وساد الشلل عمل هذه الوزارة الحيوية، حتى وصل الأمر إلى المحكمة العليا، ففرضت على الحكومة تعيين وزير ثابت لهذه المهمة. وحسب الاتفاق الائتلافي بين «الليكود» و«كحول لفان»، يجب أن يكون الوزير من «كحول لفان». وطلب غانتس، أمس، المنصب لنفسه، لكن وزراء «الليكود» صوتوا ضده. ثم طرح نتنياهو اسماً آخر بديلاً من دون أن يكون الأمر مطروحاً على جدول الأعمال. وأعلن مندلبليت أن هذا التصويت غير قانوني لأنه مخالف للاتفاق الائتلافي.
وضرب نتنياهو بأقوال المستشار عرض الحائط، فأعلن أن القرار قانوني، وحاول وزير الأمن الداخلي، أمير أوحانا، المقرب من نتنياهو في «الليكود»، أن يساند نتنياهو، فقال إن «الاتفاق الائتلافي انتهى ولم يعد ساري المفعول، لأنه نسج في هيئة الكنيست السابقة».
واستغل رئيس حزب «ييش عتيد»، يائير لبيد، هذا الحدث، ليلفت نظر الأحزاب الثلاثة في معسكره، والتي تتفاوض معه على تشكيل حكومة وتتفاوض أيضاً مع نتنياهو، بالقول إن «أي شخص فكّر ولو للحظة في التوقيع على اتفاق مع نتنياهو، تلقى تذكيراً بأنه لا يوجد أي احتمال لأن يطبق نتنياهو ما يلتزم به عادة في أي اتفاق. وإذا كان أحد ما يعتقد أن نتنياهو يجب أن يجلس إلى طاولة الحكومة، فقد تلقى اليوم تذكيراً بأنه أصبح ملزماً بالرحيل». ولفت رئيس المعارضة الحالي إلى أن «الاستخفاف الفظّ بسلطة القانون، وبأي اتفاق يوقع نتنياهو عليه، انفجر اليوم مرة أخرى في جلسة الحكومة. إن الرجل ببساطة لا يستطيع إلا أن يخدع».
وقال رئيس حزب «تيكفا حداشا»، غدعون ساعر، الذي لن يتمكن نتنياهو من تشكيل حكومة من دونه، إن «القصة الملحمية حول تعيين وزير للقضاء التي وصلت إلى ذروتها الآن في اجتماع الحكومة المهووسة، لهي دليل آخر على الحاجة الماسة لتغيير الحكم». وكان نتنياهو قد عرض أيضاً على ساعر ما عرضه على نفتالي بينيت، وبيني غانتس؛ أي أن ينضم إليه في حكومة ويتولى منصب رئيس الحكومة لمدة سنة. غير أن ساعر رفض الاقتراح كما فعل سابقاه. وقال إن نتنياهو «يطرح مقترحات ألاعيب وخدع صبيانية، وهو فقط يحاول كسب الوقت وتفكيك المعسكر المناوئ له. وبعد أن يضمن أن هذا المعسكر تفكك ولم يعد قادراً على تشكيل حكومة، فسيسحب اقتراحه لساعر».
وقال مقرب من ساعر، أمس، إن «هذا السخاء من نتنياهو بالتنازل لساعر عن رئاسة الحكومة طيلة سنة كاملة، يُخفي وراءه مكراً ويأساً، وهو يثير بذلك الشفقة حقاً. فنحن نقترب من نهاية مدة تكليفه تشكيل الحكومة، بلا نتيجة. لقد فشل، ويخوض حرباً نفسية ضد المعسكر الآخر بواسطة زرع الشكوك والتشويش ووضع العراقيل، وإرباك المؤسسة الحزبية والسياسية وكسب الوقت. وهدفه الأعلى هو منع خصومه من التوصل إلى اتفاقات تسمح لنفتالي بينيت ويائير لبيد، ومعهما باقي لاعبي الكتلة المناوئة، بالحصول على تفويض بتشكيل الحكومة».
ويؤكد المراقبون الإسرائيليون أن نتنياهو «محبط من فشله، ولا يساعده شيء سوى البلبلة والخلافات؛ التي تسود المعسكر المناوئ وتعرقل توصله إلى اتفاق على تشكيل حكومة تضع حداً لعهده. وعلى سبيل المثال، فاجأ نفتالي بينيت المفاوضات؛ إذ أعلن أنه يعارض ضم ممثلين عن حزبي (العمل) و(ميرتس) إلى المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية، في حال تشكيل حكومة». وعدّ الحزبان المعنيّان هذا الموقف «تشكيكاً في إخلاصهما لأمن إسرائيل». وقالت رئيسة حزب «العمل» ميراف ميخائيلي: «هذه وقاحة مستهجنة». وأضافت: «نحن الحزب الذي أقام الدولة وحاربنا من أجلها عندما كان بينيت طفلاً يرتدي الحَفّاض. فكيف يجرؤ على التشكيك في إخلاصنا؟».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».