باسكال مشعلاني: لا توجد «مطربة أولى» في لبنان مع وجود فيروز

قالت لـ«الشرق الأوسط» إنها تحلم بتقديم عمل استعراضي كبير

باسكال مشعلاني
باسكال مشعلاني
TT

باسكال مشعلاني: لا توجد «مطربة أولى» في لبنان مع وجود فيروز

باسكال مشعلاني
باسكال مشعلاني

أطلقت الفنانة اللبنانية باسكال مشعلاني، أخيراً، أغنيتها الجديدة «جنان بجنان»، لتكون باكورة أغنياتها لعام 2021، واحتفالاً بمرور 30 عاماً على وجودها في الساحة الغنائية العربية. وقالت باسكال، في حوارها مع «الشرق الأوسط»، إن لديها أحلاماً تسعى لتحقيقها خلال الفترة المقبلة، أبرزها تقديم عمل استعراضي غنائي كبير وألبوم طربي من الدرجة الأولى، مؤكدة أنها لا تهتم بالصراع على لقب «مطربة لبنان الأولى»، وترى أنه من العيب إطلاق البعض على أنفسهن هذا اللقب مع وجود فيروز وماجدة الرومي، وكشفت أنه عندما يكون صوتها وشكلها الخارجي لا يخدمانها سوف تعلن اعتزالها... وإلى نص الحوار:

