الرئيس التونسي يشيد بإطلاق أول قمر صناعي محلي الصنع

الرئيس قيس سعيد رفقة رئيس شركة «تلنت» محمد فريخة بعد إطلاق أول قمر اصطناعي تونسي محلي الصنع (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد رفقة رئيس شركة «تلنت» محمد فريخة بعد إطلاق أول قمر اصطناعي تونسي محلي الصنع (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي يشيد بإطلاق أول قمر صناعي محلي الصنع

الرئيس قيس سعيد رفقة رئيس شركة «تلنت» محمد فريخة بعد إطلاق أول قمر اصطناعي تونسي محلي الصنع (أ.ف.ب)
الرئيس قيس سعيد رفقة رئيس شركة «تلنت» محمد فريخة بعد إطلاق أول قمر اصطناعي تونسي محلي الصنع (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس التونسي قيس سعيد، أمس، بإطلاق أول قمر صناعي تونسي (شالينج وان) إلى مداره حول الأرض في مهمات اتصالية.
وأطلق القمر الصناعي، صباح أمس، من بين 38 قمراً صناعياً آخر من قاعدة «بايكونور» الروسية بكازاخستان، على متن المركبة الروسية «سويوز2».
وقال الرئيس سعيد، الذي حضر عملية إطلاق القمر الصناعي عن بُعد في مقر الشركة المصنعة للقمر الصناعي بالعاصمة تونس: «ما كنت أتصور أنني سأحضر هذا الإنجاز، الذي كان بمثابة خيال علمي نتابعه على شاشات التلفزة». مضيفاً: «اليوم مع هذا الشباب اليافع، والمتطلع إلى المستقبل بإمكانات تونسية خالصة، دليل على أنه يمكننا أن نصعد إلى الفضاء... نحن شعب يقال إن إمكاناته ضعيفة، لكن إمكاناته البشرية قوية ولا متناهية».
من جهتها، قالت شركة «تلنت»، المتخصصة في التكنولوجيا والبرمجيات والأنشطة الهندسية وصاحبة المشروع، إن القمر مختص في «إنترنت الأشياء»، مشيرة إلى أنها تقنية ستشكل مستقبل الإنترنت في العالم، وأن القمر الصناعي «سيمكن من تبادل المعطيات في العديد من المجالات، من بينها النقل والفلاحة، وخدمات الإمداد والتموين (اللوجيستيك)، والمناخ من خلال استقباله المعطيات وإرسالها للمزودين في مختلف دول العالم».
بدوره، قال رئيس الشركة محمد فريخة لوكالة الصحافة الفرنسية إن القمر الصناعي «مصنع بالكامل محلياً وبكفاءات تونسية»، مضيفاً: «هذا هدية للشعب التونسي في ذكرى الاستقلال، وهو لمسة وفاء لجيل الاستقلال، الذي استثمر في العمل والمعرفة، وهذه خطوة أولى وستتلوها خطوات أخرى إلى الفضاء».
وبهذا الإنجاز، باتت تونس أول بلد من بلدان المغرب، وسادس بلد أفريقي، يصنع قمراً صناعياً بعد مصر وجنوب أفريقيا وغانا خصوصاً، وفق موقع «سبايس إن أفريكا» المتخصص.
وأطلقت الجزائر ستة أقمار صناعية للمراقبة، تم تطويرها من قبل شركات أجنبية وتعكف حالياً على تطوير مشروعها الخاص «ألسات 3». أما المغرب، فأطلق قمرين صناعيين لمراقبة الأرض بالتعاون مع الشركة الإيطالية - الفرنسية «تاليس ألينيا سبايس»، وعملاق الصناعات الفضائية الأوروبي (إيرباص).
وكان مقرراً أن يقلع صاروخ «سويوز» الروسي، الذي ينقل القمر الصناعي التونسي ضمن مجموعة تضم 38 قمراً صناعياً، السبت، في الذكرى الخامسة والستين لاستقلال تونس. لكنه انطلق أخيراً من قاعدة «بايكونور» في كازاخستان صباح الاثنين، في حدث تابعه الرئيس سعيد، الذي عبّر عن «افتخاره بشباب تونس عبر العالم».
ويأتي هذا الإنجاز في وقت يسعى فيه آلاف الشباب المهندسين إلى مغادرة البلاد بالآلاف سنوياً، بحثاً عن فرص وآفاق جديدة لإثبات قدراتهم. لكن المهندسة التريكي تقول إن «فرص العمل متوفرة في تونس، لكن يجب توفير الرغبة لدى الشباب المهندسين في البقاء»، مضيفة: «يجب تحفيز الشباب، وإنشاء شركات أخرى، وتقديم مشاريع طموحة، ولكن أيضاً ظروف اجتماعية أفضل».
وتواجه البلاد تداعيات أزمة وباء «كوفيد – 19»، التي أثرت على الاقتصاد بشكل قوي، وأفرزت احتجاجات اجتماعية متواصلة. وتنضاف إلى هذه المشاكل منع السلطات استعمال الطائرات المسيرة في تونس، كما أن استيراد التجهيزات الرقمية المتطورة يواجه تعقيدات إدارية من الجمارك التونسية.
وفي مؤشر إلى الطموحات القوية في المنطقة في قطاع الصناعات الفضائية، أطلقت الإمارات العربية المتحدة، الشهر الماضي، أول مسبار عربي إلى المريخ، كما أُنشئت وكالة فضاء أفريقية ومجموعة تنسيق عربية في قطاع الفضاء سنة 2019.


