الحلو الرمضاني طعمه مرّ على جيوب اللبنانيين

«شغل البيت» يتقدم على ما يباع في المحلات

TT

الحلو الرمضاني طعمه مرّ على جيوب اللبنانيين

تعد أطباق الحلويات من أساسيات المائدة الرمضانية، ينتظرها الكبار والصغار معاً ويستمتعون بمذاقها مع ارتشاف كوب عصير أو شاي. وتشهد أصناف الحلويات على أنواعها تراجعاً في مبيعاتها في ظل أزمة اقتصادية يعيشها اللبنانيون من مختلف الطبقات. وبعدما كانت أطباق الكنافة وحلاوة الجبن والبقلاوة تتصدر موائد الإفطار أو السحور، ويقف الناس بصفوف طويلة كي يحصلوا عليها، قبل موعد الإفطار، تغيب هذه السنة ليحلّ مكانها أخرى من «شغل البيت». فلجوء نحو 50 في المائة من ربات المنازل إلى تحضير أطباق الحلويات في بيوتهن يشكّل «موضة» الموسم. وبدل أن تتكلف العائلات مبالغ طائلة من أجل الحصول على كيلوغرام واحد من البقلاوة وسعره اليوم 155 ألف ليرة، وكان في الماضي لا يتجاوز الـ35 ألف ليرة، ركنت ربات المنازل إلى تحضير ما يعوّض أفراد عائلتهم عنها كحلويات «الصفوف» والمهلبية والنمورة وأصابع زينب والمفتقة وغيرها. وتوضح أمينة ابنة الستين عاماً، وهي أم وجدة لخمسة أحفاد: «ما عدت أجد في تحضير الحلويات المنزلية أي مشقة. وكل ما علي القيام به هو فتح صفحة إلكترونية على (يوتيوب) أو (إنستغرام) وأطبقها عملياً كما هي». وتتابع في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لقد استعضنا عن شراء الكنافة والقطايف والمفروكة والعثملية الجاهزة، بتحضيرها في البيت، فصناعتها سهلة وبتكلفة أقل».
ويرى عادل سنجقدار، وهو مدير مبيعات في محلات الحلاب الطرابلسية المشهورة، أن نسبة تراجع بيع الحلويات وصلت إلى نحو 40 في المائة. ويضيف في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «هناك زبائن دائمون لمحلاتنا لا يزالون متمسكين بشراء أطباق الحلو في رمضان. ولكن الفرق الوحيد الذي نلمسه اليوم هو انخفاض في الكميات التي يبتاعونها. فهم صاروا يكتفون بشراء نسبة أقل، كي لا تغيب هذه العادة عن موائدهم الرمضانية. وبالتالي كي لا يشعر أولادهم بأن هناك من فوارق بين رمضان هذا العام ومواسمه السابقة». ويرى سنجقدار أن المشهدية العامة لأسواق الحلو هي من نوع المضحك المبكي ويعلق: «إذا ما حسبنا أسعار اليوم بالليرة اللبنانية، على تلك التي كانت رائجة في الأعوام السابقة، نتفاجأ في ارتفاعها. ولكن في الوقت نفسه إذا ما حسبناها على سعر صرف الدولار الحالي، لوجدناها أقل بكثير من التكلفة السابقة».
وبحسب عادل فإن كيلو الكنافة بالجبن أصبح سعره اليوم يبلغ نحو 95 ألف ليرة فيما كان في الماضي لا يتجاوز الـ30 ألف. وهو ما يمكن أن يؤلف مبلغ 10 دولارات مقابل 20 دولاراً في السابق. والأمر نفسه يصح على أنواع حلويات أخرى كالبقلاوة بالفستق الحلبي وزنود الست والمعمول مد وغيره، إذ زادت أسعارها بشكل لافت بالليرة اللبنانية. ويوضح عادل في سياق حديثه: «هناك نسبة لا يستهان بها من اللبنانيين اتجهت إلى التحضيرات المنزلية في هذا الموضوع. فالـ(هوم مايد) أصبح أكثر شيوعاً وتدأب غالبية النساء إلى التوفير من خلاله».
صفوف طويلة نلحظها أمام محلات «صفصوف» البيروتي الشعبي. فهنا لا تزال الحركة بركة والناس تتهافت على شراء الحلويات بشكل مقبول. ويقول الحاج كمال صاحب المحل: «لم نشأ الإسهام في تغيير عادات اللبنانيين في رمضان. ولذلك درسنا أسعارنا بشكل جيد كي تكون أطباق الحلويات في غالبيتها متوفرة للجميع. فالغلاء المعيشي تجاوز المستوى الطبيعي مع تدهور سعر الليرة أمام الدولار. ولكن كلاج رمضان والمعمول والقطايف والعثملية وغيرها لم تطرأ على أسعارها زيادات كبيرة. فهدفنا هو تحريك عجلة البيع في محلاتنا وليس تأمين الربح الوفير، في ظل فترة جمود هائلة عشناها أثناء حظر التجول والإقفال التام».
هدى وهي أم لثلاثة أطفال، تدأب على تحضير حلويات رمضان في المنزل منذ فترة طويلة. وتوضح في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «تراجع مداخيلنا ليست ابنة اللحظة، ولكن ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة دفعنا للتمسك أكثر بصناعة الحلويات المنزلية. ولذلك تريني أحضر المفتقة البيروتية اللذيذة والقطايف بالقشطة والكنافة بيدي. وهي على فكرة تضاهي بمذاقها تلك التي نبتاعها من المحلات، وأولادي يفضلونها على تلك الجاهزة».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
TT

