«مثلث إيران العقاري» في سوريا... استغلال للتهجير ومحاربة «داعش»

شراء مكثف في دمشق ـ حمص ـ دير الزور... ومخاوف من توسع

سوق عشوائي وسط الدمار في دوما شرق غوطة دمشق (رويترز)
سوق عشوائي وسط الدمار في دوما شرق غوطة دمشق (رويترز)
TT

«مثلث إيران العقاري» في سوريا... استغلال للتهجير ومحاربة «داعش»

سوق عشوائي وسط الدمار في دوما شرق غوطة دمشق (رويترز)
سوق عشوائي وسط الدمار في دوما شرق غوطة دمشق (رويترز)

أفادت مصادر من داخل الغوطة الشرقية بريف العاصمة دمشق، بأن حملة شراء العقارات من قبل مجموعات موالية لإيران، تصاعدت مؤخراً، بينما تلفت مصادر متابعة النظر إلى مثلث دمشق - حمص - دير الزور، النشط في مجال الاستحواذ العقاري لإيراني، محذرةً من العواقب على البنى الاجتماعية السكانية والاقتصادية للبلاد.
أمس، قال «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، إن تجاراً يتحدرون من مدينة الميادين في دير الزور، ويرتبطون بشكل مباشر بميليشيا «لواء العباس» العراقية الموالية للقوات الإيرانية، يواصلون شراء العقارات من الأهالي في عموم مناطق الغوطة الشرقية، عبر شخص سمته «أبو ياسر البكاري»، الذي سبق له أن اشترى كثيراً من العقارات في مناطق متفرقة من الغوطة الشرقية بأوامر من «ع.ا» قائد ميليشيا موالية لإيران، بحسب المرصد.
وقال إن عملية الشراء تركزت خلال الفترة الأخيرة في مناطق القطاع الجنوبي من الغوطة الشرقية، وتحديداً في «زبدين - دير العصافير - حتيتة التركمان - المليحة»، حيث تم شراء مساحات كبيرة من الأراضي الزراعية والمنازل والمطاعم والمتنزهات التي تضررت بفعل العمليات العسكرية في السنوات الأخيرة، كما تم شراء نحو 100 منزل في مدينة المليحة، بعض من تلك المنازل مدمر بشكل شبه كامل.
وتحدث «المرصد» عن مفاوضات تجري بين التجار الوسطاء، وأصحاب المكاتب العقارية، لشراء أبنية تعود ملكيتها لأشخاص غالبتهم خارج البلاد، سُوّيت ممتلكاتهم بالأرض بفعل الضربات الجوية خلال العمليات العسكرية للنظام في المنطقة. وتابع أن الوسطاء التجار بدأوا خلال الفترة الماضية بالبحث عن أبنية مدمرة لشرائها من أصحابها.
«الشرق الأوسط» توجهت للخبير في الشؤون العسكرية والأمنية الإيرانية، في «مركز عمران للدراسات الاستراتيجية»، نوار شعبان، تستطلع رأيه حول توجه أذرع إيران لتملك أراض وعقارات في سوريا. وهو يرى أن الشراء ليس جديداً، لكنه كان يتم في مناطق معتمة إعلامياً، وليس في مناطق مزدحمة، بغية عدم لفت الانتباه؛ فقد اشترت سابقاً في دمشق في مناطق المزة ومشروع دمر وقدسيا. إلا أنه كان شراءً عشوائياً لهدف تجاري أو غيره. أما الآن، يقول شعبان، فالشراء يتم لأسباب استراتيجية حمايةً لطرقها وإمداداتها وأمنها داخل المناطق السورية. كما اشترت، أو وضعت اليد، على مزارع في دير الزور مستغلة إخلاء المناطق من سكانها بسبب الحرب على تنظيم «داعش».
نفس الأمر في مناطق سكنية كاملة في النيرب قرب مطار حلب، وفي داريا ومخيم اليرموك، في دمشق لأغراض أمنية. كما وضعت يدها على بعض البيوت في الأحياء القديمة بحمص التي نزح أهلها، ولم يعودوا إليها. وفي دمشق سطت على مناطق تم إخلاؤها من السكان بحسب الاتفاقات السياسية (اتفاقيات المصالحة) مع مقاتلين محليين نزحوا مع عائلاتهم.
