الفلسطينيون يردون على الحصار المالي الإسرائيلي بحصار اقتصادي

قرار شبه رسمي بمنع بضائع كبرى الشركات الإسرائيلية

الفلسطينيون يردون على الحصار المالي الإسرائيلي بحصار اقتصادي
TT

الفلسطينيون يردون على الحصار المالي الإسرائيلي بحصار اقتصادي

الفلسطينيون يردون على الحصار المالي الإسرائيلي بحصار اقتصادي

لم يجد الفلسطينيون سببا آخر للانتظار كي تفرج إسرائيل عن أموالهم التي تحتجزها للشهر الثاني على التوالي، وقرروا أن يردوا بالأدوات نفسها، عبر إعلان حرب اقتصادية تستهدف البضائع الإسرائيلية، من شأنها إذا ما نجحت، تكبيد الاقتصاد الإسرائيلي خسائر كبيرة.
وأعلنت لجنة فلسطينية مشكلة من فصائل منظمة التحرير والحكومة، أمس، عن إجراءات لمنع دخول بضائع إسرائيلية لشركات كبيرة في الأراضي الفلسطينية وتسويقها، في خطوة هي الأولى من نوعها تدعمها السلطة بشكل علني.
وقال محمود العالول، رئيس اللجنة الوطنية العليا لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية، إنه تقرر منع دخول منتجات 6 شركات إسرائيلية إلى الأراضي الفلسطينية، مضيفا في مؤتمر صحافي في رام الله، أن قرار المنع يشمل شركات «شتراوس» و«تنوفا» و«أوسم» و«عيليت» و«بريغات» و«يعفورا».
وتعد هذه الشركات من أضخم وأكبر الشركات الإسرائيلية التي تسوق منتجاتها في الأراضي الفلسطينية، وتتفوق على المنتجات المحلية الفلسطينية.
وأعلن العالول أن العمل بقرار منع هذه المنتجات سيبدأ منذ صباح الأربعاء.
ويُفترض أن تمنع الجهات الرقابية الفلسطينية تسويق أي من هذه المنتجات في الأراضي الفلسطينية، على أن يعطى التجار مهلة أسبوعين للتخلص من الموجود في محلاتهم من بضائع هذه الشركات.
وقال العالول إن لجانا مختصة في المحافظات كافة، ستحرص على التأكد من تنفيذ هذا القرار.
ويريد الفلسطينيون الضغط على إسرائيل بالطريقة التي تستخدمها ضدهم.
وجمدت إسرائيل، للشهر الثاني على التوالي، أكثر من 100 مليون دولار، هي مستحقات السلطة الفلسطينية من جمع الضرائب، وهو ما أدخل الحكومة الفلسطينية في أزمة مالية لم تستطع معها دفع كامل رواتب الموظفين والتزامات أخرى.
وأشار العالول إلى أن قرارات محاربة البضائع الإسرائيلية، جاءت ردا على قرارات سلطات الاحتلال التي «أوغلت في الضغط على الشعب الفلسطيني، وراحت تعاقبه نتيجة لجوئه للأمم المتحدة، بمزيد من الاعتداءات ومصادرة الأراضي ومحاولات الضغط على القيادة بخلق أزمات تطال الوضع الاقتصادي كذلك».
وأضاف: «إسرائيل تتذرع بتوجه القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، وتصدر قرارات استيلاء لأراضي المواطنين، وأوقفت تحويل أموال المقاصة، كما تمارس قتل الفلسطينيين وسرقة أراضيهم كجزء من دعاية انتخابية تقدمها الأحزاب السياسية الإسرائيلية للناخب الإسرائيلي».
وهذه أول مرة تمنع فيها السلطة شركات إسرائيلية من توزيع بضائعها في أسواق الضفة الغربية، بعدما اقتصرت الحرب في السنوات القليلة الماضية على بضائع المستوطنات وحسب.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقع في مايو (أيار) 2010 مرسوما لتجريم تداول أو تسويق منتجات المستوطنات في الأسواق الفلسطينية، لكن ذلك لم يشمل البضائع الإسرائيلية، بدعوى تجنب اتهامات بخرق اتفاقيات اقتصادية سابقة.
ولم يصدر قرار رسمي فلسطيني بمقاطعة بضائع إسرائيل، لكن اللجنة التي تضم كذلك الضابطة الجمركية المسؤولة عن مراقبة البضائع، ستعمل على ذلك بكل قوة.
وكانت السوق الفلسطينية تستهلك ما يزيد عن 200 مليون دولار سنويا من بضائع المستوطنات، وفتحت بعض مصانع المستوطنات فروعا في إسرائيل لإعادة تسويق منتجاتها في السوق الفلسطينية.
لكن هذا الرقم يبدو متواضعا مع حجم التبادل التجاري السنوي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إذ يزيد على 3 مليارات دولار سنويا معظمها تصدرها إسرائيل للمناطق الفلسطينية.
ودعا العالول إلى تحويل مقاطعة البضائع الإسرائيلية إلى استراتيجية دائمة، وقال إنها «يجب أن تشكل نهج حياة للمواطن الفلسطيني».
وأوضح العالول أن قرار محاربة البضائع الإسرائيلية سيطالها كافة، ولكن بالتدريج.
ويتوقع أن تواجه الحملة صعوبات مختلفة نظرا لاعتماد المستهلك الفلسطيني على البضائع الإسرائيلية. وخلال 25 عاما من المحاولات المتكررة، فشلت حملات المقاطعة ثقة الكثير من الفلسطينيين في البضائع الإسرائيلية، ولأن سلسلة متاجر إسرائيلية ضخمة، مثل «مول رامي ليفي»، تقدم لهم عروضا كبيرة وموفرة يقف أمامها التجار الفلسطينيون عاجزين.
وقال القيادي الفلسطيني واصل أبو يوسف، وهو عضو في اللجنة الوطنية العليا، إن منع دخول البضائع الإسرائيلية يمثل تكاملا بين الدورين الرسمي والشعبي، داعيا إلى «حراك شعبي ووطني ضد المنتج الإسرائيلي، بينما يتم تمكين المنتج الفلسطيني ليغطي احتياجات السوق الفلسطينية».
ولم ترد إسرائيل فورا على القرار الفلسطيني، لكن فصائل فلسطينية أشادت بالخطوة. وقال المتحدث باسم حركة فتح أسامة القواسمي، أمس: «هذه الخطة الاستراتيجية سلاح في غاية الأهمية لدى شعبنا في وجه الهيمنة والغطرسة والقرصنة الإسرائيلية»، مشددا على ضرورة استدامة المقاطعة الشعبية لمنتجات الاحتلال.
وأشاد القواسمي بالتزام بعض التجار الفلسطينيين بالقرار الصادر عن اللجنة الوطنية العليا لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية، مهيبا بكل التجار، ومعهم جماهير الشعب الفلسطيني، الالتزام بهذا القرار وتفضيل المنتج الوطني، لما لذلك من أهمية وآثار استراتيجية على الاقتصاد الوطني والمجتمع الفلسطيني.
وثمن القواسمي دور المؤسسات الرسمية، خاصة الضابطة الجمركية التي تؤدي دورا كبيرا في محاربة المنتجات الفاسدة، مضيفا أن التقارير أكدت أن 90 في المائة من البضائع الفاسدة التي يتم ضبطها هي منتجات إسرائيلية.



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.