بريطانيا: الموجة الأوروبية الثالثة لـ«كورونا» ستصل إلى شواطئنا

ضغوط على {المفوضية} لاعتماد «سياسة أكثر حزماً» في ملف اللقاحات

بوريس جونسون خلال زيارته مؤسسة «بي آي إي سيستمز» في بريستون شمال إنجلترا أمس (أ.ف.ب)
بوريس جونسون خلال زيارته مؤسسة «بي آي إي سيستمز» في بريستون شمال إنجلترا أمس (أ.ف.ب)
TT

بريطانيا: الموجة الأوروبية الثالثة لـ«كورونا» ستصل إلى شواطئنا

بوريس جونسون خلال زيارته مؤسسة «بي آي إي سيستمز» في بريستون شمال إنجلترا أمس (أ.ف.ب)
بوريس جونسون خلال زيارته مؤسسة «بي آي إي سيستمز» في بريستون شمال إنجلترا أمس (أ.ف.ب)

مع ظهور أولى شرارات «حرب اللقاحات» التي يمكن أن تندلع بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، واستمرار التعثّر في حملات التلقيح الأوروبية التي ما زالت تغطيتها دون الخمسة في المائة من مجموع السكّان البالغين في بلدان الاتحاد التي تواجه في معظمها جموحاً جديداً في انتشار الوباء ضمن موجته الثالثة، تشهد العواصم الأوروبية الثلاث الكبرى في الاتحاد الأوروبي، برلين وباريس وروما، حركة اتصالات مكثّفة بادر بها رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي بهدف وضع حدّ لتفرّد المفوضية الأوروبية في إدارة الأزمة الصحية، وبخاصة في ملفّ اللقاحات التي باتت رهان أوروبا الأوحد للخروج من الجائحة.
واستبق رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون القمة الأوروبية الخميس بسلسلة اتصالات مع قادة أوروبيين بهدف تجنب اندلاع «حرب» بين بلاده ودول الاتحاد في خصوص اللقاحات التي يهدد الأوروبيون بفرض حظر على توريدها إلى بريطانيا. وأفيد بأن جونسون تحدث في الساعات الماضية مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون. وهو قال في تصريحات للصحافيين، أمس، إن الموجة الثالثة من إصابات «كوفيد - 19» التي تجتاح أوروبا ربما تكون في طريقها إلى بريطانيا. وأضاف: «الخبرات السابقة علمتنا أنه عندما تضرب موجة أصدقاءنا فإنها، وأخشى أن أقول ذلك، ستصل إلى شواطئنا أيضاً وأتوقع أن نشعر بهذه التأثيرات في وقتها»، حسب ما أوردت وكالة «رويترز». ورداً على سؤال عن خطر تهديدات الاتحاد الأوروبي بحظر تصدير اللقاح للمملكة المتحدة على برنامج التطعيم في بريطانيا، قال جونسون إنه لا يعتقد أن ذلك سيحدث. وتابع: «اطمأننت خلال الحديث إلى الشركاء من الاتحاد الأوروبي على مدى الشهور القليلة الماضية من أنهم لا يرغبون في رؤية عثرات، وأعتقد أن هذا مهم جداً جداً». وقال إن بريطانيا ماضية قدماً في برنامج التطعيم، مؤكدا أن خطة تخفيف القيود وفقا لخريطة الطريق تسير على ما يرام.
وجاء كلامه في وقت أفادت مصادر دبلوماسية مطّلعة بأن رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، الذي يواجه استحالة في تنفيذ برنامجه لتسريع حملة التلقيح بسبب عدم توافر اللقاحات الكافية وعدم قدرته على اللجوء إلى مصادر خارج دائرة الاتفاقات التي وقعتها المفوضية من شركات الأدوية، يسعى إلى إقناع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بطرح مبادرة مشتركة في القمة الأوروبية يوم الخميس المقبل لدفع المفوضية نحو المزيد من التنسيق مع الدول الأعضاء في خطواتها لإدارة الأزمة، ونهج سياسة أكثر تشدداً وحزماً في ملف اللقاحات.
