سوريون يتظاهرون في إدلب مستفيدين من الهدنة الروسية ـ التركية

بمشاركة نازحين من درعا ومناطق أخرى في البلاد

مقاتل يقود مظاهرة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
مقاتل يقود مظاهرة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
TT

سوريون يتظاهرون في إدلب مستفيدين من الهدنة الروسية ـ التركية

مقاتل يقود مظاهرة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)
مقاتل يقود مظاهرة في إدلب شمال غربي سوريا (الشرق الأوسط)

تواصلت لليوم الثالث المظاهرات في شمال غربي بسوريا، لإحياء «الذكرى العاشرة للثورة السورية» بمشاركة نازحين من مختلف المحافظات وناشطين وفعاليات، مستفيدين من الهدنة الهشة بعد اتفاق روسي - تركي في مارس (آذار) العام الماضي.
وشهدت مدينة إدلب أول مظاهرة حاشدة شارك فيها آلاف السوريين، طالب فيها المتظاهرون بـ«إسقاط النظام» وبـ«الحرية والكرامة»، وفك أسر المعتقلين من سجون النظام وأجهزته الأمن. وشوهدت أعلام المعارضة ولافتات وصور منددة بـ«جرائم النظام وحلفائه».
وقال محمد فريجة وهو ناشط سياسي وعضو في الحراك في محافظة حماة إنه شارك كي «نؤكد للعالم وعلى رأسه حلفاء النظام، أننا ما زلنا متمسكين بثورتنا والمضي فيها حتى تحقيق أهدافها والتي في مقدمتها إسقاط النظام ونيل الحرية والكرامة والانتقال إلى سوريا جديدة تتمتع بالديمقراطية بعيداً عن حكم آل الأسد ونظامه للبلاد الذي نكل بالسوريين».
وأضاف: «نحن كأبناء محافظة حماة النازحين، وآخرون من مناطق سورية خاضعة لسيطرة النظام، نشارك أهلنا في الشمال السوري، المظاهرات والاحتفالات، للذكرى العاشرة على انطلاق الثورة السورية لنقول للعالم إننا مستمرون بثورتنا رغم كل المآسي التي وقعت خلال العشر أعوام الماضية».
من جهته، قال الناشط الميداني حميد العارف في إدلب: «نظمنا عددا كبيرا من المظاهرات في كل من مدينة إدلب وسرمدا وجسر الشغور ومدينة الدانا وبلدات كلي ومناطق أخرى في محافظة إدلب شارك فيها عشرات الآلاف من أبناء السكان الأصليين وعشرات الآلاف الآخرين من أبناء مدن خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب جنوب إدلب «المهجرين»، بعد تجهيز اللافتات، كتب عليها عبارات منددة بجرائم وممارسات النظام على مدار 10 أعوام سابقة وطالبنا المجتمع الدولي بوضع حد نهائي للنظام ومحاسبته على جرائمه».
وتابع: «نريد القول إن هدفنا الأول من هذه المظاهرات هو تأسيس دولة يأخذ فيها المواطن السوري كل حقوقه بالإضافة إلى دولة يحكمها القانون والعدالة وتتمتع بالديمقراطية التي حرمها نظام الأسد الأب والابن السوريين طيلة 50 عاما خلت».
وأشار عضو الهيئة السياسية في شمال سوريا الناشط نصر محيميد إلى خروج 60 مظاهرة حاشدة في مختلف المناطق السورية الشمالية، شملت كلا من مدن إدلب وجسر الشغور والدانا وسرمدا وعفرين وجنديرس والشيخ حديد والباب وبزاعة وتل أبيض بالإضافة إلى بلدات حزانو وكللي وحارم وأرمناز وأريحا ودركوش ودير حسان وترمانين ودارة عزة وأطمة وبابسقا ومدن ريف حلب الشمالي، الباب وبزاعة وعفرين وجنديرس والشيخ حديد» ومناطق أخرى. وزاد أنه شارك في هذه المظاهرات فعاليات ثورية وسياسية وأبناء محافظات درعا وريف دمشق وحمص النازحين في شمال وغرب سوريا للتأكيد على تمسكنا بثوابت وأهداف ثورتنا.
وأفاد ملهم الزعبي من مدينة حمص في مدينة الباب: «رغم التهجير الذي تعرضنا له من مناطقنا في حمص وسط البلاد ولجوئنا إلى منطقة الباب شمال سوريا، إلا أننا ما زلنا متمسكين بثورتنا ضد نظام القتل والتهجير نظام الأسد».
وقال المقدم محمد الأحمد في «الجيش الوطني» أثناء مشاركته في مظاهرة شمال سوريا، إن «سياسة القتل التي اتبعها النظام قبل عشر سنوات إبان خروج أهلنا بالمظاهرات المناهضة دفعني حينها إلى الانشقاق عن مؤسسته العسكرية التي استخدمها ضد الشعب السوري الأعزل، الأمر الذي فرض عليه الانشقاق والانحياز إلى جانب أهله ضد النظام». وتابع: «لست نادماً على انشقاقي والتحاقي بالثورة السورية التي تحمل أهدافا محقة ومن حقنا كشعب مسلوب الحرية والكرامة، التمتع بها وأهمها نقل سوريا من بلد يحكمه الأمن والحديد والنار إلى بلد ديمقراطي حر».
من جهته، أشار المنسق ياسر أبو زيد وهو من محافظة درعا إلى أنه «نحن كأبناء محافظة درعا المهجرين قسراً من مناطقنا، كان لنا حضور كبير في المظاهرات التي عمت المناطق الخاضعة للمعارضة شمال غربي سوريا، لمشاركة إخواننا السوريين المهجرين في إحياء الذكرى العاشرة للثورة السورية».
وأضاف أنه «منذ خروجنا من مناطقنا قبل عامين تقريباً نظمنا أنفسنا كأبناء منطقة واحدة درعا للمشاركة بكل فعالية ثورية وسياسية، للتأكيد على أننا ما زلنا متمسكين بأهداف ثورتنا رغم تهجيرنا، وقمنا بصناعة لافتات ولوحات كتبنا عليها عبارات منددة بجرائم النظام ومطالبته بفك أسر المعتقلين من سجونه والكشف عن مصيرهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.