إذن موجة شراء العقارات ووضع اليد، بدأ في دمشق، ثم ريف حمص الجنوبي والشمالي والمناطق الحدودية مع لبنان، مثل بلدة القصير. وانتقلت إلى دير الزور شرق سوريا قرب الحدود العراقية، وعادت الآن إلى دمشق. يتحدث نوار شعبان عما يمكن وصفه بـ«مثلث شراء عقارات دير الزور - حمص - دمشق»، ومع أن حلب شهدت شراء عقارات لا بأس به، لكن كثافة الحراك العقاري تكون ضمن هذا المثلث.
ويلفت الخبير في الشأن الإيراني، نوار شعبان، أنه في عامي 2020 - 2021 انتقل شراء إيران للعقارات أو وضع اليد عليها، من المرحلة العشوائية إلى مرحلة الأغراض الأمنية الاستراتيجية. وفي العودة إلى دمشق، تركز الشراء، مؤخراً، في الغوطة، كون المنطقة قريبة من المطار، وتؤمن نقاط تمركز الميليشيات الإيرانية، كما تؤمن الأحياء التي باتت مقراً لقواتها، بما فيها مكاتب التجنيد ومكاتب الحجاج الإيرانيين.
ويلفت شعبان إلى أن إيران تستخدم الذراع المحلية بكثافة الآن، وتبتعد عن تورط أذرع أمنية عسكرية عُرِف عنها ارتباطها بميليشياتها، كي يصعب اكتشاف حملة الشراء. «إيران تشتغل على تحقيق المشروع العقاري بأقل الخسائر، ولا يهمها أن يعرف العالم أنها تشتري عقارات في سوريا. وتطبق الأمر من خلال أذرع محلية لا تمت لها بصلة مذهبية أو أمنية، غير مرتبطة بالميليشيات».
بدأت إيران أو ميليشياتها، شبكة علاقات مع رجال أعمال من السنة والمسيحيين من مختلف المناطق. ففي ريف حماه الشمالي، وتحديداً في بعض بلدات سهل الغاب، استخدمت شخصيات مسيحية واجهة لشراء عقارات هناك. وفي دير الزور، استخدمت علاقتها مع بعض العشائر العربية لتحقيق هذا الغرض، واستخدمت علاقتها مع تجار في حمص، للاستحواذ على عقارات في منطقة حسيا الصناعية.
يحذر شعبان من أن التهديد الإيراني للعقارات السورية، لن يقف عند حدود الغوطة ودير الزور وحمص، فهو سيمتد إلى مناطق أخرى، وما تفعله مشروع خطير سيؤثر على بنية المجتمع السوري؛ إذ سيؤدي إلى تغير ديموغرافي، وإلى التدخل في سوق العقارات نفسه، وإلى تعزيز دور إيران خارج المنظومة الأمنية العسكرية الحالية، للانتقال إلى مرحلة مخيفة أكثر، وهي السيطرة التجارية الاقتصادية الاجتماعية، ما يعني أن استئصال إيران أو ميليشياتها من سوريا سيكون صعباً جداً في المستقبل، إن لم يتم التحرك لعمل شيء الآن.


مقالات ذات صلة

تركيا ستفتح كل المعابر الحدودية مع سوريا بعد تنفيذ اتفاق «10 مارس»

شؤون إقليمية الشرع مصافحاً عبدي عقب توقيع اتفاق دمج «قسد» في الجيش السوري 10 مارس الماضي (إ.ب.أ)

تركيا ستفتح كل المعابر الحدودية مع سوريا بعد تنفيذ اتفاق «10 مارس»

جددت تركيا تمسكها بحل قوات سوريا الديمقراطية (قسد) التي تشكل «وحدات حماية الشعب» الكردية عمادها الأساسي، وتنفيذ اتفاق «10 مارس» بشأن اندماجها في الجيش السوري.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال استقباله الأربعاء جرحى قوات الأمن في «يوم النصر» على تنظيم «داعش» (رئاسة الحكومة العراقية)