مقالات ذات صلة

تحليل: المصالح الأميركية في مرمى أسلحة روسيا «المضادة للفضاء»

العالم قمر اصطناعي يدور حول الأرض (أرشيفية- رويترز)

تحليل: المصالح الأميركية في مرمى أسلحة روسيا «المضادة للفضاء»

منذ أوائل العام الحالي بدأ مسؤولون أميركيون يتحدثون عن رصد تحركات روسيا لنشر أسلحة في الفضاء تستهدف الأقمار الاصطناعية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم محطة الفضاء الدولية (رويترز)

قمر اصطناعي روسي يتحطم في الفضاء قرب المحطة الدولية

ذكرت وكالتا فضاء أميركيتان أن قمراً اصطناعياً روسياً تحطم في مداره إلى أكثر من 100 قطعة مما أجبر رواداً في محطة الفضاء الدولية على الاحتماء في مركبتهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
يوميات الشرق المعادلة الآن ستتغيَّر (أ.ف.ب)

قمر اصطناعي أميركي لتحسين توقُّع «مزاجية» الشمس

أُطلق من فلوريدا قمر اصطناعي أميركي جديد يُتوقَّع أن يُحسّن بدرجة كبيرة القدرة على توقُّع العواصف الشمسية التي قد تؤدي إلى تعطيل شبكات الكهرباء والاتصالات.

«الشرق الأوسط» (كاب كانافيرال (الولايات المتحدة))
علوم استكشاف الفضاء له أيضاً عواقب وخيمة

تحطم قمر اصطناعي واحد يمكن أن يقلب الحياة على الأرض رأساً على عقب

انفجار هائل من الشظايا السريعة عبر غلاف الأرض يدمر الأقمار الاصطناعية

مارينا كورين (واشنطن)
آسيا كوريا الشمالية تبلغ اليابان استعدادها لإطلاق قمر اصطناعي جديد للتجسس (أ.ب)

كوريا الشمالية تطلق «مقذوفاً» بعد إعلان نيتها إطلاق قمر اصطناعي

أعلن الجيش الكوري الجنوبي أن كوريا الشمالية أطلقت «مقذوفاً لم تعرف طبيعته» بعد ساعات على إبلاغ بيونغ يانغ اليابان بأنها تستعد لإطلاق قمر اصطناعي جديد للتجسس.

«الشرق الأوسط» (سيول)

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
TT

اليمن بين إمكانية التعافي واستمرار اقتصاد الحرب

استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)
استئناف تصدير النفط سيسمح بمعالجة الكثير من الأزمات الاقتصادية في اليمن (رويترز)

تتوالى التأثيرات السلبية على الاقتصاد اليمني، إذ يرجح غالبية المراقبين أن استمرار الصراع سيظل عائقاً أمام إمكانية السماح بالتعافي واستعادة نمو الأنشطة الاقتصادية واستقرار الأسعار وثبات سعر صرف العملة المحلية وتحسين مستوى معيشة السكان.

