نهجٌ جديدٌ في التعامل مع الكربون ينطلق من السعودية إلى العالمية

أبحاث «كاوست» في الاقتصاد الدائري للكربون تعمل على إعادة التوازن إلى كوكب الأرض

نهجٌ جديدٌ في التعامل مع الكربون ينطلق من السعودية إلى العالمية
TT

نهجٌ جديدٌ في التعامل مع الكربون ينطلق من السعودية إلى العالمية

نهجٌ جديدٌ في التعامل مع الكربون ينطلق من السعودية إلى العالمية

• افتتحت المملكة العربية السعودية بنجاح منصة عالمية للاقتصاد الدائري للكربون من خلال رئاستها لمجموعة العشرين.
• يقوم هذا الاقتصاد على استراتيجية رباعية تهدف إلى خفض انبعاثات الكربون، وإعادة استخدامه، وإعادة تدويره، وتخليص الغلاف الجوي منه. وهو نهج جديد يدعم المسار نحو رؤية 2030.
• يضع فريق من باحثي «كاوست» خرائط جغرافية لمواضع تخزين الكربون في السعودية. وقد جمع قاعدة بياناتٍ أولية لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون الناجمة عن أكثر من 1200 صناعة معنية. وتهدف الجهود المستقبلية إلى تحديد المواقع المحتملة لتخزين ثاني أكسيد الكربون في طيات التكوينات الجيولوجية بباطن الأرض.

في ديسمبر (كانون الأول) 2020، أطلقت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) مبادرة جديدة تهدف إلى ربط المجالات المختلفة لأبحاث الاقتصاد الدائري للكربون في الجامعة، تحت إطار نهج واحد موحد. ويتمثل الهدف النهائي للمبادرة، المسماة «مبادرة كاوست للاقتصاد الدائري للكربون»، في دعم إنشاء منصة وطنية تعمل على ترويج الحلول التكنولوجية للاقتصاد الدائري للكربون، وتبنيها ونشرها بسرعة.
- «الكربون الدائري»
كان البحث في تقنيات الاقتصاد الدائري للكربون، منذ انطلاقة «كاوست» في العام 2009 جزءاً لا يتجزأ من خطط وأهداف الجامعة، بما يشتمله هذا البحث من احتجاز ثاني أوكسيد الكربون، والحلول القائمة على الطبيعة، والطاقة المتجددة، والاستخدامات المأمونة الممكنة لثاني أوكسيد الكربون. ومع إطلاق «كاوست» مبادرتها للاقتصاد الدائري للكربون، تهدف الجامعة إلى إنشاء شبكة قوية ومستنيرة من الباحثين، تدعم على نحو فعّال واستباقي ريادة المملكة العربية السعودية في هذا المجال المستجد. والاقتصاد الدائري للكربون نموذج اقتصادي مصمم للتخفيف من تراكم الكربون في الغلاف الجوي، وهو نهج جديد مهم لإدارة الكربون والتصدي لتغير المناخ ويدعم مسار المملكة العربية السعودية نحو رؤية 2030.
وإذا كان الأساس للمفهوم يقوم على ثلاثية: الحد من انبعاثات الكربون، وإعادة استخدامه، وإعادة تدويره. فإن الاقتصاد الدائري للكربون يقوم على استراتيجية رباعية 4R تهدف إلى خفض انبعاثات الكربون (Reduce)، وإعادة استخدامه (Reuse)، وإعادة تدويره (Recycle)، وسحبه من الغلاف الجوي (Remove).
وفيما يؤكد الاقتصاد الدائري للكربون الحاجة إلى تقنيات تحد من انبعاثاته، فهو يدعو أيضاً إلى تطوير تقنيات تزيل الكربون من الغلاف الجوي، ثم إعادة استخدامه أو تخزينه. فبمجرد احتجاز الكربون، يمكن العمل على تخزينه بشكل دائم في الأرض في خزانات النفط المستنفدة، أو إعادة استخدامه من خلال العمليات الكيميائية وتحويله إلى مواد أولية صناعية، مثل الأسمدة أو الميثانول. وبشكل منفصل، يشجع الاقتصاد الدائري للكربون على إعادة تدوير الكربون من خلال استخدام أحواض الكربون الطبيعية والطاقة الحيوية، حيث يمكن للأشجار والنباتات والطحالب أن تسحب الكربون بشكل طبيعي من الغلاف الجوي.
إن النجاح في تسخير هذه العمليات باستخدام الطاقة الحيوية لاشتقاق الطاقة من بعض الموارد الحيوية الكبرى ثم إعادة استعمالها لاحقاً، سيساعد على ضمان صافي انبعاثات صفرية.
يعتمد هذا المفهوم على فكرتين مهمتين؛ أولاً، أن تطوير وتنفيذ تقنيات الطاقة المتجددة وحدها غير كافٍ لتحقيق أهداف المناخ العالمية. ثانياً، أن من المرجح أن يستمر استخدام الوقود الأحفوري كأحد مصادر الطاقة طوال القرن الحادي والعشرين، مما يحتم تطوير أساليب لضبط انبعاثاته الكربونية.
- الحد من التغير المناخي
يتمثل أحد أهداف اتفاقية باريس بشأن تغير المناخ في تحقيق توازن بين مصادر الكربون ومصارفه بحلول سنة 2050، لضمان صافي انبعاثات صفرية على مستوى العالم. إن تحقيق هذا التوازن ضروري للحد من الزيادة في درجات الحرارة العالمية في حدود درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، أو 1.5 درجة مئوية إذا أمكن. وقد حددت اتفاقية باريس أهداف درجات الحرارة هذه لتجنب الآثار الأكثر تدميراً لتغير المناخ. ومع ذلك، يُتوقع أن ترتفع درجات الحرارة العالمية بنحو 3 درجات مئوية إذا استمرت الاتجاهات الحالية والسياسات المعتمدة بعد اتفاقية باريس. لذا يُعَد تمكين احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه أمراً ضرورياً للاستراتيجيات التي يجب تطويرها للوصول إلى تحقيق أهداف اتفاقية باريس.
يوضح البروفسور كارلوس دوارتي، الأستاذ المميز في علوم البحار في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أنه، وقبل ظهور الحياة على كوكب الأرض، كان الغلاف الجوي مكوناً بنسبة 98 في المائة من غاز ثاني أوكسيد الكربون، وتجاوزت حرارة سطح الأرض 240 درجة مئوية. بعدها غيرت الحياة وجه الأرض، لا سيما عملية التمثيل الضوئي من البكتيريا الزرقاء، إذ أطلقت الأوكسجين وخفضت من مستويات ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي عبر تحويله إلى كربون حي ومادة عضوية مُخزنة. والبكتيريا الزرقاء (cyanobacteria) هي نوع من البكتيريا قادرة على التمثيل الضوئي، وتعيش عادة في الماء.
وبينما كانت أشكال الحياة الأكثر تعقيداً تتطور وتتفاعل فيما بينها، تَشكل نظامٌ راسخٌ على كوكب الأرض يعتمد على «الكربون الدائري ذي الحلقة المغلقة»، يقوم على إزالة الكربون من الغلاف الجوي من خلال عملية التمثيل الضوئي ثم إعادته عبر التنفس، وهي العملية التي تحرر الطاقة من المواد العضوية من أجل دعم الوظائف الخلوية.
ويستدرك دوارتي قائلاً: «غير أن البشر اكتسبوا القدرة على إطلاق الطاقة من المواد العضوية خارج أجسادهم، عن طريق حرق الأخشاب أولاً والوقود الأحفوري لاحقاً». واستُنزفت أيضاً غاباتٌ وأشكالٌ شتى للحياة على الأرض وفي المحيطات، مما أخل بتوازن المناخ الذي كان قد ضُبط بإحكام على مدى مليون عام. ويضيف أنه «من أجل استعادة التوازن، علينا نحن البشر أن ننظر إلى الطبيعة، كي نتعلم كيفية دمج جميع عملياتنا المجتمعية في اقتصاد الكربون الدائري».
في هذا الإطار، يؤكد البروفسور جورج جاكسون، أستاذ العلوم الكيميائية ومدير مركز الحفز في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، أن الجامعة تعد جهة مرجعية للدراسات المتعلقة باقتصاد الكربون الدائري، تغطي مفهوم الدائرية كاملاً، وتقدم إسهاماتٍ بالغة الأهمية على صعيد الاستراتيجية الرباعية. وتسعى الجامعة إلى أن تكون رائدة عالمية بمساهماتها في تقديم حلول فعّالة للتحديات الوطنية والعالمية.
- تقليص الانبعاثات
ينصب تركيز جزءٍ كبير من أبحاث البروفسورة سوزانا نونيس، أستاذة الهندسة الكيميائية والبيولوجية في «كاوست»، على تقليص مستويات انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون إلى أدنى حد ممكن، في المقام الأول. ويبتكر فريقها البحثي تقنيات الأغشية كبدائل صديقة للبيئة تحل محل عمليات الفصل الحراري المُهدِرة للطاقة، مثل التقطير الذي تستخدمه الصناعات في الوقت الراهن. ويجب أن تحتفظ تلك الأغشية بمتانتها مدة طويلة في بيئات قاسية، فضلاً عن ضرورة إدخال تحسينات على عمليات تصنيعها.
وقد ابتكر فريق نونيس غشاءً ليفياً مجوفاً ومُغلفاً بمُركب البوليمر، يُستخدم في أنظمة التبريد والتجفيف، ولديه القدرة على إتمام عمليات الفصل وسط المُذيبات العضوية القاسية، التي تستخدمها الصناعات الكيميائية مثلاً. كما يعكف الفريق على ابتكار عمليات لتصنيع الأغشية البوليمرية بقدر أقل من المُذيبات السامة، مما يُخفف من تأثيرها البيئي ويحمي العاملين من الأبخرة. ويدرس الفريق أيضاً استخدام مواد طبيعية مثل السليلوز والسيكلودكسترين لتصنيع الأغشية.
والبوليمر هو مادة عضوية أو غير عضوية مصنوعة من سلاسل طويلة ومتكررة من الجزيئات، وتكون لها خصائص فريدة من نوعها، اعتماداً على خصائصها وكيفية الترابط فيما بينها.
وقد يتحقق خفض مستويات البصمة الكربونية عبر توربينات غازٍ أكثر كفاءة تُزود الطائرات والقطارات والمُولدات والمضخات بالطاقة اللازمة لتشغيلها. ويتولى البروفسور ويليام روبرتس، أستاذ الهندسة الميكانيكية في «كاوست»، هذه المهمة عبر تغيير طريقة تشغيل تلك المركبات والمُعدات. ويُعزز فريقه البحثي أيضاً فهم عملية احتراق زيت الوقود في الغلايات الصناعية، وخصائص احتراق كل من الوقود التقليدي والمُستحدث عند التعرض لمستويات متطرفة من الضغط. ويُجرب الباحثون أيضاً إمكانية الاستعانة بخلائط من الهيدروكربونات التقليدية وأنواع الوقود الخالية من الكربون، على غِرار الأمونيا، في تشغيل توربينات الغاز.
من جانب آخر، يبحث البروفسور إيان مَكوليك، أستاذ علوم الكيمياء ومدير مركز الطاقة الشمسية في «كاوست»، ومجموعته البحثية، عن سُبلٍ لتقليل انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون من خلال تعزيز القدرة على تسخير الطاقة الشمسية. على سبيل المثال، يمكن لهم تصنيع جسيمات نانوية عضوية مع تحسين كفاءة تطوُّر الهيدروجين على نحوٍ هائل، ما يُمكن تلك الجسيمات من امتصاص المزيد من طيف الضوء المرئي. وتعمل مجموعة مَكوليك كذلك على تطوير جزيئات عضوية جديدة، تُحول ضوء الشمس بكفاءة أكبر إلى كهرباء، وفي الوقت ذاته تتسم بالشفافية والمتانة وخِفة الوزن، إذ تجعلها تلك المقومات مثالية لاستخدامها في الأبنية والنوافذ.