العراق يحتفل بذكرى «النصر على داعش» مع بدء العد التنازلي لتشكيل الحكومة

حسمت «المفوضية العليا للانتخابات» أمر الطعون في الانتخابات التشريعية العراقية، لكن اعتماد النتائج النهائية تنتظر مصادقة المحكمة الاتحادية العليا عليها.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي كافتيريا في القامشلي يقول السكان المحليون إنها كانت مركزاً أمنياً سابقاً أثناء حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد (رويترز)

الخارجية السورية تنتقد منع «قسد» احتفالات التحرير في مناطق سيطرتها

وجّه مسؤول الشؤون الأميركية بالخارجية السورية، قتيبة إدلبي، انتقاداً لـ«قوات سوريا الديمقراطية»، التي منعت السوريين من الاحتفال بالذكرى الأولى لسقوط نظام الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي آلية تزيل ما بقي من مركبة عسكرية إسرائيلية أُحرقت في بلدة بيت جن السورية في 28 نوفمبر 2025 (أ.ف.ب)

مسؤولون يرفضون التعليق على الغارة الأميركية التي قتلت عميلاً سرياً سورياً

رفض ممثلو وزارتي الدفاع والداخلية السوريتين، ومبعوث الولايات المتحدة إلى سوريا التعليق على ما تردد من أنباء حول مقتل خالد المسعود الذي كان يعمل ضد «داعش».

أفريقيا الكابتن إبراهيم تراوري خلال ترؤسه اجتماع الحكومة أمس الخميس (وكالة أنباء بوركينا فاسو)

بوركينا فاسو تعيد عقوبة الإعدام لمواجهة توسع الإرهاب

قررت السلطات العسكرية في بوركينا فاسو، الخميس، إعادة العمل بعقوبة الإعدام التي أُلغيت عام 2018، خصوصاً فيما يتعلق بتهمة الإرهاب.

الشيخ محمد (نواكشوط)

العليمي يشيد بدور السعودية لإنهاء التوتر شرق اليمن


رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
TT

العليمي يشيد بدور السعودية لإنهاء التوتر شرق اليمن


رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، أمس، بالدور السعودي لإنهاء التوتر في شرق اليمن، داعياً القوى السياسية والقبلية والاجتماعية في محافظتي حضرموت والمهرة (شرق) إلى توحيد الصف خلف جهود الدولة، لاحتواء تداعيات التصعيد في المحافظتين.

وحذر العليمي من انعكاسات هذه التوترات على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وشدد العليمي، خلال اتصالَين هاتفيين مع محافظَي حضرموت سالم الخنبشي، والمهرة محمد علي ياسر، على ضرورة انسحاب جميع القوات الوافدة من خارج المحافظتين، وتمكين السلطات المحلية من أداء دورها الأمني والخدمي وفقاً للدستور والقانون.

كما جدد التأكيد على إجراء تحقيق شامل في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بما وصفها بـ«الإجراءات الأحادية» للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مع التشديد على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.


«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
TT

«حماس» ترفض اتهامات «العفو الدولية» بارتكاب جرائم ضد الإنسانية

عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)
عناصر من «حماس» برفقة أعضاء من اللجنة الدولية للصليب الأحمر يتوجهون إلى حي الزيتون في مدينة غزة للبحث عن رفات الرهائن المتوفين (أ.ب)

رفضت حركة «حماس»، الخميس، التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي اتهمتها فيه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية، واعتبرت أن ما ورد فيه ما هو إلا «أكاذيب»، وأن الدوافع خلفه «مغرضة ومشبوهة»، فيما قالت إسرائيل إن التقرير لا يعكس الحجم الواسع لهذه الجرائم.

خلص تقرير جديد لمنظمة العفو الدولية إلى أن «حماس» ارتكبت جرائم ضد الإنسانية خلال هجومها على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وبحق الرهائن الذين احتجزتهم في قطاع غزة.

