العراقيون يستقبلون الشهر الفضيل بغصّة وجيوب فارغة

TT

العراقيون يستقبلون الشهر الفضيل بغصّة وجيوب فارغة

بين البطالة وانخفاض قيمة العملة وارتفاع الأسعار، يستقبل نحو 40 مليون عراقي شهر رمضان بقلق، في حين جيوبهم فارغة وظروفهم المعيشية صعبة جداً بعد تراجع قدرتهم على شراء حاجاتهم الأساسية واستمرار تفشي وباء «كوفيد - 19» وتداعياته الاقتصادية والصحية.
تقول أم حسين، المسؤولة وحدها عن تربية خمسة أبناء، منذ أن فقدت زوجها «إذا أردنا أن نصوم، علينا أن نأكل بما يكفي، بينما سعر كيلوغرام الطماطم ارتفع من 500 إلى ألف دينار».
وتجهد المرأة البالغة من العمر 58 عاماً، التي لا تملك مصدر دخل ثابت، كل شهر، من أجل جمع 70 ألف دينار (نحو 48 دولاراً) لسداد إيجار منزلها المتهاوي. وتعتمد لتأمين الغذاء على بطاقة تموينية، حالها حال 16 مليون عراقي يعانون من فقر مدقع.
وبموجب هذه البطاقة التي بدأت السلطات توزيعها منذ فترة الحصار الدولي على العراق في التسعينات، يحقّ لكل عائلة تكسب شهرياً أقل من 1.5 مليون دينار (نحو ألف دولار)، بالحصول على حصة غذائية شهرية.
وتتضمن الحصة ثلاثة كيلوغرامات من الأرز، وكيلوغرامين من السكر، وقارورة زيت، وتسعة كيلوغرامات من الطحين، مقابل ألف دينار فقط (أقل من دولار).
ويقول أبا سيف، البالغ من العمر 36 عاماً، الذي ورث متجر توزيع حصص تموينية عن والده، لوكالة الصحافة الفرنسية «لم نتسلّم سوى حصص شهر واحد، وهو فبراير (شباط) ، منذ بداية العام».
ويضيف «لم نتسلّم أي حصة لشهر رمضان! وهناك كثر يسألون ويتصلون هاتفياً عن الحصة التموينية لشهر رمضان».
ووعد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي مؤخراً بتوزيع حصة تموينية إضافية خاصة بشهر رمضان، لكن حتى الآن لم يحصل ذلك، ولم تتمكن وكالة الصحافة الفرنسية، على الرغم من المحاولات المتكررة، من الحصول على تعليق من وزارة التجارة المعنية بتوزيع الحصص، حول المسألة.
في الأثناء، تضاعفت ديون المشترين من متجر أبو عمار الذي بات يخشى توقف عمله في حال عدم تمكنه من شراء سلع لبيعها. ويقول للوكالة «عائلات كثيرة تتبضع بالدين. ووصلت ديون بعض منها إلى أكثر من مائتي ألف دينار»، أي نحو 137 دولاراً.
يعود ذلك بشكل رئيسي إلى ارتفاع الأسعار في عموم البلاد. فقد خفضت الدولة قيمة الدينار أواخر عام 2020، إثر انخفاض أسعار النفط الذي يشكل المورد الرئيس لميزانية البلاد. وفقد الدينار 25 في المائة من قيمته أمام الدولار.
كما ارتفعت أسعار معظم السلع الاستهلاكية بشكل كبير، فبات سعر قارورة زيت الطعام 2250 ديناراً بعدما كان 1500 دينار (من نحو 1.2 دولار إلى نحو 1.6 دولارات).
فضلاً عن ارتفاع الأسعار، تلاشت المداخيل وفرص العمل بسبب إجراءات الحظر الصحي المفروضة للحد من انتشار وباء «كوفيد - 19»، ويعتمد عدد كبير من سكان العراق الذي يعاني منذ عقود من نزاعات وحروب، على أعمال بأجر يومي.
وانعكس القلق من الأوضاع المعيشية على مواقع التواصل الاجتماعي حيث تداول المستخدمون منشوراً يقول «راتب هذا الشهر يلعب ضمن مجموعة صعبة، (كورونا) - رمضان - العيد، من المستحيل أن يصل للنهائي».
بالنسبة لحيدر، وهو موظف حكومي يبلغ من العمر 32 عاماً ويتقاضى 900 ألف دينار (نحو 620 دولاراً) شهرياً، يشكّل شهر رمضان مصدراً للهموم، بسبب «متطلبات البيت وملابس الأطفال» للاحتفال بعيد الفطر الذي يعقب رمضان.
ويضيف حيدر، وهو أب لثلاثة أطفال يقطن منزلاً بالإيجار عند أطراف العاصمة «الراتب في الظروف العادية لا يغطي ما تحتاج إليه العائلة، وأحياناً كثيرة أضطر إلى الاقتراض لأكمل الشهر، ولأدفع فواتير مولّد وإيجار البيت ومصاريف الأطفال».
وبسبب الانقطاع المتكرر للكهرباء، تعتمد العائلات العراقية على مولدات خاصة للتعويض عن النقص، لكنّها تكلّف 25 ألف دينار (نحو 17 دولاراً) لقاء الأمبير الواحد، في حين كان سعر المولد سابقاً 18 ألف دينار (نحو 14 دولاراً).
بالنتيجة، أصبح معظم السكان، مثل أبو أحمد، الموظف الحكومي البالغ 33 عاماً، مرغمين على التخلّي عن العادات الرمضانية التي نشأوا عليها.
ويقول أبو أحمد، وهو ربّ أسرة من أربعة أفراد «بسبب (كورونا) لن أدعو أحداً للإفطار في رمضان، الأوضاع الصحية صعبة جداً»، متابعاً «حتى اقتصادياً، لن أقدر على توفير متطلبات الدعوة بسبب غلاء الأسعار».


