المعلومات الجينية تحل ألغاز التاريخ البشري

التسلسل الجيني لبقايا الملك «ريتشارد الثالث» يفحص سمات شخصيته «الشريرة»

المعلومات الجينية تحل ألغاز التاريخ البشري
TT

المعلومات الجينية تحل ألغاز التاريخ البشري

المعلومات الجينية تحل ألغاز التاريخ البشري

شكلت جوانب الاختلاف في التنوع البشري في الأجناس والأعراق محور دراسات علم الأنثروبولوجيا البيولوجية (علم الإنسان الذي يختص بدراسة آليات التطور البيولوجي) منذ ظهوره في أوائل القرن العشرين. ولكن وفي الآونة الأخيرة بدأ استخدام المعلومات الجينية لمعالجة الأسئلة المتعلقة بطبيعة ونطاق التنوع البشري.

- علم الأنساب
ولدراسة هذه الجوانب المتعلقة بأجناس الأفراد وسلالات أجدادهم، تطور علم الأنساب الجيني كثيرا، وهو العلم الذي يطبق علم الوراثة على علم الأنساب. وهو يستند على تحليل الجينوم البشري لإثبات الأسلاف أو على الأقل تقدير احتمالات وجودهم، ووصف درجة القرابة بين الأفراد.
وبينما تقتصر مناهج الأنساب التقليدية على المعلومات المستخرجة من الوثائق الرسمية ما يؤدي غالبا اصطدامها بعقبات بالغة عند تتبع شجرة عائلة الشخص بسبب نقص المعلومات المتاحة، فإن علم الأنساب الجيني يتضمن دراسة الحامض النووي، ولذا فإن نتائج الاختبار يمكن أن تخترق جدار الأنساب هذا وتتبع تاريخ العائلة في الماضي.
ونظرًا لأن الحامض النووي للميتوكوندريا (mtDNA) يحتوي على 10 - 100 ألف نسخة لكل خلية وله بنية بسيطة مقارنة بالحامض النووي الكروموسومي في نواة الخلية، فقد تم تفضيله للتحليل منخفض التكلفة. وبالإضافة إلى ذلك يمكن إعادة بناء خط الأم من الحامض النووي في الميتوكوندريا، إذ في كثير من الأحيان لا يزال هو المصدر الوحيد للمعلومات الجينية بسبب تدهور علامات الحامض النووي في نواة الخلية.

- لغز مقتل الأمراء
يعتقد خبراء الأنثروبولوجيا أن الملك ريتشارد الثالث قتل على الأرجح أولاد أخيه عندما كانوا مجرد أطفال حيث كان الأمراء أبناء الملك إدوارد الرابع وعندما توفي والدهم قام عمهم الملك ريتشارد الثالث بحبسهم في برج لندن بينما كان يقوم بدور الوصي على العرش. وقد أدى اختفاؤهم والاعتقاد بقتلهم عام 1483 إلى لغز «الأمراء في البرج» الذي ظل قائماً منذ فترة طويلة، وهو أكبر قضية ظلت عسيرة على الحل في التاريخ الإنجليزي والتي ما زالت مستمرة حتى يومنا هذا. ويعتقد الكثيرون أن ريتشارد الثالث قتل إدوارد البالغ 12 عامًا وريتشارد البالغ 9 أعوام من أجل تولي العرش لنفسه وقد أصبح أحد أكثر الملوك إثارة للجدل في التاريخ الإنجليزي ومع ذلك لطالما ناقش الخبراء الأدلة التي تدعم هذه النظرية.
وفي فبراير (شباط) 2021 نشر البروفسور تيم ثورنتون أستاذ التاريخ ونائب رئيس جامعة هيدرسفيلد بالمملكة المتحدة دراسة نشرت في مجلة Journal of Historic Association (History) The ادعى أنها يمكن أن تثبت أن «الأمراء في البرج» قتلوا بالفعل على يد الملك ريتشارد الثالث وفي ذات السياق قام العلماء في قسم علم الوراثة بجامعة ليستر البريطانية بوضع تسلسل الجينوم الكامل لآخر ملك بلانتاجنيت Plantagenet King (ملوك بين عام 1216 و1483 والتي سيطرت عليها عوائل يورك ولانكستر). وتقود الفريق البروفسورة توري كينغ من قسم علم الوراثة وبيولوجيا الجينوم بجامعة ليستر البريطانية التي قامت في عام 2013 بمطابقة الحامض النووي من العظام المكتشفة تحت موقف للسيارات في ليستر مع أقارب الملك الأحياء - مما يؤكد أن البقايا تخص الملك.

- سمات الشخصية
إلى جانب تقديم رؤى جديدة حول صحته ومظهره يقوم العلماء أيضا بفحص الارتباطات المحتملة للجينات ذات السمات الشخصية بما في ذلك اضطراب الشخصية والنرجسية والميل إلى ارتكاب العنف. وتقول البروفسورة كينغ في تصريحات نشرها الإعلام البريطاني عن جينوم ريتشارد، إن التحليل يمكن أن يساعد أيضًا في الكشف عن انحناء العمود الفقري لريتشارد الذي شوهد في هيكله العظمي وهو ما حدا شكسبير بأن يقول عنه على أنه أحدب. لكن كينغ قالت إن أي تحليل يسلط الضوء على شخصية ريتشارد كان مجالًا من علم الوراثة لا يزال «غامضًا للغاية»، وقالت إن التطورات لن تثبت أبدًا ما إذا كان ريتشارد «شريرا» لأن عوامل مثل تربيته وخبراته سيكون لها أيضًا تأثير كبير على الشخصية.
وكان قد تم العثور على رفات ريتشارد في عام 2012 من قبل خبراء استخدموا الخرائط التاريخية لتتبع أحد الرهبان حيث تردد أنه دفن بعد أن قتل في معركة. وبعد ثلاثة أسابيع فقط من الحفر في الموقع الذي أصبح موقف سيارات في ليستر عثر علماء الآثار على هيكل عظمي لرجل بالغ كانت بها إصابات تتفق مع وفاته المسجلة في معركة بوسورث فيلد Bosworth Field في عام 1485 كما وجد الهيكل العظمي مصابًا بالتقوس الشديد في العمود الفقري وتم التأكد من أن بقايا ليستر هي لريتشارد في عام 2013 بعد استخراج الحامض النووي ومطابقته مع اثنين من أقارب الملك من الأمهات.
وفي ضوء ذلك الاكتشاف الأخير تحدثت توري كينغ عن مشاركتها في مشروع البحث الذي اكتشف ملك إنجلترا الأخير في المقابلة الحصرية مع The Post Hole في جامعة يورك البريطانية عن تسلسل الحامض النووي لريتشارد الثالث التي تضمنت طريقة استخدام الحامض النووي الخاص به وكذلك الحامض النووي الحديث أولا والمعروف بأنه يتحدر من سلاله أنثوية مستقيمة لأخت ريتشارد الكبرى. وكان لا بد من التحقق من شجرة الأنساب بشكل مستقل وفعلا تم العثور على قريب آخر من سلالة الإناث وافق على المشاركة وفي ذلك يجب أن يتطابق الحامض النووي للميتوكوندريا لكل من هؤلاء الأقارب الحديثين لأنهم مرتبطون من خلال الخط الأنثوي. وإذا كان علم الأنساب صحيحًا فيجب أن يتطابق الحامض النووي أيضًا مع البقايا وهذا ما حدث بشكل أساسي كما تقول كينغ.


مقالات ذات صلة

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علوم علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

علماء يتمكنون من جمع حمض نووي بشري من الهواء والرمال والمياه

تمكنت مجموعة من العلماء من جمع وتحليل الحمض النووي البشري من الهواء في غرفة مزدحمة ومن آثار الأقدام على رمال الشواطئ ومياه المحيطات والأنهار.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
علوم صورة لنموذج يمثل إنسان «نياندرتال» معروضاً في «المتحف الوطني لعصور ما قبل التاريخ» بفرنسا (أ.ف.ب)

دراسة: شكل أنف البشر حالياً تأثر بجينات إنسان «نياندرتال»

أظهرت دراسة جديدة أن شكل أنف الإنسان الحديث قد يكون تأثر جزئياً بالجينات الموروثة من إنسان «نياندرتال».

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

دراسة تطرح نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات

توصلت دراسة جديدة إلى نظرية جديدة بشأن كيفية نشأة القارات على كوكب الأرض مشيرة إلى أن نظرية «تبلور العقيق المعدني» الشهيرة تعتبر تفسيراً بعيد الاحتمال للغاية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق حقن «الخلايا المناعية» علاج واعد لهشاشة العظام

حقن «الخلايا المناعية» علاج واعد لهشاشة العظام

ابتكر علماء من معهد «ويك فورست للطب التجديدي» في ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية، علاجاً واعداً بالخلايا المناعية القابلة للحقن، لمرض هشاشة العظام، وذلك بعد النجاح في فهم المرض وأسباب حدوثه. وتشتمل المفاصل على غشاء زلالي، وهو نسيج ضام يبطن السطح الداخلي للمفصل. ويعمل الغشاء على حماية المفصل، وإفراز سائل تشحيم مملوء بـ«الخلايا السلفية» اللازمة للحفاظ على بيئة صحية، وتوفير حركة خالية من الاحتكاك.

حازم بدر (القاهرة)
علوم روبوتات أمنية في متاجر أميركية

روبوتات أمنية في متاجر أميركية

فوجئ زبائن متاجر «لويز» في فيلادلفيا بمشهدٍ غير متوقّع في مساحة ركن السيّارات الشهر الماضي، لروبوت بطول 1.5 متر، بيضاوي الشكل، يصدر أصواتاً غريبة وهو يتجوّل على الرصيف لتنفيذ مهمّته الأمنية. أطلق البعض عليه اسم «الروبوت النمّام» «snitchBOT». تشكّل روبوتات «كي 5» K5 المستقلة ذاتياً، الأمنية المخصصة للمساحات الخارجية، التي طوّرتها شركة «كنايت سكوب» الأمنية في وادي سيليكون، جزءاً من مشروع تجريبي «لتعزيز الأمن والسلامة في مواقعنا»، حسبما كشف لاري كوستيلّو، مدير التواصل المؤسساتي في «لويز».


تطوير خلايا شمسية مرنة قابلة للطي

تطوير خلايا شمسية مرنة قابلة للطي
TT

تطوير خلايا شمسية مرنة قابلة للطي

تطوير خلايا شمسية مرنة قابلة للطي

قدم باحثون صينيون استراتيجية لتصنيع رقائق سيليكون واسعة النطاق وقابلة للطي وتصنيع خلايا شمسية مرنة، وفقا لمقال بحثي نُشر أخيرا بمجلة «نيتشر» العلمية، وذلك وفق ما نشرت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية.

ووفق الوكالة، نظرا لكَوْن رقائق السيليكون المتبلورة عرضةً للتصدع في الأخاديد الحادة على شكل الحرف (V) بين الهياكل المشابهة لأشكال الأهرامات على سطح الرقائق بالمناطق الهامشية، فمن الضروري تحسين مرونة رقائق السيليكون عن طريق تقليل حدة الأخاديد بين الهياكل الهرمية لجعلها تأخذ شكل الحرف (U) في المناطق الهامشية.

وفي هذا الاطار، يؤكد الباحثون من معهد شانغهاي للنظم الدقيقة وتكنولوجيا المعلومات التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، أن تقنية الحد من شدة الحافة تساعد في الإنتاج التجاري للخلايا الشمسية السيليكونية عالية الكفاءة، والتي يمكن لفها تماما مثل الورقة.

وأشار المقال البحثي إلى أن الخلايا الشمسية تحتفظ بنسبة 100 في المائة من كفاءة تحويل الطاقة الخاصة بها بعد خضوعها لـ1000 دورة من الطي.

وبعد تجميعها في وحدات مرنة كبيرة، تحتفظ هذه الخلايا بأكثر من 99 في المائة من طاقتها بعد دورات تحويل طاقة حرارية لمدة 120 ساعة في بيئة تتراوح درجات حرارتها بين 70 درجة مئوية تحت الصفر و85 درجة مئوية.

علاوة على ذلك، تحتفظ الخلايا بنسبة 96 في المائة من طاقتها بعد 20 دقيقة من التعرض لتدفق الهواء عند توصيلها بكيس غاز ناعم، والذي يحاكي الرياح التي تهب أثناء عاصفة عنيفة.

جدير بالذكر، تم تطبيق الوحدات الكهروضوئية المرنة واسعة النطاق، التي طورها فريق البحث، بنجاح على مركبات الفضاء القريب والخلايا الكهروضوئية على المباني والمركبات.


حديقة علوم صينية لصناعات المستقبل

حديقة علوم صينية لصناعات المستقبل
TT

حديقة علوم صينية لصناعات المستقبل

حديقة علوم صينية لصناعات المستقبل

قالت سلطات مدينة نانجينغ المحلية حاضرة مقاطعة جيانغسو شرق الصين، إنه من المقرر أن تبني حديقة علمية تضم شبكات وصناعات مستقبلية. حيث سيتم بناء الحديقة، التي تركز على مجالات اتصالات الجيل السادس والشبكات الجديدة والمواد المعلوماتية الفائقة، بشكل مشترك من قبل جامعة ساوث إيست ومنطقة جيانغنينغ للتنمية، وفقا لخطة عمل مدتها ثلاث سنوات تم إصدارها بشكل مشترك من قبل حكومة مدينة نانجينغ والجامعة، وذلك وفق ما ذكرت «صحيفة الشعب الصينية أونلاين»، نقلا عن وكالة أنباء «شينخوا» الصينية، اليوم (الخميس).

ووفق الصحيفة،مع مساحة مخططة تبلغ حوالى 16 كيلومترا مربعا، ستضم الحديقة مرافق الابتكار العلمي والتكنولوجي لجامعة ساوث إيست ومختبرات الجبل الأرجواني وتسع مؤسسات بحثية وطنية.

جدير بالذكر، يهدف المجمع إلى استكمال 60 مشروعا بحثيا متعلقا بالتكنولوجيات الأساسية، وجذب 10 آلاف من نخبة المواهب، وتقديم أو دعم احتضان 500 شركة ذات تكنولوجيا عالية بحلول عام 2025.


دهون العضلات مؤشر «خطر» للتدهور المعرفي في الكبر

تتعلق نتائج الدراسة بالأميركيين ذوي الأصل الأفريقي (شاترستوك)
تتعلق نتائج الدراسة بالأميركيين ذوي الأصل الأفريقي (شاترستوك)
TT

دهون العضلات مؤشر «خطر» للتدهور المعرفي في الكبر

تتعلق نتائج الدراسة بالأميركيين ذوي الأصل الأفريقي (شاترستوك)
تتعلق نتائج الدراسة بالأميركيين ذوي الأصل الأفريقي (شاترستوك)

أظهرت نتائج دراسة جديدة أن مستوى الدهون داخل عضلات الجسم - أو ما يعرف بالسمنة العضلية - قد يشير إلى احتمالية تعرض الشخص لتدهور معرفي بمعدل أسرع مع تقدمه في العمر.

في الدراسة التي نُشرت (الأربعاء) في مجلة الجمعية الأميركية لطب الشيخوخة، مثلت الزيادة في الدهون المخزنة في عضلة الفخذ لمدة 5 سنوات مؤشراً خطيراً على التدهور المعرفي.

ووفق مراكز السيطرة الأميركية على الأمراض والوقاية منها (CDC)، فإن التدهور المعرفي شكل من أشكال الضعف الإدراكي وفقدان الذاكرة المتكرر، وأحد الأعراض المبكرة لأمراض مثل ألزهايمر والخرف المرتبط به.

يقول باحثو الدراسة إن هذا الخطر جاء مستقلاً عن خطر الوزن الإجمالي من الدهون الأخرى المترسبة في بقية أجزاء الجسم، ومستقلاً كذلك عن خصائص العضلات (قوة العضلة أو كتلتها)، بل وعن عوامل خطر الخرف التقليدية.

قالت كاترينا روزانو، أستاذ علم الأوبئة في كلية الصحة العامة بجامعة بيتسبرغ ومدير مشارك في معهد الشيخوخة بالجامعة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «كان هذا التأثير مختلفاً عن الأنواع الأخرى من الدهون أو خصائص العضلات. فمع الاعتراف المتزايد بأن مقاييس السمنة والعضلات، هي الأخرى مؤشرات على خطر الإصابة بالخرف في المستقبل، فإن هذا العامل الجديد يعزز مؤشرات التنبؤ بالتدهور المعرفي».

وشددت على أن نتائج الدراسة تشير إلى أن السمنة العضلية يمكن أن تتنبأ بالتدهور المعرفي بالإضافة إلى (وليس بديلاً عن) عوامل خطر الخرف التقليدية الأخرى.

قام باحثو الدراسة بتقييم دهون العضلات في ألف و634 بالغاً تتراوح أعمارهم بين 69 و79 عاماً في السنوات الأولى والسادسة، وقيموا وظائفهم المعرفية في السنوات الأولى والثالثة والخامسة والثامنة والعاشرة. ارتبطت الزيادة في معدلات السمنة العضلية في الفترة من العام الأول إلى العام السادس بالمزيد من التدهور المعرفي، بمعدل أسرع، مع مرور الوقت.

وتتعلق نتائج هذه الدراسة بشكل خاص بالرجال والنساء الأميركيين من ذوي الأصل الأفريقي الذين لديهم دهون عضلية أكبر من نظرائهم من البالغين البيض من غير اللاتينيين.

وأضافت روزانو: «هناك حديث متبادل غني وجذاب، وفق وصفها، بين العضلات والأنسجة الدهنية والدماغ طوال حياتنا، يحدث من خلال العوامل التى يرسلها أعضاء الجسم في مجرى الدم ومنه تصل إلى الدماغ. ومع ذلك، لم يتم بعد اكتشاف الهوية المحددة للعوامل المسؤولة عن ذلك الحديث المتبادل لدى كبار السن».

وقالت إنه «ينبغي أن تصبح الخطوة التالية هي فهم كيف يحدث هذا الاتصال بين الدهون الموجودة في العضلات والدماغ، وما إذا كان تقليل السمنة العضلية يمكن أن يقلل خطر الإصابة بالخرف»، وفق قولها.

وفي حين أن السمنة العضلية لا يتم قياسها حتى الآن بشكل روتيني في بعض نظم الرعاية الطبية، فإنه يمكن قياسها عبر البيانات الصادرة عن الأشعة المقطعية التي يتم الحصول عليها عادة كجزء من إجراءات الرعاية الروتينية للمرضى. تقول روزانو: «تم التحقق من صحة قياسات التصوير المقطعي هذا بالفعل في العديد من الدراسات التي أُجريت على كبار السن في هذا الشأن، وبالتالي يمكن للأطباء الوصول إلى هذه المعلومات دون تكلفة إضافية أو ضياع للوقت في عمل مسح جديد، وهو ما يجنب المرضى التعرض للإشعاع مجدداً».

وأوصت روزانو الأطباء باستخدام هذه النتائج في تقديم المشورة للمرضى، قائلة: «يجب أن يدرك الأطباء أن توزيع السمنة العضلية عامل خطر ومؤشر جديد على الإصابة بالتدهور المعرفي في وقت لاحق من الحياة، وأنها تختلف عن السمنة الكلية وضمور اللحم (تراجع الكتلة العضلية مع التقدم في العمر) لذا يمكن استخدامها في تحسين عملية التنبؤ بهذا الخطر، بالإضافة إلى عوامل الخطر التقليدية الأخرى».


«إنستغرام» منصة رئيسية لشبكات استغلال الأطفال

شعار تطبيق إنستغرام (رويترز)
شعار تطبيق إنستغرام (رويترز)
TT

«إنستغرام» منصة رئيسية لشبكات استغلال الأطفال

شعار تطبيق إنستغرام (رويترز)
شعار تطبيق إنستغرام (رويترز)

تشكّل إنستغرام التابعة لمجموعة «ميتا» المنصة الرئيسية التي تستخدمها شبكات الاستغلال الجنسي للأطفال لتروّج وتبيع من خلالها محتوىً يمثّل استغلالاً جنسياً للقصر، وفقاً لتقرير صادر عن جامعة ستانفورد وصحيفة «وول ستريت جورنال».

وأوضح باحثون من مركز «سايبر بوليسي سنتر» في الجامعة المرموقة الواقعة في سيليكون فالي، أمس الأربعاء أن «شبكات واسعة من الحسابات التي تبدو وكأنها لقاصرين تروج علناً لبيع محتوى إباحي يتناول أطفالاً».

وأضافوا: «إن (إنستغرام) هي في الوقت الراهن أهم منصة لهذه الشبكات مع ميزات مثل خوارزميات توصية المحتوى والرسائل التي تساعد البائعين على التواصل مع المشترين».

وشرحت «وول ستريت جورنال» أن بحثاً بسيطاً عن وسوم على غرار #pedowhore و#preteensex يقود إلى حسابات تستخدم هذه المصطلحات للإعلان عن محتوى يعرض إساءة جنسية للقصر.

وأضافت الصحيفة أن هذه الحسابات تدّعي في كثير من الأحيان «أنها مدارة من قبل الأطفال أنفسهم وتستخدم أسماء مستعارة جنسية صريحة».

ولا تتضمن الحسابات بشكل مباشر ما يُظهر أنها تبيع هذه الصور، لكنها تعرض قوائم لخيارات، من بينها طلب أفعال جنسية محددة، في بعض الحالات.

ورصد باحثو جامعة ستانفورد أيضاً عروضاً لمقاطع الفيديو تحتوي على بهيمية وإيذاء للنفس. وأضافت الصحيفة: «بسعر معين، يكون الأطفال متاحين لـ(لقاءات) شخصية».

وتتهم جمعيات وسلطات رسمية باستمرار «إنستغرام» بعدم توفير الحماية الكافية للأطفال من مخاطر التحرش والإدمان والمشاكل النفسية الناتجة عن تكوين صورة معينة عن الذات.


متطوعون يختبرون عاماً من الحياة على المريخ... من الأرض

بيئة تحاكي المريخ (أ.ف.ب)
بيئة تحاكي المريخ (أ.ف.ب)
TT

متطوعون يختبرون عاماً من الحياة على المريخ... من الأرض

بيئة تحاكي المريخ (أ.ف.ب)
بيئة تحاكي المريخ (أ.ف.ب)

مع أن كيلي هاستون قد لا تكون بالضرورة حلمت في صغرها بالعيش على المريخ، تتأهب لتكريس سنة كاملة من حياتها للكوكب الأحمر، لكنها ستبقى... على الأرض.

كيلي هاستون (أ.ف.ب)

وتقول الكندية البالغة 52 عاما: «سندّعي فقط بأننا هناك».

اعتباراً من نهاية يونيو (حزيران)، ستكون هاستون من بين أربعة متطوعين لتجربة ظروف العيش على كوكب المريخ لمدة اثني عشر شهراً ... في هيوستن بولاية تكساس الأميركية.

وتقول عالمة الأحياء ضاحكة: «لأكون صريحة، لا يزال الأمر غير واقعي إلى حدٍ ما».

بالنسبة إلى وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) التي أجرت مقابلات مع المرشحين واختبرتهم بعناية قبل اختيارهم، فإن هذه التجارب طويلة المدى تجعل من الممكن تقييم سلوك الطاقم في بيئة منعزلة، قبل إرسالهم في مهمة حقيقية.

غرفة جلوس في المريخ على الأرض (أ.ف.ب)

وحذرت الوكالة من أنّ المشاركين سيواجهون أوضاعاً صعبة تشمل أعطالاً في الأجهزة، وتقنيناً للمياه و«مفاجآت» أخرى. كما ستكون ظروف اتصالاتهم مع الخارج مشابهة لتلك، الخاصة بالتواصل بين الأرض والمريخ، أي مع تأخير يصل إلى عشرين دقيقة (40 دقيقة ذهاباً ومثلها إياباً).

وقالت كيلي هاستون لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «أنا أتطلع حقاً لذلك، لكنني أيضاً واقعية». كما وصفت التجربة المرتقبة بأنها «تحدٍ كبير».

هذا الموقع الذي أُطلق عليه اسم «مارس ديون ألفا»، تمت طباعته بتقنية الأبعاد الثلاثية بواسطة شركة أميركية. وتبلغ مساحته 160 متراً مربعاً، ويحتوي على غرف وصالة ألعاب رياضية ومزرعة عمودية لزراعة الخضراوات.

غرفة العمل داخل CHAPEA Mars Dune Alpha في مركز جونسون للفضاء في هيوستن، تكساس (أ.ف.ب)

وتقول كيلي هاستون التي زارت المكان قبل أكثر من عام، قبل تأكيد مشاركتها في صيف عام 2022 «من المدهش أنّ الموقع يبدو فسيحاً للغاية عند الدخول إليه».

وتضيف: «هناك حتى مساحة خارجية» تحاكي بيئة المريخ بالرمال الحمراء، لكن من دون الوجود في الهواء الطلق للإبقاء على الشعور المتخيل بالعيش على الكوكب الأحمر. وسيكون الطاقم قادراً على محاكاة السير في الفضاء الخارجي مع ارتداء بزات فضائية، «وهو أكثر ما أتطلع إليه على الأرجح»، بحسب هاستون.

«مجموعة متماسكة»

عندما علمت كيلي هاستون أن «ناسا» تبحث عن متطوعين، لم تتردد. وتقول: «ملأتُ نموذجاً لتقديم طلب على الفور»، مضيفة: «هذا يتماشى مع الكثير من أهدافي في الحياة، لاستكشاف طرق مختلفة لإجراء البحوث».

وتبدي ارتياحها لفكرة أن تكون أشبه بـ«فأر مختبر»، أي أن تخوض بنفسها «تجربة يمكن أن تعزز استكشاف الفضاء».

وقد التقى أعضاء البعثة الأربعة، وهم (إضافة إلى هاستون) مهندس وطبيب طوارئ وممرضة، أثناء عملية الاختيار.

وتوضح هاستون التي عُينت «قائدة» للمهمة أن «ثمة تفاهماً كبيراً فيما بيننا»، لافتة إلى أن رؤية كيف «سنصبح مجموعة متماسكة وناجحة هو أحد أكثر أجزاء المهمة إثارة».

سيكون التفاهم ضرورياً في هذه المهمة الخاصة التي ستشمل عمليات تنظيف وإعداد وجبات.

ومن المرتقب إجراء تدريب لمدة شهر في هيوستن، قبل الدخول إلى موقع التجربة.

لكن ماذا سيحدث في حالة الطوارئ، على سبيل المثال طبياً؟

تشرح كيلي هاستون: «بالطبع، إذا أصيب شخص ما، سيكون ذلك سبباً للخروج بهدف العلاج».

ولكن بالنسبة للحالات التي يمكن حلها بواسطة الطاقم، سيتم توفير إجراءات لازمة لذلك. وقد تم التفكير مسبقاً في طرق مناسبة للإبلاغ مثلاً عن مشكلة عائلية لدى أفراد الطاقم.

عزل

توضح هاستون أن أكبر مصدر للقلق لديها يتمثل في الابتعاد عن شريك حياتها وأقاربها. وستكون قادرة فقط على التواصل معهم بشكل منتظم عبر البريد الإلكتروني، ونادراً من خلال مقاطع فيديو، من دون أي تواصل حيّ.

وتقول إنها ستفتقد بالتأكيد التواجد في الخارج ورؤية الجبال أو البحر أيضاً.

وفيما تبقى من أمور، تعتزم هاستون الاعتماد على تجاربها السابقة، بينها مشاركتها في مهمة علمية في أفريقيا لدراسة الخصائص الجينية للضفادع. وقد أمضت عدة أشهر نائمة في سيارة أو في خيمة مع أربعة أشخاص، من دون هاتف محمول موثوق به.

هذه المتخصصة في بيولوجيا الخلايا عملت في السنوات الأخيرة مع شركات ناشئة في كاليفورنيا، حيث درست. وهي متخصصة في البحث عن الخلايا الجذعية لمحاربة بعض الأمراض بشكل أفضل.

هذه المهمة هي الأولى من ثلاث مهمات خططت لها وكالة «ناسا»، وتمّ جمعها تحت عنوان (CHAPEA Crew Health and Performance Exploration Analog) أي «صحة الطاقم وتناظرية استكشاف الأداء».

وأجريت تجربة لمدة عام لمحاكاة الحياة على المريخ في 2015-2016 في هاواي، شاركت «ناسا» فيها لكنها لم تكن مسؤولة بشكل مباشر عن هذه المهمات المسماة HI-SEAS.

من خلال برنامج «أرتيميس»، أطلقت وكالة الفضاء الأميركية مهام عودة البشر إلى القمر، التي تهدف إلى التحضير لرحلة إلى المريخ - ربما في أواخر 2030.


«جيمس ويب» يكتشف جزيئات بعيدة في الكون!

«جيمس ويب» يكتشف جزيئات بعيدة في الكون!
TT

«جيمس ويب» يكتشف جزيئات بعيدة في الكون!

«جيمس ويب» يكتشف جزيئات بعيدة في الكون!

اكتشف فريق دولي من علماء الفلك جزيئات عضوية معقدة في أبعد مجرة حتى الآن باستخدام تلسكوب «جيمس ويب» الفضائي التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا).

ويوضح اكتشاف الجزيئات، المألوفة على الأرض من الدخان والسخام والضباب الدخاني، قوة تلسكوب ويب للمساعدة في فهم الكيمياء المعقدة التي تسير جنبًا إلى جنب مع ولادة النجوم الجديدة حتى في الفترات الأولى من الكون.

وفي السياق، عثر عالم الفلك جاستن سبيلكر بجامعة تكساس إيه آند إم ومعاونوه على جزيئات عضوية في مجرة تبعد أكثر من 12 مليار سنة ضوئية، وذلك وفق ما نشر موقع «eurekalert» العلمي.

وتم اكتشاف المجرة لأول مرة بواسطة تلسكوب القطب الجنوبي التابع لمؤسسة العلوم الوطنية عام 2013؛ ومنذ ذلك الحين تمت دراستها من قبل العديد من المراصد، بما في ذلك التلسكوب الراديوي ALMA وتلسكوب هابل الفضائي.

ويشير سبيلكر إلى أن الاكتشاف، الذي نُشر هذا الأسبوع بمجلة «Nature»،كان ممكنًا من خلال القوى المشتركة لويب مع القليل من المساعدة من ظاهرة تسمى «عدسة الجاذبية»؛ التي تنبأت بها في الأصل نظرية النسبية لألبرت آينشتاين ، وتحدث عندما تكون مجرتان متوازيتان تمامًا تقريبًا من وجهة نظرنا على الأرض. فيتم شد الضوء من المجرة الخلفية وتضخيمها بواسطة المجرة الأمامية إلى شكل يشبه الحلقة، يُعرف باسم حلقة آينشتاين.

وفي هذا الاطار، يقول سبيلكر الأستاذ المساعد بقسم الفيزياء وعلم الفلك بالجامعة عضو معهد سينثيا وودز ميتشل للفيزياء الأساسية وعلم الفلك «هذا المستوى من التكبير هو في الواقع ما جعلنا مهتمين بالنظر إلى هذه المجرة باستخدام ويب في المقام الأول، لأنه يتيح لنا حقًا رؤية كل التفاصيل الغنية لتكوينات مجرة في بدايات الكون ولم نتمكن من ذلك قبلا».

كما وجدت البيانات المأخوذة من التلسكوب توقيعًا واضحًا للجزيئات العضوية الكبيرة المشابهة للضباب والدخان (وهي كتل بناء من نفس انبعاثات الهيدروكربون المسببة للسرطان على الأرض والتي تعد من المساهمين الرئيسيين في تلوث الغلاف الجوي).

مع ذلك، يبين سبيلكر أن الآثار المترتبة على إشارات دخان المجرة أقل كارثية على نظمها البيئية الكونية. موضحا «هذه الجزيئات الكبيرة شائعة جدًا في الفضاء. وقد اعتاد علماء الفلك على الاعتقاد بأنها كانت علامة جيدة على تشكل نجوم جديدة. ... لكن تظهر النتائج الجديدة لبيانات ويب أن هذه الفكرة قد لا تكون صحيحة تمامًا في بدايات الكون؛ إذ انه بفضل الصور عالية الدقة من التلسكوب، وجدنا الكثير من المناطق التي بها دخان وليس بها تشكل نجوم، وأخرى بها نجوم جديدة تتشكل ولكن لا يوجد دخان».

من جهته، أشار كيدار فادك طالب دراسات عليا بجامعة إلينوي الذي قاد التطوير التقني لملاحظات ويب «ان اكتشافات مثل هذه هي بالضبط ما تم بناء ويب من أجل فهمها وفهم المراحل الأولى من الكون بطرق جديدة ومثيرة؛ إنه لأمر مدهش أن نتمكن من تحديد الجزيئات التي تبعد مليارات السنين الضوئية التي نعرفها هنا على الأرض، حتى لو ظهرت بطرق لا نحبها كالضباب الدخاني».


آثار البشر في الطبيعة تخلّف كنوزاً جينية

آثار البشر في الطبيعة تخلّف كنوزاً جينية
TT

آثار البشر في الطبيعة تخلّف كنوزاً جينية

آثار البشر في الطبيعة تخلّف كنوزاً جينية

أراد دايفيد دافي، عالم الوراثة المتخصص في الحياة البريّة في جامعة فلوريدا، تطوير طريقة أفضل لمراقبة أمراض السلاحف البحرية فقط... ولكنّه عثر على الحمض النووي البشري في كلّ مكان.

حمض نووي بيئي

طوّر علماء الحياة البريّة خلال العقد الماضي تقنياتٍ لرفع الحمض النووي البيئي environmental DNA أو eDNA، وهو عبارة عن كميّات ضئيلة من المواد الوراثية التي تتركها المخلوقات الحيّة خلفها. يعتبر علماء البيئة أنّ هذه الأداة الفعّالة وغير المكلفة موجودة في كلّ مكان، في الهواء، والمياه، والثلج، والعسل، وحتّى في فنجان الشاي.

ويستخدم الباحثون هذه الوسيلة لرصد الأنواع التدخلية الغازِية قبل سيطرتها، ولتعقّب مجموعات الحياة البريّة الهشّة أو المفرزة، وحتّى لإعادة اكتشاف أنواع يُعتقد أنّها انقرضت. وتُستخدم تقنية الحمض النووي البيئي أيضاً في أنظمة مراقبة مياه الصرف لرصد الفيروسات مثل الكوفيد.

وعثر العلماء الذين يستخدمون الحمض النووي البيئي طوال فترات عملهم على كميات من الحمض النووي البشري التي يعتبرونها نوعاً من التلوّث، أو نوعاً من الوجود العرضي للجينات البشرية التي تلطّخ بياناتهم.

أثر بشري

الآن، ما الذي قد يحصل إذا تعمّد أحدهم جمع الحمض النووي البيئي العائد للبشر؟

تشير إيرين مورفي، أستاذة القانون في كليّة الحقوق في جامعة نيويورك والمتخصصة في استخدام التقنيات الجديدة في القانون الجنائي، إلى أنّ مسؤولي إنفاذ القانون ينجذبون إلى تقنيات جمع الحمض النووي الجديدة، حيث سارعت أجهزة الشرطة إلى الاستفادة من أدوات غير مثبتة الفاعلية، كاستخدام الحمض النووي لوضع رسوم محتملة للمشتبه بهم.

يترتّب على هذا الأمر حصول معضلات على مستوى الخصوصية والحريّات المدنية، خصوصاً وأنّ التطوّرات التقنية باتت تتيح جمع المزيد من المعلومات من عيّنات أصغر فأصغر من الحمض النووي البيئي. استخدم دافي وزملاؤه تقنية متوفرة وغير مكلفة لمعرفة كمّ المعلومات الذي قد يحصلون عليه من حمضٍ نووي بشري جُمع من ظروف بيئة متنوّعة مثل الممرّات المائية الخارجية والهواء داخل أحد المباني.

وأظهرت نتائج بحثهم، الذي نُشر في 15 مايو (أيّار) في دورية «نيتشر إيكولوجي آند إيفولشن»، أنّ العلماء يستطيعون الحصول على معلومات طبية وأخرى متعلّقة بالنّسب من كسرات من الحمض النووي البشري المنتشر في البيئة المحيطة.

يقول علماء الأخلاقيات الجنائية والقانون إنّ نتائج بحث فريق جامعة فلوريدا تبرز ضرورة وضع قوانين للخصوصية الجينية الشاملة. وتسلّط هذه النتائج الضوء أيضاً على غياب التوازن في القواعد الضابطة لهذه التقنيات في الولايات المتحدة - الأمر الذي يسهّل على مسؤولي إنفاذ القانون توظيف تقنيات غير ناضجة؛ وذلك مقابل الصعوبات التي يواجهها الباحثون للحصول على تراخيص للدراسات المطلوبة لإثبات فعالية نظام معيّن جديد.

مهملات أم كنوز جينية؟

اتّضح منذ عقود أنّ كسرات من حمضنا النووي منتشرة في كلّ مكان، ولكنّ الأمر لم يبدُ مهماً في الماضي. فقد اعتقد العلماء أنّ الحمض النووي المنتشر في البيئة المحيطة متفكّك وأصغر بكثير من أن يكون لرفعه تأثير، وأضعف بكثير من أن يُستخدم لتحديد هوية إنسان إلّا في حال كان صادراً من عيّنات واضحة المعالم كبقعة دم أو جسمٍ ما لمسه أحدهم.

ولكنّ الباحثين في مجال الحياة البريّة اهتمّوا بالحمض النووي البيئي لأنّهم في الأصل يبحثون عن أجزاء صغيرة جداً من الحمض النووي لمسح ما يسمّونه «الباركود» (الرمز الخطي الرقمي) الذي يحدّد النوع الحيّ الذي تنتمي إليه المخلوقات باستخدام عيّنة. ولكن بعد العثور على مستويات «مفاجئة» من الحمض النووي البشري في عيّناتهم خلال مراقبتهم مرضاً تعاني منه السلاحف البحرية في فلوريدا، قرّر دافي وزملاؤه العمل لرسم صورة أدقّ عن حالة الحمض النووي البشري في البيئة المحيطة، ولتبيان كمّ المعلومات التي قد يكشفها عن النّاس في المنطقة.

لإثبات نجاح تقنيتهم في واحدة من تجاربهم، رفع الفريق عيّنة من المياه بحجم قدح كبير من جدول ماء في منطقة سانت أوغسطين في فلوريدا، ومن ثمّ أدخلوا المادّة الجينية التي رفعوها من العيّنة في جهاز يتيح للباحثين قراءة وصلات أطول من الحمض النووي. يأتي الجهاز، الذي استخدموه وتبلغ تكلفته 1000 دولار، بحجم ولّاعة السجائر ويتصل باللابتوب كمحرّك الذاكرة الفلاشية.

رفع الفريق من العيّنات حمضاً نووياً بشرياً أوضح وأدقّ ممّا توقّعوا في وقتٍ بات توسّع المعرفة في مجال الجينات البشرية يضمن كشف كمٍّ هائل من المعلومات من تحليل عيّنات محدودة.

رفع الباحثون حمضاً نووياً ميتوكندريّاً (نسبةً للميتوكندريا - منطقة تحيط بالخلية البشرية) كافياً - انتقل مباشرةً من الأمّ إلى الطفل في آلاف الأجيال - لرسم صورة للنسب الجيني لمجموعة بشرية تعيش حول الجدول، وبالكاد تتوافق مع التكوين العرقي الوارد في أحدث إحصاء بياني للمنطقة (رغم أنّ الباحثين يعتبرون أنّ الهوية العرقية عاملٌ ضعيف في النسب الجيني). ووجد الباحثون أنّ عيّنة ميتوكندرية واحدة كانت كافية لتلبية شروط قاعدة البيانات الفيدرالية للمفقودين. كما وجدوا طفرات بارزة تحمل مخاطر عالية للإصابة بالسكري، ومشاكل القلب، وأمراض عدّة في العينين.

تحاليل جنائية

من جهتها، قالت آنّا لويس، باحثة في جامعة هارفارد متخصّصة في التبعات الأخلاقية والقانونية والاجتماعية للبحث الجيني، إنّ الحمض النووي البيئي لم يُناقش بشكلٍ مستفيض على مستوى خبراء أخلاقيات علم الأحياء. ولكنّ هذا النقاش سيحصل حتماً بعد نتائج بحث دافي وزملائه.

وأضافت لويس أنّ التقنية التي ترتكز على الحمض النووي البيئي يمكن استخدامها لمتابعة بعض أنواع النّاس - كالأشخاص الذين يتحدّرون من أنساب معيّنة مثلاً أو يعانون أمراضاً أو إعاقات محدّدة.

ويوافق الباحثون على أنّ تبعات هذه الاستخدامات تتوقّف على من يستخدم التقنية ولماذا. صحيحٌ أنّ عيّنات الحمض النووي البيئي المرفوعة من المحيط قد تساعد باحثي الصحّة العامّة في تحديد نسبة حصول طفرة مسبّبة لمرضٍ ما، إلّا أنّ هذه العيّنة نفسها قد تساهم في تحديد مواقع الأقليّات العرقية واضطهادها.

ترى لويس أنّ «هذا الأمر يمنح السلطات أداةً فعّالة جديدة. عالمياً، توجد أسباب كثيرة للشعور بالقلق»، لافتةً إلى أنّ دولاً كالصين بدأت في إجراء ملاحقات جينية واسعة وصريحة للأقليّات، وأنّ الأدوات الشبيهة بتحليل الحمض النووي البيئي تسهّل هذه الملاحقات.

قد تتحوّل الأبحاث في الحمض النووي البيئي البشري أيضاً إلى حقل ألغام أخلاقي. إلا أن ذلك يعتمد على مدى قدرة هذه الأبحاث على تحديد هويّة الفرد، الأمر الذي بات ممكناً في بعض الحالات.

كشف روبرت أوبراين، عالم أحياء جنائي في جامعة فلوريدا الدولية ومحلّل سابق للحمض النووي في أحد المختبرات الجنائية، عن أنّ نوع البيانات الجينية التي رفعها دافي وزملاؤه من أماكن عامّة لا تنفع في الوسائل التي يستخدمها عناصر إنفاذ القانون حالياً في الولايات المتحدة لتحديد هوية الأفراد.

وشرح أوبراين أنّه عندما يقارن محلّلو الحمض النووي العاملون في مجال إنفاذ القانون عيّنة من مسرح الجريمة بمشتبهٍ به، يدقّقون في 20 علامة مختلفة في الجينوم البشري يتمّ التحقّق منها في نظام برنامج فهرسة الحمض النووي الوراثي الموحد التّابع لمكتب التحقيقات الفيدرالي المعروف بـ«كوديس». ولكنّ هذه العلامات تنفع فقط في حال تأكّد تحدّر عددٍ منها من الشخص نفسه. ولكنّ أجزاء الحمض النووي البيئي التي درسها دافي لا تستطيع رصد أكثر من علامة واحدة في كلّ مرّة.

في المقابل، يرجّح الباحثون الجنائيون أن تحديد هوية الأفراد باستخدام الحمض النووي البيئي باتت ممكنة في الأماكن المغلقة التي يتواجد فيها عددٌ قليل من الأشخاص. وكان فريقٌ بحثي من مركز الأبحاث الجنائية التّابع لمستشفى أوسلو الجامعي قد اختبر في أكتوبر (تشرين الأوّل) الماضي تقنية جديدة لرفع الحمض النووي البشري من عيّنات من الهواء، ونجح في بناء ملفات حمض نووي وراثية كاملة من حمض نووي انتقل عبر الهواء في داخل أحد المكاتب.

* خدمة «نيويورك تايمز»


تقنيات «إنترنت الأجسام» لأجهزة استشعار طبية شخصية

TT

تقنيات «إنترنت الأجسام» لأجهزة استشعار طبية شخصية

يسمح إنترنت الأشياء بالربط بين عدد كبير من الأجهزة لتسهيل عملها وإضفاء مستوى غير مسبوق من العمق على البيانات التي تجمعها هذه الأجهزة عن عالمنا. وتعتمد المركبات ذاتية القيادة والمنازل الذكية، على سبيل المثال، على تقنيات إنترنت الأشياء لأغراض المراقبة والتحكم.

إنترنت الأجسام

ولكن ماذا لو تم تطبيق الفكرة نفسها على أجسامنا بهدف مراقبتها وتنبيهنا بأي تغيير في إشاراتنا الصحية؟ هذا هو المفهوم الكامن وراء إنترنت الأجسام.

من هذا المنطلق، أظهر باحثو جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أن بإمكان تقنية اتصال الجسد البشرية (HBC) Human body communication، التي تستغل خواص أنسجة الجسم، وهي خواص توصيلية في معظمها، لنقلَ البيانات نقلاً آمناً وموفِّراً للطاقة بين الأجهزة الطبية القابلة للارتداء والمزروعة والمبتلعة. وتُمهِّد هذه النتائج الطريق ليصبح الربط بين الأجهزة اللاسلكية طويلة الأمد أساساً تنطلق منه فكرة إنترنت الأجسام (IoB).

يقول البروفيسور أحمد الطويل، أستاذ الهندسة الكهربائية والحاسب الآلي في الجامعة وأحد أعضاء الفريق البحثي «إن إنترنت الأجسام عبارة عن شبكة من الأشياء الذكية القابلة للارتداء والزرع والابتلاع والحقن، وهي تسمح بإجراء الاتصالات بين الأجهزة داخل الجسم وعليه وخارجه. على سبيل المثال، يمكن الربط بين الساعات الذكية والأحذية الذكية وأجهزة تنظيم ضربات القلب وقواقع الأُذُن المُستزرَعة؛ لمراقبة المؤشرات الحيوية لدينا».

ومع ذلك، فإن الربط بين هذه الأجهزة باستخدام موجات الراديو، مثل تلك المستخدمة في شبكات الاتصال اللاسلكي «واي فاي» Wi-Fi، وهي التقنية المستخدمة عادةً لمثل هذه التطبيقات، يمكن أن ينتج منه تسرب إشارات خارجية شاردة قد تسمح بالتنصت أو القرصنة الحيوية، فضلاً عن إهدار الطاقة.

بيانات عبر أنسجة الجسم

وبعد دراسة شاملة لتقنيات الربط المطروحة في مجال إنترنت الأجسام، توصَّل الطويل وزملاؤه، الدكتور عبد القادر تشيليك والباحثة عبير العمودي والبروفيسور خالد سلامة، إلى أن تقنية اتصال الأجسام البشرية هي الأفضل؛ نظراً لأن مستقبلها يبدو واعداً أكثر من غيرها.

يوضح الدكتور تشيليك «تَستخدم تقنيةُ اتصال الأجسام البشرية إشاراتٍ كهربائية دقيقة غير ضارة لنقل البيانات عبر أنسجة الجسم الموصِّلة. ولا تقتصر مميزاتها على أن استهلاكها من الطاقة أقل ألف مرة لكل بِتْ (وحدة معلومات) مقارنةً بموجات الراديو فحسب، بل تتمتع أيضاً بقنوات اتصال جودتها أفضل بكثير». وعلاوة على ذلك، فإن إمكانات تقنية اتصال الأجسام البشرية ليست محصورة في الربط الشبكي بين الأجهزة؛ فعلى سبيل المثال، تُعد الخصائص التوصيلية للجسم فريدة من نوعها لأنها تختلف من شخص إلى آخر، تماماً مثل بصمة الإصبع. ومن ثَمَّ، يمكن الاستفادة من هذه التقنية في إتمام «المصادقة الحيوية». يضيف تشيليك «تخيل سيناريو يمكنك فيه إثبات أنك المالك الحقيقي لسيارة أو حاسوب محمول بمجرد لمس عجلة قيادة تلك السيارة أو المفاتيح الموجودة على ذلك الحاسوب». ومن هذا المنطلق، يذهب الباحثون إلى أن استخدام إنترنت الأجسام (IoB) لقنوات جسم الإنسان قد يمثل فتحاً تقنياً في العديد من القطاعات، مثل الرعاية الصحية الشخصية، ومراقبة المرضى عن بعد، والمنازل الذكية، ومساكن الرعاية المستقلة، والصحة والسلامة المهنية، واللياقة البدنية، والرياضة، والترفيه. ويعلِّق الطويل «على الرغم من أن هناك العديد من التحديات التقنية التي لا نزال في حاجة إلى التعامل معها، ومن ذلك تطوير واجهات قوية وسلسة تتيح الاتصال بين المستشعر وجسم الإنسان، فإن اتصال الأجسام البشرية بالطبع يمهّد الطريق لابتكار أجهزة استشعار جسم تتميز بصغر حجمها، ورخص ثمنها، وقلة استهلاكها للطاقة».


«الخلايا الخالدة» تحل أزمة اللحوم المستزرعة

لحم مستزرع أنتجه علماء من هولندا عام 2013
لحم مستزرع أنتجه علماء من هولندا عام 2013
TT

«الخلايا الخالدة» تحل أزمة اللحوم المستزرعة

لحم مستزرع أنتجه علماء من هولندا عام 2013
لحم مستزرع أنتجه علماء من هولندا عام 2013

يزداد الحديث عن اللحوم المستزرعة كحل لأزمة الغذاء عالمياً، في ظل تزايد الطلب على اللحوم نتيجة الزيادة السكانية، وعدم وجود عدد كافٍ من رؤوس الماشية يكافئ الطلب. إلا أن الانتقاد الرئيسي لهذه الفكرة، التي أثبتت كفاءة من الناحية النظرية، أنه وإن كان بالإمكان استنبات اللحوم باستخدام الخلايا الجذعية، إلا أن التكلفة الاقتصادية المرتفعة لهذه العملية، لا تجعلها فكرة عملية، وهي المشكلة التي يزعم فريق بحثي من جامعة «تافتس»الأميركية أنه نجح في حلها، عبر استخدام «خلايا جذعية خالدة»، وتم الإعلان عن تفاصيل هذا الحل في 5 مايو (أيار) بدورية «علم الأحياء التركيبي ACS Synthetic Biology».

تبدأ عملية تصنيع «اللحوم المستزرعة»، بالحصول على الخلايا الجذعية من الحيوان، ثم تُزرع في مفاعلات حيوية بكثافات وأحجام عالية على غرار ما يحدث داخل جسم الحيوان، وتتم تغذية الخلايا بوسط مستنبت غني بالأكسجين يتكون من العناصر الغذائية الأساسية مثل الأحماض الأمينية والغلوكوز والفيتامينات والأملاح غير العضوية، وتُضاف إليها البروتينات وعوامل النمو الأخرى، وتؤدي التغييرات في التركيبة المتوسطة، إلى تحفيز الخلايا غير الناضجة على التمايز إلى العضلات الهيكلية والدهون والأنسجة الضامة التي تتكون منها اللحوم، ثم يتم حصاد الخلايا المتمايزة وتحضيرها وتعبئتها في المنتجات النهائية، وتستغرق هذه العملية ما بين 2 و8 أسابيع، اعتماداً على نوع اللحم الذي تتم زراعته.

تحتاج هذه العملية وفق هذه الخطوات التي تم تفصيلها في دراسة لباحثين من جامعة طوكيو اليابانية، نشرتها دورية «ساينس إن فود» في مارس (آذار) 2021، إلى مصدر دائم من الخلايا الجذعية العضلية المأخوذة من الحيوانات، لكن عادة ما تنقسم (تتكاثر) هذه الخلايا ما يقرب من 50 مرة فقط قبل أن تبدأ في التقدم في العمر وتصبح غير قابلة للحياة، وبالتالي يتعين الحصول على خلايا جديدة، وهي عملية مكلفة اقتصادياً، لكن «الخلايا الخالدة» التي طوّرها الباحثون تعد بإنتاج مستدام للحوم بكميات كبيرة وباقتصاديات أقل.

ولتحويل الخلايا الجذعية لعضلات الأبقار العادية إلى خلايا جذعية خالدة، هناك خطوتان أساسيتان تم الإعلان عنهما خلال الدراسة، الأولى هي هندسة الخلايا الجذعية للأبقار لإعادة بناء «التيلوميرات» الخاصة بها باستمرار؛ ما يحافظ بشكل فعال على كروموسوماتها «شابة» وجاهزة لجولة أخرى من التكاثر والانقسام الخلوي.

يقول أندرو ستاوت، من مركز جامعة تافتس للزراعة الخلوية، والباحث الرئيسي بالدراسة، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للجامعة في 10 مايو إن «معظم الخلايا تبدأ أثناء انقسامها وتقدُّمها بالعمر، في فقدان الحمض النووي في نهايات الكروموسومات الخاصة بها، والتي تسمى التيلوميرات، مثل الحبال البالية التي تتآكل مع الاستخدام، ويمكن أن يؤدي هذا إلى حدوث أخطاء عند نسخ الحمض النووي أو إصلاحه، ويمكن أن يتسبب ذلك أيضاً في فقد الجينات، وفي النهاية موت الخلايا، لكن خطوتنا الأولى تحل تلك المشكلة».

كانت الخطوة الأخرى، هي تخليد الخلايا، أي جعلها تنتج باستمرار بروتيناً يحفز مرحلة حرجة من انقسام الخلايا، وهذا يشحن العملية بشكل فعال ويساعد الخلايا على النمو بشكل أسرع، كما يوضح ستاوت.

