وزير شؤون الشرق الأوسط في «الخارجية» البريطانية: ندعم المعارضة السورية المعتدلة

قال لـ («الشرق الأوسط») إن إنهاء الحرب في سوريا وهزيمة التطرف يحتاجان لضغط عسكري وتسوية سياسية

توباياس إلوود ({الشرق الأوسط})
توباياس إلوود ({الشرق الأوسط})
TT

وزير شؤون الشرق الأوسط في «الخارجية» البريطانية: ندعم المعارضة السورية المعتدلة

توباياس إلوود ({الشرق الأوسط})
توباياس إلوود ({الشرق الأوسط})

قال توباياس إلوود، وزير شؤون الشرق الأوسط، في وزارة الخارجية البريطانية، لـ«الشرق الأوسط» إن مقابلة الأسد أمس مع «بي بي سي»، تبين حالة الوهم التي يعيشها الأسد بشأن الأوضاع في سوريا. وأكد أنه ليس بين المملكة المتحدة والأسد أي حوار، وأن موقفها منه لم يتغير. وشدد في حوراه مع «الشرق الأوسط» على ضرورة الانتقال السياسي في سوريا، وقال إن المعارضة المعتدلة هي الجهة الوحيدة التي لديها رؤية سياسية جامعة لكل السوريين. كان السؤال الأول الذي انطلقنا منه، قول الأسد لـ«بي بي سي»، إنه لا يوجد تعاون مباشر مع التحالف منذ بدء الغارات الجوية ضد تنظيم داعش داخل سوريا الخريف الماضي، لكن أطرافا أخرى، بينها العراق، تنقل «رسائل عامة.. معلومات».. لماذا لا يكون التحالف، والمملكة المتحدة جزء منه، صريحا مع شعوب المنطقة، والسوريين بشكل خاص، والتصريح بماهية ما ينقل للأسد؟
يقول إلوود إن طائرات «ريبر» التابعة لسلاح الجو الملكي تحلق فوق سوريا لجمع معلومات استخباراتية قيّمة.. «وحين ننفذ عملياتنا هذه لا نسعى للتنسيق مع نظام الأسد أو الحصول على موافقته». وأعاد للأذهان الاستراتيجية التي حددتها وزارة الخارجية الأميركية العام الماضي؛ وهي أنها «لا تطلب إذنا من نظام الأسد، ولا تنسق نشاطها مع النظام السوري».
وقال الوزير إنه «ليس لدينا أي شك في الطبيعة الوحشية لهذا النظام، بما في ذلك استخدامه البراميل المتفجرة والأسلحة الكيماوية وتكتيك الحصار والتجويع ضد المدنيين».
غير أن تردد الغرب عموما والعالم والأمم المتحدة في مساندة المعارضة السورية، أوصل البلاد إلى أن تعج بالمتطرفين، خصوصا بعد ضرب النظام للمعارضة السورية المعتدلة، لكي يبدو «داعش» وأمثاله البديل الوحيد له. وقد جادل الأسد في حواره، أمس، بأنه لا وجود للمعتدلين في سوريا.. إذن ألا يدفع هذا إلى موقف أكثر إيجابية من التحالف حيال هذه المعارضة؟ يتفق الوزير مع هذا الطرح، ويقول: «إننا نقول بوضوح إن الأسد هو السبب الأساسي لصعود إرهابيي (داعش) في سوريا، وهو ليس جزءا من الحل لمواجهتهم». ويؤكد على أن «المعارضة المعتدلة هي الجهة الوحيدة التي لديها رؤية سياسية جامعة لكل السوريين. وسوف نكثف دعمنا لها». ويكشف عن رصد المملكة المتحدة 46 مليون جنيه إسترليني لدعم هذه المعارضة وتعزيز أمن المنطقة.
