عودة للكتابة باليد.. الأقلام الرقمية الذكية تحول النصوص المكتوبة إلى صيغة رقمية

أثبتت التجارب أن الكتابة بواسطة القلم والورقة تؤدي إلى تركيز أعلى للمستخدم

عودة للكتابة باليد.. الأقلام الرقمية الذكية تحول النصوص المكتوبة إلى صيغة رقمية
TT

عودة للكتابة باليد.. الأقلام الرقمية الذكية تحول النصوص المكتوبة إلى صيغة رقمية

عودة للكتابة باليد.. الأقلام الرقمية الذكية تحول النصوص المكتوبة إلى صيغة رقمية

يشتكي محبو الكتابة من انخفاض أعداد الكتاب بيدهم لصالح الكتابة باستخدام لوحات المفاتيح والشاشات الرقمية، إلا أن التقنيات الحديثة قد تساعدهم عل الحفاظ على دمج أفضل ما في العالمين. وهناك تقنيات مدمجة في أقلام ذكية تستطيع التعرف على ملاحظات الطلاب والموظفين وتحويلها إلى صيغة رقمية يمكن تعديلها وتحريرها وإرسالها إلى الآخرين، أو ورفعها على الإنترنت وتخزينها سحابيا بكل سهولة، مع القدرة على البحث داخلها عن كلمات محددة، وأرشفتها بين آلاف الوثائق واسترجاعها بسرعة كبيرة.
وعلى الرغم من أن الرئيس التنفيذي السابق لـ«آبل» قال إنه لا أحد يرغب في استخدام القلم للتفاعل مع جهازه، فإن هذا الأمر ليس واقعيا (هناك تقارير جديدة تقول بأن «آبل» تعزم إطلاق جهاز «آي باد» جديد ذي شاشة أكبر من السابق يستخدم قلما رقميا)، خصوصا مع انتشار الأجهزة التي تدعمه، مثل هاتف «إل جي جي 3 استايلس» (LG G3 Stylus) الجديد «أندرويد»، وسلسلة هواتف «سامسونغ غالاكسي نوت» (Samsung Galaxy Note) «آندرويد»، وجهاز «مايكروسوفت سيرفيس برو 3» (Microsoft Surface Pro 3) «ويندوز» واللوحي. وأثبتت التجارب أن الكتابة بواسطة القلم والورقة تتسبب في تركيز أعلى للمستخدم بسبب عدم ورود تنبيهات عديدة من الشبكات الاجتماعية أو رسائل البريد الإلكتروني، وغيرها.
ولم تعد الأقلام الرقمية مجرد بديل عن إصبع المستخدم، بل أصبحت ذات وظيفة مزدوجة هي القلم العادي والقلم الذكي الذي يستطيع تقديم وظائف عديدة إضافية لا يمكن الحصول عليها إلا باستخدامه. وتستطيع بعض الأقلام الذكية الحديثة نقل البيانات إلى الهاتف أو الجهاز اللوحي أو الكومبيوتر الشخصي الخاص بالمستخدم لاسلكيا باستخدام تقنيات «بلوتوث» أو الموجات فوق الصوتية. ومن الأمثلة على ذلك قلم «إيكول 2» (Equil 2) الذي يمكن استخدامه للكتابة على أي نوع من الورق، لكنه يحتاج لاستخدام جهاز صغير يوضع أعلى الورقة وظيفته هي تصوير حركة قلم المستخدم والتعرف عليها وحفظها داخليا، ونقله إلى كل صفحة جديدة. ويستخدم النظام كاميرا تعمل بتقنية الأشعة تحت الحمراء، ويتصل القلم بالجهاز باستخدام تقنية «بلوتوث» اللاسلكية.
أما قلم «لايف سكرايب 3» (Livescribe 3) فيتطلب استخدام ورق منقط خاص من إنتاج الشركة يعرض الملاحظات على الشاشة فورا، ويدعم الأجهزة التي تعمل بنظامي التشغيل «آي أو إس» و«أندرويد». ويمكن مشاركة الملاحظات المكتوبة أو أجزاء منها مع الآخرين بكل سهولة باستخدام البريد الإلكتروني أو تطبيقي «إيفرنوت» أو «وان نوت»، أو تحويلها إلى جداول مواعيد، وغيرها، أو تحويلها إلى أحرف نصية يمكن تعديلها بواسطة لوحة المفاتيح كما لو كانت مطبوعة على الجهاز نفسه، وليس بخط يد المستخدم، الأمر الذي يسهل البحث عن كلمات محددة. ويسمح التطبيق كذلك بتسجيل الملاحظات الصوتية وجعل الكلمات المكتوبة تظهر على الشاشة بالتناغم مع الكلمة التي ينطق بها المستخدم بالوقت الصحيح. ويقدم القلم دقة عالية جدا في التعرف على الأحرف المكتوبة وتحويلها إلى نصوص رقمية.
وبالنسبة لجهاز «إتش بي برو سليت» (HP Pro Slate) اللوحي الذي يعمل بنظام التشغيل «أندرويد»، فيبلغ قطر شاشته 12 بوصة، ويعمل داخل حافظة يمكن الكتابة على الورق الموجود في داخلها في جهة ليعرض الجهاز اللوحي النص الرقمي فورا في الجهة الثانية، مع عمل القلم كقلم حبر عادي ورقمي في الوقت نفسه. ويستخدم الجهاز تقنيات الموجات فوق الصوتية التي تتحدث مع السماعات المدمجة في الجهاز اللوحي. ويعاني القلم قليلا من تأخر نقل البيانات مع ضرورة تشغيل الجهاز اللوحي والتطبيق المتخصص أثناء الكتابة وعدم القدرة على تسجيل الملاحظات فوق صفحات الإنترنت أو الوثائق المختلفة.
ويتوقع أن تتطور تقنيات هذه الأقلام لتصبح أصغر حجما وأخف وزنا وذات عمر بطارية أطول، وتعرفها بدقة أعلى على خط يد المستخدم. وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من التطبيقات الخاصة بالأقلام الذكية تستطيع التعرف على خط المستخدم باللغة العربية وتحويله إلى نص رقمي عربي، وينصح بالتأكد من هذه الميزة قبل شراء أي جهاز.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».