كشف الفريق أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس، أن هيئة القناة ستطلب أكثر من مليار دولار في شكل تعويضات من الشركة المشغلة للسفينة «إيفر غيفن» بسبب الخسائر الناجمة عن توقف الملاحة بالقناة نتيجة جنوح السفينة وتعطل حركة الملاحة لمدة 6 أيام.
وأشار ربيع في تصريحات تلفزيونية مساء الأربعاء، إلى أنه سيتم منح حوافز بتخفيضات تتراوح ما بين 5 إلى 15 في المائة للسفن المتضررة بسبب السفينة الجانحة وفقاً لانتظار كل منها، مؤكدا أن نحو 800 شخص ساهموا في إنجاز تعويم السفينة الجانحة. وقال إن السفينة الجانحة بقناة السويس لن تخرج من مصر إلا بعد دفع التعويضات، موضحاً أن تحقيقا بدأ للوقوف على ملابسات ما حدث، ومضيفا أنه ليس هناك إطار زمني محدد للتحقيق. وأشار أيضا إلى أن المحققين استجوبوا طاقم السفينة.
وقال الربان سيد شعيشع مستشار رئيس هيئة قناة السويس، وهو الذي يقود التحقيق وصعد على متن إيفر غيفن، لـ«رويترز» إن التحقيق سيشمل فحص الصلاحية البحرية للسفينة وتصرفات ربانها للمساعدة في تحديد أسباب الحادث.
وقال مصدر في الهيئة إن غواصين نزلوا في المياه للتحقق من سلامة جسم السفينة الراسية في منطقة البحيرات المرة. وأضاف شعيشع أن ربان السفينة ملتزم بالتعاون الكامل في التحقيق.
وكان تعطل الحركة في القناة ستة أيام قد أحدث اضطرابا في سلاسل الإمداد العالمية بعد أن انحشرت السفينة التي يبلغ طولها 400 متر بالعرض في القطاع الجنوبي من القناة التي تعد أقصر طريق بحري بين أوروبا وآسيا.
وقالت شركة ليث للتوكيلات الملاحية (عصر الأربعاء) إن ما إجماليه 163 سفينة عبرت القناة منذ إعادة فتحها، وإن عدد السفن التي تنتظر دورها في العبور يبلغ حاليا 292 سفينة.
وقالت شركة كبلر لتتبع السفن في مذكرة إن خمس سفن تنقل الغاز الطبيعي المسال عبرت من الممر الملاحي الثلاثاء، وأضافت أن الازدحام في القناة يبدو أنه «يتناقص بسرعة حاليا». ووضعت هيئة قناة السويس جدولا بوتيرة سريعة لتفويج قوافل الشحن، وقالت إنها تأمل أن يتم عبور جميع السفن بحلول نهاية الأسبوع.
ومن المتوقع أن يؤدي الحادث إلى موجة من المطالبات التأمينية التي تتوقع سوق لويدز للتأمين في لندن أن تسفر عن «خسارة كبيرة» ربما تصل إلى 100 مليون دولار أو أكثر وفقا لما قاله رئيسها.
وقال بروس كارنيغي - براون، رئيس مجلس إدارة لويدز لندن، لـ«رويترز» إن من السابق جدا لأوانه تقدير الخسارة بالضبط، لكن «من الواضح أنها ستكون خسارة كبيرة ليس فقط للسفينة، بل لجميع السفن الأخرى التي علقت ولم تستطع العبور».
وتقول مصادر في القطاع إن عبء طلبات التعويضات التأمينية للسفن والشحنات التي تضررت يقع مبدئيا على الشركة المؤمنة على إيفر غيفن، وهي «يو كيه بي آند آي كلوب»، لكن الأخيرة ستستعين أيضا بإعادة التأمين وجزء منه في سوق لويدز. وقال كارنيغي - براون إن لويدز قد تتحمل ما بين خمسة وعشرة في المائة من إجمالي طلبات تعويض إعادة التأمين.
وقالت فيتش للتصنيف الائتماني إن شركات إعادة التأمين العالمية ستواجه على الأرجح طلبات بمئات ملايين اليورو بسبب الواقعة. بينما أوضحت الشركة اليابانية المالكة للسفينة أنها لم تتلق أي مطالبات أو دعاوى ناجمة عن الحادث.
