بادرت جمعية فرنسية تعنى بأصحاب الهمم إلى تلوين درج صاعد إلى هضبة «مونمارتر» في العاصمة الفرنسية باريس، بشكل يوهم الناظرين بأنه متصدع نتيجة هزة أرضية، تبتلع من يستخدمها. والهدف من هذه الخدعة البصرية توعية المارة بالصعوبات التي تواجه المقعدين والمسنين وهم يعيشون في مدينة كبرى ما زالت تفتقد كثيراً من الإنشاءات التي تسهّل التنقل بالكراسي المتحركة.
و«أصحاب الهمم» هي التسمية التي باتت معتمدة في وسائل الإعلام العربية للإشارة إلى ذوي الاحتياجات الخاصة أو المعاقين. ورغم ازدياد أعداد مستخدمي الكراسي المتحركة في عاصمة مزدحمة مثل باريس، فإن هؤلاء يعانون من صعوبات في المجال العام ووسائل النقل. وأهم تلك الصعوبات الدرج الذي يقود إلى أرصفة المترو، أو يتخلل الشوارع، وكذلك ضيق الأرصفة أو ارتفاعها.
وتعدّ هضبة «مونمارتر»، شمال العاصمة، من أبرز المناطق الجميلة فيها. وهي المقصد الثاني للسياح وزوار باريس. فهي تحتضن حي الرسامين و«كاتدرائية القلب الأقدس»، وعدداً من المقاهي التاريخية وصالات العرض الفني. كما تتميز بإطلالة تتيح مشاهدة المدينة في منظر بانورامي فريد ومن موقع مرتفع. ورغم ازدحام الحي بالسياح، فإن مرافقه ما زالت غير مؤهلة تماماً لاستقبال ذوي الاحتياجات الخاصة. وهو نقص يضع العاصمة الفرنسية في موقع متأخر بالمقارنة مع العواصم المجاورة، لا سيما الدول الاسكندنافية.
ويبلغ عدد مواقع الدرج التي تقود إلى الهضبة من جهات عدة 38 موقعاً، ومجموع دَرَجها 222 درجة. لكن متاعب ارتقاء السلالم الحجرية لا تقتصر على ذوي الهمم؛ بل تشمل 9 من كل 10 زوار للمنطقة، حسب دراسة أجرتها الجمعية. فهناك السيدات الحوامل، والعائلات التي تستخدم عربات للأطفال، وأصحاب الدراجات الهوائية، والمسنون الذين يجدون صعوبة في صعود الدرج الكثير العالي. ولا يستطيع أصحاب العربات استخدام المصعد الكبير الذي يخدم المنطقة في جانب واحد منها والمخصص للراجلين فقط.
نفّذ التصدعات المرسومة على الدرج عدد من فناني الشارع، ليلة الجمعة. وجرى التنفيذ خلال ساعات حظر التجول بسبب الجائحة ومن دون أدنى ضجيج. وفي الصباح استيقظ الساكنون في شارع «لابون» ليجدوا الدرج المؤدي إلى الكاتدرائية التاريخية قد جرى «تفخيخه». وبالنسبة للناظرين من بعيد؛ فإن الخدعة البصرية كانت صادمة. وهي قد انطلت على بعضهم فتصوروا أن شجرة قد سقطت بفعل عاصفة ودمرت الدرج. لكن أياً من الأهالي لم يعترض على ما يمكن أن يعدّ تشويهاً للمكان ما دام الهدف منه إنسانياً. كما اتفق الجميع على أن «الخدعة البصرية» منفذة بشكل فني راقٍ، وأنها ستكون عامل جذب لمزيد من الزوار.
مع هذا؛ يتفق كثير من أصحاب المنازل والشقق على رفضهم فكرة نصب مصاعد كهربائية في هذه البقعة التي تعدّ من أغلى أحياء العاصمة. وحجة هؤلاء أن أهمية هضبة «مونمارتر» تكمن في طابعها القديم الذي يحيل إلى أجواء القرون الوسطى، وورشات مشاهير الرسامين، ومسرح «الطاحونة الحمراء». وبهذا؛ فإن من شاء الصعود إليها والتمتع بجمالها فعليه تحمل مشاق ذلك، و«لا ورد من دون شوك».
تفخيخ دَرج «مونمارتر» في باريس برسم يفتح فوهات فيه
خدعة بصرية للتوعية بمعاناة أصحاب الهمم
تفخيخ دَرج «مونمارتر» في باريس برسم يفتح فوهات فيه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة