واشنطن لا تربط التفاوض مع طهران بالانتخابات الإيرانية

مسؤول أميركي تحدث عن «الحاجة» إلى مفاوضات «مباشرة أو غير مباشرة»

روبرت مالي (أ.ف.ب)
روبرت مالي (أ.ف.ب)
TT

واشنطن لا تربط التفاوض مع طهران بالانتخابات الإيرانية

روبرت مالي (أ.ف.ب)
روبرت مالي (أ.ف.ب)

أكد المبعوث الأميركي الخاص لإيران روبرت مالي أن «المحادثات المباشرة» مع طهران «أكثر فاعلية»، معتبراً أن الانتخابات الرئاسية الإيرانية المقررة في يونيو (حزيران) «ليست عاملاً» في مقاربة البيت الأبيض، لإحياء الاتفاق النووي، وذلك في وقت تحدث مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية عن «حاجة» إلى الدخول في مباحثات مع إيران، «سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة».
وقال مالي، لموقع «أكسيوس» الأميركي، في مقابلة هي الأولى له منذ تعيينه في منصبه، إن الولايات المتحدة أوضحت لإيران أنها «مستعدة للانخراط في عملية دبلوماسية جادة لتحقيق عودة متبادلة إلى الامتثال للاتفاق النووي»، معتبراً أن «المحادثات المباشرة أكثر فاعلية وأقل عرضة لسوء الفهم، لكن الجوهر بالنسبة لنا أهم من الشكل»، مؤكداً أن مقاربة واشنطن في شأن العودة «المتزامنة» ضمن معادلة «الالتزام مقابل الالتزام».
ونوه مالي بأن «الانتخابات الإيرانية في يونيو ليست عاملاً في عملية صنع القرار في إدارة بايدن حيال كيفية المضي قدماً في المحادثات النووية». وأضاف: «لا ننوي أن نبني وتيرة مناقشاتنا على الانتخابات الإيرانية، فالوتيرة ستحدد بمدى اتساقنا مع الدفاع عن مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة»، موضحاً أن ذلك يعني «أننا لن نتسرع أو نبطئ الأمور بسبب الانتخابات الإيرانية».
بالتزامن أفاد الناطق باسم وزارة الخارجية، نيد برايس، بأن بلاده تسعى إلى مقاربة متعددة في إطار أطراف الاتفاق النووي، «مجموعة 5 + 1». وشدد في الوقت ذاته على أن هناك حاجة إلى مناقشة برنامج إيراني للصواريخ الباليستية ودورها المزعزع للاستقرار في الشرق الأوسط، على أن تُجرى هذه المفاوضات بمشاركة دول رئيسية في المنطقة، وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وإسرائيل.
وكان برايس يرد على سؤال حول رسالة 140 مشرّعاً في مجلس النواب لوزير الخارجية، أنتوني بلينكن، بعدم رفع العقوبات على إيران إلا بعد العودة إلى الكونغرس، مطالبين بمعالجة برنامج الصواريخ الباليستية، ودعم إيران للإرهاب.
ورفض برايس تحديد الجهات التي تتوسط بين الجانبين الأميركي والإيراني. واستطرد أن الدبلوماسية «تتطلب أن تكون لدينا قنوات للتواصل (...) هي إحدى الأدوات المهمة».
في الوقت ذاته، نقل موقع «أكسيوس» عن مسؤول في وزارة الخارجية الأميركية، أن الخطوات المحتملة من الولايات المتحدة فيما يتعلق بالعقوبات يمكن أن تكون مطروحة على طاولة المفاوضات، لكننا بحاجة إلى الدخول في محادثة مع إيران، سواء كانت مباشرة أو غير مباشرة»، مستدركاً أن بايدن «لن يتخذ خطوات أحادية عندما يتعلق الأمر بإلغاء العقوبات»، لأن «أي خطوة جوهرية من الولايات المتحدة يجب أن تكون جزءاً من عملية يتخذ فيها الجانبان إجراءات».
ويتألف الفريق الأميركي للتفاوض مع الجانب الإيراني من كل من مالي وخبير الأسلحة النووية والعقوبات ريتشارد نيفيو، وجاريت بلانك، الذين كانوا جميعاً أعضاء في فريق التفاوض الذي أوصل إلى اتفاق عام 2015.
في شأن متصل، ناقش المبعوث الأميركي الخاص لإيران، وكريستوفر لا مون، نائب مساعد وزير الخارجية لحقوق الإنسان، مساء أول من أمس، انتهاكات النظام الإيراني، في لقاء مع خبراء إيرانيين في حقوق الإنسان بالعاصمة واشنطن.
وقال مالي إنه اتصل ببعض عائلات رهائن أميركيين محتجزين في إيران، مؤكداً مساعدة إدارة بايدن لإعادتهم إلى البلاد. وبدوره قال برايس إن الإدارة الأميركية لن تتهاون في استخدام جميع الأدوات للضغط على إيران فيما يخص المحتجزين والرهائن الأميركيين لديها، وإنها تستخدم في ذلك نهج الدبلوماسية وكل قناة «بالشكل المناسب للضغط على قضية أولئك الأميركيين المحتجزين ظلماً في إيران»، مشيراً إلى مكالمة وزير الخارجية الأميركي لعائلة المحتجز الأميركي في إيران ببوب ليفينسون منذ 14 عاماً.
وقالت الباحثة والناشطة الأميركية في حقوق الإنسان، أديل نازاريان، إن الخطوات الأميركية الجديدة في السعي للتواصل مع الإيرانيين «لا تدعو للتفاؤل».
وشددت نازاريان، خلال حديثها لـ«الشرق الأوسط»، على الإدارة الأميركية بضرورة الالتفات خلال مساعيها لانتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها النظام الإيراني خلال المحادثات المقبلة، وعدم رفع العقوبات عن النظام من دون هذا الأمر، إذ إن «مناقشة تخصيب اليورانيوم أو السلاح النووي فقط لا تكفي، فالمآسي كثيرة». وأضافت: «محاسبة النظام الإيراني لا بد أن تتم ترجمتها بالأفعال، الأقوال لا تفي، رفع الحوثيين من قائمة الإرهاب والهجوم على السعودية هو ما رأيناه من ردة فعل الإيرانيين على تعامل الإدارة الأميركية معهم».



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.