وقالت المنظمة التي تتخذ من لندن مقراً إن تقريرها الذي نُشر الأربعاء حلّل أنماط الهجوم والاتصالات بين المقاتلين أثناء الهجوم، وبيانات أصدرتها حركة «حماس»، وتصريحات من قادة جماعات مسلحة أخرى.

ووفقاً لـ«رويترز»، أجرت منظمة العفو الدولية مقابلات مع 70 شخصاً، منهم ناجون وعائلات قتلى وخبراء طب شرعي وعاملون احترافيون في القطاع الطبي، وزارت بعض مواقع الهجوم، وراجعت أكثر من 350 مقطع فيديو وصورة فوتوغرافية لمشاهد الهجوم وللرهائن أثناء أَسرهم. وخلص تحقيق المنظمة إلى أن الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية شملت القتل والإبادة والسجن والتعذيب والاغتصاب، إضافة إلى أشكال أخرى من الاعتداء الجنسي والأفعال اللاإنسانية.

وقالت المنظمة في بيان: «ارتُكبت هذه الجرائم في إطار هجوم واسع النطاق وممنهج على سكان مدنيين. خلص التقرير إلى أن المقاتلين تلقوا تعليمات بتنفيذ هجمات تستهدف مدنيين».

ووفقاً لإحصاءات إسرائيلية، ولمنظمة العفو الدولية، قُتل نحو 1200 معظمهم من المدنيين، في هجوم «حماس»، وجرى احتجاز 251 رهينة، من بينهم أطفال. وجرى الإفراج عنهم جميعاً باستثناء واحد منذ ذلك الحين، معظمهم في إطار وقف إطلاق النار، وبعضهم في عمليات عسكرية إسرائيلية.

وخلص تقرير أصدرته منظمة العفو الدولية في ديسمبر (كانون الأول) 2024 إلى أن إسرائيل ارتكبت إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة. ورفضت إسرائيل اتهامات الإبادة الجماعية، وقالت إن حربها ضد «حماس» وليس ضد الفلسطينيين.

رفض «حماس»

وقالت «حماس» في بيان: «ترديد التقرير أكاذيب ومزاعم حكومة الاحتلال حول الاغتصاب والعنف الجنسي وسوء معاملة الأسرى، يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن هدف هذا التقرير هو التحريض وتشويه المقاومة عبر الكذب وتبني رواية الاحتلال الفاشي، وهي اتهامات نفتها العديد من التحقيقات والتقارير الدولية ذات العلاقة».

وذكرت «حماس»: «نرفض ونستهجن بشدة التقرير الصادر عن منظمة العفو الدولية، والذي يزعم ارتكاب المقاومة الفلسطينية جرائم». وأضافت: «نطالب منظمة العفو الدولية بضرورة التراجع عن هذا التقرير المغلوط وغير المهني».

ولم يعلق المسؤولون الإسرائيليون بعدُ على تقرير المنظمة.

«لا يعكس حجم الفظائع»

من جهتها، قالت إسرائيل إن التقرير لا يعكس الحجم الواسع لهذه الجرائم.
وكتب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين على منصة «إكس»: «احتاجت منظمة العفو الدولية إلى أكثر من عامين للحديث عن جرائم حماس الشنيعة، وحتى الآن لا يعكس تقريرها إلى حد بعيد حجم الفظائع المروعة لحماس»، متهماً المنظمة الحقوقية بأنها «منظمة منحازة».


العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
TT

العليمي يدعو لاحتواء التصعيد في شرق اليمن ويشيد بدور السعودية

جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)
جنود موالون للمجلس الانتقالي الجنوبي في اليمن يتفقدون شاحنة خارج مجمع القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن، رشاد العليمي، الخميس، القوى السياسية والقبلية والاجتماعية في محافظتي حضرموت والمهرة (شرق) إلى توحيد الصف خلف جهود الدولة والسلطات المحلية، بهدف احتواء تداعيات التصعيد الأمني والعسكري في المحافظتين.