ومن جهة أخرى، قال جيمس فيكرز، رئيس «ويليس ري إنترناشونال» لإعادة التأمين، لـ«رويترز»، إن تعطل الملاحة في قناة السويس سيؤدي على الأرجح إلى مطالبات بالحصول على تعويضات ضخمة من شركات إعادة التأمين، مما سيزيد الضغوط التصاعدية على أسعار إعادة التأمين البحري.
وقال فيكرز أيضا إن خسائر قطاع إعادة التأمين «لن تكون مبلغا هينا من المال»، وأضاف أن تعطل الملاحة في القناة كان الأحدث في عدد متزايد من الكوارث من صنع الإنسان التي تسفر عن خسائر لإعادة التأمين، إضافة إلى قائمة من الكوارث الطبيعية حدثت خلال العام الماضي.
وتساعد شركات إعادة التأمين شركات التأمين على تغطية المطالبات في الوقائع الجسيمة مثل الأعاصير في مقابل جزء من قسط التأمين. وعادة ما ترفع شركات إعادة التأمين الأسعار بعد تكبدها خسائر كبيرة.
وقال فيكرز إنه حتى قبل واقعة قناة السويس، لم تكن السوق البحرية «بحاجة لكثير من التشجيع لمواصلة التحرك في اتجاه تصاعدي». وتفرض جائحة (كوفيد - 19) أيضا ضغوطا صعودية على أسعار إعادة التأمين على نطاق واسع.
من جهتها اعتبرت وكالة التصنيف الائتماني «دي بي آر إس مورنينغستار» أن «الخسائر الإجمالية المغطاة بالتأمين ستبقى ضمن الإطار المعقول (لشركات التأمين) نظرا للفترة القصيرة نسبيا لجنوح السفينة في القناة، ومحدودية بعض التغطيات والامتيازات».
وتذكّر وكالة التصنيف خصوصا أن غالبية عقود التأمين تحدد مبلغا أقصى للتغطية عموما بين 100 و140 مليون دولار للهيكل والمحرك لسفن من طراز السفينة «إيفر غيفن» على سبيل المثال... علما بأنه يجب أولا معرفة ما إذا تعرّضت السفينة لأضرار مادية، وهي عملية سهلة نسبيا.
تضاف إلى ذلك تكلفة عمليات الإنقاذ والتي تقدّر بأقل من عشرة مليارات دولار، بحسب برتران فوريسون، مدير أنشطة السفن لدى وسيط التأمين الفرنسي «سياسي سانت أونوريه»، وهو رقم ضئيل جدا مقارنة بتكلفة عمليات إنقاذ سفينة الرحلات السياحية «كوستا كونكورديا» التي جنحت قبالة سواحل توسكانا في العام 2012 والتي بلغت 500 مليون يورو.
ويتعيّن تاليا تحديد تكلفة الأضرار التي قد تكون لحقت بالبضائع الموجودة على متن «إيفر غيفن». وتشير شركة التأمين الألمانية «أليانز» إلى تقارير أولية «متفائلة عن عدم تعرّض الحمولة لأضرار مادية كبيرة».
ويقول فوريسون إن قضية السفن التي علقت بسبب «إيفر غيفن» والتي يتراوح عددها بين 300 و400 سفينة هي المسألة الجوهرية، لا سيّما أنها «ستتكبّد خسائر وستسعى إلى تحميل جهة ما المسؤولية للحصول على تعويضات. ستكون معركة محامين». وتساءل فوريسون «هل حصل عطل آلي؟ خطأ ربان؟ مشكلة محرّك قبل إبحار السفينة أو خلال الإبحار؟ كل هذا من شأنه أن يغيّر طبيعة المسؤولية».
ويقول الخبير في شركة «أليانز» راهول كانا إن شركات التأمين «تحذّر منذ سنوات بأن الحجم الأكبر للسفن يراكم مزيدا من المخاطر». ويتابع أن «هذه السفن تمكّن مشغّليها من توفير مبالغ كبيرة، ولكن أيضا تكاليف غير متناسبة عندما تسوء الأمور»، ويضيف أن هذا الأمر يجعل إدارة حوادث السفن الكبيرة على غرار الحرائق والأعطال والاصطدامات، أكثر تعقيدا وتكلفة.
انطلاق تحقيقات «قناة السويس»... والتعويضات في فلك مليار دولار
تخفيضات بين 5 و15 % للسفن المتضررة
انطلاق تحقيقات «قناة السويس»... والتعويضات في فلك مليار دولار
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة