«لقاء» يربط طقوس الحارة المصرية بروحانيات رمضان

المعرض يجمع فن «المرج خيط» والحروفية بالأوبرا

بائع البطاطا - من أعمال الفنان إبراهيم البريدي
بائع البطاطا - من أعمال الفنان إبراهيم البريدي
TT

«لقاء» يربط طقوس الحارة المصرية بروحانيات رمضان

بائع البطاطا - من أعمال الفنان إبراهيم البريدي
بائع البطاطا - من أعمال الفنان إبراهيم البريدي

في إبداع تشكيلي مُلهم، عبر أنامل تعزف على وتر الحنين للماضي، تأتي تلك الأعمال الفنية بأسلوب الرسم بقصاصات الأقمشة الملونة المتراصة بإتقان بجوار بعضها بعضاً فيما يشبه «النوتة الموسيقية»، حيث تمتزج تلك القصاصات عبر الخيوط على سطح اللوحات بأسلوب فريد، يعبر عن رؤية خاصة ينفرد بها الفنان المصري إبراهيم البريدي، مؤسس فن «المرج خيط»، الذي يستخدم قصاصات الأقمشة الملونة ويوظفها للحصول على أعمال فنية تنطق بالبهجة.
وفي معرضه «لقاء»، الذي تستضيفه حالياً قاعة صلاح طاهر بدار الأوبرا المصرية، يعرض الفنان أحدث إنتاجه في هذا الأسلوب، بمشاركه فنان الخط العربي والحروفية جمال أبو مصطفى، حيث يعرض البريدي أعمالاً تدور في رحاب الحارة المصرية وتتنقل بين شعبيات التراث الفلكلوري والموروثات المصرية، بينما يعرض أبو مصطفى أحدث أعماله الخطيّة التي تحمل ملامح الهوية واللمسة التراثية، وهو ما يجعل المعرض حاملاً لروح شهر رمضان، رابطاً بين أجواء الحارات وبين روحانيات الشهر بالكلمات والألوان.
عن أسلوبه، يقول البريدي «منذ 16 عاماً كنت أقيم في منطقة المرج (شمال القاهرة)، وفي سوق المنطقة الأسبوعي، وجدت بائعة تبيع قصاصات القماش وهو ما لفت نظري فاشتريت منها، حفّزتني تلك القصاصات لعمل بعض الرسومات والأشكال كنوع من التسلية فقط، ومع عرضها على زملائي أعضاء الجمعية المصرية للكاريكاتير، التي أحمل عضويتها بصفتي فناناً للكاريكاتير، نالت إعجابهم، وهو ما شجعني على مواصلة هذا الفن». ويتابع «مع توسعي في الأعمال بدأ هذا الفن يُنسب لي؛ لذا أطلقت عليه مسمى (مرج خيط)، نسبة للمكان الذي أقطنه واشتريت منه أول قصاصات، وكذلك للخيوط التي استخدمها في الجمع والمزج بينها، وهو ما عمل على شهرتي الفنية، وتصنيفي مؤسساً لهذا الفن».
تدور جلّ أعمال الفنان حول الحارة الشعبية، والبيئة الريفية، فهو يحول هذه القصاصات إلى أشكال يعايشها المصريون في الحارات، وتعكس ملامح الريف المصري. ويعلل ذلك بقوله «أنا مهتم بهذه البيئات لأني ابن قرية ريفية في محافظة الغربية بدلتا النيل، وعشت كذلك في الحارة وأحمل روحها، وكل ما كنت أعايشه في بيئتي وأراه بشكل يومي أحاول أن أنقله للمجتمع القاهري، كما أني مهتم بالتراث والموتيفات الشعبية، وخلال السنوات الماضية توسعت في البحث في التراث، وهدفي من وراء ذلك أن أخلق من القماش أشكالاً تعبر عن هويتنا ونفتخر بها، وإظهار ذلك بشكل قوي من خلال اختيار ألوان الأقمشة المبهجة كأني أرسم من باليتة لونية».
يحمل معرض «لقاء» العديد من هذه الملامح والمشاهد المصرية، حيث نرى الدمى والعرائس وراقصات الفنون الشعبية والطبول والمزمار، وملامح الحارة ممثلة في «بنات بحري» وبائع البطاطا والفواكه والخضراوات ورقصات وألعاب الأطفال وألعاب السيرك البسيطة، كما نجد الملامح الرمضانية مثل بائع العرق سوس والتنورة وعروض الأراجوز.
يلفت «البريدي» إلى أنه يختار أقمشة بعينها خصوصاً الخامة القطنية، كما أنه يجمع بين القصاصات القديمة والجديدة، مؤكداً أن «اللون يعد عاملاً مهماً في التنفيذ، فاختيار اللون يجب أن يكون قريباً من البيئة والشخصية المصرية التي أعبّر عنها، كما أنني أختار الألوان التي تعطي دقة وبهجة للوحة، وهو أكثر ما أحرص عليه، بما يجعل المتلقي يشعر أن اللوحات بها روح».
تكاملاً مع هذه المضامين، تأتي أعمال الفنان جمال أبو مصطفى، التي تدور في فلك الخط العربي وفن الحروفية، ذلك الفن المعني بجماليات الأبجديات وتوظيفها في اللوحة الفنية لتحمل الهوية واللمسة التراثية، وهو ما يعطي دفعة جمالية روحانية للمعرض ويتناسب مع تنظيمه في شهر رمضان.
يقول الفنان جمال «أوظف في لوحاتي الخط العربي كعنصر من عناصر التشكيل، بمعنى أني أتعامل معه كمفردة تشكيلية أكثر منن كحرف وكلمة، فلا أخضع للقواعد العربية الخاصة بالخط، ولا أتقيد بميزان الحرف سواء خطوط النسخ أو الرقعة وغيرها، وبالتالي فهناك مساحة من الحرية في شكل الحرف وكتابته وهندسته ولونه، كما أقوم بتوظيفه تشكيلياً حسب المساحة التي أتحرك فيها، ما يعطي الحروف قيمة جمالية كبيرة».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.