باول يثير عاصفة بالأسواق بعد الفشل في تهدئة قلق المستثمرين

أعطى «ضوءاً أخضر» لاستمرار «فورة السندات»

أخفقت تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تهدئة مخاوف المستثمرين (رويترز)
أخفقت تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تهدئة مخاوف المستثمرين (رويترز)
TT

باول يثير عاصفة بالأسواق بعد الفشل في تهدئة قلق المستثمرين

أخفقت تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تهدئة مخاوف المستثمرين (رويترز)
أخفقت تصريحات جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في تهدئة مخاوف المستثمرين (رويترز)

أخفقت تصريحات أدلى بها جيروم باول، رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، في تهدئة مخاوف المستثمرين بشأن ارتفاع تكاليف الاقتراض مؤخراً. وأقرّ باول في منتدى لصحيفة «وول ستريت جورنال»، مساء الخميس، بأن الزيادة في العوائد «ملحوظة»، لكنه قال إن موجة بيع لسندات الخزانة لا تخل بالنظام؛ وليس من المرجح أن تدفع أسعار الفائدة طويلة الأمد لمستويات شديدة الارتفاع للدرجة التي تدفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي للتدخل بشكل أكثر قوة. كما كرر أنه ملتزم بالحفاظ على سياسة نقدية بالغة التيسير لحين قطع الاقتصاد «شوطاً طويلاً جداً على طريق التعافي».
وأعادت تصريحات باول إشعال فتيل موجة البيع في سندات الخزانة، ليقفز الدولار ويتراجع الذهب، كما أوقدت شرارة موجة بيع في «وول ستريت» مساء الخميس، ودفعت المؤشر «ناسداك» الزاخر بشركات التكنولوجيا لمحو مكاسبه منذ بداية العام. كما نزلت أسهم التكنولوجيا الأوروبية واحداً في المائة وتمضي على مسار تسجيل ثاني خسارة أسبوعية على التوالي.
ويزيد من توقع الاضطراب وزيادة السيولة إعلان وزارة الخزانة الأميركية، مساء الخميس، اعتزامها طرح كمية جديدة من السندات طويلة الأجل بفئات 3 و10 و30 سنة للاكتتاب خلال الأسبوع المقبل، بقيمة إجمالية 120 مليار دولار. وكانت الوزارة قد باعت، في وقت سابق من الشهر الماضي، سندات بقيمة 126 مليار دولار على الشرائح ذاتها.
وقال نيل جونز، رئيس مبيعات الصرف الأجنبي لدى بنك «ميزوهو»: «ارتفع الدولار بقوة بعد تصريحات باول؛ إذ أرى أن الكثيرين في السوق كانوا يتطلعون لتصريحات أقوى من المركزي الأميركي تكبح المزيد من الارتفاعات في العائدات... لم تصدر تلك التصريحات والدولار يصعد بوجه عام بفعل توقعات بارتفاعات أخرى في العوائد الأميركية».
كما قال جيفري حالي كبير محللي السوق لدى «أواندا»: «من الواضح أن باول لم يمل إلى التيسير النقدي بشكل كافٍ بالنسبة للأسواق، وبطريقة ما، فإنه أعطى الضوء الأخضر لارتفاع أكبر للعوائد الأميركية بقوله إنه مرتاح لذلك... جميع المؤشرات تشير إلى استمرار فورة السندات».
ويأتي ذلك بينما قال بنك «أوف أميركا»، الجمعة، إن المستثمرين ضخوا مليارات الدولارات في الأسهم شديدة الارتفاع، حتى في الوقت الذي أدى فيه اضطراب سوق السندات الجاري إلى خسائر حادة في وول ستريت ودشن «حقبة جديدة من التقلب».
وارتفعت عوائد الخزانة الأميركية لأجل عشر سنوات، والتي تحوم بالقرب من 1.6 في المائة، قرابة 45 نقطة أساس في الشهر الماضي، ما أطلق موجة بيع في الأسهم التي خسرت أربعة تريليونات دولار من القيمة السوقية منذ ذروة سجلتها في منتصف فبراير (شباط).
وقال بنك الاستثمار الذي يحلل التدفقات استناداً إلى بيانات «إي. بي. إف. آر» إن صناديق الأسهم سجلت تدفقات داخلة بقيمة 22.2 مليار دولار، بقيادة 2.3 مليار دولار إلى التكنولوجيا وملياري دولار إلى أسهم الشركات المالية في الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء.
وما زال هبوط سوق السندات يحفز تعديلاً كبيراً في المراكز بين المستثمرين، مع استثمار 62.6 في المائة من عملاء بنك «أوف أميركا» في الأسهم وهو مستوى قياسي.
كما أفادت ليبر بأن صناديق الأسهم في الولايات المتحدة سجلت نزوح تدفقات بقيمة 3.3 مليار دولار في الأسبوع المنتهي يوم الأربعاء. وأظهرت بيانات ليبر أن صناديق السندات الأميركية الخاضعة للضرائب استقطبت 8.2 مليار دولار، لتسجل دخول تدفقات للأسبوع الحادي عشر، وأن صناديق سوق النقد جذبت 23.6 مليار دولار، وهي أكبر تدفقات منذ مايو (أيار). بينما سجلت صناديق سندات البلديات في الولايات المتحدة نزوح 605 ملايين دولار في أول خروج للتدفقات منذ نوفمبر (تشرين الثاني). وفرض صعود عوائد السندات الأميركية ضغوطاً من جديد على الأسهم الأوروبية، الجمعة، ونزل المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.9 في المائة في التعاملات المبكرة، فيما قادت أسهم شركات السفر والتعدين والخدمات المالية الانخفاض. وتراجع سهم مجموعة بورصة لندن 3.6 في المائة، رغم أنها حققت نتائج مستقرة للعام ككل في 2020 وأعلنت عن زيادة في توزيعات الأرباح بنسبة سبعة في المائة.
وفي آسيا، تراجعت الأسهم اليابانية، الجمعة، للجلسة الثانية على التوالي، إذ تأثرت سلباً بفعل خسائر تكبدتها الأسهم ذات الثقل على المؤشر وشركات التكنولوجيا. وانخفض المؤشر نيكي الياباني 0.23 في المائة إلى 28864.32 نقطة وسجل خسارة للأسبوع الثاني على التوالي. وأغلق المؤشر توبكس منخفضاً 0.61 في المائة إلى 1896.18 نقطة.
ونزل الذهب، الجمعة، إلى أدنى مستوى في تسعة أشهر تقريباً متجها صوب الانخفاض للأسبوع الثالث على التوالي. وتراجع الذهب في المعاملات الفورية 0.38 في المائة إلى 1693.80 دولار للأوقية (الأونصة) بحلول الساعة 1230 بتوقيت غرينتش، بعد أن نزل لأدنى مستوى منذ الثامن من يونيو (حزيران) عند 1686.40 دولار. ومنذ بداية الأسبوع، تراجع الذهب 2.3 في المائة. وتوقع محللون أنه يبدو من المحتم أن ينزل الذهب عن المستويات الحالية وأن يسجل خسائر أكبر إلى نطاق 1600 دولار.
ويأتي ذلك بينما بلغ مؤشر الدولار أعلى مستوى في ثلاثة أشهر، واستقر في أحدث تعاملات عند 91.960 في المعاملات المبكرة في لندن بعد أن ربح 0.7 في المائة، الخميس.
أما العملات عالية المخاطر، ومنها الدولار الأسترالي ونظيره النيوزيلندي، فقد تراجعت مقتفية أثر الأسهم مع تحول معنويات المستثمرين مرة أخرى إلى التشاؤم. وفي سوق العملات المشفرة، تراجعت بيتكوين 3.7 في المائة إلى 46571 دولارا. وانخفض الإيثر 5.52 في المائة إلى 1453.29 دولار.


مقالات ذات صلة

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

الاقتصاد مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» على وشك خفض الفائدة مجدداً يوم الأربعاء

من المتوقع على نطاق واسع أن يخفض بنك الاحتياطي الفيدرالي تكاليف الاقتراض خلال اجتماعه يوم الأربعاء المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد يقوم أحد عمال البريد الأميركي بتفريغ الطرود من شاحنته في مانهاتن أثناء تفشي فيروس كورونا (رويترز)

ترمب يدرس خصخصة خدمة البريد وسط خسائر مالية ضخمة

يبدي الرئيس المنتخب دونالد ترمب اهتماماً بالغاً بخصخصة خدمة البريد الأميركية في الأسابيع الأخيرة، وهي خطوة قد تُحْدث تغييرات جذرية في سلاسل الشحن الاستهلاكي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد أعلام أميركية خارج بورصة نيويورك (رويترز)

ارتفاع تقييمات الأسهم الأميركية يثير مخاوف المستثمرين من تصحيح وشيك

تتزايد المخاوف في الأسواق المالية بعد الارتفاعات الكبيرة في تقييمات الأسهم الأميركية في الأسابيع الأخيرة؛ ما يشير إلى أن السوق قد تكون على وشك تصحيح.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ شعار شركة ديلويت المسؤولة عن البوابة الإلكترونية للولاية (وسائل إعلام محلية)

اختراق معلومات شخصية ومصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية أميركية

اخترقت مجموعة دولية من المجرمين المعلومات الشخصية والمصرفية لمئات الآلاف من سكان ولاية رود آيلاند الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص ترمب وشي في قمة زعماء مجموعة العشرين بأوساكا باليابان عام 2019 (أرشيفية - رويترز)

خاص قنابل موقوتة تهدد الاقتصاد العالمي في 2025

يقف عام 2025 عند منعطف محوري مع تنامي المواجهة التجارية بين الولايات المتحدة والصين ووسط استمرار التوترات الجيوسياسية.

هلا صغبيني (الرياض)

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».