انقسام شيعي إزاء دعوة الكاظمي لحوار وطني

الصدر يطالب بإشراف أممي... والقوى القريبة من إيران تلوذ بالصمت

الكاظمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء (رئاسة الحكومة العراقية)
الكاظمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء (رئاسة الحكومة العراقية)
TT

انقسام شيعي إزاء دعوة الكاظمي لحوار وطني

الكاظمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء (رئاسة الحكومة العراقية)
الكاظمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الوزراء (رئاسة الحكومة العراقية)

في وقت أعلن فيه الأكراد والسنة دعمهم للحوار الوطني الذي دعا إليه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، انقسمت الكتل الشيعية بين مؤيد للحوار ومتحفظ من دون إعلان موقف واضح بالرفض أو القبول.
وبينما أعلن زعيم تحالف «عراقيون» عمار الحكيم، دعمه للحوار وكذلك زعيم «ائتلاف النصر» رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي، فإن القوى القريبة من إيران التزمت الصمت، وعلى رأسها «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي و«الفتح» بزعامة هادي العامري والفصائل المسلحة.
وأعلن زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر دعمه الدعوة إلى الحوار. ودعا المتحدث باسمه حيدر الجابري، خلال مؤتمر صحافي عقده في النجف، أمس، إلى «تفعيل الحوار الإصلاحي تحت إشراف أممي يستثني كل مَن له انتماء بعثي أو إرهابي». ولم يوضح طبيعة أو آلية الإشراف الأممي.
ويأتي موقف «التيار الصدري» بعد يومين من إطلاق الكاظمي مبادرته لعقد «حوار وطني شامل مفتوح وصريح» قائم على أساس مصلحة البلد وأمنه وسيادته. وكان الكاظمي قال في اجتماع مجلس الوزراء، مساء أول من أمس، إن دعوة الحوار الوطني «رسالة بحجم المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتق هذه الحكومة، وأن تحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهي محاولة لجمع شمل العراقيين». وشدد على ضرورة «أن نعمل معاً جميعاً وننسى همومنا ومصالحنا الشخصية، وأن نعطل هذه المصالح، ونفكر في المصلحة العامة. ليس لدينا خيار إلا العراق، وليس لدينا من خيار إلا التعايش وأن نحل مشاكلنا».
وأكد الدكتور حسين علاوي، عضو الفريق الاستشاري الذي يعكف في رئاسة الحكومة على تحديد آليات الحوار والجهات المشمولة به وموعد انطلاقه، أن مبادرة الكاظمي «ستكون منصة للحوار الوطني». وقال لوكالة الأنباء العراقية الرسمية إن الدعوة «مهمة جداً لتنشيط العملية السياسية ودعم تصميم الدولة العراقية وبنائها وفقاً لقيم النظام الديمقراطي الجديد ووفاءً لدماء العراقيين».
وأضاف أن «الدعوة لاقت ترحيباً كبيراً من المكونات الوطنية والقوى الوطنية والمجتمعية والرأي العام العراقي، وصدرت بيانات عدة، وسيتوارد عدد من البيانات السياسية خلال الساعات المقبلة والتي تعطي إشارات إيجابية عن قوة زخم المبادرة».
وأوضح أن «المبادرة تعد فرصة كبيرة ومنصة للحوار على مستويات سياسية واجتماعية وشبابية ولقوى الاحتجاج الشعبي والقوى الكردستانية الشعبية لحوار بين المركز والإقليم»، مؤكداً أن «الحوار الوطني عملية دفع للعراق نحو عقد سياسي جديد للوئام الاجتماعي». وأشار إلى أن «المبادرة ستكون منصة للحوار الوطني الذي يجمع بين رؤية السلطة التنفيذية التي سيعززها رئيس الجمهورية بوصفه راعياً للدستور وداعماً لمبادرة رئيس الوزراء وسيعمل عليها مع القوى السياسية لإنتاج العقد السياسي الجديد للعراق في مجال صورة الدولة ونهج السياسة العامة ونهج الاقتصاد الجديد ومعالجة وتفكيك أحجية الفساد والفقر والبطالة في جسد الدولة».
وأكد علاوي أن «ملف العلاقات المجتمعية وتعزيز قيمة التنوع والحفاظ عليها سيكون واحداً من المخرجات الأساسية التي سيبحث فيها الحوار، بالإضافة إلى وضع السلاح خارج أجهزة الدولة وسبل بناء الحوار مع الجماعات الخاصة».
وبيّن أن «تصميم الحوار الوطني يحتاج إلى خطوات فعالة من قبل القوى السياسية والمجتمعية والشبابية والفعاليات السياسية من خلال صناعة المحتوى وتحديد المسار وتهيئة الذات الجمعية العراقية للانتقال بالفضاء الاجتماعي من مسار السيولة إلى مسار الصمود وتصليب مرحلة الانتقال السياسي للبلاد».
ولفت إلى أن «العراق أمام فرصة كبيرة لتمتد طاولة السياسة بدل الصدام والتنافس السياسي غير المنتج الذي أوقف حركة التفاعل الاقتصادي والقدرة على جذب الاستثمارات الخارجية»، مؤكداً «ضرورة البناء على مبادرة الحوار السياسي لإنهاء مشاكل البلاد والعراقيين».
من جهته، أعرب الأمين العام لحركة «المشروع العربي» خميس الخنجر عن أمله في أن يكون الحوار الذي دعا إليه الكاظمي «شجاعاً وبعيداً عن منطق الثأر والانتقام». وقال عبر «تويتر»: «ندعم الحوار الوطني الذي دعا إليه الكاظمي، ونتضامن مع جميع المساعي التي تحاول إنقاذ العراق من الوضع الصعب». وأضاف: «أملنا أن يكون الحوار شجاعاً هذه المرة، وتتسع طاولته لجميع من يحمل صفة عراقي بعيداً عن منطق الثأر والانتقام». وأكد أن «العملية السياسية وحدها لا يمكن لها أن تصنع الاستقرار».



سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
TT

سكان في غرب اليمن يكابدون للحصول على المياه النظيفة

انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)
انخفاض خصوبة التربة وزيادة الملوحة في اليمن أدى إلى تهديد الزراعة (الأمم المتحدة)

مع دخول الحرب التي أشعلها الحوثيون عامها العاشر، لا يزال ملايين من النازحين يعانون جراء غياب الخدمات ويعيشون في تجمعات تفتقر لأبسط مقومات الحياة، حيث تشكل أزمة المياه النظيفة في مناطق الساحل الغربي لليمن واحدة من صور المعاناة التي يعيشها النازحون بسبب الحرب.

يقول حسن، وهو أب لأربعة أطفال وصل إلى منطقة «يختل» قبل خمس سنوات، إنهم يسيرون لساعات من أجل جلب بضعة صفائح من الماء، وفي بعض الأيام، يعود وأطفاله خالي الوفاض، حيث يبدو أن المياه تفرّ بعيداً عن متناول اليد.

الصراع من أجل المياه في اليمن تفاقم بسبب سنوات الحرب (الأمم المتحدة)

ولأن الحرب أجبرت أكثر من 4.5 مليون يمني على ترك منازلهم، فقد لجأ الكثير منهم إلى قرى ريفية مثل «يختل» القريبة من ميناء المخا على ساحل البحر الأحمر، ومع وصول المزيد من الأسر النازحة، وغالباً لا يحملون سوى الملابس على ظهورهم، زاد الضغط على الموارد الشحيحة بالفعل.

وفي ظل هذه الظروف، يتنافس السكان المتزايدون على الوصول إلى المياه والمأوى والخدمات الأساسية؛ مما يؤدي إلى تفاقم التحديات التي يواجهها كل من النازحين والسكان المحليين. كما أدى انخفاض خصوبة التربة وزيادة ملوحة مصادر المياه وارتفاع مستويات سطح البحر إلى تهديد الزراعة على طول الساحل الغربي، خصوصاً في هذه المنطقة.

لهذا؛ يجد سكان المنطقة، الذين اعتمدوا في السابق على الزراعة على نطاق صغير لإعالة أسرهم، أنه من المستحيل تقريباً زراعة المحاصيل أو إطعام مواشيهم، حيث أصبح المناخ معادياً بشكل متزايد لأساليب الزراعة التقليدية.

كما أن صيد الأسماك على نطاق صغير، الذي كان أيضاً شريان حياة للاقتصاد المحلي، في انحدار. ومع فشل المحاصيل وتناقص مخزون الأسماك، أصبح لدى السكان خيارات أقل.

مهمة صعبة

يقرّ محمد علي، وهو أحد سكان «يختل» بالصعوبة، حيث يستيقظ كل يوم قبل الفجر للبحث عن الماء، وهي مهمة تستهلك صباحاته وتستنزف طاقته، كما أن رحلاته اليومية إلى نقاط المياه المشتركة محفوفة بعدم اليقين، هل سيجد ما يكفي من المياه لأسرته أم لا.

وفق المنظمة الدولية للهجرة، تفاقم الصراع من أجل المياه بسبب سنوات الحرب التي دمَّرت البنية الأساسية التي كانت ذات يوم حيوية للبقاء؛ لأن نظام المياه، الذي تم بناؤه في الأصل لخدمة 200 منزل، أصبح الآن ممتداً إلى ما هو أبعد من حدوده، في محاولة لتلبية احتياجات أكثر من 1500 أسرة، بما في ذلك مئات النازحين الذين هربوا من العنف في مناطق خطوط التماس بين القوات الحكومية والحوثيين.

البحث اليومي عن المياه يستهلك وقت الأسر وطاقتها لفترة طويلة (الأمم المتحدة)

من خلال إعادة تأهيل خطوط الأنابيب وبناء نقاط مياه جديدة، ساعدت تدخلات المنظمة الأممية في تخفيف العبء على الأسر وتخفيف الصراع على الموارد. كما يعالج المشروع المخاطر الصحية من خلال ضمان حصول كل من المجتمعات المضيفة والأسر النازحة على وصول موثوق به إلى المياه النظيفة.

وجزءاً من هذه الجهود في منطقة «يختل»، يتم توسيع شبكة توزيع المياه. ويشمل ذلك تركيب أنابيب أكبر وبناء مرافق تخزين مياه إضافية، وضمان توزيع العرض المحدود بكفاءة عبر المجتمع.

وبحسب المنظمة الأممية، تم إدخال أنظمة ضخ المياه بالطاقة الشمسية؛ مما يوفر مصدر طاقة مستداماً يقلل من الاعتماد على الوقود الباهظ الثمن وغير المتاح في كثير من الأحيان، ومساعدة المجتمعات على تحمل التقلبات الجوية المتطرفة مثل الفيضانات بشكل أفضل.

مساعدة على الصمود

تتضمن جهود منظمة الهجرة الدولية ترقية نظام المياه لتحسين قدرته على الصمود في مواجهة الفيضانات، والتخطيط بعناية لتجنب المناطق المعرضة للفيضانات وإنشاء تدابير وقائية، بالإضافة إلى ذلك، سيتم تركيب أجهزة تعقيم المياه بالكلور الأوتوماتيكية لتطهير المياه.

وبينما يتم إحراز تقدم في منطقة «يختل»، تستمر صراعات مماثلة في أجزاء أخرى من الساحل الغربي اليمني وفقاً للمجتمع الإغاثي، ففي مخيم للنازحين في حيس، يشارك سامي، وهو أب لاثني عشر طفلاً، قصة مألوفة عن المشقة، ويذكر أن معظم الأشخاص الذين يذهبون لجلب المياه هم من الأطفال؛ فهم لا يذهبون إلى المدرسة لأنهم مضطرون إلى المساعدة.

الجفاف يهدد مناطق واسعة باليمن مما يتسبب في شح المياه (إ.ب.أ)

تؤكد المنظمات الإغاثية أن عدم القدرة على الحصول على المياه النظيفة أدى إلى حرمان أطفاله من التعليم؛ مما أجبرهم على القيام بدورة من الأعمال المنزلية اليومية.

وبغرض معالجة النقص الحاد في المياه، تشرف منظمة الهجرة الدولية على بناء بئر جديدة من شأنها أن توفر مياه نظيفة وموثوقة لآلاف الأسر النازحة والمجتمعات المضيفة.

تجزم المنظمات الإغاثية أنه ومن خلال توفير هذا المصدر الثابت للمياه، سيتم تخفيف العبء المادي على الأسر وتقليل المخاطر الصحية المرتبطة بالمياه الملوثة، لكن رغم ذلك، تظل التحديات هائلة، حيث يستمر تغير المناخ والأحداث الجوية المتطرفة في جميع أنحاء اليمن في تضخيم أزمة المياه؛ مما يزيد من ضغوط الصراع والنزوح.