وفي حين أشاد العليمي بالدور السعودي لإنهاء التوتر، حذر من انعكاسات هذه التوترات على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية، التي بدأت مؤشراتها بالظهور، مع إعلان صندوق النقد الدولي تعليق أنشطته الحيوية في اليمن نتيجة تفاقم البيئة الأمنية.

ونقل مصدر في مكتب رئاسة الجمهورية أن العليمي شدّد، خلال اتصالَين هاتفيَين مع محافظَي حضرموت سالم الخنبشي، والمهرة محمد علي ياسر، على ضرورة انسحاب جميع القوات الوافدة من خارج المحافظتين، وتمكين السلطات المحلية من أداء دورها الأمني والخدمي وفقاً للدستور والقانون.

كما أعاد التأكيد على توجيهاته السابقة بإجراء تحقيق شامل في جميع انتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بما وصفها بـ«الإجراءات الأحادية» للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك الاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، والاعتداء على الممتلكات العامة والخاصة، مع التشديد على مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وحذّر العليمي من خطورة أي تصعيد إضافي قد يؤدي إلى إراقة مزيد من الدماء ويعمّق الأزمة الاقتصادية والإنسانية، مشدداً على أن الأولوية الوطنية يجب أن تبقى منصبّة على مواجهة الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، باعتبارها التهديد الأكبر للأمن والاستقرار.

وأشاد بجهود السعودية في خفض التوتر ودعم الاستقرار في محافظتَي حضرموت والمهرة، مؤكداً دعم الدولة الكامل لهذه الجهود، وحرصها على تعزيز دور السلطات المحلية في حماية السلم الاجتماعي ورعاية مصالح المواطنين.

إعادة الأمور إلى نصابها

حسب المصدر الرئاسي، شدد العليمي على ضرورة إعادة الأوضاع في المحافظتين إلى ما كانت عليه قبل التصعيد، واحترام مرجعيات المرحلة الانتقالية، وتمكين الحكومة والسلطات المحلية من أداء واجباتها الدستورية.

وحذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن الأوضاع المعيشية الصعبة التي يمر بها المواطنون «لا تحتمل فتح مزيد من الجبهات الداخلية»، داعياً جميع الأطراف إلى تغليب المصلحة العامة وعدم التفريط بالمكاسب الوطنية المحققة خلال السنوات الماضية، بما يضمن تركيز الجهود على المعركة الرئيسية ضد الحوثيين والتنظيمات الإرهابية المتخادمة معهم.

وتأتي دعوة العليمي في سياق أوسع من الرفض للإجراءات الأحادية في الشرق. فقد أصدر مجلس النواب بياناً عبّر فيه عن رفضه القاطع لأي تحركات عسكرية خارج إطار التوافق الوطني والمرجعيات السياسية، معتبراً التطورات الأخيرة «مخالفة صريحة للشرعية الدستورية وصلاحيات مجلس القيادة الرئاسي».

وفد سعودي زار حضرموت في شرق اليمن للتهدئة وتثبيت الاستقرار (سبأ)

وكان اللواء محمد القحطاني، الذي ترأس وفداً سعودياً زار حضرموت، قد شدد على أن الرياض ترفض «أي محاولات لفرض أمر واقع بالقوة» في المحافظتين، وتؤيد عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل التصعيد.

وأكد القحطاني أن السعودية، بصفتها قائدة لتحالف دعم الشرعية، تعمل على حلّ الأزمة عبر حزمة من الإجراءات تم الاتفاق عليها مع مختلف الأطراف، بما يشمل المجلس الانتقالي الجنوبي.

وأوضح أن هذه الإجراءات تهدف إلى تعزيز الأمن والاستقرار، ومنع انزلاق شرق اليمن إلى صراعات جديدة. ووفق الإعلام الرسمي اليمني، فقد شملت مباحثات الوفد ترتيبات عاجلة للتهدئة ووقف التحشيدات، بالتوازي مع دعم السلطات المحلية وتمكينها من أداء مهامها.