> ما الذي حمّسكِ في أغنية «جنان بجنان» لكي تكون باكورة أغنياتكِ لعام 2021؟
أحببت أن تكون باكورة أغنياتي للعام الجديد، أغنية تحمل طاقة إيجابية وفرحاً وأملاً للحياة، ولذلك حينما عرضها عليّ الشاعر المصري رمضان محمد، أعجبت بها للغاية، وقمت على الفور بتسجيلها في استوديو زوجي الملحن ملحم أبو شديد، فنحن نعيش في أزمات وصراعات مريرة منذ العام الماضي بسبب جائحة كورونا، ثم أحداث انفجار مرفأ بيروت التي أدخلت الحزن على كل بيت عربي، ولا بد أن أتقدم بالشكر لكل من شارك في صنع الأغنية، بداية من الشاعر المصري، والملحن أحمد مصطفى والموزع شريف قاسم، ومهندس الصوت جوزيف كرم.
> ولماذا قمتِ بتقديمها في فيديو كليب كارتوني؟
عقدت جلسات عمل مطولة مع مدير المشروع جوني، الذي طلب مني أن أتركه لمدة يومين لكي يضع خطة جديدة لتنفيذ الفيديو كليب، وبعد 48 ساعة عاد لي من جديد وعرض تقديم الأغنية بشكل كارتوني، وتحمّست لفكرته جداً بشرط الاطلاع أولاً على الرسومات التي سيتم استخدامها في الكليب، ولكن جوني قام بتنفيذ الرسومات بشكل جيد من حيث الأزياء ومستحضرات التجميل، وأجمل ما في الأغنية المصورة أنها لم تخطف أنظار جمهوري وعشاقي من الشباب والكبار، بل خطفت أيضاً أنظار الأطفال بسبب الرسوم الكارتونية.
> ما هي تفاصيل ألبومكِ الغنائي الجديد الذي أعلنتِ عن طرحه منذ فترة طويلة؟
ألبومي جاهز لطرحه في الأسواق والمنصات الإلكترونية منذ ما يقرب من عام ونصف العام، ولكن مثلما قلت إن الأحوال في لبنان بشكل خاص، والعالم العربي بشكل عام غير مستقرة، ولو استقرت الأمور خلال الأسابيع المقبلة، سيتم إطلاقه بعد أسبوعين من عيد الفطر المبارك، ولو لم يتحقق ذلك، سأطرح أغنية جديدة منه، وتأجيل طرحه كاملاً إلى منتصف فصل الصيف، وللعلم هو ميني ألبوم وليس ألبوماً كاملاً، وأتعاون فيه مع نخبة من شعراء وملحني مصر ولبنان، أبرزهم منير بوعساف، ومحمد رفاعي، ورمضان محمد، وأقدم فيه الأغنية السريعة اللبنانية والكلاسيك المصري، وكما أعيد تقديم أغنية للفنانة الراحلة صباح ستكون مفاجأة لجمهور «الشحرورة».
> البعض يرى أن الأغنية المصرية كانت وراء نجاحكِ عربياً... ما تعليقكِ؟
نجحت في مصر بأغنياتي اللبنانية وليس المصرية فقط، فالجميع ما زال يتذكر لي في القاهرة حتى الآن أغنيات «نشفتلي دمي» و«نور الشمس» و«لما بشوفك» و«شو عملتلك أنا»، وأيضا لا أنكر أن الأغنيات المصرية كان لها صدى كبير ومهم في مسيرتي مثل «خيالة» و«قلبي» و«أكبر كدبة في حياتي»، وأنا أحاول دائماً إرضاء ذوق جمهوري في بلدان الوطن العربي كافة، فلا يوجد ألبوم غنائي لي متنوع لا يضم أغنية مصرية، فآخر ألبوماتي «حبك مش حكي» تضمن أغنيتين مصريتين.
> مع اقتراب ذكرى رحيل الشاعر المصري عبد الرحمن الأبنودي الذي كتب لكِ كلمات أولى ألبوماتكِ الغنائية «سهر سهر»... ما الموقف الذي ما زلتِ تذكرينه عن الألبوم؟
ألبوم «سهر سهر» أحد أهم أعمالي الغنائية، وأتذكر الصعوبات التي خرج فيها الألبوم للنور، إذ إنني ظللت 3 أشهر كاملة في القاهرة رفقة عبد الرحمن الأبنودي والموسيقار جمال سلامة، ووقتها كانت الحرب على أشدها في بيروت، وكان الشاعر الراحل يحمّسني كثيراً ويعطيني دفعة معنوية للغناء، وظللت أمرّن صوتي على الأغنيات في استوديو جمال سلامة، وطُرح الألبوم في مصر فقط وبعدها طُرح في تونس وحقق نجاحاً كبيراً، ولم يُطرح في لبنان إلا بعد عامين من موعد طرحه الحقيقي.
> وما الفرق بين الفترة التي ظهرتِ فيها في تسعينيات القرن الماضي والفترة الجارية؟
كل عصر له جماليات ورونق خاص، أنا ظهرت على الساحة الفنية مع نهاية عام 1992، وواجهت صعوبات عدة مثل باقي اللبنانيين بسبب الحرب الأهلية، ولكن أجمل ما في تلك الفترة هو أن الفنان كان يتعب ويجتهد لكي يحفظ الجمهور اسمه، فنحن لم تكن لدينا وسيلة للانتشار سوى عدد من القنوات الفضائية العربية، وربما تكون هي السبب الحقيقي وراء استمرارنا كنجوم، فالذين حققوا نجاحات في تلك الفقرة، كمن حفروا أسماءهم على الصخر، أي لا يُمحى أبداً من ذاكرة الجمهور، على عكس ما يتم حالياً، فالنجاح أصبح سهلاً للغاية في ظل المنصات الاجتماعية والرقمية، ولكن الاستمرارية في النجاح أمر معقد للغاية.
> كثيرون يرون أن ألبوم «نور الشمس» هو الأفضل بمسيرتكِ... ما رأيكِ؟
«نور الشمس» واحد من أهم ألبوماتي الغنائية، لأنه تضمن مجموعة رائعة من الأغنيات؛ منها «نشفتلي دمي» و«طير الغرام» و«الله يا جميل» و«بتمون»، ولكن هناك ألبومات حققت النجاح ذاته، وربما أكثر منه مثل ألبوم «خيالة» الذي سبق «نور الشمس»، وأيضا ألبوم «بحبك أنا بحبك»، ولا يوجد لدي ألبوم من وجهة نظري خرج بشكل غير جيد.
> وما الحلم الذي تسعى إليه مشعلاني بعد 3 عقود من وجودها على الساحة الغنائية؟
أول تلك الأحلام تقديم عمل مسرحي استعراضي كبير مثل الذي كان يقدمه الفنان الراحل وديع الصافي والراحلة صباح، يصاحبه أداء تمثيلي، وهناك حلم آخر يتمثل في تقديم ألبوم غنائي طربي كامل، وثالث الأحلام أن يكون هناك نص فيلم سينمائي جيد يجمع بين الرومانسية والكوميديا، لكي أجسد فيه شخصيتي الحقيقية المرحة التي ربما لا يعرفها الناس عني.
> تفضلين الابتعاد عن صراع لقب «المطربة الأولى» بلبنان... لماذا؟
بوجود الأيقونة فيروز أطال الله في عمرها، لا توجد مطربة أولى لا في لبنان ولا الوطن العربي، من العيب أن يقول فنان على نفسه إنه الأول في ظل وجود فيروز، وأيضاً في وجود الفنانة العظيمة ماجدة الرومي، بالنسبة لي لا أدخل مطلقاً في تلك الصراعات ولا أشغل نفسي بها، لأنني مؤمنة بأن كل فنان له مكانته وشخصيته وصوته الذي يميزه عن غيره، ونحن في النهاية زهرات في بستان زهور على المستمع أن يختار منه.
> ولماذا تأخرتِ في دخول عالم التمثيل حتى الآن؟
الظروف وقفت دائماً حائلاً أمام هذا الحلم، ففي إحدى المرات كان هناك عمل وشك على الظهور للنور، ولكن تغير المنتج والمخرج تسبب في وفاة العمل، أنا لا يوجد لدي اعتراض على التمثيل، ربما لا أجد نفسي مطلقاً في الأعمال الدرامية التراجيدية، رغم تقديمها في أغنياتي المصورة، ولكني لا أرى نفسي على الشاشة إلا في دور رومانسي كوميدي لأن هذه هي شخصيتي الحقيقية.
> متى تفكرين في الاعتزال؟
عندما يكون صوتي وشكلي الخارجي لا يخدمانني، وقتها سأعلن اعتزالي، الفنان المتمكن من أدواته يعي جيداً الفترة التي يظهر فيها والتي يغيب فيها عن الأنظار، وربما أتخذ هذا القرار في حالة عدم وجود أغنيات جيدة قادرة على إبراز صوتي بشكل مناسب، حتى الآن أنا قادرة على الاستمرار والوجود.