وتشهد العملة المحلية (الريال اليمني) انهياراً غير مسبوق بعد أن وصل سعر الدولار الواحد خلال الأيام الأخيرة إلى 1890 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، في حين لا تزال أسعار العملات الأجنبية ثابتة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية بقرار انقلابي، كما يقول خبراء الاقتصاد الذين يصفون تلك الأسعار بالوهمية.

الانقسام المصرفي في اليمن يفاقم الأعباء الاقتصادية على المجتمع (رويترز)

وتتواصل معاناة اليمنيين في مختلف المناطق من أزمات معيشية متتالية؛ حيث ترتفع أسعار المواد الأساسية، وتهدد التطورات العسكرية والسياسية، وآخرها الضربات الإسرائيلية لميناء الحديدة، بالمزيد من تفاقم الأوضاع، في حين يتم التعويل على أن يؤدي خفض التصعيد الاقتصادي، الذي جرى الاتفاق حوله أخيراً، إلى التخفيف من تلك المعاناة وتحسين المعيشة.

ويعدّد يوسف المقطري، الأكاديمي والباحث في اقتصاد الحرب، أربعة أسباب أدت إلى اندلاع الحرب في اليمن من منظور اقتصادي، وهي ضعف مستوى دخل الفرد، وضعف هيكل نمو دخل الفرد، وهشاشة الدولة وعدم احتكارها العنف، وعندما تفقد الدولة القدرة على الردع، تبدأ الأطراف المسلحة بالصعود للحصول على الموارد الاقتصادية.

ويوضح المقطري لـ«الشرق الأوسط» أنه عندما لا يتم تداول السلطة من جميع القوى الاجتماعية والسياسية في البلد، تنشأ جهات انقلابية ومتمردة للحصول على السلطة والثروة والحماية، وإذا غابت الدولة المؤسساتية الواضحة، ينشأ الصراع على السلطة والثروة، والحرب تنشأ عادة في الدول الفقيرة.

طلاب يمنيون يتلقون التعليم في مدرسة دمرتها الحرب (البنك الدولي)

ويضيف أن اقتصاد الحرب يتمثل باستمرار الاقتصاد بوسائل بديلة لوسائل الدولة، وهو اقتصاد يتم باستخدام العنف في تسيير الاقتصاد وتعبئة الموارد وتخصيصها لصالح المجهود الحربي الذي يعني غياب التوزيع الذي تستمر الدولة في الحفاظ على استمراريته، بينما يعتاش المتمردون على إيقافه.

إمكانات بلا استقرار

أجمع باحثون اقتصاديون يمنيون في ندوة انعقدت أخيراً على أن استمرار الصراع وعدم التوصل إلى اتفاق سلام أو تحييد المؤسسات والأنشطة الاقتصادية سيجر الاقتصاد إلى مآلات خطيرة على معيشة السكان واستقرار البلاد.

وفي الندوة التي عقدها المركز اليمني المستقل للدراسات الاستراتيجية، عدّت الباحثة الاقتصادية رائدة الذبحاني اليمن بلداً يتمتع بالكثير من الإمكانات والمقدرات الاقتصادية التي تتمثل بالثروات النفطية والغاز والمعادن الثمينة والأحياء البحرية والزراعة وموقعها الاستراتيجي على ممرات طرق الملاحة الدولية، غير أن إمكانية حدوث الاستقرار مرهون بعوامل عدة، على رأسها الاستقرار السياسي والاجتماعي والأمني.

وترى الذبحاني ضرورة تكثيف الاستثمارات الاقتصادية وتشجيع القطاع الخاص بالدعم والتسهيلات لتشجيعه على الاستثمار في مشاريع صديقة للبيئة، مشددة على مشاركة المرأة في السياسات الاقتصادية لتحقيق التنمية الاقتصادية، وعدم إهدار طاقاتها الفاعلة في صنع القرار وإيجاد الحلول المبتكرة، وزيادة أعداد القوى العاملة، إذ يمكن أن تضيف المرأة ما نسبته 26 في المائة من الإنتاج المحلي.