أجواء احتفالية في مصر ابتهاجاً بعيد الفطر

زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)
زحام لافت في ساحات المساجد خلال تأدية صلاة العيد (وزارة الأوقاف المصرية)

سادت أجواء البهجة منذ الساعات الأولى من صباح أول أيام عيد الفطر في مصر، حيث احتشد المصلون من مختلف الأعمار في ساحات المساجد، وسط تكبيرات العيد التي ترددت أصداؤها في المحافظات المختلفة.
وشهدت ساحات المساجد زحاماً لافتاً، مما أدى إلى تكدس المرور في كثير من الميادين، والمناطق المحيطة بالمساجد الكبرى بالقاهرة مثل مسجد الإمام الحسين، ومسجد عمرو بن العاص، ومسجد السيدة نفيسة، ومسجد السيدة زينب، وكذلك شهدت ميادين عدد من المحافظات الأخرى زحاماً لافتاً مع صباح يوم العيد مثل ساحة مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية.
وتبدأ مع صلاة العيد أولى مباهج الاحتفالات عبر «إسعاد الأطفال»، وفق ما تقول ياسمين مدحت (32 عاماً) من سكان محافظة الجيزة (غرب القاهرة). مضيفةً أن «صلاة العيد في حد ذاتها تعد احتفالاً يشارك الأهالي في صناعة بهجته، وفي كل عام تزداد مساحة مشاركة المصلين بشكل تطوعي في توزيع البالونات على الأطفال، وكذلك توزيع أكياس صغيرة تضم قطع حلوى أو عيدية رمزية تعادل خمسة جنيهات، وهي تفاصيل كانت منتشرة في صلاة العيد هذا العام بشكل لافت»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

بالونات ومشاهد احتفالية في صباح عيد الفطر (وزارة الأوقاف المصرية) 
ويتحدث أحمد عبد المحسن (36 عاماً) من محافظة القاهرة، عن تمرير الميكروفون في صلاة العيد بين المُصلين والأطفال لترديد تكبيرات العيد، في طقس يصفه بـ«المبهج»، ويقول في حديثه مع «الشرق الأوسط» إن «الزحام والأعداد الغفيرة من المصلين امتدت إلى الشوارع الجانبية حول مسجد أبو بكر الصديق بمنطقة (مصر الجديدة)، ورغم أن الزحام الشديد أعاق البعض عند مغادرة الساحة بعد الصلاة بشكل كبير، فإن أجواء العيد لها بهجتها الخاصة التي افتقدناها في السنوات الأخيرة لا سيما في سنوات (كورونا)».
ولم تغب المزارات المعتادة عن قائمة اهتمام المصريين خلال العيد، إذ استقطبت الحدائق العامة، ولعل أبرزها حديقة الحيوان بالجيزة (الأكبر في البلاد)، التي وصل عدد الزائرين بها خلال الساعات الأولى من صباح أول أيام العيد إلى ما يتجاوز 20 ألف زائر، حسبما أفاد، محمد رجائي رئيس الإدارة المركزية لحدائق الحيوان، في تصريحات صحافية.
ويبلغ سعر تذكرة حديقة الحيوان خمسة جنيهات، وهو مبلغ رمزي يجعل منها نزهة ميسورة لعدد كبير من العائلات في مصر. ومن المنتظر أن ترتفع قيمة التذكرة مع الانتهاء من عملية التطوير التي ستشهدها الحديقة خلال الفترة المقبلة، التي يعود تأسيسها إلى عام 1891، وتعد من بين أكبر حدائق الحيوان في منطقة الشرق الأوسط من حيث المساحة، حيث تقع على نحو 80 فداناً.