انقلابيو اليمن يحوّلون المساجد إلى مجالس للتعبئة

TT
20

انقلابيو اليمن يحوّلون المساجد إلى مجالس للتعبئة

واصلت الميليشيات الحوثية المسنودة من إيران انتهاك حرمة المساجد ودور العبادة في العاصمة صنعاء ومدن يمنية أخرى تحت سيطرتها من خلال تحويل بعضها منذ مطلع رمضان إلى مجالس لتعاطي نبتة القات المخدرة، وتنظيم لقاءات وفعاليات وأمسيات للموالين لها يرافقها بذات الوقت تشغيل الزوامل (الأهازيج الحربية) المصحوبة بالرقصات.
وتحدث سكان مجاورون لمساجد عدة في صنعاء ومناطق أخرى عن تحويل الميليشيات منذ أول أيام الشهر الفضيل لعديد من المساجد بالأحياء التي يقطنونها من دور للعبادة إلى أماكن للسمر وعقد اللقاءات والاجتماعات والأمسيات الحوثية الطائفية.
وقال محمد.ت، وهو إمام مسجد أقصته الجماعة من وظيفته لـ«الشرق الأوسط» إن الميليشيات عملت عقب منعها لصلاة التراويح بمعظم المساجد على استخدام مكبرات الصوت لبث ما تسميه «البرنامج الرمضاني» عبر مشرفيها ومسؤولي الأحياء الموالين لها، وإجبار المواطنين القاطنين الأحياء القريبة من المساجد على الحضور والاستماع لخطب مطولة يلقيها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.
على صعيد متصل، كشفت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن إلزام قيادات حوثية تعمل في مؤسسات وهيئات حكومية بصنعاء لموظفيها العاملين فيها المحرومين من رواتبهم منذ سنوات بالحضور يوميا وعقب صلاة العشاء إلى مقرات الجماعة للمشاركة في البرنامج الحوثي.
وأفاد مواطنون آخرون في صنعاء شاركوا قبل أيام عن مضض في برامج حوثية طائفية بأن برامج الميليشيات هدفها الأول التعبئة الفكرية وحشد المجندين خصوصا من الأطفال والمراهقين. وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن محاضرات الجماعة وأمسياتها تلك لم تخرج عن إطار الحث على تقديم المزيد من التبرعات النقدية والعينية لصالح عملياتها العسكرية والتحريض على العنف والقتل والتحشيد للجبهات، خصوصا جبهة مأرب وتمجيد قادتها وأحقيتهم في الحكم والثروة.
وفي حين عدّ السكان في ذات الوقت أن ذلك يعد تكريسا واضحا وممنهجا للطائفية وتمزيق ما تبقى من النسيج الاجتماعي، أقدمت الجماعة على الاعتداء على إمام مسجد وسط العاصمة صنعاء على خلفية اعتراضه على تحويل المسجد إلى مجلس لتعاطي نبتة القات.
وكشف شهود عيان في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن قيام مسلحي الجماعة بالاعتداء بالضرب المبرح بأعقاب البنادق والعصي على إمام مسجد الأنوار بحي هبرة (وسط العاصمة) على خلفية إغلاق الأخير للمسجد عقب إتمام الصلاة والحيلولة دون إقامة فعالية كان ينوي إقامتها عناصر الميليشيات داخل حرم الجامع.
ولفت الشهود إلى أن ذلك الاعتداء الحوثي لاقى استياء وغضبا واسعا لدى المصلين وأهالي الحي الذين تداعوا للتضامن مع إمام المسجد المُعتدى عليه والانتصار لحرمة المسجد من أن تنتهكه الميليشيات وتحوله إلى مكان للمقيل واللهو.