والخلايا الجذعية للعضلات ليست المنتج النهائي الذي يريد المرء تناوله، فلا يجب أن تنقسم وتنمو فحسب، بل يجب أن تتمايز أيضاً إلى خلايا عضلية ناضجة تماماً مثل خلايا العضلات التي نتناولها في شريحة لحم أو فيليه، وقد وجد ستاوت وفريقه البحثي أن الخلايا الجذعية الجديدة تمايزت بالفعل إلى خلايا عضلية ناضجة، رغم أنها ليست متطابقة تماماً مع خلايا العضلات الحيوانية أو خلايا العضلات من الخلايا الجذعية التقليدية للأبقار.

يقول ديفيد كابلان، من مركز جامعة تافتس للزراعة الخلوية والباحث المشارك بالدراسة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذه النتيجة تعني أنه يمكن للباحثين والشركات في جميع أنحاء العالم الوصول إلى منتجات جديدة وتطويرها دون الحاجة إلى مصدر الخلايا بشكل متكرر من خزعات حيوانات المزرعة».

يضيف «رغم أن اللحوم المزروعة بالخلايا حظيت باهتمام وسائل الإعلام بعد الموافقة المبدئية لإدارة الغذاء والدواء على الدجاج المستزرع، فإن المنتجات لا تزال باهظة الثمن ويصعب توسيع نطاقها، وهي المشكلة التي يمكن أن نكون قد قطعنا خطوة مهمة في طريق حلها».


الغرب يعمل على «مدونة سلوك» مشتركة للذكاء الاصطناعي

يطمح الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون أول من يضع إطاراً قانونياً متكاملاً وإلزامياً للحد من تجاوزات الذكاء الاصطناعي (أرشيفية - رويترز)
يطمح الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون أول من يضع إطاراً قانونياً متكاملاً وإلزامياً للحد من تجاوزات الذكاء الاصطناعي (أرشيفية - رويترز)
TT

الغرب يعمل على «مدونة سلوك» مشتركة للذكاء الاصطناعي

يطمح الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون أول من يضع إطاراً قانونياً متكاملاً وإلزامياً للحد من تجاوزات الذكاء الاصطناعي (أرشيفية - رويترز)
يطمح الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون أول من يضع إطاراً قانونياً متكاملاً وإلزامياً للحد من تجاوزات الذكاء الاصطناعي (أرشيفية - رويترز)

أعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، اليوم (الأربعاء)، مشروع «مدونة سلوك» مشتركة للذكاء الاصطناعي تكون متاحة لشركات هذا القطاع، على أساس تطبيق طوعي، بمواجهة مخاطر فرض الصين نهجها في تنظيم قطاع يشهد فورة كبيرة.

ويظهر إجماع عبر العالم، يشمل المسؤولين السياسيين ومبتكري القطاع، على الحاجة إلى تحديد إطار لتكنولوجيا ثورية تنطوي على مخاطر كبرى بحصول تجاوزات.

وبعد اجتماع في شمال السويد، صرح وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أن الغربيين يشعرون بـ«الحاجة الملحة» إلى التحرك، مع تسليط الأضواء على هذه التكنولوجيا وأدواتها الثورية، مثل روبوت الدردشة «تشات جي بي تي».

وقال، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع مسؤولين كبار في بروكسل، إن مدونة السلوك «ستكون مفتوحة لكل الدول التي تتشاطر الذهنية ذاتها».

من جهتها، أفادت نائبة رئيسة المفوضية الأوروبية للمنافسة مارغريتي فيستاغر، المعروفة بصراعاتها مع عمالقة الإنترنت الأميركيين، أنه سيتم طرح نسخة أولية «خلال الأسابيع المقبلة».

وقالت المفوضة الدنماركية، خلال المؤتمر الصحافي المشترك مع بلينكن: «نعتقد أنه من المهم فعلاً أن يرى المواطنون أن الديمقراطيات تتحرك».

وأضافت أن الهدف هو التوصل «في وقت قريب جداً» إلى اقتراح نهائي على أمل ضم «أوسع دائرة ممكنة» من الدول، ذاكرة في هذا السياق «أصدقاءنا في كندا والمملكة المتحدة واليابان والهند».

ويخشى الأميركيون والأوروبيون أن تفرض الصين معاييرها في هذا المجال، إذا لم يوحد الغرب صفوفه.

ويطمح الاتحاد الأوروبي إلى أن يكون أول من يضع إطاراً قانونياً متكاملاً وإلزامياً للحد من تجاوزات الذكاء الاصطناعي، غير أن هذا الإطار لن يدخل حيز التنفيذ سوى في نهاية العام 2025 على أقرب تقدير، في حين أن مدونة السلوك المشتركة مع الولايات المتحدة سيكون تطبيقها طوعياً، على ما أوضحت فيستاغر.

«مايكروسوفت» و«ميتا» و«غوغل»

واكتشف العالم بذهول في الأشهر الأخيرة قدرات هذه التكنولوجيا التي لا تزال قيد التطوير، مع أدواتها وبرمجياتها القادرة على التعلم بسرعة فائقة لتحسين أدائها.

وتهيمن على هذا القطاع شركات الإنترنت الأميركية العملاقة، مثل «مايكروسوفت» المساهم الرئيسي في شركة «أوبن إيه آي»، الشركة المشغلة لبرنامج «تشات جي بي تي»، و«ميتا» و«غوغل».

وهذا القطاع في تطور سريع، ولا سيما المنصات المفتوحة المصدر القادرة على المنافسة، بل الارتقاء إلى الصدارة بصورة سريعة جداً في مجال هذه التكنولوجيا.

وأثنت «جمعية صناعة الكمبيوتر والاتصالات»، وهي مجموعة ضغط في هذا القطاع تضم «أمازون» و«أبل» و«ميتا» و«غوغل» و«تويتر»، على «التزام عابر للأطلسي متزايد وطليعي، وخصوصاً في وقت يواصل فيه الاتحاد الأوروبي مشروعه الطموح للتنظيم الرقمي الذي سينظم السوق للسنوات المقبلة».

وبانتظار الإطار الإلزامي، تطرح بروكسل، بدعم من شركات إنترنت عملاقة، مثل «غوغل»، تنظيمات طوعية.

كذلك وضعت الصين مشاريع تنظيمية، ولا سيما برنامج «كشف أمني» على أدوات الذكاء الاصطناعي.

أما من الجانب الأميركي، فليس هناك أي مشروع آنيّ مطروح، رغم خوض واشنطن كثيراً من المحادثات.

وكانت مسألة الذكاء الاصطناعي من الموضوعات الرئيسية المطروحة خلال اجتماع لـ«مجلس التجارة والتكنولوجيا» الأوروبي الأميركي في لوليا، بشمال السويد، في حضور مبتكر «تشات جي بي تي» سام ألتمان.

وأنشئت هذه الهيئة عام 2021 بين الدول الـ27 وواشنطن لطيّ صفحة الخلافات التجارية في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.

كما تم الاتفاق على مجالات تعاون حول شبكة الجيل السادس (جي 6)، وهي من المجالات التكنولوجية النادرة التي يهيمن عليها الأوروبيون.

وجاء في بيان ختامي أن «الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة يتقاسمان وجهة النظر المشتركة بأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تنطوي على فرص كبرى، لكنها تطرح أيضاً مخاطر على مجتمعاتنا».

وفي مصادفة ملفتة، ألقت رئيسة الوزراء الدنماركية ميته فريدريكسن، صباح اليوم، خطاباً في البرلمان، كُتب الجزء الأول منه بالكامل بواسطة «تشات جي بي تي»، بهدف تسليط الضوء على الجانب الثوري لهذه التكنولوجيا، فضلاً عن مخاطرها على الديمقراطية.

وقالت للنواب الدنماركيين: «رغم أنه لا يصيب المطلوب على الدوام، سواء في تفاصيل برنامج عمل الحكومة أو علامات الترقيم (...)، فإن ما يمكن لـ(تشات جي بي تي) أن يفعله يثير مشاعر متضاربة من الدهشة والرعب في آن».