- التدوير والتخلص
ولما كان للتدوير وإعادة الاستخدام أهمية قصوى في «اقتصاد الكربون الدائري»، يعكف البروفسور جورج جاكسون وفريقه على ابتكار عوامل تحفيزية لها القدرة على تحويل غاز ثاني أوكسيد الكربون إلى مواد كيميائية نافعة مثل الميثانول، الذي يمكن استخدامه كوقودٍ أو مُذيبٍ أو مُضادٍ للتجمد، أو الأوليفينات، وهو اسم يطلق على بعض المركبات العضوية غير المشبعة، التي تُستخدم في صناعة البلاستيك والراتنجات والألياف واللدائن ومواد وزيوت التشحيم والمواد الهلامية. والراتنجات إفراز عضوي يحوي المواد الهيدروكربونية، ومصدرها من النبات، ولها استخدامات في الورنيش والصمغ.
ويقول جاسكون إن أبحاث فريقه تبرهن على إمكانية إعادة استخدام ثاني أوكسيد الكربون، ولكن لا يزال البحث مُستمراً عن عملياتٍ مُثمِرة تُؤثر على المناخ تأثيراً إيجابياً.كما تسعى سوزانا نونيس إلى خفض مستويات بصمتنا الكربونية عن طريق إعادة تدوير البلاستيك من أجل تصنيع الأغشية. وكإثباتٍ بسيط على ذلك، نجح فريقها في إعادة تدوير مادة البولي إيثيلين تريفثاليت PET من مُخلفات زجاجات المياه، من أجل إنتاج أغشية بوليمر متينة يمكن استخدامها كمرشحات جزيئية في الصناعات الكيميائية. كما نجح الفريق في تحويل مادة البولي إيثر إيثر كيتون PEEK10 وهي إحدى اللدائن الحرارية المُستخدمة في تصنيع المحامل وأجزاء مكابس المحركات والمضخات، إلى أحد مركبات السلائف المستخدمة في تصنيع أغشية تمتاز بالثبات في بيئاتٍ قاسية. وتشرح نونيس أن هذه «ليست إلا الخطوات الأولى، فنحن مستمرون في صياغة مفاهيم للاستخدام الدائري للمواد والأغشية».
- التخلص من الكربون وتخزينه
نحن بحاجة إلى التخلص من ثاني أوكسيد الكربون المُتجه إلى الغلاف الجوي من أجل ضمان استقرار نظام كوكبنا الأرضي. ويتعاون البروفسور ويليام روبرتس وزملاؤه مع شركة في الولايات المتحدة الأميركية على زيادة معدلات التخلص من ثاني أوكسيد الكربون وتوسيع نطاق وقف انبعاثاته من مصادرها، لا سيما المصانع، عن طريق تجميده في صورة ثلجٍ جاف يمكن صَهره لاحقاً وضغطه ليُحتجز في طيات التراكيب الجيولوجية. ويُخطط الفريق البحثي لإثبات تلك العملية عن طريق تجميع طن من ثاني أوكسيد الكربون يومياً في محطة كهرباء كاملة في مدينة رابغ السعودية.
ويقول الدكتور حسين حُطيط، الأستاذ المشارك المتخصص في موارد الطاقة وهندسة البترول في «كاوست»: «يُعد العزل الجيولوجي للكربون السبيل الوحيد المُستدام لتقليص البصمة البيئية لانبعاثات غازات الدفيئة الناجمة عن الوقود الأحفوري على نطاق كبير». ويجمع فريقه خرائط جغرافية لمواضع تخزين الكربون في المملكة العربية السعودية. وقد جمع الباحثون قاعدة بياناتٍ أولية لانبعاثات ثاني أوكسيد الكربون الناجمة عن أكثر من 1200 صناعة معنية بمجالات توليد الكهرباء وتحلية المياه ومصافي النفط وصناعات الإسمنت وإنتاج البتروكيماويات والحديد والصلب. وتهدف الجهود المستقبلية إلى تحديد المواقع المحتملة لتخزين ثاني أوكسيد الكربون في طيات التكوينات الجيولوجية بباطن الأرض. ويشرح حُطيط: «هدفنا النهائي دراسة جدوى تخزين ثاني أوكسيد الكربون في التكوينات البركانية وخزانات النفط والغاز الناضبة وطبقات المياه الجوفية العميقة القريبة من مصادر الانبعاثات في المملكة العربية السعودية».
ويعلق دوارتي: «كنا نظن أن في إمكاننا السيطرة على الطبيعة، ولكن حانت لحظة النظر إلى أنفسنا من منظور كوننا في خدمة الطبيعة. فثمة الكثير مما يتعين علينا تعلمه من الطبيعة عن حل مشكلاتنا المُلِّحة، ولا يقتصر الأمر على تغير المناخ، بل يشمل أيضاً جميع أزمات الاستدامة التي نعانيها».
ويُذكر أن المملكة العربية السعودية افتتحت بنجاح منصة عالمية للاقتصاد الدائري للكربون من خلال رئاستها لمجموعة العشرين. ففي سبتمبر (أيلول) 2020 تعهد وزراء طاقة مجموعة العشرين بتأييد منصة الاقتصاد الدائري للكربون كأداة لإدارة الانبعاثات وتعزيز الوصول إلى الطاقة، والاعتراف بهذه المنصة كنهج شامل ومتكامل وعملي لإدارة الانبعاثات، إلى جانب توفير مسارات جديدة نحو التنويع الاقتصادي والنمو للمملكة العربية السعودية.


مقالات ذات صلة

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

يوميات الشرق تكريم الفائزين الثلاثة ضمن مبادرة «حلول شبابية» بالتزامن مع «كوب 16» (واس)

منصّتان وشركة... «حلول شبابية» سعودية مبتكرة لمختلف التحديات البيئية

لم تكن الحلول التي قُدِّمت في مؤتمر «كوب 16» للقضايا البيئية والمناخيّة الملحّة، وقضايا تدهور الأراضي والجفاف، قصراً على الحكومات والجهات الخاصة ذات الصلة.

غازي الحارثي (الرياض)
بيئة الاستفادة من التقنيات الحديثة في تشجير البيئات الجافة واستعادة الأراضي المتدهورة من أهداف المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 00:55

السعودية تستهدف تحويل 60 % من مناطقها إلى «غابات مُنتجة»

يواصل «المعرض والمنتدى الدولي لتقنيات التشجير» استقبال الحضور اللافت من الزوّار خلال نسخته الثانية في العاصمة السعودية الرياض، بتنظيم من المركز الوطني لتنمية…

غازي الحارثي (الرياض)
الاقتصاد الوزير السعودي يتسلم رئاسة السعودية رسمياً لمؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

«كوب 16 الرياض» يجمع صناع السياسات لإعادة تأهيل الأراضي ومكافحة التصحر

اجتمع عدد كبير من صنُاع السياسات والمنظمات الدولية والدوائر غير الحكومية وكبرى الجهات المعنية، الاثنين، في الرياض، للبحث عن حلول عاجلة للأزمات البيئية.

آيات نور (الرياض) عبير حمدي (الرياض) زينب علي (الرياض)
الاقتصاد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية د. أسامة فقيها مع عدد من المتحدثين (الشرق الأوسط) play-circle 01:04

فقيها لـ«الشرق الأوسط»: مساعٍ سعودية لزيادة التزامات الدول بمكافحة تدهور الأراضي

أكد وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة السعودية الدكتور أسامة فقيها لـ«الشرق الأوسط» أن المملكة تسعى ليكون مؤتمر «كوب 16» نقطة تحول تاريخية بمسيرة «الاتفاقية».

