مادة مسامية واعدة لإنتاج طاقة متجددة من الماء

مادة «كربيد السيليكون المكعب النانوي»
مادة «كربيد السيليكون المكعب النانوي»
TT

مادة مسامية واعدة لإنتاج طاقة متجددة من الماء

مادة «كربيد السيليكون المكعب النانوي»
مادة «كربيد السيليكون المكعب النانوي»

أحد المصادر المحتملة للطاقة المتجددة، هو غاز الهيدروجين المنتج من الماء، بمساعدة ضوء الشمس، ولتطوير هذه العملية وجعلها أسهل، أنتج باحثون في جامعة لينشوبنج بالسويد مادة «كربيد السيليكون المكعب النانوي»، التي تظهر خصائص واعدة في التقاط الطاقة الشمسية و«تقسيم» المياه لإنتاج غاز الهيدروجين، وأعلنوا عن هذا العمل في دراسة نشرت بدورية «ACS Nano».
يقول جيانو صن، كبير المحاضرين في قسم الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا في الجامعة، وقائد الفريق البحثي، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة «هناك حاجة إلى أنظمة طاقة مستدامة جديدة لمواجهة تحديات الطاقة والبيئة العالمية، مثل زيادة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتغير المناخ».
وتبلغ كثافة الطاقة للهيدروجين ثلاثة أضعافها للبنزين، ويمكن استخدامه لتوليد الكهرباء باستخدام خلية وقود. والسيارات التي تعمل بوقود الهيدروجين متاحة بالفعل تجاريًا. ويتم انبعاث ثاني أكسيد الكربون عند إنتاج الهيدروجين، نظرًا لأن التكنولوجيا الأكثر شيوعًا المستخدمة اليوم تعتمد على الوقود الأحفوري لهذه العملية، وبالتالي ينبعث 9 - 12 طنًا من ثاني أكسيد الكربون عند إنتاج 1 طن من غاز الهيدروجين.
ويعد إنتاج غاز الهيدروجين عن طريق تقسيم جزيئات الماء بمساعدة الطاقة الشمسية نهجًا مستدامًا يمكن أن يمنح غاز الهيدروجين باستخدام مصادر متجددة دون أن يؤدي إلى انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، والميزة الرئيسية لهذه الطريقة هي إمكانية تحويل الطاقة الشمسية إلى وقود يمكن تخزينه.
يقول جيانو: «تنتج الخلايا الشمسية التقليدية الطاقة أثناء النهار، ويجب إما استخدام الطاقة على الفور أو تخزينها، على سبيل المثال، في البطاريات، والهيدروجين مصدر واعد للطاقة يمكن تخزينه ونقله بنفس طريقة الوقود التقليدي مثل البنزين والديزل».
ومع ذلك، فليس من السهل تقسيم الماء باستخدام الطاقة في ضوء الشمس لإنتاج غاز الهيدروجين، ولكي ينجح ذلك، من الضروري إيجاد مواد فعالة من حيث التكلفة لها الخصائص المناسبة للتفاعل الذي ينقسم فيه الماء (H2O) إلى هيدروجين (H2) وأكسجين (O2) من خلال التحليل الكهربائي الضوئي.
وغالبًا ما تكون الطاقة الموجودة في ضوء الشمس والتي يمكن استخدامها لتقسيم المياه على شكل أشعة فوق بنفسجية وضوء مرئي، لذلك هناك حاجة إلى مادة يمكنها امتصاص هذا الإشعاع بكفاءة لتكوين شحنات يمكن فصلها ولديها طاقة كافية لتقسيم جزيئات الماء إلى غازات الهيدروجين والأكسجين، ومعظم المواد التي تم فحصها حتى الآن إما أنها غير فعالة في الطريقة التي تستخدم بها طاقة ضوء الشمس المرئي، على سبيل المثال، يمتص ثاني أكسيد التيتانيوم (TiO2) ضوء الشمس فوق البنفسجي فقط، أو ليس لديه الخصائص اللازمة لتقسيم الماء إلى غاز الهيدروجين.
وقام الفريق البحثي بالتحقيق في كربيد السيليكون المكعب «3C - SiC»، وأنتج العلماء شكلاً من أشكال كربيد السيليكون المكعب يحتوي على العديد من المسام الصغيرة للغاية، وتحتوي المادة، التي يسمونها «3C - SiC» النانوية، على خصائص واعدة تشير إلى أنه يمكن استخدامها لإنتاج غاز الهيدروجين من الماء باستخدام ضوء الشمس.
وفي الدراسة أظهر الباحثون أن هذه المادة المسامية الجديدة يمكنها احتجاز وحصاد الأشعة فوق البنفسجية ومعظم ضوء الشمس المرئي بكفاءة، علاوة على ذلك، يعزز الهيكل المسامي فصل الشحنات التي تحتوي على الطاقة المطلوبة، بينما توفر المسام الصغيرة مساحة سطح نشطة أكبر، وهذا يعزز نقل الشحنة ويزيد من عدد مواقع التفاعل، وبالتالي زيادة كفاءة فصل الماء.
يقول صن: «النتيجة الرئيسية التي أظهرناها هي أن كربيد السيليكون المكعب النانوي يتمتع بكفاءة أعلى في فصل الشحنات، مما يجعل تقسيم الماء إلى الهيدروجين أفضل بكثير من استخدام كربيد السيليكون المستوي».
ويثني الدكتور محمد علام، الباحث بمعهد البحوث البيئية بجامعة عين شمس المصرية، على نتائج الدراسة كونها تحقق الهدف نحو إنتاج ما يعرف بـ«الهيدروجين الأخضر».
والهيدروجين الأخضر، هو واحد من بين أربع تقنيات ضرورية لتحقيق هدف «اتفاق باريس للمناخ»، المتمثل في تقليل ما يزيد على 10 مليارات طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويا في القطاعات الصناعية.
ويضيف علام لـ«الشرق الأوسط» أن «الهيدروجين الأخضر، يختلف عن الهيدروجين الرمادي، والذي ينتج بالطرق التقليدية، ويتسبب في إطلاق نحو 830 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون كل عام في الغلاف الجوي».


مقالات ذات صلة

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

علوم النموذج تم تطويره باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء ينتجون «نموذج جنين بشري» في المختبر

أنتجت مجموعة من العلماء هيكلاً يشبه إلى حد كبير الجنين البشري، وذلك في المختبر، دون استخدام حيوانات منوية أو بويضات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الهياكل الشبيهة بالأجنة البشرية تم إنشاؤها في المختبر باستخدام الخلايا الجذعية (أرشيف - رويترز)

علماء يطورون «نماذج أجنة بشرية» في المختبر

قال فريق من الباحثين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إنهم ابتكروا أول هياكل صناعية في العالم شبيهة بالأجنة البشرية باستخدام الخلايا الجذعية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني
TT

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

لأول مرة: الذكاء الاصطناعي يصمم توربين رياح لتوليد الطاقة بين المباني

صمم نظام ذكاء اصطناعي جديد توربين رياح لأول مرة في التاريخ، وفقاً لمطوره.

نظام ذكاء هندسي ثوري

وأعلنت شركة «EvoPhase» البريطانية أن الذكاء الاصطناعي الخاص بها تخلى عن جميع القواعد الراسخة في هندسة مثل هذه الأجهزة. وبناءً على اختباراتها، فإن اختراعها أكثر كفاءة بسبع مرات من التصميمات الحالية.

تتكون «شفرة برمنغهام» The Birmingham Blade -كما تسمي الشركة التوربين- من ست أذرع موازية للأرض متصلة بمحور عمودي مركزي. وتحتوي كل ذراع على شفرة رأسية، وسطح به موجتان تغيران زاوية هجومهما عبر ارتفاعها وطولها.

لعمل مع سرعات رياح منخفضة

يتم تحسين توربينات الرياح التقليدية لسرعات رياح تبلغ نحو 33 قدماً في الثانية. في المقابل، تم تصميم «الشفرة» لسرعات الرياح المتوسطة المنخفضة النموذجية للمناطق الحضرية مثل برمنغهام، والتي تبلغ نحو 12 قدماً في الثانية. هذا يزيد قليلاً عن ثمانية أميال (13كلم تقريباً) في الساعة.

وتم تحسين التصميم للعمل بين المباني الشاهقة التي تنتج أنماط اضطراب تؤثر على فاعلية تصميمات التوربينات الحضرية الأخرى. وإذا ثبت أن هذا صحيح، فقد يفتح التصميم الباب أمام إنتاج كهرباء غير محدود في المباني المكتبية والسكنية بتكلفة تكاد تكون معدومة.

