إيران في حلب... تعزيزات لـ«النجباء» ومكتب تجنيد لـ«كتائب الإمام علي»

رئيس حركة «النجباء» أكرم الكعبي في منطقة بلدتي نُبل والزهراء قرب حلب عام 2018 (تسنيم)
رئيس حركة «النجباء» أكرم الكعبي في منطقة بلدتي نُبل والزهراء قرب حلب عام 2018 (تسنيم)
TT

إيران في حلب... تعزيزات لـ«النجباء» ومكتب تجنيد لـ«كتائب الإمام علي»

رئيس حركة «النجباء» أكرم الكعبي في منطقة بلدتي نُبل والزهراء قرب حلب عام 2018 (تسنيم)
رئيس حركة «النجباء» أكرم الكعبي في منطقة بلدتي نُبل والزهراء قرب حلب عام 2018 (تسنيم)

أفادت مصادر إعلامية معارضة بافتتاح إيران مكتباً وسط مدينة حلب لتجنيد السوريين في ميليشيا ما تسمى «كتائب الإمام علي» التي يتزعمها الحاج جعفر الباوي الملقب «أبو كوثر» العراقي. وقالت شبكة «عين الفرات» السورية الإخبارية المعارضة إن «كتائب الإمام علي»؛ «الإيرانية»، افتتحت مكتباً لقبول الراغبين في الانتساب إلى صفوفها، بمنطقة الحمدانية وسط مدينة حلب، التي تخضع لسيطرة النظام.
جاء ذلك بالتوازي مع استقدام ميليشيا «حركة النجباء» العراقية التابعة لإيران، تعزيزات عسكرية وأكثر من 850 مسلحاً لتقوية حضورها في حلب، لا سيما بلدة الحاضر بريف حلب الجنوبي حيث تتمركز ميليشيا «حركة النجباء» التي يتزعمها الحاج أكرم الكعبي في بلدة الوضيحي جنوب حلب، والحاج يوسف العراقي في جبل عزان.
وتعد ميليشيا «النجباء» التي تشكلت عام 2013 في العراق وتتبع «الحشد الشعبي»؛ من أولى الميليشيات الشيعية التي أرسلت مقاتلين إلى سوريا منذ تشكيلها، بدعم من إيران، ونشطت في تجنيد عناصر سوريين محليين عام 2015، ليكون لها دور واضح في معارك نبل والزهراء جنوب حلب عام 2015. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية، في مارس (آذار) 2019، إدراج ميليشيا حركة النجباء العراقية وقائدها أكرم الكعبي على قائمة الإرهاب.
مصادر محلية أشارت إلى أن تعزيز الميلشيات الإيرانية في حلب وافتتاح ميليشيا «الإمام علي» مكتباً للتجنيد، جريا بالاتفاق مع النظام؛ إذ تفيد المعلومات باتفاق جرى بين القيادي الإيراني المعروف في حلب الحاج جواد الغفاري، مع وزارة الدفاع بدمشق، على افتتاح مكتب لتنسيب الراغبين السوريين إلى كتائب «الإمام علي» التي تشرف عليها إيران. وقالت المصادر إنه سيجري قبول جميع الراغبين؛ بمن فيهم المنشقون عن النظام والمطلوبون للخدمة العسكرية؛ إذ ستتم تسوية أوضاعهم، مع ضمان كف النظام عن ملاحقتهم؛ الأمر الذي يشكل إغراءً كبيراً لكثير من الشباب السوريين ممن تقطعت بهم السبل ويعيشون أوضاعاً أمنية واقتصادية قاسية. وحسب المعلومات؛ فإن المنتسبين إلى «كتائب الإمام علي»، سيبدأون الخدمة فور التسجيل وذلك بحضور ممثل عن شعبة التجنيد ونائب القاضي المقدم؛ سليم خرشوف، بالإضافة إلى المساعد؛ هارون فوزي.
وبحسب «الشبكة» يلتزم المنتسبون إلى «الكتائب» بدوام مدة 20 يوماً وينالون 10 أيام إجازة في كل شهر، مقابل راتب شهري بقيمة 200 دولار أميركي إذا كان متزوجاً، و150 دولاراً إذا كان أعزب، على أن يخدم ضمن المناطق القريبة من مكان سكنه.
واتجهت إيران إلى تعزيز الميليشيات الطائفية في سوريا، في مواجهة المساعي الروسية إلى الحد من دور الميليشيات الرديفة التي شكلتها إيران عام 2013 من عناصر محلية وأبرزها «الدفاع الوطني» وقوامها مائة ألف مقاتل، وبحسب معلومات إيرانية؛ دربت إيران نحو 70 ألف مقاتل، شكلت بهم 128 فوجاً.
وسعت موسكو بعد الدخول العسكري الروسي إلى ساحة الصراع في سوريا عام 2015، إلى إضعاف تلك الميليشيات لصالح تقوية جيش النظام من خلال تشكيل «الفيلق الخامس» وتنظيم المتطوعين المحليين فيه بوصفهم قوة نظامية. إلا إن إيران؛ التي اعتمدت على الميليشيات الطائفية في تعزيز وجودها العسكري في سوريا، واصلت تشكيل وتدريب الميليشيات الطائفية، ليتجاوز عددها 65 ميليشيا، تضم مرتزقة من دول عدة، إضافة إلى عناصر «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» اللبناني.
وكان «حزب الله» اللبناني قد افتتح مطلع العام الحالي، مكتباً لتجنيد عناصر محليين في دير الزور، ضم إليه عناصر من ميليشيا «الدفاع الوطني»، تحت إغراء راتب شهري يقدر بـ150 دولاراً أميركياً، أي 4 أضعاف ما يتقاضاه العنصر في ميليشيا «الدفاع الوطني».
على صعيد متصل، أفادت مصادر في دير الزور بسقوط قتلى وجرحى في هجوم شنه مجهولون على نقاط لميليشيا «أبو الفضل العباس» التابعة لإيران، في منطقة «أخضر مي» ببادية الميادين شرق دير الزور، كما أطلق مجهولون النار على مجموعة من عناصر «قسد» أثناء احتفالهم بعيد النوروز في بلدة البوحميد غرب دير الزور، ونتج عن ذلك مقتل عنصر وإصابة اثنين آخرين من «قسد».



قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
TT

قائد «الحرس الثوري»: يجب استخلاص العبر... وسوريا ليست مكاناً للتدخل الأجنبي

سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)
سلامي متحدثاً خلال مراسم في طهران أمس (دانشجو)

قال قائد قوات «الحرس الثوري» الإيراني حسين سلامي إن سوريا تمثل «درساً مريراً لإيران» و«ليست مكاناً للتدخل الأجنبي»، متوعداً إسرائيل بـ«دفع ثمن باهظ»، وذلك في ثالث خطاب له منذ سقوط بشار الأسد وانسحاب قواته من سوريا.

ودعا سلامي إلى استخلاص العبر مما حدث في سوريا؛ في إشارة إلى الإطاحة بنظام الأسد على يد قوى المعارضة، وكذلك القصف الإسرائيلي الذي تعرضت له سوريا، وقال: «سوريا درس مرير لنا، ويجب أن نأخذ العبرة».

وأنفقت إيران مليارات الدولارات لدعم بشار الأسد خلال الحرب، ونشرت قوات «الحرس الثوري» في سوريا لإبقاء حليفها في السلطة منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011.

ودافع سلامي مرة أخرى، عن تدخل قواته في سوريا. ونقلت وكالة «فارس» التابعة لـ«الحرس الثوري» عن سلامي قوله، في هذا الصدد، «رأى الجميع أنه عندما كنا هناك، كان الشعب السوري يعيش بكرامة؛ لأننا كنا نسعى لرفع عزتهم».

وصرح سلامي في مراسم تقديم جائزة قاسم سليماني: «لم نذهب لضم جزء من أراضي سوريا إلى أراضينا، ولم نذهب لنجعلها ميداناً لتحقيق مصالحنا الطموحة».

وتطرق إلى الهجمات الإسرائيلية التي طالت مواقع الجيش السوري في الأيام الأخيرة بعد سقوط نظام بشار الأسد، وقال: «حين سقط النظام السوري، رأينا ما يحدث من أحداث مؤسفة. الصهاينة أصبحوا قادرين على رؤية ما بداخل بيوت أهل دمشق من دون الحاجة إلى أسلحة؛ وهذا أمر لا يمكن تحمله».