لماذا لم تشدُ «كوكب الشرق» بقصائد أحمد شوقي في حياته؟  

أم كلثوم غنّت العديد من القصائد (وزارة الثقافة المصرية)
أم كلثوم غنّت العديد من القصائد (وزارة الثقافة المصرية)
TT

لماذا لم تشدُ «كوكب الشرق» بقصائد أحمد شوقي في حياته؟  

أم كلثوم غنّت العديد من القصائد (وزارة الثقافة المصرية)
أم كلثوم غنّت العديد من القصائد (وزارة الثقافة المصرية)

مع الاحتفاء المصري بـ«كوكب الشرق» أم كلثوم في الذكرى الخمسين لرحيلها، وتخصيص وزارة الثقافة «2025 عام أم كلثوم» عبر برامج فنية وثقافية وحفلات متنوعة تستعيد سيرة وأعمال ومشوار «سيدة الغناء العربي»، تناولت لجنة الشعر بالمجلس الأعلى للثقافة في مصر كتاب «أم كلثوم... الشعر والغناء» للناقد الأكاديمي الدكتور أحمد يوسف، الحاصل على جائزة الدولة التقديرية، ويتضمن دراسة علمية توثق جانباً من اختيارات أم كلثوم لقصائد بعينها في الغناء.

ومن ضمن ما يقدّمه الكتاب القصائد التي اختارتها أم كلثوم للغناء، وقصائد أمير الشعراء أحمد شوقي التي لم تغنها في حياته، رغم معاصرتها له، بل وكتابته قصيدة في جمال صوتها مطلعها «سلوا كؤوس الطِلا».

الكتاب الذي أصدره «مركز أبوظبي الثقافي» يتناول حياة أم كلثوم واختياراتها للقصائد التي تغنيها، ويقول مؤلف الكتاب إنه «تناول أم كلثوم بوصفها مفكرة في النص الذي تقدمه أو تختاره للغناء»، ووصفها بأنها «رائدة من رائدات التنوير في المجتمع المصري ضمن السياق الاجتماعي الذي عاشت فيه»، مشيراً إلى أنها «لم تغنِّ لأحمد شوقي سوى بعد وفاته، وغنَّت له تسع قصائد، وكانت أول قصيدة غنتها لشوقي في تنصيب الملك فاروق ملكاً لمصر عام 1936، وأما القصيدة التي أهداها شوقي إياها فلم تغنِّها سوى عام 1946».