مقالات ذات صلة

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

يوميات الشرق وحدها الثقة بمَن يعمل معهم تُخفّف الحِمْل (صور المخرج)

سامر البرقاوي لـ«الشرق الأوسط»: هاجسي فكريّ قبل أن يكون إنتاجياً

ينظر المخرج السوري سامر البرقاوي إلى ما قدَّم برضا، ولا يفسح المجال لغصّة من نوع «ماذا لو أنجرتُ بغير هذا الشكل في الماضي؟»... يطرح أسئلة المستقبل.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تعبُ مصطفى المصطفى تجاه أن يكون الدور حقيقياً تسبَّب في نجاحه (صور الفنان)

مصطفى المصطفى: ننجح حين نؤدّي الدور لا وجهات نظرنا

اكتسبت الشخصية خصوصية حين وضعها النصّ في معترك صراع الديوك. بمهارة، حضن الديك ومنحه الدفء. صوَّره مخلوقاً له وجوده، ومنحه حيّزاً خاصاً ضمن المشهد.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

كاميرا السوري أحمد الحرك تألّقت في «تاج» وتحلم برونالدو

بين الوجوه ما يُنجِح الصورة من المحاولة الأولى، وبينها غير المهيّأ للتصوير. يتدخّل أحمد الحرك لالتقاط الإحساس الصحيح والملامح المطلوبة.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنان المصري دياب حمل السلاح من أجل «مليحة» (الشرق الأوسط)

دياب: لن أجامل أحداً في اختيار أدواري

أكد الفنان المصري دياب أنه وافق على مسلسل «مليحة» ليكون بطولته الأولى في الدراما التلفزيونية من دون قراءة السيناريو، وذكر أنه تعلّم حمل السلاح من أجل الدور.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق استلهمت الكثير من نجمي العمل بسام كوسا وتيم حسن (إنستغرام)

فايا يونان لـ«الشرق الأوسط»: الشهرة بمثابة عوارض جانبية لا تؤثر عليّ

تابعت فايا يونان دورها على الشاشة الصغيرة في مسلسل «تاج» طيلة شهر رمضان. فكانت تنتظر موعد عرضه كغيرها من مشاهديه.

فيفيان حداد (بيروت)

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
TT

محمد رمضان يُسعد جمهوره... ونهاية حزينة لمسلسلي منى زكي وياسمين عبد العزيز

من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)
من كواليس مسلسل «جعفر العمدة» (أرشيفية)

تباينت نهايات الحلقات الأخيرة من مسلسلات شهر رمضان، التي تزامن عرْض بعضها مساء (الجمعة) مع أول أيام عيد الفطر في كثير من دول العالم، بين النهايات السعيدة والصادمة وأخرى دامية.
كما اتّسم أغلبها بالواقعية، والسعي لتحقيق العدالة في النهاية، ولاقى بعضها صدى واسعاً بين الجمهور، لا سيما في مسلسلات «جعفر العمدة»، و«تحت الوصاية»، و«عملة نادرة»، و«ضرب نار»، و«رسالة الإمام»، و«ستهم».
وشهدت الحلقة الأخيرة من مسلسل «جعفر العمدة» نهاية سعيدة، وفق محبّيه، انتهت بمواجهة ثأرية بين المَعلّم جعفر (محمد رمضان) وزوجته دلال (إيمان العاصي)، حيث طلب من نعيم (عصام السقا) إبلاغ الشرطة لإلقاء القبض عليها، بعدما تمكّن الأول من تسجيل فيديو لزوجته وشقيقيها وهي تقتل بلال شامة (مجدي بدر) واعترافاتها بكل ما قامت به.
وبعد ذلك توجّه جعفر مع ابنه سيف (أحمد داش) إلى بيته في السيدة زينب، حيث اقتصَّ من شقيقَي زوجته دلال، ثم أعلن توبته من الربا داخل المسجد ليبدأ صفحة جديدة من حياته، ولم تتبقَّ سوى زوجته ثريا (مي كساب) على ذمته.
وأشاد الجمهور بأداء الفنانة إيمان العاصي وإتقانها دور الشر، وتصدرت ترند «تويتر» عقب انتهاء الحلقة، ووجهت الشكر للمخرج محمد سامي والفنان محمد رمضان، وكتبت عبر «فيسبوك»: «مهما قلتُ وشكرت المخرج الاستثنائي بالنسبة لي، ونجم الشعب العربي الكبير الذي يحب زملاءه ويهمّه أن يكونوا في أحسن حالاتهم لن يكفي بوست واحد لذلك».
مشهد من مسلسل «ضرب نار» (أرشيفية)

وفي مسلسل «ضرب نار» شهدت الحلقة الأخيرة نهاية دامية بمقتل مُهرة (ياسمين عبد العزيز) أثناء احتفالها وجابر (أحمد العوضي) بزواجهما مرة أخرى، حيث أطلق نجل تاجر مخدرات رصاصة لقتل الأخير، لكن زوجته ضحّت بنفسها من أجله، وتلقت الرصاصة بدلاً منه، قبل القبض على جابر لتجارته في السلاح، ومن ثم تحويل أوراقه للمفتي.
من جهته، قال الناقد الفني المصري خالد محمود، إن نهاية «(جعفر العمدة) عملت على إرضاء الأطراف جميعاً، كما استوعب محمد رمضان الدرس من أعماله الماضية، حيث لم يتورط في القصاص بنفسه، بل ترك القانون يأخذ مجراه، وفكّ حصار الزوجات الأربع لتبقى واحدة فقط على ذمته بعد الجدل الذي فجّره في هذا الشأن».
وأضاف محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «نهاية مسلسل (ضرب نار) جاءت بمثابة صدمة للجمهور بمقتل مُهرة، لكن المسلسل حقق العدالة لأبطاله جميعاً؛ مُهرة لكتابة ابنها من جابر باسم زوجها الثاني وتضحيتها بحبها، وجابر لقتله كثيراً من الناس، كما اقتص من زيدان (ماجد المصري)».
بوستردعائي لمسلسل «تحت الوصاية» (أرشيفية)

بينما انحاز صناع مسلسل «تحت الوصاية» لنهاية واقعية، وإن بدت حزينة في الحلقة الأخيرة من المسلسل، حيث قام بحارة بإشعال النار في المركب بإيعاز من صالح (محمد دياب)، وفشلت محاولات حنان (منى زكي) والعاملين معها في إخماد الحريق، ثم تم الحكم عليها بالسجن سنة مع الشغل والنفاذ في قضية المركب.
وشهد مسلسل «عملة نادرة» ذهاب نادرة (نيللي كريم) إلى حماها عبد الجبار (جمال سليمان) في بيته للتوسل إليه أن يرفع الحصار عن أهل النجع فيوافق، وبينما يصطحبها إلى مكان بعيد حيث وعدها بدفنها بجوار شقيقها مصوّباً السلاح نحوها، سبقته بإطلاق النار عليه ليموت في الحال آخذة بثأر أخيها.
وانتقدت الناقدة الفنية المصرية صفاء الليثي نهاية مسلسل «عملة نادرة» بعد قيام البطلة (نادرة) بقتل عبد الجبار، ثم تقوم بزراعة الأرض مع ابنها وكأن شيئاً لم يحدث، وسط غياب تام للسلطة طوال أحداث المسلسل، «وكأن هذا النجع لا يخضع للشرطة، ومن الصعب أن أصدّق أن هذا موجود في مصر في الوقت الحالي».
مشهد من مسلسل «ستهم» (أرشيفية)

بينما حملت نهاية مسلسل «ستهم» من بطولة روجينا عديداً من المفاجآت، حيث قام الرئيس بتكريمها ضمن عدد من السيدات اللاتي تحدَّين الظروف ومارسن أعمالاً شاقة وسط الرجال، حيث أشرق وجهها فرحة بعد سنوات من المعاناة.
واختار المخرج السوري الليث حجو، نهاية ثوثيقية للمسلسل الديني «رسالة الإمام» عبر تتر الحلقة الأخيرة، الذي تتّبع كيف انتهت رحلة شخصيات المسلسل الذي تناول سنوات الإمام الشافعي في مصر، موثقاً هذه الحقبة المهمة في تاريخ مدينة الفسطاط، ومن بينها تنفيذ السيدة نفيسة وصيةَ الشافعي وقيامها بالصلاة عليه بعد وفاته، لتبقى في مصر حتى وفاتها عام 208 هجرية.