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد جانب من حضور مؤتمر «كوب 16» في الرياض (الشرق الأوسط)

«منتدى السعودية الخضراء» يجمع المئات من صنّاع السياسات حول العالم

تحتضن الرياض النسخة الرابعة من «منتدى مبادرة السعودية الخضراء» يومي 3 و4 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، تحت شعار «بطبيعتنا نبادر»، خلال مؤتمر «كوب 16».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
TT

ثلاثة أرباع أراضي العالم باتت «جافة بشكل دائم» خلال العقود الثلاثة الماضية

شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)
شجرة تذبل بسبب الجفاف في تشيلي (رويترز)

بات ما يزيد قليلاً على 75 في المائة من أراضي العالم «أكثر جفافاً بشكل دائم» على مدى العقود الثلاثة الماضية، وفق تقرير تدعمه الأمم المتحدة صدر، الاثنين، تزامناً مع مؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (كوب 16) في السعودية.

وصارت الأراضي الجافة الآن تغطي 40 في المائة من مساحة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية (أنتاركتيكا)، حسبما خلصت دراسة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، محذرة من أن هذا التحول يمكن أن يؤثر فيما يصل إلى خمسة مليارات شخص بحلول عام 2100، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأظهر التقرير الذي يشير إلى «تهديد وجودي» تفرضه مسارات يتعذّر تغيير اتجاهها، أن الأراضي الجافة، المناطق التي تصعب زراعتها، زادت بمقدار 4.3 مليون كلم مربع بين عامي 1990 و2020، وهي مساحة تعادل ثلث مساحة الهند.

تحذيرات من «القحط»

وجاء التحذير خلال اجتماع مؤتمر «كوب 16» الذي بدأ الأسبوع الماضي في الرياض ويستمر 12 يوماً، بهدف حماية الأراضي واستعادتها والاستجابة إلى الجفاف في ظل تغير المناخ المستمر.

ويحذّر التقرير من أن القحط، وهو نقص مزمن في المياه، يمتد الآن على 40.6 في المائة من كتلة اليابسة على الأرض، باستثناء القارة القطبية الجنوبية، مقابل 37.5 في المائة قبل 30 عاماً.

أشخاص يسيرون عبر جزء من نهر الأمازون تظهر عليه علامات الجفاف في كولومبيا (أ.ب)

كما يحذّر من أن المناطق الأكثر تضرراً تشمل الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط وجنوب أفريقيا وجنوب أستراليا وبعض مناطق آسيا وأميركا اللاتينية.

وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إبراهيم ثياو: «على عكس الجفاف -فترات مؤقتة من انخفاض هطول الأمطار- يمثّل القحط تحولاً دائماً لا هوادة فيه».

وأضاف أن «المناطق المناخية الأكثر جفافاً التي تؤثر الآن في أراضٍ شاسعة في جميع أنحاء العالم لن تعود إلى ما كانت عليه، وهذا التغيير يعيد تعريف الحياة على الأرض».

«أسوأ سيناريو»

وأضاف التقرير أن التغييرات تُعزى إلى حد كبير إلى الاحتباس الحراري العالمي الناجم عن انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري التي تغيّر هطول الأمطار وتزيد من نسب التبخر.

وتشمل آثار نقص المياه المزمن تدهور التربة وانهيار النظام البيئي وانعدام الأمن الغذائي والهجرة القسرية، وفقاً للعلماء.

وحسب التقرير، يعيش بالفعل 2.3 مليار شخص في مناطق جافة تتوسع، مع توقعات تشير إلى أن «أسوأ سيناريو» يتمثّل في عيش 5 مليارات شخص في هذه الظروف مع استمرار ارتفاع درجة حرارة الكوكب.

ولمواجهة هذا الاتجاه، حثّ العلماء الأعضاء على «دمج مقاييس القحط في أنظمة مراقبة الجفاف الحالية»، وتحسين إدارة التربة والمياه، و«بناء القدرة على الصمود في المجتمعات الأكثر ضعفاً».