وقال: «الآن ندرك أنه إذا لم يصمد الجيش ولم تقاوم القوات المسلحة، فإن البلاد بأكملها قد تُحتل في لحظة»، وأعرب عن اعتقاده بأن «الناس في دمشق يفهمون قيمة رجال المقاومة، ويدركون كم هم أعزاء عندما يكونون موجودين، وكيف ستكون الكارثة إذا غابوا».

وأشار سلامي إلى تصريحات المرشد علي خامنئي بشأن سوريا قبل أيام، وقال: «كما قال قائدنا، فإن سوريا ستحرر على يد شبابها الأبطال، وستدفع إسرائيل ثمناً باهظاً، وستدفن في هذه الأرض».

ورأى أن هذا الأمر «يتطلب وقتاً وصموداً عظيماً وعزماً راسخاً وإيماناً جميلاً»، عاداً ذلك من صفات من وصفهم بـ«الشباب المجاهدين في العالم الإسلامي».

وقال سلامي: «نحن ندافع بحزم عن أمننا واستقلالنا ونظامنا ومصالحنا وتاريخنا وديننا. هذه الأرض ليست أرضاً يمكن للغرباء أن ينظروا إليها بنظرة غير لائقة».

وتحدث سلامي الأسبوع الماضي مرتين إلى نواب البرلمان وقادة قواته. وكان أول ظهور لسلامي الثلاثاء أمام المشرعين الإيرانيين في جلسة مغلقة، لم يحضرها إسماعيل قاآني، مسؤول العمليات الخارجية في «الحرس الثوري»، ونقل نواب إيرانيون قوله إن إيران «لم تضعف» إقليمياً.

أما الخميس، فقد تحدث سلامي أمام مجموعة من قادة قواته، وقال: «البعض يّروج لفكرة أنَّ النظام الإيراني قد فقد أذرعه الإقليمية، لكن هذا غير صحيح، النظام لم يفقد أذرعه». وأضاف: «الآن أيضاً، الطرق لدعم (جبهة المقاومة) مفتوحة. الدعم لا يقتصر على سوريا وحدها، وقد تأخذ الأوضاع هناك شكلاً جديداً تدريجياً».

وتباينت رواية سلامي مع رئيس البرلمان، محمد باقر قاليباف، الذي تحدث بدوره الخميس، عن «الاختلال في العمق الاستراتيجي للقوى المرتبطة بالجمهورية الإسلامية»، رغم أنه توقع أن يتمكن «حزب الله» من التكيف مع الظروف الجديدة.

جاءت تصريحات سلامي، الأحد، في وقت ركزت وسائل إعلام «الحرس الثوري» على حملتها في تبرير الوجود الإيراني خلال الحرب الداخلية السورية، وكذلك سقوط نظام بشار الأسد وتداعياته على إيران وأذرعها الإقليمية.

بعد صمت دام أكثر من 48 ساعة من قبل الإعلام الإيراني إزاء الاحتفالات التي عمت سوريا، وخصوصاً دمشق، بسقوط النظام، كما لم تنشر أي من الصحف الإيرانية صوراً على صفحاتها الأولى من الاحتفالات، أبرزت عدد من الصحف في المقابل آثار القصف الإسرائيلي على مواقع عسكرية سورية، وصوراً من كبار المسؤولين في تركيا، والمعارضة السورية.

على المستوى الرسمي ألقت إيران منذ أولى لحظات سقوط الأسد، اللوم على الجيش السوري، وتركيا والولايات المتحدة وإسرائيل في سقوط حليفها.

قاآني خلال تشييع الجنرال عباس نيلفروشان في طهران 15 أكتوبر 2024 (أ.ب)

خالي الوفاض

قال النائب إسماعيل كوثري، مسؤول الملف العسكري في لجنة الأمن القومي، إن «بشار الأسد كان خالي الوفاض ولم يتمكن من كسب رضا الجيش».

وصرح كوثري، وهو قيادي في «الحرس الثوري»، بأن بشار الأسد «فشل في كسب دعم الجيش بسبب افتقاره للموارد وضعف الدعم، ما أدى إلى انهيار الجيش». وأكد أن الاتصال مع إيران استمر حتى اللحظة الأخيرة، لكن بعض المحيطين بالأسد، مثل رئيس الوزراء وبعض قادة الجيش، عرقلوا هذا التواصل.

وأوضح كوثري أن سوريا كانت نقطة عبور وطريقاً مهماً لدعم «حزب الله»، ولكن بعد رفض الحكومة السورية السماح بالدخول، لم تتمكن إيران من التدخل بالقوة. وأضاف أنه خلال فترة «داعش»، دخلت إيران سوريا بناءً على طلب رسمي وساهمت في القضاء على التنظيم، ما حال دون تمدده نحو الحدود الإيرانية.

وتحدث عن الوضع الحالي، مشيراً إلى أن سوريا ما زالت تحت سيطرة «الكيان الصهيوني وأميركا وعملائهم». وبشأن المستقبل، توقع ظهور خلافات «بين القوى التي اجتمعت بأموال أميركية»، مما سيدفع الشعب السوري إلى إدراك الخداع والبحث عن جهات قادرة على تحقيق الأمن وتحسين الاقتصاد.

ملصقات تحمل صورة زاهدي ونائبه محمد هادي حاجي رحيمي خلال مجلس عزاء في السفارة الإيرانية بدمشق أبريل الماضي (أ.ف.ب)

خسائر «الحرس الثوري»

في سياق متصل، قال الجنرال مهدي فرجي، الذي شارك في الحرب السورية، في حديث لوكالة «فارس»، إن إيران بدأت في إرسال القوات «الاستشارية» منذ 2011، مشدداً على ضرورة «تفسير الأوضاع التي كانت في سوريا حينذاك».

وبرر فرجي وجود إيران بظهور تنظيم «داعش» ومنع وصولها إلى حدود إيران. وأشار إلى دور مسؤول العمليات الخارجية السابق قاسم سليماني، الذي قضى في ضربة أميركية مطلع 2020، وقال: «تنسيق الجيش السوري كان عملاً ذا قيمة كبيرة، حينها لم يكن الجيش السوري ملوثاً إلى هذا الحد، ولكن خلال هذه السنوات العشر، أصبح تأثير العدو على الجيش السوري كاملاً».

كما أشار فرجي إلى الدعم الذي قدمه الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد إلى طهران، في الحرب الإيرانية - العراقية في الثمانينات قرن الماضي. وقال: «لقد أرسلت ذخائر بناء على أمر حافظ الأسد»، ونقل عن بشار الأسد قوله: «حافظ الأسد أوصى ابنه بشار قائلاً: طالما أنكم مع إيران، فأنتم موجودون».

وقال فرجي إن الشباب تحت الـ30 شكلوا 90 في المائة من القوات الإيرانية، ونحو 10 في المائة من المحاربين القدامى في حرب الثمانينات؛ في إشارة إلى قادة «الحرس».

وقال إن «الشباب شكلوا أكثر من 90 في المائة من 540 قتيلاً في الدفاع عن الأضرحة».

وهذه أول مرة قيادي من «الحرس الثوري» يشير إلى مقتل أكثر 500 إيراني في الحرب السورية. وهي نسبة أقل بكثير مما أعلنه نائب إيراني الأسبوع الماضي عن مقتل أكثر من ستة آلاف.

وقال النائب محمد منان رئيسي، وهو مندوب مدينة قم، إن إيران خسرت 6000 من قواتها في الحرب الداخلية السورية. وهي أعلى إحصائية يكشف عنها مسؤول إيراني لعدد قتلى القوات التي أطلق عليها مسؤولون إيرانيون اسم «المدافعين عن الأضرحة».

وتعود أعلى إحصائية إلى 2017، عندما أعلن رئيس منظمة «الشهيد» الإيرانية محمد علي شهيدي، مقتل 2100 عنصر من القوات الإيرانية في سوريا والعراق.

ويرفض «الحرس الثوري» تقديم إحصائيات واضحة عن خسائره البشرية والمادية.