فقد الوسط الإعلامي في السعودية محمد الوعيل، بعد مسيرة طويلة وحافلة في ميدان الصحافة امتدت قرابة خمسة عقود الخمسة، تنقل خلالها في عدد من الصحف السعودية، وتعلم أبجدياتها من محرر مبتدئ إلى مواقع ومناصب قيادية متنوعة فيها وصولًا لرئاسة تحرير صحيفتين، قدم خلال رحلته الطويلة مع القلم أعمالًا صحافية لافتة وضعته أحد رموز الصحافة السعودية إبان عصرها الذهبي، وقبل «ثورة الإعلام الجديد».
ولم ينس الوعيل، واقع العصر التقني الحالي، حيث حول إنتاجه «الورقي» إلى إنتاج «إلكتروني»، تماشيًا مع المشهد الجديد، بعد أن نقل سلسلة كتابه «شهود هذا العصر» الذي جمعه من مواد صحافية له إلى نسخة إلكترونية، وقرر استكمال هذه السلسلة إلكترونيًا عبر موقع خاص يحمل اسم الكتاب، من المتوقع أن يحمل أكثر من 1600 شخصية مختلفة من ساسة واقتصاديين ومؤرخين وشعراء، ومن لهم أطروحات لافتة أو حضور مميز، سبق أن حاورهم الراحل ونشره في جريدة الجزيرة تحت اسم «ضيف الجزيرة».
عشق الراحل محمد الوعيل الصحافة في سن مبكرة، فاختار صحيفة «الرياض» محطة أولى له، ركض في دهاليزها، وسبر أغوارها كل ذلك تم في ظروف بالغة الصعوبة وبإمكانيات طباعية وإخراجية بسيطة، مع صعوبة في الحصول على المواد الصحافية والصور ومحدودية المصادر وعدم القدرة على التفاعل مع الأحداث في أوقاتها.
عاش الوعيل مثل كل جيله في المشهد الإعلامي وعمل في بلاط الصحافة بأدوات البدايات محررًا وسكرتير تحرير في صحيفة الرياض، ثم انتقل إلى جريدة الجزيرة وعمل فيها محررًا وسكرتيرًا حتى وصل إلى منصب نائب رئيس تحريرها، كما رأس تحرير صحيفة المسائية وهي أول صحيفة مسائية في السعودية، وصدرت عن مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر، وكانت تجربة جديدة وحققت حضورًا في السوق السعودي، لكن ظروفا خاصةً أجبرت الصحيفة على التوقف.
وسطع نجمه مجددا بعد تسلمه رئاسة تحرير صحيفة اليوم، ونقلها خلال 14 عاماً نقلة نوعية، سجلت خلالها حضوراً في السوق السعودي، انتشاراً وأرباحاً، ثم عمل نائب لرئيس تحرير جريدة عكاظ بالرياض ومستشارًا لرئيس تحريرها.
وعرف عن الراحل ثقته قدراته ومهنيته، فبعد تركه لرئاسة تحرير صحيفة اليوم عاد للكتابة في عشه الأول جريدة الرياض من خلال عمود صحافي لم ينقطع عن الكتابة فيه، وتنوعت كتاباته ما بين السياسة والاقتصاد، كما تناول المنجزات الجديدة والتحولات في مجال الحكومة الرقمية. عرف الراحل محمد بن عبد الله الوعيل بدماثة أخلاقه وبابتسامته الصافية الدائمة وقلبه النقي وبوفائه لزملائه وأصدقائه، وكان محبًا ومحبوبًا، عشق مهنة الصحافة وكان حريصا على أن يتعلم الآخرون الذين دخلوا الصحافة بعده وسبقهم إلى ذلك، كما كان يشيع أجواء الحميمية وخلق روح فريق العمل الواحد، كما عرف عنه عدم اعتداده برأيه وعدم فرضه على الآخرين وكان صاحب دعابة، ومقالب غير مؤذية أو صادمة يطلقها ثم يعقبها إطلاق الضحكات.
الوعيل حوّل «الورقي» إلى «رقمي» وقدمه للقارئ الجديد... ثم رحل
الوعيل حوّل «الورقي» إلى «رقمي» وقدمه للقارئ الجديد... ثم رحل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة