قبة الإمام الشافعي... سجل بصري نادر للزخارف الإسلامية

ترميمها استغرق 5 سنوات بتكلفة 1.5 مليون دولار

تضم قبة الإمام الشافعي أمثلة نادرة للزخارف الجصية والأعمال الخشبية المزخرفة
تضم قبة الإمام الشافعي أمثلة نادرة للزخارف الجصية والأعمال الخشبية المزخرفة
TT

قبة الإمام الشافعي... سجل بصري نادر للزخارف الإسلامية

تضم قبة الإمام الشافعي أمثلة نادرة للزخارف الجصية والأعمال الخشبية المزخرفة
تضم قبة الإمام الشافعي أمثلة نادرة للزخارف الجصية والأعمال الخشبية المزخرفة

في جوار مسجد الإمام الشافعي الموجود بحي الخليفة وسط القاهرة، وداخل ما يعرف بـ«القرافة الصغرى»، تظهر قبة خشبية أثرية، تخطف أنظار كل من يمر بجوارها، بزخارفها الإسلامية المميزة، وهي قبة ضريح الإمام الشافعي، التي افتتحت للزيارة مساء أول من أمس، بعد انتهاء مشروع لترميمها استغرق خمس سنوات، بتكلفة إجمالية بلغت 22 مليون جنيه مصري (نحو مليون ونصف المليون دولار).
وتضم قبة الإمام الشافعي «أمثلة نادرة للزخارف الجصية والأعمال الخشبية المزخرفة وتكوينات بديعة من الخشب الملون بأنماط مميزة، حيث تعد سجلاً بصرياً لطرز الزخارف الإسلامية على مر العصور»، وفقاً للدكتور خالد العناني وزير السياحة والآثار المصري.
وهي «القبة الخشبية الوحيدة في مصر»، وفقاً للكاتب الصحافي والباحث في الآثار الإسلامية حسام زيدان، الذي أوضح في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «القبة بُنيت فوق قبر الإمام الشافعي في عهد صلاح الدين الأيوبي، وكانت أول بناء ضريحي بعد العصر الفاطمي، وبنيت بجوارها مدرسة مذهب الإمام الشافعي، كخطوة لمحاربة التيار الشيعي».
ويعود الضريح لمحمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع المعروف باسم الإمام الشافعي، الذي ولد في غزة عام 150هـ / 767م، ونشأ في مكة المكرمة ودرس على يد الإمام مالك صاحب المذهب المالكي في الفقه السني، ثم استقل بمذهبه الخاص، وجاء الشافعي إلى مصر عام 198هـ/ 813م وألقى دروسه في جامع عمرو بن العاص، وتوفي عام 204هـ/ 819م، ودفن في تربة أولاد ابن عبد الحكم في القرافة الصغرى، وشيد أول بناء فوق ضريح الشافعي في عهد صلاح الدين الأيوبي عام 572هـ/ 1176م.
لكن القبة الحالية تنسب إلى السلطان الأيوبي الكامل محمد، الذي بناها مكان ضريح فاطمي سابق بعد دفن والدته هناك عام 608هـ/ 1211م، تكريماً للإمام الشافعي، وفي عام 574هـ/ 1178م، انتهى من عمل التابوت الخشبي الذي يعلو التربة، وفقاً للدكتور أسامة طلعت، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بوزارة السياحة والآثار.
وتتميز قبة الإمام الشافعي بوجود مركب العشاري، وهو عبارة عن مركب صغير مثبت في هلال القبة تتدلى منه سلسلة حديدية، وتوجد روايات متعددة حول سبب وجود العشاري، منها أنه كان يستخدم لوضع الحبوب للطيور حتى تأكل، حيث ذكر علي باشا مبارك أن «المركب يسع قدر نصف أردب من الحبوب لأكل الطيور».
وهناك رواية أخرى تقول إن المركب كان رمزاً لعلم الإمام الشافعي، وهو الرأي الأكثر انتشاراً، وفقاً لزيدان، وإن البعض يرد عليه بوجود المركب العشاري في أماكن أخرى مثل مئذنة ابن طولون.
وتعد الزخارف والحشوات الهندسية أهم ما يميز التابوت الخشبي الموجود داخل القبة، ويقول زيدان إن «زخارف التابوت تعد المرحلة الثانية للأطباق النجمية، بعد محراب السيدة رقية في العصر الفاطمي، وهو مزين بآيات قرآنية وترجمة لحياة الشافعي، ومن الأشياء النادرة في التابوت ظهور اسم الصانع، الذي يدعى عبيد النجار، والمكتوب بالخطين الكوفي والنسخ الأيوبي».
وخضعت القبة الخشبية الحالية للتجديد في عصور السلطان قايتباي عام 885هـ/ 1480م، والسلطان قانصوه الغوري، ووالي مصر علي بك الكبير.
وتعد قبة الشافعي أحد المزارات «المهمة» للمصريين، التي حرموا منها على مدار السنوات الخمس الماضية نتيجة إغلاقها بسبب مشروع الترميم، ويوضح زيدان أن «ترميم القبة وافتتاحها يعيد فتح مسار زيارة كان مغلقاً لسنوات يضم مزارات مهمة على أجندة السياحة الدينية من بينها حوش الباشا، ومدفن علي بك الكبير، وضريح الليث بن سعد».
وعلى هامش الاحتفال بيوم التراث العالمي، افتتحت قبة الشافعي للزيارة السياحية، بعد نحو خمسة شهور على افتتاح مسجد الإمام الشافعي الملاصق لها، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتأمل وزارة السياحة والآثار أن تضيف القبة «عنصر جذب سياحي جديدة للزائرين باعتبارها واحدة من أشهر وأضخم القباب الضريحية، ولأنها تخص أحد الأئمة الأربعة».
وتم مشروع ترميم القبة بتمويل أميركي من خلال مشروع الترميم الذي موله صندوق السفراء للحفاظ على التراث الثقافي الأميركي. وعُثر على بقايا جدران قبة فاطمية لم تُذكر من قبل في المصادر التاريخية، وأشرطة كتابية خلف عناصر معمارية أحدث، وعناصر زخرفية مستترة خلف طبقات من الطلاء الحديث، ويمكن للزائر معرفة تاريخ القبة من اللوحات التوضيحية التي أُضيفت في مشروع الترميم، التي تتضمن شرحاً للقبة ومكوناتها وتوثيقاً لزخارفها.


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.