جنبلاط بعد لقائه عون: التسوية ضرورية وعدد الوزراء ليس مهماً

الرئيس ميشال عون مستقبلاً جنبلاط أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً جنبلاط أمس (دالاتي ونهرا)
TT

جنبلاط بعد لقائه عون: التسوية ضرورية وعدد الوزراء ليس مهماً

الرئيس ميشال عون مستقبلاً جنبلاط أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً جنبلاط أمس (دالاتي ونهرا)

اعتبر رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» النائب السابق وليد جنبلاط أن التسوية في لبنان باتت ضرورية وعدد الوزراء لم يعد مهماً، مشيراً إلى نصيحة الموفد الفرنسي لعقد لقاء بين رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، معولاً على ما تبقى من المبادرة الفرنسية.
وأتت مواقف جنبلاط بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون بناء على دعوة الأخير وبعد تصعيد سياسي لافت قبل فترة من قبل «الاشتراكي» ضد عون وصل إلى حد مطالبته بالاستقالة. وقال جنبلاط: «لبيت الدعوة لأنه اليوم على كل فرد منّا أن يتجاوز كل الماضي والحساسيات، كون البلاد لا تتحمّل المزيد من التباعد. وفي السياسة اللبنانية، وحتى في السياسة الدولية، فإنّ أهم نقطة هي التسوية. ما من أحد يلغي الآخر أيّاً كانت الظروف. أما وقد وصلنا إلى هذه الحالة من الجمود المطلق وسط انهيار اقتصادي، والجوع يدق أبواب كل الناس، ووباء الكورونا يستفحل في كل مكان، فإنني أعتقد أن التسوية ضرورية. وهذا الكلام ليس موجّهاً إلى أحد. هذا رأيي ولست مكلّفاً من أحد، لكي أكون دقيقاً، فدعوة الرئيس عون كانت فرصة لي لأوجّه هذا النداء اليوم».
أضاف: «كيف تكون التسوية؟ الأرقام لم تعد برأيي مهمّة، لأنّ مشاكل البلاد باتت فوق بعض الأرقام التي يتمّسك بها البعض من هنا أو هناك. وقد رأيتموني أقابل السفراء، فما من أحد منهم مهتم بلبنان ولا من أحد ينتظر أي شيء من أي دولة. فقط نحن ننتظر ما تبقّى من مبادرة فرنسية. أما الآخرون فلا نستطيع أن نطلب منهم المزيد من الاهتمام، إذا كنا نحن في هذه الحال. وإننا نرى اليوم التوترات الدولية على أوجها، لذلك، مبدأي هو التسوية. قد تزعج هذه الكلمة البعض. أنا بلغـت... مهمتي تقف هنا. وهذا ندائي. وإذا لم يُسمع ماذا يمكنني أن أفعل».
وفي رد على سؤال عن طبيعة التسوية، وعمّا إذا كانت برفع عدد أعضاء الحكومة، وأجاب: «أنا قلت التسوية. فإمّا على 18 أو غيرها»، رافضاً التعليق عما إذا كان هناك توقعات لحلّ في الساعات المقبلة، وقال: «لا يمكنني أن أعطي أي شيء إضافي. لقد حدّدت مهمتي وكان كلامي واضحاً جداً وصريحاً مع الرئيس عون... ولا بد من وضع آلية للخروج من التشنج لأنّ مشاكل البلد أكبر».
وعما إذا كان ينصح بلقاء بين الرئيس الحريري والنائب جبران باسيل، فأجاب: «هذه كانت نصيحة الموفد الفرنسي باتريك دوريل عندما رأيناه آخر مرة منذ أشهر، معتبراً أنه لا قيمة اليوم للحوار الوطني ونافياً أن يكون لديه أي مطلب درزي في الحكومة، وأكد: «دعونا نترك الآن الأمور الكبرى ولنعد إلى الوضع الداخلي، من وباء كورونا إلى الوضع الاقتصادي وضبط الحدود، وضبط الدولار».
وأفادت مصادر مطلعة، لـ«الشرق الأوسط»، بأن جنبلاط أبلغ عون أنه لن يكون عائقاً أمام أي اتفاق يتوصل إليه عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، معتبراً أن دقة المرحلة تستوجب تحركاً سريعاً لمنع انفلات الأمور.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.