مجتمعات تبحث عن انتمائها وهويتها عبر الرياضة

دراسة لباحث سوداني عن الأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وراء انتشار كرة القدم

مجتمعات تبحث عن انتمائها وهويتها عبر الرياضة
TT

مجتمعات تبحث عن انتمائها وهويتها عبر الرياضة

مجتمعات تبحث عن انتمائها وهويتها عبر الرياضة

يتناول الباحث السوداني أحمد حسن أحمد في دراسة له ما سماه ظاهرة كرة القدم ويحاول أن يدرس الأسباب الاقتصادية والسياسية والاجتماعية التي أدت إلى انتشارها في العالم كما يورد ما يجب تلافيه مما يسيء إليها وإلى الناس.
كان كتاب أحمد حسن أحمد ذو العنوان المركب وهو «ظاهرة كرة القدم.. اللعبة الشعبية الأولى في سياق الاقتصاد السياسي والحراك الاجتماعي» صدر في 142 صفحة متوسطة القطع عن «الدار العربية للعلوم ناشرون» في بيروت.
في الباب الأول من الكتاب وتحت عنوان هو «عرض المشكلة» قال أحمد حسن أحمد «ويمكن أن تعد ظاهرة كرة القدم هي أكثر الظواهر بروزا في الحياة الاجتماعية للمجتمعات الحديثة منذ نهاية القرن التاسع عشر مرورا بالقرن العشرين وإلى الوقت الحاضر بل لا تزال تزداد زخما مع الأيام وقد اتسع انتشارها مع وسائط النقل الحديثة إلى جميع دول العالم ونالت بلا منازع صفة اللعبة الشعبية الأولى».
أضاف «ويزيد من زخم الظاهرة تنوع منافساتها واستمراريتها لمعظم أشهر العام لعام بعد عام بلا انقطاع ولا ملل من جانب منظمي تلكم المنافسات بمختلف مستوياتها سواء على المستوى المحلي حتى في موقع السكن لفرق الروابط أو الدرجات الدنيا صعودا لمستوى منافسات المدينة وصولا إلى المنافسات القومية مربوطا بشغف البطولات القارية التي تشارك فيها الفرق والأندية الوطنية وما يحيط بمنافساتها من تعصب ومن ثم يقفز لمتابعة البطولات العالمية لأوروبا وأميركا اللاتينية حتى بلغ الحدث ذروته مع كأس العالم لكل أربعة أعوام..».
وتحت عنوان «تاريخ اللعبة - البداية» قال الباحث «فضلا عن التاريخ المعلوم عن ظهور كرة القدم في بريطانيا يرجع البعض ظهورها إلى خمسة آلاف سنة قبل الميلاد في الصين عندما مارستها الجيوش هناك وكانوا يلعبون بكرة من الجلد محشوة بالنباتات وشعر الحيوانات ولكي يحسب الهدف يجب أن تمر الكرة فوق حبل عند نهاية أو بداية طرفي الملعب. وقد وجد في مخطوطات أسرة الإمبراطور (هوان) بعض الكتابات عن كرة القدم وذلك منذ حوالي ألف عام من الآن».
وأضاف أن بعض الأخبار تفيد أيضا أن «قدماء المصريين مارسوا اللعبة أو ما يشبهها وأن قدماء الرومان نقلوها منهم وهم بدورهم نقلوها إلى الإنجليز أو هم نقلوها عنهم. ولكن يبقى السؤال لم عبرت كل أوروبا إلى بريطانيا أولا ما يهم إذ إنه يمكن الآن أن يؤرخ لكرة القدم وفق الوثائق بدءا من عام 1175 في بريطانيا حيث كانت تمارس كل ثلاثة أيام في باحات الكنائس».
«كان عام 1867 مهما ونقطة ارتكاز في تاريخ الكرة وذلك بقيام أول فريق كرة قدم في العالم وهو فريق (شيفيلد ونزداي) أحد فرق الدرجة الأولى بإنجلترا ومع انتشارها الواسع بدأت تجد موطئ قدم لها في الجامعات.. فكان أول قانون للعبة قد ظهر في جامعة كمبردج عام 1845 وتبع ذلك قيام أول اتحاد كرة قدم عام 1855 ثم أخذ الانتشار والتطور يمضي يوما إثر يوم».
ورأى أن الناس في الغرب «لا يوجد ما يجمعهم في موقع ينفس عنهم سوى ملاعب الرياضة لا سيما كرة القدم بسحرها وإثارتها ومنافساتها المتصلة ومبارياتها الممتدة لساعتين بفترة استراحتها تأخذ أنفاسهم وتجعلهم يصرخون وينشدون الأناشيد التي تركوها في المدارس عند أجمل الأيام أو التراتيل التعبدية التي أنشدوها صغارا ولعل هذا هو السبب في سماع أصواتهم موحدة ومنتظمة وبإيقاع واحد سليم حينما يزهو الجمهور بفريقه الذي زرع الفرح في نفوسهم المتعبة المنهكة من إيقاع الحياة السريع بضغوطها المهولة والصعبة واللامتناهية وإلا فكيف يكون حال ليل أوروبا في الشتاء القارس الكئيب الذي يدفع بالألوف للانتحار في كل عام إذا لم تكن هناك كرة القدم كيف تكون لندن عاصمة الضباب في ليلها لولا مباريات فرق كرة القدم المختلفة».
وفي خلاصة الأسباب التي تجعل الناس تهتم بكرة القدم قال الباحث «المجتمعات خرجت عبر الرياضة تبحث عن الانتماء والهوية وهذا ما جعلها تسافر خلف فرقها إلى كل البلدان ذلك على الرغم من علمهم وثقتهم بأن التلفاز سينقل لهم الحدث مباشرة ولكن الحب والوله والشوق دفع لمثل هذا الحراك الذي يشاهد كل يوم ولا يريد أحد أن يغوص بحثا في أسبابه ومكوناته وما يصبو إليه».
وفي مجال الحديث عن الأسباب التي تجعل الناس تتعلق بلعبة كرة القدم وتحت عنوان هو «الأسباب النفسية /المباراة والنتيجة ذلك المجهول» قال أحمد حسن أحمد «تخلق حدة المنافسة حالة الشد والتعصب للمباراة تلو الأخرى ويقول علماء النفس إن الإنسان مشدود دائما لمعرفة المجهول واستعجال ما يسفر عنه كنه الغيب القريب وهو ما جعل انتظار موعد المباراة غاية في الشوق والترقب..».
وفي مجال آخر تحدث عن اقتصاديات كرة القدم وقال إنه فضلا عما انتهى إليه من مناقشة اقتصاديات كرة القدم «وما يكتنف اللعبة الجميلة من خطر فإن مشكلات كثيرة أيضا تواجه الكرة وهي تحتاج لمعالجة جذرية حتى لا تعصف بها هي الأخرى وأكثر المشكلات التي تجري مناقشتها هي العنصرية. الشغب والتعصب. التواطؤ. المقامرة».
وفي الخلاصة قال «لقد فرضت كرة القدم نفسها في عالم الأمس واليوم العالم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي واحتلت مكانة مميزة في الزمان والمكان بل أضحى زمانها متسعا يوما إثر الآخر ولم تعد في ذلك مجرد لعبة لتزجية الفراغ وهي التي وفرت مهنة لحوالي مليار من البشر فضلا عن قرابة أو ما يزيد على الثلاثمائة مليون لاعب..».



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».