عرب وعجم

عرب وعجم
TT

عرب وعجم

عرب وعجم

> عادل بن عبد الرحمن العسومي، رئيس البرلمان العربي، وقّع أول من أمس، مذكرة تفاهم مع أحمد بن محمد الجروان، رئيس المجلس العالمي للتسامح والسلام، وذلك على هامش الجلسة الخامسة للبرلمان العربي، التي عقدت بمقر جامعة الدول العربية. يأتي البروتوكول في إطار التعاون المشترك في نشر وتعزيز ثقافة التسامح والسلام لدورها الكبير في محاربة الفكر المتطرف. ويهدف بروتوكول التعاون إلى تنظيم مؤتمرات إقليمية ودولية من أجل تعزيز ثقافة التسامح والسلام.
> حمد سعيد الشامسي، سفير دولة الإمارات في القاهرة، زار أول من أمس، المدينة المفقودة بالأقصر، التي أعلنت البعثة المصرية عن اكتشافها تحت الرمال، والتي تسمى «صعود آتون»، ويعود تاريخها إلى ما يزيد عن 3000 عام، وأبدى سفير الإمارات عن سعادته في المشاركة في مراسم اكتشاف هذا الكشف العظيم، مؤكداً أن مصر هي بلده الثاني، وأنه يفتخر بها، مضيفاً: «نعتز بعروبتنا في هذا البلد العربي الشقيق، الذي به ثلث آثار العالم والذي يروي تاريخ البشرية والحضارات القديمة».
> عمرو الجويلي، سفير مصر في بلغراد، استقبل أول من أمس، ممثلين عن الفوج البرلماني الطبي الإعلامي الصربي، الذي سيقوم بزيارة سياحية إلى مصر خلال الأسبوع الحالي بمبادرة من عضو الجمعية الوطنية لصربيا، دراجان ماركوفيتش بالما، في إطار التوأمة بين مدينتي مرسى علم بالبحر الأحمر وياجودينا بصربيا، ويتكون الفوج من نحو 127 شخصاً، يتضمن أعضاء برلمان ومجالس محلية، وعدداً كبيراً من مديري المراكز الطبية والمستشفيات والأطباء المتخصصين، إضافة إلى مراسلين لوسائل الإعلام المرئية والمسموعة والاجتماعية.
> محمدي أحمد النية، تم انتخابه من جانب الدول الأعضاء بمجلس الوحدة الاقتصادية العربية، أول من أمس، أميناً عاماً للمجلس لمدة 5 سنوات. وأكد السفير الموريتاني بمصر والمندوب لدى الجامعة العربية، ودادي ولد سيدي هيبة، أن فوز بلاده بهذا المنصب العربي الرفيع يندرج في إطار الرؤية الاستراتيجية لرئيس الجمهورية الموريتانية محمد ولد الشيخ الغزواني وتعليماته السامية الرامية إلى الدفع بأكبر عدد من الأطر الموريتانية إلى المناصب القيادية في المنظمات العربية والإقليمية والدولية.
> بيرنارد لينش، السفير الأسترالي في عمّان، التقى أول من أمس، نايف بخيت، رئيس سلطة منطقة العقبة الاقتصادية الخاصة، لبحث الاستثمار في مجال توليد الطاقة البديلة وتحلية مياه البحر باستخدام تقنيات متطورة، واستعرض المسؤول الأردني أهم الفرص الاستثمارية الموجودة في مدينة العقبة، خاصة في القطاع السياحي ومشروعات الطاقة والموانئ والتخزين واللوجستيات، مؤكداً استعداد السلطة للتعاون مع الجانب الأسترالي في توفير البنية التحتية في حال رغبتهم بالاستثمار، خاصة توليد الطاقة وتحلية مياه البحر.
> خالد الحنيفات، وزير الزراعة الأردني، زار أول من أمس، بورصة الزهور، والتقى مزارعي أزهار القطف، واستمع إلى شرح عن أهم التحديات، مؤكداً دعمه لهذا القطاع المهم الذي يشكل قيمة مضافة، خاصة أنه يضم عمالة محلية بكامله، وقال الوزير إن الوزارة تعكف من خلال رؤيتها ومحاور العمل وحزم التحفيز على تعميم ودعم هذه الزراعة والقطاع الذي يلامس الأسرة الأردنية، ويشهد مشاركة كبيرة من قبل المرأة الأردنية، والشراكة في توفير فرص العمل لأفراد الأسرة الريفية بشكل مباشر وغير ومباشر.
> جمعة عبد الله العبادي، سفير المملكة الأردنية الهاشمية لدى الإمارات، أكد أول من أمس، أن مشاركة دولة الإمارات في احتفالات المملكة بمئويتها يعكس عمق العلاقات الأخوية التي تربط البلدين والشعبين الشقيقين، وقال بمناسبة مئوية المملكة: «تغمر قلوبنا السعادة للمستوى المتميز الذي بلغته العلاقات الأخوية بين المملكة الأردنية الهاشمية ودولة الإمارات وما يربطهما من أواصر عميقة وتفاهم وتعاون مشترك على المستويات كافة». مؤكداً أن العلاقات الإماراتية الأردنية شكلت عبر عقود ضمانة قوية للأمن القومي العربي.
> طارق عادل، سفير مصر في لندن، التقى أول من أمس، عبر الفيديو كونفرانس، برئيسة البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية، أوديل رينو - باسو، بمناسبة زيارتها المُرتقَبة للقاهرة؛ حيث تناولا أوجه التعاون الممتدة بين مصر والبنك، وسُبل تعزيز مشروعات البنك في المجالات محل الأولوية خلال الفترة المقبلة، بما يتسق مع استراتيجية الدولة المصرية لتحقيق التنمية المستدامة؛ حيث تعتبر مصر واحدة من أكبر دول العمليات للبنك، وصرَّح السفير بأن اللقاء يأتي في إطار الحرص على دعم الحوار مع مسؤولي البنك.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)