يقول ليونارد نيكوسان، كبير مسؤولي التكنولوجيا في الشركة، في بيان صحافي: «كان استخدام الذكاء الاصطناعي ضرورياً للتحرر من التحيزات طويلة الأمد التي أثرت على تصميمات التوربينات خلال القرن الماضي. سمح لنا الذكاء الاصطناعي باستكشاف إمكانيات التصميم خارج نطاق التجارب البشرية التقليدية».

وفقاً لنيكوسان، تمكن المصممون من «توليد واختبار وتحسين أكثر من 2000 تصميم لتوربينات الرياح في غضون أسابيع قليلة، ما أدى إلى تسريع عملية التطوير لدينا بشكل كبير وتحقيق ما كان يستغرق سنوات وملايين الجنيهات من خلال الطرق التقليدية».

سحر «التصميم التطوري»

«التصميم التطوري الموجه بالذكاء الاصطناعي» هو منهجية تقوم على نفس فكرة الانتقاء الطبيعي. تبدأ العملية بتوليد آلاف المتغيرات التصميمية التي يتم تقييمها وفقاً لوظيفة «البقاء للأفضل»، والتي تحدد مدى نجاح كل متغير في تلبية أهداف المشروع. ويختار الذكاء الاصطناعي أفضل البدائل لاستخدامها أساساً لتكرارات جديدة، وإعادة الجمع بين الميزات وتنويعها لتطوير إصدارات محسنة.

تتكرر هذه الخطوات حتى يصل الذكاء الاصطناعي إلى حل يحقق تحسين جميع العلامات المهمة مثل الكفاءة الديناميكية الهوائية، والاستقرار الهيكلي، والوزن، أو الاكتناز.

تقول الشركة إن عمليتها تتجنب التحيزات البشرية الموجودة في الهندسة التقليدية. بطبيعتها، تكون الهندسة التقليدية محدودة بالأفكار والمعرفة السابقة.

من ناحية أخرى، يستكشف الذكاء الاصطناعي مجموعة واسعة من الاحتمالات دون القيود في العقل البشري. عندما تجمع بين جيل الذكاء الاصطناعي والتكرار التطوري، يمكن أن يؤدي هذا إلى نتائج مبتكرة تتحدى غالباً الفطرة السليمة ولكنها لا تزال تعمل.

إن نهج التصميم التطوري هذا ليس جديداً تماماً، إذ استخدمت صناعة الطيران والفضاء برامج بهذه القدرات لسنوات. ومثلاً استخدمت شركة «إيرباص»، بالتعاون مع شركة «أوتوديسك»، عملية مماثلة لتصميم حاجز مقصورة خفيف الوزن للغاية لطائراتها من طراز A320وظهرت النتيجة مستوحاة من هياكل العظام الطبيعية، ما أدى إلى انخفاض الوزن بنسبة 45 في المائة مقارنة بالهياكل المماثلة المصممة بالطرق التقليدية.

كما طبقت شركة «جنرال إلكتريك» الخوارزميات التطورية في إعادة تصميم حامل محرك نفاث جديد، مما أدى إلى انخفاض وزن القطعة بنسبة 80 في المائة. وتستخدم وكالة «ناسا» أيضاً هذه التقنية منذ سنوات، ففي عام 2006 استخدمت الوكالة خوارزمية تطورية لتصميم «هوائي متطور».

نجاح توربين «برمنغهام بليد»

لقد طبق فريق المصممين بقيادة الدكتور كيت ويندوز - يول من جامعة برمنغهام هذه العملية التطورية لحل مشكلة تكافح العديد من تصميمات التوربينات لمعالجتها: كيفية العمل بكفاءة في البيئات الحضرية، حيث تكون الرياح أبطأ وأكثر اضطراباً بسبب المباني.

ويقول نيكوسان: «كنا بحاجة إلى توربين يمكنه التقاط سرعات الرياح المنخفضة نسبياً في برمنغهام مع إدارة الاضطرابات الناجمة عن المباني المحيطة. وكان لا بد أن يكون التصميم أيضاً مضغوطاً وخفيف الوزن ليناسب التركيبات على الأسطح».

* مجلة «فاست كومباني» خدمات «تريبيون ميديا»