الرئيس التونسي إلى ليبيا اليوم لـ«دعم المسار الديمقراطي»

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)
TT

الرئيس التونسي إلى ليبيا اليوم لـ«دعم المسار الديمقراطي»

الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)
الرئيس التونسي قيس سعيد (أ.ف.ب)

يتوجه الرئيس التونسي قيس سعيد اليوم (الأربعاء) إلى ليبيا في زيارة، تعد الأولى من نوعها لرئيس تونسي منذ سنة 2012، وتأتي مباشرة بعد أداء حكومة الوحدة الوطنية الجديدة في ليبيا، برئاسة عبد الحميد الدبيبة، اليمين الدستورية في طبرق أمام مجلس النواب والمجلس الرئاسي، وكذلك أداء المجلس الرئاسي الجديد، برئاسة محمد المنفي، اليمين أمام المحكمة الدستورية في طرابلس، وهو ما يمثل مؤشراً على تجاوز حالة الانقسام السياسي.
ووفق مصادر دبلوماسية تونسية، فإن هذه الزيارة تكتسي أبعاداً سياسية، لأنها ستركز على مناقشة قضايا في غاية الأهمية، وأبرزها دعم الاستقرار الديمقراطي والأمني في ليبيا المجاورة، التي يعتبر أمنها بالنسبة لجل التونسيين من أمن تونس. كما تكتسي أبعاداً اقتصادية وتجارية، خاصة أن ليبيا تعتبر أحد أهم شركاء تونس الاقتصاديين.
وكان الرئيس التونسي المنصف المرزوقي قد زار طرابلس بداية 2012، في أول زيارة رسمية له إلى الخارج، لكن بعد دخول ليبيا حالة من الانقسام السياسي تأثرت المعاملات التجارية والاقتصادية بين البلدين. لكن تونس ظلت مع ذلك محافظة على حيادها بين الطرفين المتنازعين، ودعت أكثر من مرة إلى عدم التدخل الأجنبي في ليبيا، وإلى الاحتكام للحوار لتجاوز الخلافات الداخلية التي ارتبطت بمحاور إقليمية.
وقالت رئاسة الجمهورية التونسية، أمس، إن الزيارة تندرج في إطار «مساندة تونس للمسار الديمقراطي في ليبيا، وربط جسور التواصل، وترسيخ سنة التشاور والتنسيق بين قيادتي البلدين»، وهي «مناسبة لإرساء رؤى وتصورات جديدة، تعزز مسار التعاون المتميز القائم بين تونس وليبيا، وتؤسس لتضامن شامل، يلبي التطلعات المشروعة للشعبين الشقيقين في الاستقرار والنماء».
وهنأت الرئاسات الثلاث في تونس (الجمهورية والحكومة والبرلمان) عبد الحميد الدبيبة، بعد نيل حكومته ثقة البرلمان الليبي، وعبر الرئيس التونسي قيس سعيد عن عزمه فتح آفاق واسعة في كل المجالات مع ليبيا «لا تقوم فقط على المصالح المشتركة المألوفة بين الدول، بل على الأواصر العائلية الخاصة التي تجمع بين الليبيين والتونسيين».
وبهذا الخصوص، قال علي الذوادي، رئيس الغرفة الاقتصادية التونسية - الليبية لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطات التونسية «مهدت الطريق لعودة المؤسسات والشركات التونسية إلى ليبيا المجاورة، وعليها إعادة فتح الخطوط التونسية على ليبيا براً وجواً وبحراً، وتوفير الاعتمادات المالية للمصدرين. إضافة إلى تسهيل الإجراءات الإدارية أمام المستثمرين الليبيين، ومنحهم امتيازات وتسهيلات، مثل الإقامة وفتح حسابات بنكية في تونس.
وأوضح الذوادي أن تراجع العلاقات الاقتصادية بين البلدين خلال السنوات الماضية قارب نسبة 60 في المائة، إذ كان عدد المؤسسات الناشطة في ليبيا في حدود 1400 مؤسسة، لكن لم يتبق منها سوى تلك التي تنشط في قطاع المنتجات الغذائية وقطاع الأدوية.
مشيرا إلى أن المشاورات الأخيرة بين الطرفين توجهت بالأساس نحو القطاعات الحيوية في ليبيا، وهي الكهرباء والنفط، علاوة على الخدمات الإعلامية والمقاولات، التي ساهمت بدور فعال في بناء ليبيا خلال عقد السبعينات من القرن الماضي، وقال إنها على أتم الاستعداد للعودة واستعادة موقعها الهام على الساحة الليبية، على حد تعبيره.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.