وتقول المصادر إن الاقتناع السائد في جميع العواصم الأوروبية هو أن المفوضيّة لم تتصرّف بالمستوى الذي تفرضه مثل هذه الأزمة، وإن الانتقادات التي وجّهت إلى رئيسة المفوضية أورسولا فان دير لاين (ألمانية) لم تقتصر على باريس وروما، بل إن الحكومة الألمانية نفسها سرّبت غير مرة إلى عدد من الحكومات الصديقة عدم ارتياحها لأدائها، وبالتالي لم يعد من الممكن التغاضي عن هذا الوضع أمام أزمة مأسوية كهذه الأزمة بالنسبة لجميع الدول الأعضاء في الاتحاد.
وتؤكد أوساط دبلوماسية إيطالية أن الهدف من المبادرة ليس محاصرة المفوضية بقدر ما هو مساعدتها على مواجهة هذه المرحلة الدقيقة والصعبة بالنسبة لبلدان الاتحاد، وطرح تصوّر العواصم الثلاث الكبرى أمام القمة بعد غد الخميس من أجل دعم حكومة الاتحاد في اتخاذ القرارات التي تتعلّق بالحرب على الوباء.
وفيما تدور رحى هذه الحرب على الإمدادات اللقاحية التي ما زالت غير كافية في بلدان الاتحاد الأوروبي برغم الاتفاقات المليونية التي فاخرت بها المفوضية في الأشهر الماضية، ذهب بعض الدول إلى حد المطالبة بتفعيل المادة 122 من المعاهدة التأسيسية للاتحاد التي تخوّل المجلس الأوروبي صلاحيات استثنائية لاتخاذ التدابير اللازمة من أجل تأمين المواد والمستلزمات الأساسية، وهي صلاحيات ملحوظة بهدف اللجوء إليها في زمن الحرب، وتعني عملياً «تأميم» براءات الاختراع وإنتاج اللقاحات محلياً في مصانع الدول الأعضاء.
لكن خبراء المفوضية يرون، من جهتهم، أن اللجوء إلى هذا التدبير سيكون بمثابة إعلان الحرب على الشركات الكبرى للأدوية والتي تتمتع بنفوذ هائل، ما يجعل مثل هذه الخطوة محفوفة بتداعيات يستحيل التكهّن بها على المدى الطويل. وتقول مصادر المفوضية إن هذا ما دفع باتجاه اعتماد «الدبلوماسية الصناعية» عوض المواجهة المباشرة مع شركات الأدوية.
لكن الدول الأعضاء تشدّد على أن التأخير في تسليم كميات اللقاح الموعودة لم يعد مقبولاً أن يتكرر في ظل الظروف الوبائية الراهنة والبطء الذي تعاني منه حملات التلقيح في جميع بلدان الاتحاد، ويعيبون على المفوضية أنها أفرطت في الحذر خلال المفاوضات التي أجرتها مع شركات الأدوية، وأنها كانت مهتمة بتحاشي الخلافات الداخلية أكثر من اهتمامها بتحقيق الأهداف المطلوبة.
ومن المفارقات التي ركّزت عليها الدول الأعضاء في انتقادها لأداء المفوضية، أن حملة التلقيح التي بدأت في المملكة المتحدة قبل أيام قليلة من بدايتها في بلدان الاتحاد تجاوزت تغطيتها نصف السكان البالغين، ناهيك عن أن الدول الأوروبية التي تتباهى بنظامها الصحي الذي يوّفر تغطية شاملة لكل المواطنين وغالباً ما تقارنه بالنظام الصحي الأميركي، ما زالت بعيدة جداً عن التغطية اللقاحية التي تتحقق في الولايات المتحدة.
لكن المبادرة الإيطالية التي تحظى بترحيب من معظم العواصم الأوروبية تبقى مرهونة بالضوء الأخضر من المستشارة الألمانية التي، رغم الفتور الظاهر منذ فترة على علاقاتها مع رئيسة المفوضية، كانت هي التي رشّحتها لهذا المنصب وما زالت تعتبرها رصيداً ألمانياً على رأس كبرى المؤسسات الأوروبية.


مقالات ذات صلة

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

شمال افريقيا «الصحة» المصرية تنفي رصد أمراض فيروسية أو متحورات مستحدثة (أرشيفية - مديرية الصحة والسكان بالقليوبية)

متحور جديد لـ«كورونا» في مصر؟... نفي رسمي و«تخوف سوشيالي»

نفت وزارة الصحة المصرية رصد أي أمراض بكتيرية أو فيروسية أو متحورات مستحدثة مجهولة من فيروس «كورونا».