غير أن إنهاء الحرب وهزيمة التطرف، في رأي الوزير توباياس إلوود، يحتاجان إلى ضغط عسكري وتسوية سياسية على حد سواء، حتى يكون هناك انتقال سياسي من نظام الأسد إلى حكومة تستطيع أن تمثل جميع السوريين، وأن تقاتل «داعش» بصورة فعالة. ويتوقع إلوود أن تقوم المملكة المتحدة بدور كبير في تدريب المعارضة السورية بوصفه جزءا من البرنامج الذي أعلنت عنه وزارة الدفاع الأميركية العام الماضي. وأضاف أنها تدرس حاليا أفضل السبل للمساهمة في جهود التحالف لتدريب المعارضة المعتدلة التي تقاتل ضد «داعش» في سوريا.
ومن المرجح أن يقوم عسكريون بريطانيون بتدريب عناصر المعارضة المعتدلة في بلد ثالث بالمنطقة. ومن المقرر أن يبدأ التدريب في ربيع العام الحالي.. «ونعتزم إرسال فريق عندما يُفتتح أول مركز تدريب». لكنه شدد على «أننا ندعم الذين يلتزمون بحكم لا طائفي ممثل للجميع في كل من العراق وسوريا. وندعم المعارضة المعتدلة التي تقاتل كلا من الأسد و(داعش)».
وعلى مستوى المبادرات السياسية الدولية الحالية في الشأن السوري، رحب الوزير بالتزام مبعوث الأمم المتحدة ستيفان دي ميستورا بمعالجة هذه المسائل الصعبة. وقال: «نحن نناقش أفكاره بالتشاور معه ومع شركائنا». وتطرق إلى الاجتماع الذي عقد أخيرا في موسكو بين بعض شخصيات المعارضة وممثلي نظام الأسد، وأكد أن حكومته «تحث روسيا على استخدام نفوذها للمساعدة في تحقيق انتقال سياسي طويل الأجل».
في سياق آخر، نوه إلوود باستمرار المملكة المتحدة في دورها المحوري لتشجيع الاستقرار في المنطقة، وذكر أنها رصدت مبلغ 800 مليون جنيه إسترليني للمساعدات الإنسانية استجابة للأزمة السورية. وقال: «بريطانيا ثاني أكبر دولة مانحة بشكل ثنائي استجابة للأزمة السورية، وخُصِّص من هذه المساعدات ما قيمته 360 مليون جنيه لإغاثة اللاجئين في المنطقة، ومبلغ 332 مليون جنيه لمساعدة المحتاجين داخل سوريا».
من ناحية أخرى، قال الوزير إلوود، إن نداء الأمم المتحدة لإغاثة سوريا في 2015 يبلغ 8.4 مليار دولار، وهو أكبر نداء إغاثة استجابة لأزمة واحدة. وفي 31 مارس (آذار) المقبل سيعقد المؤتمر الدولي الثالث للمانحين في الكويت، وهذا المؤتمر فرصة مهمة لكل المانحين للتعهد بتقديم مزيد من التبرعات.
على مستوى جدوى العقوبات المتخذة بحق النظام السوري حتى الآن، قال إلوود إنه في شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي وافق الاتحاد الأوروبي على اقتراح المملكة المتحدة بمنع تصدير وقود الطائرات النفاثة للنظام السوري. وقد دخل هذا الحظر حيز النفاذ فعلا. وأوضح: «دعونا إلى الحظر على وقود الطائرات النفاثة، لأن سلاح الجو السوري يستعمل هذا الوقود لقتل شعبه، بإلقاء البراميل المتفجرة واستخدام الأسلحة الكيماوية.. وغير ذلك»، لافتا إلى أن «هذا الحظر سوف يضمن عدم مساهمة أي أشخاص أو شركات أوروبية بتسهيل وصول وقود الطائرات النفاثة إلى سوريا». وخلص إلى القول: «إننا نحث كل الدول على منع وصول وقود الطائرات النفاثة إلى نظام الأسد».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.