تي ڤي لوك

يحيى الفخراني
يحيى الفخراني
TT

تي ڤي لوك

يحيى الفخراني
يحيى الفخراني

أهبط بالباراشوت
> عملياً، ومن دون زعل، تستطيع أن تنتقل من الحلقة الأولى من أي مسلسل (حسناً، من معظم المسلسلات) إلى الحلقة العاشرة أو الحادية عشرة لتجد أنه لم يفتك الكثير.
ببعض الصبر والأناة تستطيع أن تقتحم الحلقة الأخيرة من أي مسلسل فتفهم ما كانت عليه الحلقات السابقة. المسألة ليست سراً، وفي مسلسلات رمضان خصوصاً، لا توجد أسرار… توجد كتابات مطاطة تساعد من فاتته حلقات سابقة القفز بالبارشوت إلى قلب حلقة أخيرة فإذا بطلاسم المسلسل مفتوحة أمام عينيه.
مثلاً، في حلقة أول من أمس من المسلسل المصري «موسى»، يكتشف المشاهد أن موسى ما زال حياً. كان مات في الحلقة الثالثة أو هكذا أشيع عنه، وظهر في الحلقات ما بين الثالثة والأخيرة، لكن بعض من في المسلسل لم يكن يعرف (بعد كل هذه الفترة) أن موسى ما زال حياً.
في الحلقة 11 من المسلسل اللبناني «عشرين عشرين» تستطيع أن تدرك أن الفتاة التي آوت إلى منزل «الريس» هرباً من أخيها ما زالت تخشاه. هي كانت تخشاه من الحلقة الأولى.
المشكلة بالطبع هي أن شهر رمضان مؤلف من 30 يوماً، وعلى الكتابة أن تتواصل لثلاثين يوم أيضاً. يحدث أن الكاتب سيوزع حدثاً جديداً في كل حلقة إذا كان موهوباً، أو في كل حلقتين أو ثلاث إذا لم يكن. فقط تصور ماذا سيكون الحال لو أعطى كل ما لديه أو تحاشى التكرار من البداية. سيجد أن حكايته من أولها لآخرها لن تستغرق أكثر من 280 دقيقة طوال الأسبوع، بمعدل 40 دقيقة في اليوم.
حتى المسلسلات التي تتضمن شخصيات عديدة من أجل زيادة جرعة الأحداث والمفارقات لا تستطيع إلا أن تعود إلى الوراء لتذكر ما سبق وأن مر. تهديد بالقتل يرد في الحلقة الثانية فتجد أن الحديث عنه ما زال دائراً رغم أن المفترض أن يكون الوقت تجاوزه، والتهديد إما مر بلا أثر أو انتقل من الوعيد إلى الفعل. لكن لا هذا يحدث ولا ذاك.

كل الأسماء
> الجمهور صامت. يريد أن يفطر ثم يتابع ما يختار متابعته. «الروموت كونترول» في يده وفنجان الشاي بعد الإفطار لجانبه مع بعض الحلوى، وهات يا متابعة. إذا ما اختلفت الأذواق تؤم الزوجة جهاز تلفزيون آخر، ويبقى الزوج متشبثاً بمسلسله، والعديد من المنازل فيها اليوم جهاز تلفزيون في كل غرفة.
لزاماً، نتحدث عن جمهور عائلي، أما أبناء الجيل الشاب فهو قلما يكترث لهذه المسلسلات وما تكرره، وبل ما تتحدث فيه أساساً. وهذا ليس بالأمر السليم. فحقيقة أن الجمهور الشاسع صامت يعود إلى أنه يتلقف ما يأتيه حتى ولو لاحظ عيوبه. مضطر لمشاهدة الحلقات بمقدماتها التي تذكر في كل ليلة أسماء مصححي الألوان والمسؤول عن السوشيال ميديا وصاحب مكتب العلاقات العامة ومتابع الإكسسوار وتماشيه مع السيناريو.
وهناك محظوظون من حيث إن أسماءهم ترد مرتين في كل مقدمة في كل ليلة. المنتج والكاتب والمخرج، فلربما فاتتك أسماؤهم التي تتصدر الثواني الثلاثين الأولى، واحترت لمن توجه كل هذا الحب والإعجاب، سيأتي التذكير في الثلاثين ثانية الأخيرة.
حقيقة أن معظم المشاهدين من فوق الأربعين يعني أن العدد الحالي سيتقلص بعد عشر سنوات، وليس من المضمون أن من يبلغ اليوم ثلاثين سنة سيهتم بمشاهدة المسلسلات حين يبلغ الأربعين، لأن العقلية تتغير والتحولات مختلفة وكثيرة وكذلك الأذواق.
ماذا ستفعل المسلسلات في المستقبل المنظور؟ لا أدري، وفي الحقيقة لا أهتم أن أدري.

مسلسل مظلوم
> مسلسل «نجيب زاهي زركش» مظلوم بين عداد المسلسلات. هو كوميديا تتميز بثلاث نقاط أساسية: 1 - مختلف في حكايته، و2 - جيد في إخراجه، من بطولة أحد أفضل ممثلي الشاشتين (السينما والتلفزيون) وهو يحيى الفخراني.
مسألة جودة إخراجه ليست تمييزاً كاملاً، هناك مسلسلات أخرى ضخ فيها المخرجون جهوداً تستحق التقدير، لكن مسألة اختلاف حكايته مهمة لأنه يتحدث عن باشا من زمن سابق لا يعرف كيف يتعامل والزمن الحاضر. ما زال في الصندوق الأثري الذي عاش فيه. في الوقت ذاته، المسلسل ليس عن تباين أجيال أو اختلاف أزمنة بقدر ما هو عن فقدان بوصلة. يحيى الفخراني في دور صاحب العنوان يعيش في القصر كما لو أن مصر غير موجودة حوله. ومشاكله - حتى الآن - هي كيف يتوقف عن ممارسة منواله السابق. كما يقول في الحلقة الأولى يشرب لينسى.
الميزة الثالثة هي أن يحيى الفخراني صنف آخر من الممثلين. مثقف ومتين الأداء ولا يحاول تجاوز واقعه ليلعب أدواراً لا تليق بهذه الحقيقة.
لا يخلو المسلسل من التكرار بدوره، وربما كان من الأفضل أن يكون حلقات تمثيلية من فئة الميني مسلسلات التي تستمر لأكثر من شهر بمعدل 25 دقيقة كل يوم، وفي كل يوم قصة مختلفة على الخلفية ذاتها.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
TT

المدن والقرى السعودية ترسم «فرائحية العيد»... بالحديث والقديم

من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)
من مظاهر الفرح في العيد (أرشيفية - واس)

حافظ السعوديون على مظاهر عيد الفطر السعيد التي كانت سائدة في الماضي، كما حرص المقيمون في البلاد من المسلمين على الاحتفال بهذه المناسبة السنوية وفق عاداتهم وتقاليدهم في بلدانهم، أو مشاركة السكان في احتفالاتهم بهذه المناسبة السنوية، علماً بأن السعودية تحتضن مقيمين من نحو 100 جنسية مختلفة.
ويستعد السكان لهذه المناسبة قبل أيام من حلول عيد الفطر، من خلال تجهيز «زكاة الفطر»، وهي شعيرة يستحب استخراجها قبل حلول العيد بيوم أو يومين، ويتم ذلك بشرائها مباشرة من محال بيع المواد الغذائية أو الباعة الجائلين، الذين ينتشرون في الأسواق أو على الطرقات ويفترشون الأرض أمام أكياس معبئة من الحبوب من قوت البلد بمقياس الصاع النبوي، والذي كان لا يتعدى القمح والزبيب، ولكن في العصر الحالي دخل الأرز كقوت وحيد لاستخراج الزكاة.
وفي كل عام يتكرر المشهد السائد ذاته منذ عقود في الاحتفال بعيد الفطر السعيد ومع حلوله اليوم في السعودية تستعيد ذاكرة السكان، وخصوصاً من كبار السن ذكريات عن هذه الفرائحية السنوية أيام زمان، وفق استعدادات ومتطلبات خاصة وبعض المظاهر الاحتفالية التي تسبق المناسبة.

السعوديون يحرصون على الإفطار الجماعي يوم العيد (أرشيفية - واس)

وحافظت بعض المدن والمحافظات والقرى والهجر في السعودية على مظاهر العيد التي كانت سائدة في الماضي؛ إذ حرص السكان على إبقاء هذه المظاهر ومحاولة توريثها للأبناء. ولوحظ خلال الأعوام الماضية حرص السكان على إحياء المظاهر الاحتفالية بعيد الفطر من خلال موائد العيد بمشاركة جميع سكان الحي، وتمثلت هذه المظاهر في تخصيص أماكن بالقرب من المساجد أو الأراضي الفضاء ونصب الخيام داخلها وفرشها بالسجاد ليبدأ سكان الأحياء بُعيد الصلاة بالتجمع في هذه الأماكن وتبادل التهنئة بالعيد، ثم تناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، بعدها يتم إحضار موائد العيد من المنازل أو المطابخ، التي لا تتعدى الكبسة السعودية والأكلات الشعبية الأخرى المصنوعة من القمح المحلي، وأبرزها الجريش والمرقوق والمطازيز، علماً بأن ربات البيوت يحرصن على التنسيق فيما يتعلق بهذه الأطباق لتحقيق التنوع في مائدة العيد وعدم طغيان طبق على آخر.
ويحرص السكان على المشاركة في احتفالية العيد التي تبدأ بتناول إفطار العيد في ساعة مبكرة بعد أن يؤدي سكان الحي صلاة العيد في المسجد يتوجه السكان إلى المكان المخصص للإفطار، الذي يفرش عادة بالسجاد (الزوالي) مع وضع بعض المقاعد لكبار السن ليتسنى لهم المشاركة في هذه الاحتفالات وفي المكان يتم تبادل التهاني بالعيد وتناول القهوة والتمر وحلاوة العيد، وبعدها يبدأ إخراج موائد العيد من المنازل وتوزيعها على السفرة التي تفرش عادة في الساحات القريبة من المسجد أو في الأراضي الفضاء داخل الحي أو حتى في الشوارع الفرعية، كما تقيم إمارات المناطق والمحافظات إفطاراً في مقراتها في ساعة مبكرة من الصباح يشارك بها السكان من مواطنين ومقيمين.

الأطفال أكثر فرحاً بحلول العيد (أرشيفية - واس)

وبعد انتهاء إفطار العيد يتوجه أرباب الأسر مع عائلاتهم إلى الأقارب للتهنئة بالعيد ضمن اعتبارات تتعلق بأعمار المزارين ودرجة القرابة، حيث الأولوية لعمداء الأسر وكبار السن منهم، ولأن الساعة البيولوجية للسكان يصيبها الخلل خلال شهر الصوم، فإن البعض يحرص على أخذ قسط من الراحة قبيل صلاة الظهر أو بعدها، ثم يبدأ بعد العصر بزيارة الأقارب والأصدقاء حتى المساء، حيث يخيّم الهدوء على المنازل، ويحرص المشاركون في الإفطار على تذوق جميع الأطباق التي غالباً ما يتم إعدادها داخل المنازل، التي لا تتعدى أطباق الكبسة والجريش وأحياناً القرصان أو المرقوق أو المطازيز، خصوصاً في أيام الصيف، حيث كانت موائد العيد خلال الشتاء تزين بالأكلات الشعبية مثل الحنيني والفريك.
وفي الوقت الذي اختفت فيه بعض مظاهر العيد القديمة عادت هذه الأجواء التي تسبق يوم عيد الفطر المبارك بيوم أو يومين للظهور مجدداً في بعض المدن والقرى بعد أن اختفت منذ خمسة عقود والمتمثلة في المناسبة الفرحية المعروفة باسم العيدية، التي تحمل مسميات مختلفة في مناطق السعودية، منها «الحوامة» أو «الخبازة» أو «الحقاقة» أو «القرقيعان» في المنطقة الشرقية ودول الخليج، كما تم إحياء هذا التراث الذي اندثر منذ سنوات الطفرة وانتقال السكان من منازلهم الطينية إلى منازل حديثة، وقد ساهمت الحضارة الحديثة وانتقال السكان من الأحياء والأزقة الطينية في القرى والمدن في اختفاء هذا المظهر الفرحي للصغار في شهر رمضان ومع حلول العيد. يشار إلى أن المظاهر الاحتفالية لعيدية رمضان قبل عقود عدة تتمثل في قيام الأطفال بطرق الأبواب صباح آخر يوم من أيام رمضان وطلب العيدية التي كانت لا تتعدى البيض المسلوق أو القمح المشوي مع سنابله والمعروف باسم «السهو»، ثم تطور الأمر إلى تقديم المكسرات والحلوى، خصوصاً القريض والفصفص وحب القرع وحب الشمام والحبحب، وحلّت محلها هدايا كألعاب الأطفال أو أجهزة الهاتف المحمول أو النقود.