وعن أسباب عدم غنائها قصائد شوقي في حياته، يوضح الناقد الأكاديمي المصري الدكتور أحمد يوسف لـ«الشرق الأوسط» أن «هناك أكثر من سبب قد يفسر هذا الأمر، أولها أن أم كلثوم جاءت إلى القاهرة عام 1925، وأحمد شوقي توفي عام 1932، فلم تكن أم كلثوم قد حققت ما يجعلها تشدو بقصائد شوقي في بداياتها».

وأضاف: «خلال تلك الآونة في البدايات كانت تغني مع الشيخ أبو العلا محمد قصائد من التراث العربي لشعراء مثل بكر بن النطاح، ثم الشريف الرضي، ومهيار الدلهمي، وأبو فراس الحمداني، وغيرهم».

جانب من الندوة حول القصائد التي غنتها أم كلثوم (وزارة الثقافة المصرية)

ويشير يوسف إلى أن «في هذه الفترة كان أحمد شوقي يتبنى محمد عبد الوهاب، فرأت أم كلثوم أن المنافسة على كسب اهتمام شوقي لن تكون في صالحها فلم تتقرب إلى شوقي، لكن الأخير هو الذي دعاها للغناء في كرمته (كرمة بن هانئ - منزل أحمد شوقي) قبل عامين تقريباً من رحيله. وهناك أخذت قلوب الحاضرين، وعلى رأسهم شوقي الذي كتب في تلك الليلة (سلوا كؤوس الطلا هل لامست فاها). ولم تلتق شوقي بعدها».

وقدمت أم كلثوم أولى أغانيها من قصائد شوقي في تنصيب الملك فاروق عام 1936 بعد 4 أعوام من رحيل الشاعر الكبير، ثم بدأت غناء القصائد الأخرى لأحمد شوقي بداية من عام 1946، وفق يوسف الذي أضاف أن «أم كلثوم صنعت نهضة جديدة حينما بعثت شعر شوقي بعد موته»، مؤكداً أنها كانت تقرأ كتابين أساسيين هما ديوان أحمد شوقي (الشوقيات) وكتاب «الأيام» لطه حسين.

وغنت أم كلثوم من قصائد أحمد شوقي «ولد الهدى» و«نهج البردة» و«سلوا قلبي» و«الملك بين يديك» التي غنتها في عيد تنصيب الملك فاروق، و«السودان» و«سلوا كؤوس الطلا» التي كان لها قصة طريفة حكتها أم كلثوم في برنامج إذاعي، وقالت إنها هددت بتمزيق الظرف الذي كان يعطيها إياه شوقي وفيه القصيدة ظناً منها أن فيه أموالاً مقابل غنائها في منزله.

الناقد الفني المصري طارق الشناوي يشير إلى أسباب أخرى ربما حالت دون غناء أم كلثوم قصائد شوقي في حياته، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «أم كلثوم لم تغنِ لشوقي في حياته ليس عن سبق إصرار، ولكن ربما لم تسمح الظروف بهذا الأمر، خصوصاً أنه كتب قصيدة من وحي صوتها، تماماً كما غنت لإبراهيم ناجي بعد رحيله واحدة من أروع القصائد العربية المغناة، وكان ناجي يتمنى أن تغني له في حياته، ولم يحدث ذلك ربما أيضاً لأن الظروف لم تسمح بذلك».

ولدت أم كلثوم عام 1908 في محافظة الدقهلية، وبدأت مشوارها الفني بغناء التواشيح والقصائد العربية التراثية، وقدمت العديد من القصائد المغناة طوال تاريخها الذي قدمت خلاله عشرات الأغاني الباقية في وجدان عشاقها. وتتوالى الاحتفالات والفعاليات الثقافية في مصر لاستعادة ذكرى رحيلها الـ50، إذ رحلت في 3 فبراير (شباط) عام 1975.