جلابية «على الله» تنافس الزي السوداني

تجد سوقاً رائجة وسط الشباب والمسنين

أغلب زبائنها من الشباب
أغلب زبائنها من الشباب
TT

جلابية «على الله» تنافس الزي السوداني

أغلب زبائنها من الشباب
أغلب زبائنها من الشباب

عادت جلابية «على الله» لتتربع على عرش «موضة» الأزياء الشعبية، لتنافس وبقوة «الجلابية» الزي القومي السوداني المعروفة بشكلها التقليدي.
تشابه «على الله» حسب أقوى الروايات المتداولة، الجلابية «الأنصارية» التي كان يرتديها أنصار القائد السوداني محمد أحمد المهدي، في حروبه ضد الاستعمار الإنجليزي في نهايات القرن الثامن عشر.
تتكون الجلابية من قطعتين؛ قميص قصير بأكمام تتجاوز مرفق اليد بقليل ومفتوحة الجانبين، وياقة عادية، وسروال ليس بالطويل، مع جيب صغير في أعلى الجانب الأيسر للجلابية.
يقول الترزي عبد الله الأمين لـ«الشرق الأوسط» خلال السنوات الماضية، إن أكثر الزبائن الذين يترددون على المحل يطلبون تفصيل جلابية «على الله»، ويفضّلونها على الجلابية «العادية»، وأغلب زبائنها من الشباب، وبعض كبار السن، خصوصاً أنها مريحة في اللبس وتلائم أجواء البلاد المتقلبة.
ويضيف: «الطلب الكبير على جلابية (على الله) أدى إلى انتعاش سوق الأقشمة، من الكتان والقطن والألوان المخططة، وأصبحت هنالك محلات مخصصة في الأسواق لبيع أقمشة جلابية (على الله) التي تتماشى مع موضة الجلابية، حيث يفضل كثيرون أن تكون مخططة بألوان مختلفة».
يواصل الأمين ومقصه يجري على إحدى قطع الأقمشة، أن الرواج الذي وجدته «على الله» واكتساحها أسواق الموضة، والتعديلات في الشكل والتصميم، جعل منها زياً عصرياً حديثاً يصلح لكل المناسبات.
يقول الترزي عبد الله الأمين إن جلابية «على الله» تشبه إلى حد ما الجلابية «الأنصارية» ذات الجيبين الأمامي والخلفي، التي تُلبس بالجهتين، وحسب الرواية المتواترة سميت «الأنصارية» نسبةً لأن جنود المهدي كانوا يرتدونها في أثناء خوض الحروب ضد المستعمر الإنجليزي.
أحمد علي، بائع أقمشة بالسوق العربية وسط العاصمة الخرطوم، يوضح أن «الإقبال الكبير على جلابية (على الله)، وظهورها من جديد زياً عصرياً يُقبل عليه الشباب بكثافة، أسهم في زيادة مبيعاتنا بنسبة كبيرة».
ويضيف: «تكلفة (على الله) أعلى من الجلابية التقليدية، التي تُفصَّل في العادة من اللون الأبيض، ويبلغ سعر المتر من أجود الأقمشة قرابة 2000 جنيه سوداني، يعادل 4 دولارات».
ويقول علي: «انتعاش السوق من خلال حركة البيع النشطة للأقمشة الخاصة بجلابية (على الله) دفع كثيراً من التجار إلى زيادة شراء الأقمشة المخططة بألوان مختلفة ومفضلة للزبائن لتفصيلها جلابية (على الله)».
واقتحمت «على الله» طقوس مناسبة الزواج، بعدما كانت الجلابية البلدية هي الزي المتعارف عليه في مراسم الزواج، وأصبحت «على الله» بألوانها الصارخة مثل الذهبي والأحمر، زياً مهماً للعريس في طقوس الحنة والجرتق.
ويرى بعض المهتمين بالأزياء أن التحديثات في الشكل والألوان الجديدة لجلابية «على الله» جعلها أقرب إلى أزياء غرب أفريقيا التي تطغى عليها الأشكال الزخرفية، حيث إن الشكل الجديد لا يعكس تطوراً عصرياً، وإنما هو تحريف وتشويه للزي القومي السوداني الذي لا يحتمل الخروج عن القيم الجمالية المتناسبة مع الثقافة والبيئة والمناخ.
ويقول موسى حامد، المهتم بالفولكلور السوداني، إن جلابية «على الله» ليست كثيرة الشبه بالجلابية «الأنصارية» التي كانت موجودة إبان حروب المهدية كما يتداول بعض الروايات، لكنها استحداث جديد من حيث التصميم والشكل لزي قديم كان منتشراً بكثرة في السودان، أُجريت عليه تعديلات ليواكب الموضة كما يراها الشباب.
وفي مقابل ذلك يتمسك البعض بالأزياء التقليدية السودانية كما هي عليها، ويرفض أن يطالها التغيير، بحجة أنها تمثل جزءاً من الهوية والتاريخ والتراث الشعبي.


مقالات ذات صلة

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

الاقتصاد صورة تُظهر واجهة متجر دار الأزياء الإيطالية «فالنتينو» في وسط روما (أ.ف.ب)

للمرة الأولى منذ الركود العظيم... توقعات بانخفاض مبيعات السلع الفاخرة عالمياً

من المتوقع أن تنخفض مبيعات السلع الفاخرة الشخصية عالمياً في عام 2025 لأول مرة منذ الركود العظيم، وفقاً لدراسة استشارية من شركة «بين».

«الشرق الأوسط» (روما)
لمسات الموضة في الدورة الأولى من رئاسة زوجها اعتمدت ميلانيا عدة إطلالات أنيقة كان لدار «دولتشي أند غابانا» نصيب كبير فيها (خاص)

هل حان الوقت ليصالح صناع الموضة ميلانيا ترمب؟

قامت ميلانيا بالخطوة الأولى بدبلوماسية ناعمة بإعلانها أنها امرأة مستقلة ولها آراء خاصة قد تتعارض مع سياسات زوجها مثل رأيها في حق المرأة في الإجهاض وغير ذلك

جميلة حلفيشي (لندن)
لمسات الموضة اعتمد المصمم على التفاصيل الجريئة حتى يمنح كل زي ديناميكية خاصة (خاص)

فؤاد سركيس يرسم لوحة ملونة بالالوان والتفاصيل في مجموعته لـ 2025

في أحدث مجموعاته لموسم خريف وشتاء 2025، يعيد المصمم فؤاد سركيس رسم هوية جديدة لمعنى الجرأة في الموضة. جرأة اعتمد فيها على تفاصيل الجسم وتضاريسه. تتبعها من دون…

«الشرق الأوسط» (لندن)
لمسات الموضة الأميرة المغربية لالة حسناء تتوسط الشيخة المياسة بنت حمد آل ثاني وتانيا فاريس والفائزين بجوائز 2024 (خاص)

7 فائزين بجوائز «فاشن تراست آرابيا» ومراكش ثامنهم

على الرغم من عدم فوز أي مغربي أو مغربية بأي جائزة هذا العام، فإن مراكش كانت على رأس الفائزين.

جميلة حلفيشي (مراكش)
لمسات الموضة ناعومي كامبل في أكثر من عقد من المجموعة (بولغري)

كيف ألهمت أنابيب نقل الغاز «بولغري»؟

احتفلت «بولغري» مؤخراً بطرح نسخ جديدة من مجموعة «توبوغاس» عادت فيها إلى البدايات.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».