سوق شعبية قديمة وبوابة أثرية في مدينة تعز اليمنية المحاصرة من الحوثيين طوال سنوات الحرب (رويترز)

وفي جانب الإصلاح المصرفي يشترط الباحث رشيد الآنسي إعادة هيكلة البنك المركزي ودعم إدارة السياسة النقدية، وتطوير أنظمة المدفوعات وأنظمة البنك المركزي والربط الشبكي بين البنوك باستثمارات بنكية وتحديث القوانين واللوائح والتعليمات المصرفية، وفقاً لمتطلبات المرحلة، وتقليص أعداد منشآت وشركات الصرافة وتشجيع تحويلها إلى بنوك عبر دمجها.

وركز الآنسي، في ورقته حول إعادة ھندسة البیئة المصرفیة الیمنیة بوصفها ركيزة حیویة لبناء اقتصاد حديث، على ضرورة إلزام شركات الصرافة بإيداع كامل أموال المودعين لديها والحوالات غير المطالب بها كوسيلة للتحكم بالعرض النقدي، ورفع الحد الأدنى من رأسمال البنوك إلى مستويات عالية بما لا يقل عن 100 مليون دولار، وعلى فترات قصيرة لتشجيع وإجبار البنوك على الدمج.

كما دعا إلى إلزام البنوك بتخصيص جزء من أسهمها للاكتتاب العام وإنشاء سوق أوراق مالية خاصة لبيع وشراء أسهم البنوك والحوكمة الحقيقية لها.

انكماش شامل

توقّع البنك الدولي، أواخر الشهر الماضي، انكماش إجمالي الناتج المحلي في اليمن بنسبة واحد في المائة خلال العام الحالي 2024، بعد أن شهد انكماشاً بنسبة 2 في المائة في العام الماضي، ونمواً متواضعاً بواقع 1.5 في المائة في العام الذي يسبقه.

يمنيون ينقلون المياه على ظهور الحمير إذ أدى الصراع إلى تدهور سبل المعيشة (أ.ف.ب)

وبيّن البنك أنه في الفترة ما بين عامي 2015 و2023، شهد اليمن انخفاضاً بنسبة 54 في المائة في نصيب الفرد من إجمالي الناتج المحلي الحقيقي، ما يترك أغلب اليمنيين في دائرة الفقر، بينما يؤثر انعدام الأمن الغذائي على نصف السكان.

ويذهب الباحث الاقتصادي عبد الحميد المساجدي إلى أن السياسة والفعل السياسي لم يخدما الاقتصاد اليمني أو يعملا على تحييده لتجنيب السكان الكوارث الإنسانية، بل بالعكس من ذلك، سعى الحوثيون إلى ترسيخ نظام اقتصادي قائم على الاختلال في توزيع الثروة وتركزها بيد قلة من قياداتهم، مقابل تجويع القاعدة العريضة من المجتمع.

وأشار المساجدي، في مداخلته خلال الندوة، إلى أن هناك ملفات أخرى تؤكد استغلال الحوثيين الملف الاقتصادي لتحقيق مكاسب عسكرية وسياسية، كإنشاء منافذ جمركية مستحدثة، ووقف استيراد الغاز من المناطق المحررة، وإجبار التجار على استيراد بضائعهم عبر ميناء الحديدة، وغير ذلك الكثير.

منشأة نفطية يمنية حيث يعد إنتاج وتصدير النفط أحد أهم موارد الاقتصاد الهش (أرشيفية - غيتي)

وتحدث الباحث الاقتصادي فارس النجار حول القطاع الخدمي الذي يعاني بسبب الحرب وآثارها، مشيراً إلى تضرر شبكة الطرق والنقل، وتراجع إجمالي المسافة التي تنبسط عليها من أكثر من 70 ألف كيلومتر قبل الانقلاب، إلى أقل من 40 ألف كيلومتر حالياً، بعد تعرض الكثير منها للإغلاق والتخريب، وتحولها إلى مواقع عسكرية.

وتعرض النجار إلى ما أصاب قطاع النقل من أضرار كبيرة بفعل الحرب، تضاعفت أخيراً بسبب الهجمات الحوثية في البحر الأحمر، وهو ما ألحق أضراراً بالغة بمعيشة السكان، في حين وضعت الجماعة الحوثية يدها، عبر ما يعرف بالحارس القضائي، على شركات الاتصالات، لتتسبب في تراجع أعداد مستخدمي الهواتف المحمولة من 14 مليوناً إلى 8 ملايين، بحسب إحصائيات البنك الدولي.