مشروع اتفاق بين الحوثيين وصالح وفصيل من «الحراك» لتقاسم السلطة

انسحاب «الإصلاح» من الحوار.. وأمين عام «الناصري» لـ {الشرق الأوسط} : لا أفق للتسوية إذا لم تلتزم الجماعة بشروطنا

مؤيدون لجماعة الحوثي يرفعون أسلحتهم ويطلقون شعارات في مظاهرة تأييد للجماعة في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (إ.ب.أ)
مؤيدون لجماعة الحوثي يرفعون أسلحتهم ويطلقون شعارات في مظاهرة تأييد للجماعة في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (إ.ب.أ)
TT

مشروع اتفاق بين الحوثيين وصالح وفصيل من «الحراك» لتقاسم السلطة

مؤيدون لجماعة الحوثي يرفعون أسلحتهم ويطلقون شعارات في مظاهرة تأييد للجماعة في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (إ.ب.أ)
مؤيدون لجماعة الحوثي يرفعون أسلحتهم ويطلقون شعارات في مظاهرة تأييد للجماعة في العاصمة اليمنية صنعاء أمس (إ.ب.أ)

قالت مصادر سياسية في العاصمة اليمنية صنعاء إن الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس السابق علي عبد الله صالح وأحد فصائل الحراك الجنوبي، اتفقوا، أمس، على تشكيل مجلس رئاسي جديد لقيادة اليمن، وذلك بعد انقضاء المهلة التي حددها الحوثيون للقوى السياسية للتوصل إلى اتفاق لسد فراغ السلطة. ولم يعلن أي من الأطراف المعنية في الساحة اليمنية، رسميا، التوصل لمثل هذا الاتفاق أو التوقيع عليه.
ورغم نفي عضو في الأمانة العامة (المكتب السياسي) لحزب المؤتمر الشعبي العام علمها بالتوقيع على أي اتفاق، أشارت مصادر أخرى إلى وجود مشروع اتفاق لتقاسم السلطة، ستعلن تفاصيله في أي لحظة.
وأكد حسين حازب، عضو الأمانة العامة لحزب المؤتمر العام لـ«الشرق الأوسط» أن حزب المؤتمر متمسك بخيار الرجوع إلى مجلس النواب (البرلمان) للفصل في استقالة الرئيس، ونفى حازب التنسيق أو التحالف بين حزبه والحوثيين واتهم تكتل أحزاب «اللقاء المشترك» بالترويج لموضوع التحالف ولموضوع الخلافات بين الحوثيين والرئيس السابق علي صالح، حسب قوله.
في هذه الأثناء، تشير مصادر إلى انسحاب حزب الإصلاح والاشتراكي من الحوار الجاري برعاية أممية في صنعاء، بعد الفشل في التوصل إلى اتفاق نهائي لصيغة تسوية سياسية، في الوقت الذي كان التنظيم الناصري انسحب بشكل نهائي من تلك المباحثات. ويتحدث الحوثيون عن عملية لنقل السلطة في اليمن، ونقلت وكالة اليمن الإخبارية المقربة من الحوثيين تصريحا بلسان من وصفته بالمصدر السياسي اليمني، قال فيه إن إجراءات نقل السلطة تم الترتيب لها جيدا سياسيا وأمنيا شمالا وجنوبا. وأضاف أن إجراءات نقل السلطة سوف تتم في أجواء من الأمن والسكينة وأن الإجراءات ستتم بطريقة تكفل إشراك جميع المكونات والقوى الفاعلة ومشاركة فعلية بما لا يتعارض مع اتفاق السلم والشراكة، ونسبت الوكالة لمصادر سياسية أن الرئيس هادي لن يغادر اليمن إلى الولايات المتحدة الأميركية للعلاج، إلا بعد توصل الأطراف السياسية إلى حل للأزمة الراهنة.
وأعلنت مصادر مقربة من مكتب جمال بنعمر، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن، أن المشاورات السياسية التي تجري بين القوى السياسية اليمنية لحل الأزمة الراهنة، جرى استئنافها، مساء أمس، في فندق «موفمبيك» بصنعاء، وذلك بعد أن توقفت ليومين بطلب من أحزاب تكتل «اللقاء المشترك» للتشاور بين تلك الأحزاب، وأكدت مصادر سياسية يمنية أن التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري أعلن انسحابه بصورة نهائية من تلك المشاورات.
وقال عبد الله نعمان، الأمين العام للتنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، إنهم انسحبوا من الحوار الذي يرعاه بنعمر «عندما وجدنا أنه يذهب إلى طريق مسدود ولا يوجد أفق لعملية تسوية سياسية تعيد المسار السياسي»، وأشار نعمان، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إلى تقديم حزبه والأحزاب الأخرى لقائمة من الشروط والمطالب لتهيئة الأجواء للحوار السياسي ومنها «رفع الإقامة الجبرية عن رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، ورئيس الحكومة والوزراء، والتعهد بعدم التعرض للاحتجاجات السلمية والانسحاب من العاصمة إلى المحافظات والاتفاق على ترتيبات أمنية خاصة بالمحافظات، وترتيبات أمنية أخرى خاصة بأمانة العاصمة صنعاء ومحيطها»، ويؤكد أن «هذه إجراءات ضرورية، ثم يمكن للناس البحث في الخيارات الخاصة بملء الفراغ القائم في السلطة، ونحن خيارنا الواضح والأقل كلفة هو عدول الرئيس والحكومة عن الاستقالة، وفيما لم يعدل الرئيس والحكومة عن الاستقالة، يمكننا بحث أي خيارات أخرى»، ويردف أنه «وفي كل الأحوال، سواء عدل الرئيس عن الاستقالة أو جاء رئيس جديد أو مجلس رئاسة وهناك طرف مسيطر ومهيمن على القوة (العسكرية)، هو من سيملي إرادته، في الأخير، كما يشاء».
وحول موقف الحوثيين من هذه المطالب، يقول نعمان لـ«الشرق الأوسط» إن «الحوثيين طرحوا بكل صراحة ووضوح، أنه ومن أجل الاتفاق على ترتيبات أمنية بشأن العاصمة صنعاء ومحيطها، يجب استيعاب 20 ألفا من ميليشياتهم المسلحة في قوات الأمن وأن تقوم هذه الميليشيات التي سيتم استيعابها بالترتيبات الأمنية المشار إليها، كما يطالبون باستيعاب بقية ميليشياتهم في قوات الجيش بحجة أنهم هم من يقومون، حاليا، بقتال عناصر تنظيم القاعدة، لأنه لا يوجد جيش، وبالتالي فإن الطريقة المثلى، بالنسبة لهم، هي استيعاب ميليشياتهم لمقاتلة (القاعدة)»، ويؤكد زعيم التنظيم الناصري في اليمن أن «الحوثيين يرفضون إعادة السلاح المنهوب من المعسكرات، وهذا ضمن الشروط التي طرحناها لتهيئة الأجواء للحوار، وهو السلاح الذي تم الاستيلاء عليه منذ 21 سبتمبر (أيلول) وحتى الآن، باعتبار أن آلية تسليم السلاح التي نصت عليها وثيقة اتفاق السلم والشراكة في ملحقها الأمني (الموقعة بين الحوثيين والقوى السياسية)، تتعلق بتسليم السلاح قبل اقتحام العاصمة، أما السلاح الذي تم الاستيلاء عليه منذ اقتحام العاصمة، فيفترض أن يعاد دون قيد أو شرط».
وأشار عبد الله نعمان إلى أن موضوع التنسيق بين الحوثيين والرئيس السابق علي عبد الله صالح «أمر لا يحتاج إلى الكثير من الذكاء والجهد لاكتشافه، لأن معظم القيادات في المناطق العسكرية والمحافظات الشمالية التي ما زالت تحمل الولاء لعلي عبد الله صالح قاتلت إلى جانب الحوثيين وما زالت تقاتل حتى الآن، ويكفي إلقاء نظرة بسيطة على المؤتمر الوطني، كما سماه الحوثيون، لتكتشف أن الصف الأول في حزب المؤتمر الشعبي العام، كانوا شركاء في هذا المؤتمر». ويؤكد القيادي الناصري أنه لا يوجد أفق لحل الأزمة الراهنة «إلا في حال استعداد أنصار الله الحوثيين لإزالة الأسباب التي أدت إلى استقالة الرئيس والحكومة والخيارات الأخرى هم الذين يحددونها وليس نحن»، ويشير إلى أن أحزاب «اللقاء المشترك» كانت أعدت رؤية لحل الأزمة والفراغ وتتضمن 3 نقاط هي التهيئة للحوار والعودة إلى المسار السياسي بعدول الرئيس عن الاستقالة ثم بعد ذلك معالجة موضوع الحكومة وتنفيذ ما تم الاتفاق عليه وترتيبات للمرحلة التأسيسية».
ويعيش اليمن على وقع أزمة سياسية عاصفة بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء 21 من سبتمبر الماضي، وسيطرتهم بشكل كامل على القصور الرئاسية والبنوك والوزارات والمعسكرات في 19 من يناير (كانون الثاني) الماضي، وهي الخطوة التي تلتها استقالة حكومة خالد محفوظ بحاح ثم استقالة الرئيس عبد ربه منصور هادي من منصبه، لتدخل البلاد في فراغ دستوري شامل، وحتى اللحظة تتزايد المظاهرات المنددة بما تسميه انقلاب الحوثيين على السلطة في صنعاء وحصار الرئيس ورئيس الحكومة والوزراء ووضعهم تحت الإقامة الجبرية، وإلى جانب هذه التطورات السياسية والميدانية، هناك تطورات أخرى يشهدها عدد من المحافظات وهي القتال بين الجماعات الإسلامية المتشددة والحوثيين الذين تساندهم قوات الجيش التي استولوا عليها أو سلمت إليهم دون قتال، إضافة إلى التطورات الأمنية المتصاعدة في كثير من المحافظات.



الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
TT

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)
الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

تتجه الجماعة الحوثية في اليمن إلى توسيع دائرة مواردها من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيها إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتها، وأنشأت أخيراً آلية جديدة تحت اسم «موارد دعم القضاء»، إلى جانب توجهها لفرض جبايات على صناعة المحتوى الإلكتروني، وعلى عدد من الخدمات العمومية.

وكشفت وثيقة جرى تسريبها عن قرار أصدره القيادي الحوثي مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى (مجلس الحكم الانقلابي) بدمج عدد من المؤسسات في السلطة القضائية بوزارة العدل وحقوق الإنسان في حكومة الجماعة التي لا يعترف بها أحد، وإعادة تنظيم مهام وأهداف الكيان الجديد، بما في ذلك تولي تحصيل موارد ما سماه «صندوق دعم القضاء».

قرار حوثي بإعادة هيكلة مؤسسات حكومية تضمن الإشارة إلى صندوق موارد لصالح القضاء (إكس)

وبينما لم تعلن الجماعة الحوثية إنشاء هذا الصندوق أو مهامه رسمياً، ترجح مصادر قانونية مطلعة في العاصمة المختطفة صنعاء صدور قرار بإنشاء الصندوق دون الإعلان عنه، خصوصاً أن الجماعة تتحفظ على الإعلان عن قراراتها الأخيرة بشأن دمج وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة المختطفة، ومنها هذا القرار الذي جرى تسريب بعض مواده.

وتوقعت المصادر أن يكون قرار إنشاء صندوق بهذا الاسم بوابة لتحصيل جبايات مختلفة من مصادر متعددة، سواء من المؤسسات أو القطاعات الإيرادية، بهدف السيطرة على إيراداتها وضمان دخولها في أرصدة تابعة للجماعة في البنوك، أو من الشركات التجارية والتجار ورجال الأعمال، وحتى من صغار الباعة ومختلف المهن والأعمال.

وذهبت المصادر في توقعاتها إلى أن مثل هذا الصندوق قد يستخدم في ابتزاز التجار ورجال الأعمال والشركات والبيوت التجارية، من قبيل أن عدم مساهمتهم في رفد موارد القضاء قد يتسبب في تعطيل مصالحهم أو معاملاتهم القانونية، وإجراءات التقاضي الخاصة بهم.

وبدأت الجماعة الحوثية منذ أسابيع تقليص الهيكل الإداري للدولة ومؤسساتها في مناطق سيطرتها من خلال عمليات دمج وإلحاق وإلغاء، بهدف مزيد من السيطرة عليها وإزاحة الموظفين فيها من غير الموالين للمشروع الحوثي.

ملاحقة صناعة المحتوى

وذكرت مصادر يمنية مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية تدرس منذ عدة أسابيع إنشاء آلية لفرض رسوم على صناعة المحتوى الإلكتروني من خلال فرض جبايات على المواقع الإلكترونية، وعلى صناع المحتوى والمشاهير على مواقع التواصل الاجتماعي.

ووفقاً للمصادر فمن المتوقع أن يجري فرض الجبايات تحت اسم ضريبة الدخل، ويجري تحصيلها مقابل ما يتحصل عليه صناع المحتوى ومالكو المواقع الإلكترونية من مبالغ، سواء كانت عائدات من نشاطهم، أو من الإعلانات التي يقدمونها.

مبنى مجلس القضاء الأعلى في صنعاء الذي تسيطر عليه الجماعة الحوثية وتفرض جبايات باسمه (فيسبوك)

وبينت المصادر أن الجماعة تدرس آليات ووسائل فرض هذه الرسوم من خلال تتبع أنشطة صناع المحتوى، ومراقبة المواقع الإلكترونية وما تعرضه من إعلانات على صفحاتها، وتسعى إلى الاستفادة من تجارب عدد من الدول في هذا الشأن.

إلا أن الجماعة تواجه تحدياً كبيراً في تنفيذ نياتها، ويتمثل ذلك في قلة صناع المحتوى اليمنيين، ووجود كثير منهم خارج البلاد، حيث لا تساعد سرعات وأسعار الإنترنت في مناطق سيطرة الجماعة على إتاحة الفرصة لصناعة محتوى يدر مداخيل كبيرة.

كما أن غالبية مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي في اليمن لا يحصلون على إيرادات كبيرة، ويكتفي أغلبهم بالحصول على هدايا من الجهات التي يقدمون لها خدمات إعلانية.

ومنذ قرابة شهر ونصف الشهر أخطرت وزارة إعلام الجماعة الحوثية ملاك المواقع الإخبارية ومحركات البحث، بتقديم تخفيضات بنسبة 70 في المائة على رسوم الحصول على تراخيص مزاولة النشاط، ولمدة لا تتجاوز الشهرين، مهددة بإجراءات عقابية على من يتخلف عن السداد والحصول على التراخيص.

جبايات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على نتائج اختبارات النصف الأول من العام الحالي (إعلام حوثي)

ومن المتوقع أن تبدأ الجماعة فرض إجراءات عقابية بحق المواقع الإلكترونية، مثل الحجب، واقتحام المكاتب، ومصادرة الأجهزة والمعدات، ضد كل من تخلف عن الحصول على تلك التراخيص.

وأخيراً فرضت الجماعة الانقلابية رسوماً على نتائج اختبارات طلبة المدارس للنصف الأول من العام الدراسي الحالي في مناطق سيطرتها.

وذكر أولياء أمور الطلاب على مواقع التواصل الاجتماعي أن الرسوم التي فرضتها الجماعة الحوثية مقابل الحصول على النتائج تراوحت بين أقل من نصف دولار إلى أكثر من دولار (بين 300 و600 ريال، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ534 ريالاً)، وجرى تحصيلها من دون سندات.

واستنكر أولياء الأمور هذه الجبايات الجديدة، التي تضاف إلى ما يجري فرضه عليهم وعلى أبنائهم من رسوم منذ بداية العام الدراسي، والتي ضاعفت من الأعباء المفروضة عليهم، خصوصاً مع توقف الرواتب، وغلاء الأسعار، وتردي أحوالهم المعيشية.