وتواصلا لجرائم الانقلابيين المتعددة بحق المساجد، اقتحمت الجماعة قبل نحو أسبوع جامع عمر بن عبد العزيز الواقع وسط مدينة إب (170 كلم جنوب صنعاء) وباشرت بنهب المكتبة الخاصة به والتي تضم، وفق تأكيدات لمصادر محلية في إب لـ«الشرق الأوسط»، أكثر من 550 مجلدا من كتب التراث الديني السني.
وفي الوقت الذي اعتبرت فيه ذات المصادر في إب تلك الجريمة بأنها تأتي في سياق المساعي الحوثية الرامية لطمس هوية المجتمع وتطييفه وترسيخ الأفكار الخمينية المستوردة من إيران، كشفت مصادر محلية أخرى في ذمار عن دهم الانقلابيين قبل أيام لدار حديث سلفية بمديرية الحدا بذات المحافظة ونهب ومصادرة الكثير من محتوياتها.
وأفادت المصادر في ذمار لـ«الشرق الأوسط» بأن أطقم حوثية داهمت الدار وأجبرت الشيخ القائم عليه علي الفتوحي على المغادرة بصحبة العشرات من المشايخ وطلبة العلم الذين يتخذون من الدار مركزا لتعلم الأمور الشرعية وحفظ القرآن الكريم، بالإضافة للسكن والعبادة منذ عدة سنوات.
وكانت معلومات وتقارير محلية أشارت إلى أنه ورغم إبرام الشيخ السلفي محمد الإمام قبل نحو عامين اتفاقا مع قيادة الميليشيات الانقلابية في ذمار بعدم التعرض للمركز، غير أن تلك الجماعة كعادتها في نكث العهود والمواثيق والاتفاقات، واصلت مرارا استهداف ذلك المركز، متخذة كل مرة حججا وذرائع واهية.
وعلى مدى سنوات الانقلاب الماضية، كشفت تقارير محلية وأخرى دولية عن آلاف الانتهاكات والجرائم الحوثية بحق المساجد ودور العبادة بمناطق يمنية عدة، شمل بعضها تنفيذ الجماعة لاقتحامات عدة بحق عدد من المساجد ومن ثم نهبها ومصادرة كل محتوياتها.
وقبل أيام كانت مصادر يمنية مطلعة أفادت بأن الميليشيات الحوثية كثفت أخيرا عبر ما يعرف بكتائب الأمن النسائية «الزينبيات» من حملات القمع بحق اليمنيات وإغلاق المصليات الخاصة بهن في عدد من مساجد العاصمة المختطفة صنعاء بهدف تحويلها من أماكن لإقامة الصلاة إلى منابر لاستقطاب النساء وتلقينهن الأفكار الخمينية.
وذكرت المصادر أن عناصر الأمن النسائي الحوثي داهمت العشرات من المصليات الخاصة بالنساء بعدد من مساجد صنعاء بحجة رفضهن الجلوس عقب التراويح للاستماع إلى محاضرات وأفكار يروجها زعيم الانقلابيين عن قداسة السلالة التي ينتمي إليها وأحقيتها في الحكم والثروة.
وقالت المصادر إن مصليات النساء في مسجد عمر بن عبد العزيز بحي السنينة ومسجد الإيمان بحي الحصبة ومساجد أخرى في أحياء عصر والقاع وبيت بوس وصنعاء القديمة وغيرها لا تزال مغلقة من قبل المجندات الحوثيات أمام النساء اللاتي يحضرن كل يوم لصلاة العشاء والتراويح. وأضافت المصادر بحديثها لـ«الشرق الأوسط»، أن عمليات الدهم والإغلاق الحوثية جاءت عقب امتناع نساء تلك الأحياء ممن يذهبن للمصليات عن الجلوس بعد انتهاء الصلوات للاستماع لمحاضرات شرعت الجماعة منذ دخول رمضان بإقامتها تحت اسم (أمسيات رمضانية).