محمد عجم (القاهرة)
الولايات المتحدة​ أظهر المسح الجديد تراجعاً في عدد الأطفال الصغار المسجلين في الدور التعليمية ما قبل سن الالتحاق بالمدارس في أميركا من جراء إغلاق الكثير من المدارس في ذروة جائحة كورونا (متداولة)

مسح جديد يرصد تأثير جائحة «كورونا» على أسلوب حياة الأميركيين

أظهر مسح أميركي تراجع عدد الأجداد الذين يعيشون مع أحفادهم ويعتنون بهم، وانخفاض عدد الأطفال الصغار الذين يذهبون إلى الدور التعليمية في أميركا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا الزحام من أسباب انتشار العدوى (تصوير: عبد الفتاح فرج)

مصر: تطمينات رسمية بشأن انتشار متحور جديد لـ«كورونا»

نفى الدكتور محمد عوض تاج الدين مستشار الرئيس المصري لشؤون الصحة والوقاية وجود أي دليل على انتشار متحور جديد من فيروس «كورونا» في مصر الآن.

أحمد حسن بلح (القاهرة)
العالم رجلان إندونيسيان كانا في السابق ضحايا لعصابات الاتجار بالبشر وأُجبرا على العمل محتالين في كمبوديا (أ.ف.ب)

الاتجار بالبشر يرتفع بشكل حاد عالمياً...وأكثر من ثُلث الضحايا أطفال

ذكر تقرير للأمم المتحدة -نُشر اليوم (الأربعاء)- أن الاتجار بالبشر ارتفع بشكل حاد، بسبب الصراعات والكوارث الناجمة عن المناخ والأزمات العالمية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
TT

اتهام لرجل عرض علم «حزب الله» خلال مظاهرة مؤيدة لفلسطين

عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)
عناصر من «كتائب حزب الله» العراقية خلال مشاركتها في إحدى الفعاليات (أرشيفية - الشرق الأوسط)

وجهت الشرطة الفيدرالية الأسترالية اتهاماً لرجل يبلغ من العمر 36 عاماً بعرض رمز منظمة مصنفة «إرهابية» علناً، وذلك خلال مظاهرة في منطقة الأعمال المركزية بمدينة ملبورن في سبتمبر (أيلول) الماضي.

الرجل، المقيم في منطقة فيرنتري غولي، سيمثل أمام محكمة ملبورن الابتدائية في 6 مارس (آذار) المقبل؛ حيث يواجه عقوبة قد تصل إلى 12 شهراً من السجن إذا ثبتت إدانته، وفقاً لصحيفة «الغارديان».

جاءت المظاهرة ضمن فعاليات يوم وطني للعمل من أجل قطاع غزة، الذي نظمته شبكة الدعوة الفلسطينية الأسترالية في 29 سبتمبر الماضي، وشهد تنظيم مسيرات مماثلة في مختلف أنحاء البلاد احتجاجاً على التصعيد المتزايد للعنف في الشرق الأوسط.

وأطلقت الشرطة الفيدرالية الأسترالية بولاية فيكتوريا عملية تحقيق تحت اسم «أردفارنا»، عقب احتجاج ملبورن؛ حيث تلقت 9 شكاوى تتعلق بعرض رموز محظورة خلال المظاهرة.

ووفقاً للشرطة، تم التحقيق مع 13 شخصاً آخرين، مع توقع توجيه اتهامات إضافية قريباً. وصرح نيك ريد، قائد مكافحة الإرهاب، بأن أكثر من 1100 ساعة قُضيت في التحقيق، شملت مراجعة أدلة من كاميرات المراقبة وكاميرات الشرطة المحمولة، إضافة إلى مصادرة هواتف محمولة وقطعة ملابس تحتوي على رمز المنظمة المحظورة.

تأتي هذه الإجراءات بعد قرار الحكومة الفيدرالية الأسترالية في ديسمبر (كانون الأول) 2021 بتصنيف «حزب الله» منظمة إرهابية، ومع التشريعات الفيدرالية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) 2024، التي تحظر عرض رموز النازيين وبعض المنظمات.

وقالت نائبة مفوض الأمن القومي، كريسي باريت، إن الادعاء يحتاج إلى إثبات أن الرمز المعروض مرتبط بمنظمة إرهابية وأنه قد يحرض على العنف أو الترهيب.

المظاهرة، التي استمرت في معظمها سلمية، جاءت بعد إعلان مقتل قائد «حزب الله» حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية، وهو ما اعتبره العديد تصعيداً كبيراً في الصراع المستمر في الشرق الأوسط.

وفي وقت لاحق، نُظمت مظاهرات أخرى في سيدني وملبورن وبريزبين، وسط تحذيرات للمتظاهرين بعدم عرض رموز محظورة.