المركز الثقافي الفرنسي في الخرطوم: المرأة تستحق أكثر من يوم

نظّم احتفالات استمرت أسبوعاً كاملاً

نماذج من أعمال الفنانات السودانيات اللائي شاركن في المعرض
نماذج من أعمال الفنانات السودانيات اللائي شاركن في المعرض
TT

المركز الثقافي الفرنسي في الخرطوم: المرأة تستحق أكثر من يوم

نماذج من أعمال الفنانات السودانيات اللائي شاركن في المعرض
نماذج من أعمال الفنانات السودانيات اللائي شاركن في المعرض

تزينت جدران المركز الثقافي الفرنسي وسط الخرطوم، بلوحات تشكيليين سودانيين، احتفاءً باليوم العالمي للمرأة، وشهدت قاعاته أنشطة ثقافية استمرت أكثر من «اليوم الواحد» المخصص للمرأة، شاركت فيه نساء وناشطات سودانيات احتفالاً بيوم المرأة بشكله العام، والمرأة السودانية في الثورة.
وقالت منسقة البرامج الثقافية بالمركز الثقافي الفرنسي (لو بوسي) لـ«الشرق الأوسط»، إن احتفالات مركزها تواصلت «لأن المرأة تستحق أكثر من يوم»، وذلك في ختام احتفالات مركزها التي استمرت أسبوعاً كاملاً بالمرأة السودانية.
وأشارت إلى أن المركز خصص أسبوعاً كاملاً من الاحتفالات، لإتاحة الفرصة لأكبر عدد من السودانيات للتعبير عن أنفسهن في مختلف المجالات.
استمر أسبوع المرأة خلال الفترة (7 - 10) مارس (آذار) الحالي، وتضمن رسم جداريات على أسوار المركز الداخلية والخارجية شاركت في رسمها 12 تشكيلية سودانية من مختلف الأجيال والخلفيات، وقالت بوسي: «التشكيليات استطعن رسم تصوراتهن الخاصة عن المرأة السودانية، وسيرها قدماً في مختلف المجالات، دون أن تفقد الأمل في غدٍ أفضل».
ولقيت جداريات التشكيليات على جدران المركز استحسان ممثل السفارة الفرنسية بالسودان وسفير الاتحاد الأوروبي وسفراء دول أخرى، فيما قالت مسؤولة المشاريع بالمركز ريان عثمان لـ«الشرق الأوسط»، إن مشاركة فرقة «زهايمر» المكونة من ست فتيات، في افتتاح المركز، أكدت أهمية المشاركة في تطوير القدرات الفنية والإبداعية للنساء، وأضافت: «المرأة السودانية، تجني الآن ثمار التغيير بعد الثورة، خصوصاً فيما يتصل بقدرتهن على التعبير، ودعم الدولة لحقهن في العطاء الفني».
وأمام التحديات التي تواجه المرأة الرياضية، تقول ريان: «تناولت جلسة نقاش كيفية تمكين المرأة من خلال الرياضة، وشاركت فيها ست سيدات من مختلف المجالات، ومن بينهن السباحة المخضرمة سارة جاد الله، ومقدمة البرامج الرياضية (ميرفت)، وعضوة اتحاد كرة القدم النسائي ريان رجب، ولاعبة منتخب السودان لكرة القدم، ولاعبة الجودو وهج».
وأوضحت أن النقاشات أبرزت التجارب المرة للسيدات الرياضيات، لا سيما لاعبات كرة القدم، وكيفية تعزيز الرياضة للسلم الاجتماعي، وتحقيق النهضة الاقتصادية والمجتمعية، وتابعت: «بالتأكيد أن نضال المرأة في السودان لم يقتصر على انتزاع النصر فقط، بل ساعدهن على خلق مساحات آمنة». وقالت ضحى عضو «منظمة آمنة»، «إن يوم 9 مارس شهد ورشة لشرح مفهوم المساحات الآمنة، التي لا يتعرض فيها الشخص للأذى، حالياً أو مستقبلاً»، وأضافت: «الورشة كشفت أن المساحة الآمنة تختلف من شخص لآخر، وهي تسمح للنساء بالعمل والتطور وإبداء الرأي والتعلم».
كما سلط المركز الثقافي الفرنسي الضوء على قضايا الفن والرياضة في ختام الأسبوع العالمي للمرأة، بعرضه لفيلم «خرطوم أوف سايد» للمخرجة مروة الزين، الذي تدور أحداثه حول شابات سودانيات صممن على لعب كرة القدم على المستوى الاحترافي، والذي يناقش ما أبدته رائدات كرة القدم النسوية من استعداد عالٍ للتحدي، وصمود في مواجهة القيود التي فرضتها الحكومة العسكرية الإسلامية، وخضن معركة شرسة للحصول على الاعتراف الرسمي بـ«منتخب السودان للنساء»، راسماً صورة لهؤلاء النساء، وهن يواجهن لحظات خيبة الأمل، والانتصار، وتدور فكرته حول مقولة: «يمكننا أن نختار ما نحب، ونفضح التحيزات المبنية على أساس النوع الاجتماعي».
واختتم الاحتفال بعرض لفريق الجودو النسائي، بمبادرة من الألمانية بيانكا بيترز لتدريب النساء على رياضة الجودو، وهدفها مشاركة رياضتها المفضلة مع النساء السودانيات.


مقالات ذات صلة

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

يوميات الشرق في عام 2023 قُتلت امرأة كل 10 دقائق على يد شريكها أو فرد من عائلتها (أ.ف.ب)

3 سيّدات يروين لـ«الشرق الأوسط» رحلة الهروب من عنف أزواجهنّ

«نانسي» و«سهى» و«هناء»... 3 أسماء لـ3 نساءٍ كدن يخسرن حياتهنّ تحت ضرب أزواجهنّ، قبل أن يخترن النجاة بأنفسهنّ واللجوء إلى منظّمة «أبعاد».

كريستين حبيب (بيروت)
شؤون إقليمية امرأتان تشربان الشاي في الهواء الطلق بمقهى شمال طهران (أ.ب)

إيران: عيادة للصحة العقلية لعلاج النساء الرافضات للحجاب

ستتلقى النساء الإيرانيات اللاتي يقاومن ارتداء الحجاب، العلاجَ في عيادة متخصصة للصحة العقلية في طهران.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا صورة جرى توزيعها في يناير 2024 لنساء وأطفال بمخيم زمزم للنازحين بالقرب من الفاشر شمال دارفور (رويترز)

شهادات «مروعة» لناجيات فررن من الحرب في السودان

نشرت «الأمم المتحدة»، الثلاثاء، سلسلة من شهادات «مروعة» لنساء وفتيات فررن من عمليات القتال بالسودان الذي يشهد حرباً منذ أكثر من عام.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
آسيا صورة من معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس للتعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات (أ.ف.ب)

معرض صور في باريس يلقي نظرة على حال الأفغانيات

يتيح معرض الصور الفوتوغرافية «نو وومنز لاند» في باريس التعرُّف إلى العالم الخاص للنساء الأفغانيات، ومعاينة يأسهن وما ندر من أفراحهنّ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
آسيا امرأة يابانية مرتدية الزي التقليدي «الكيمونو» تعبر طريقاً وسط العاصمة طوكيو (أ.ب)

نساء الريف الياباني يرفضن تحميلهنّ وزر التراجع الديموغرافي

يعتزم رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا إعادة تنشيط الريف الياباني الذي انعكست هجرة السكان سلباً عليه.

«الشرق الأوسط» (هيتاشي (اليابان))

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».