مقالات ذات صلة

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ خلال أحدث إحاطاته أمام مجلس الأمن (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»: غروندبرغ ملتزم بالوساطة... والتسوية اليمنية

في أعقاب فرض عقوبات على قيادات حوثية، أكد مكتب المبعوث الأممي التزامه بمواصلة جهوده في الوساطة، والدفع نحو تسوية سلمية وشاملة للنزاع في اليمن.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الحوثيون يحكمون قبضتهم على مناطق شمال اليمن ويسخرون الموارد للتعبئة العسكرية (أ.ب)

عقوبات أميركية على قيادات حوثية

فرضت الولايات المتحدة عقوبات جديدة أمس على سبعة من كبار القادة الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي الأمم المتحدة تخطط للوصول إلى 12 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة هذا العام (إ.ب.أ)

انعدام الأمن الغذائي يتفاقم في 7 محافظات يمنية

كشفت بيانات أممية عن تفاقم انعدام الأمن الغذائي في 7 من المحافظات اليمنية، أغلبها تحت سيطرة الجماعة الحوثية، وسط مخاوف من تبعات توقف المساعدات الأميركية.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي الشراكات غير العادلة في أعمال الإغاثة تسبب استدامة الأزمة الإنسانية في اليمن (أ.ف.ب)

انتقادات يمنية لأداء المنظمات الإغاثية الأجنبية واتهامات بهدر الأموال

تهيمن المنظمات الدولية على صنع القرار وأعمال الإغاثة، وتحرم الشركاء المحليين من الاستقلالية والتطور، بينما تمارس منظمات أجنبية غير حكومية الاحتيال في المساعدات.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون: سنتخذ إجراءات عسكرية ضد إسرائيل بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة

عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
TT
20

الحوثيون: سنتخذ إجراءات عسكرية ضد إسرائيل بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة

عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)
عرض لمجسمات صواريخ ومسيّرات حوثية في صنعاء (إ.ب.أ)

قال الحوثيون في اليمن، اليوم (الاثنين)، إنهم سيتخذون إجراءات عسكرية بمجرد انتهاء مهلة الأيام الأربعة لرفع الحصار عن قطاع غزة، وفق ما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، الجمعة، إن الحركة ستستأنف عملياتها البحرية ضد إسرائيل إذا لم تُنهِ تعليقها دخول المساعدات إلى غزة خلال 4 أيام، مما يشير إلى تصعيد محتمل.

وشنت الحركة المتمردة المتحالفة مع إيران أكثر من 100 هجوم على حركة الشحن البحرية منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، قائلة إن الهجمات تضامن مع الفلسطينيين في حرب إسرائيل على حركة «حماس» الفلسطينية في قطاع غزة، وتراجعت الهجمات في يناير (كانون الثاني) بعد وقف إطلاق النار في القطاع الفلسطيني.

خلال تلك الهجمات، أغرق الحوثيون سفينتين واستولوا على أخرى وقتلوا 4 بحارة على الأقل، مما أدى إلى اضطراب حركة الشحن العالمية لتُضطر الشركات إلى تغيير مسار سفنها لتسلك طريقاً أطول وأعلى تكلفة حول جنوب القارة الأفريقية.

وقال الحوثي، الجمعة: «سنعطي مهلة 4 أيام وهذه مهلة للوسطاء فيما يبذلونه من جهود، إذا استمر العدو الإسرائيلي بعد الأيام الأربعة في منع المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، واستمر في الإغلاق التام للمعابر ومنع دخول الدواء إلى قطاع غزة فإننا سنعود إلى استئناف عملياتنا البحرية ضد العدو الإسرائيلي. كلامنا واضح ونقابل الحصار بالحصار».

وفي الثاني من مارس (آذار)، منعت إسرائيل دخول شاحنات المساعدات إلى غزة مع تصاعد الخلاف حول الهدنة، ودعت «حماس» الوسطاء المصريين والقطريين إلى التدخل.

ورحّبت الحركة الفلسطينية بإعلان الحوثي، الجمعة. وقالت في بيان: «هذا القرار الشجاع الذي يعكس عمق ارتباط الإخوة في أنصار الله والشعب اليمني الشقيق بفلسطين والقدس، يعد امتداداً لمواقف الدعم والإسناد المباركة التي قدموها على مدار خمسة عشر شهراً من حرب الإبادة في قطاع غزة».