الاقتصاد البريطاني انكمش 9.9% في 2020 والانتعاش يعتمد على التلقيح ضد «كوفيد-19»

شارع مقفر في وسط لندن (أ.ف.ب)
شارع مقفر في وسط لندن (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد البريطاني انكمش 9.9% في 2020 والانتعاش يعتمد على التلقيح ضد «كوفيد-19»

شارع مقفر في وسط لندن (أ.ف.ب)
شارع مقفر في وسط لندن (أ.ف.ب)

سجل الاقتصاد البريطاني انكماشا قياسيا بنسبة 9.9 في المائة العام الماضي تحت وطأة تداعيات فيروس كورونا المستجد، وفق ما أظهرت بيانات رسمية نُشرت اليوم الجمعة، لكن النشر السريع للقاحات ساهم في تحسن التوقعات.
وقال وزير المال ريشي سوناك إن الاقتصاد تعرض لـ«صدمة كبيرة» بسبب أزمة جائحة «كوفيد-19»، رغم ما أظهرته البيانات من نمو في النصف الثاني من العام
وجاء في بيان المكتب الوطني للاحصاءات: «خلال عام 2020 ككل، تراجع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 9.9 في المائة، في أكبر انخفاض سنوي مسجل للناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة».
وسجل الناتج المحلي الإجمالي نموا بنسبة 1.0 في المائة في الفصل الرابع، أي الأشهر الثلاثة المنتهية في ديسمبر (كانون الأول)، بعد مراجعة أرقام الانتعاش الذي سجل 16.1 في المائة في الفصل الثالث، وفق مكتب الإحصاء.
وكان الاقتصاد قد شهد ركودا تاريخيا في النصف الأول وانكمش بنسبة 19 في المائة في الفصل الثاني مع تفشي الوباء.
وقد لا تتمكن بريطانيا من تجنب ركود مزدوج عقب تدابير الإغلاق الصارمة المفروضة منذ يناير (كانون الثاني)، لكن من المتوقع على نطاق واسع تسجيل انتعاش بدعم من اللقاح.
وقال سام مايلي من مركز أبحاث الاقتصاد والأعمال إن «القيود الإضافية التي فرضت في أوائل يناير في ضوء متحورات أكثر عدوى من الفيروس، وضعت عقبة في طريق المملكة المتحدة نحو الإصلاح. ومع ذلك نتوقع أن يشهد اقتصاد المملكة المتحدة انتعاشا في النصف الثاني (من العام) عندما يكون نشر لقاحات فيروس كورونا قد وفّر الحماية لنسبة كافية من السكان».
وجاء نشر البيانات بعد أسبوع على توقعات لبنك إنكلترا بتسجيل انتعاش سريع مدعوم ببرنامج التلقيح ضد «كوفيد-19»، والذي تلقى بموجبه أكثر من 13.5 مليون شخص الجرعة الأولى.
وعلق وزير الخزانة سوناك على البيانات إن «أرقام اليوم تظهر أن الاقتصاد تعرض لصدمة كبيرة نتيجة الوباء الذي اجتاح دولا في أنحاء العالم». وأضاف: «بينما توجد بعض المؤشرات الإيجابية على مرونة الاقتصاد خلال الشتاء، نعلم أن الإغلاق الحالي لا تزال له تداعيات كبيرة على العديد من الأشخاص والأنشطة التجارية».
وقال المكتب الوطني للاحصاء إن الاقتصاد سجل نموا بنسبة 1.2 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) وحده، على خلفية تخفيف قيود الحد من الفيروس في أجزاء من البلاد.
وأكد المسؤول في قسم الاحصاءات الاقتصادية جوناثان آثو أن «تخفيف القيود في مناطق عديدة من المملكة المتحدة ساهم في استعادة قطاعات من الاقتصاد بعضا من مكاسبها المفقودة في ديسمبر، إذ سجلت قطاعات الضيافة ومبيعات السيارات وصالونات الشعر جميعها نموا». وأكد أن «الاقتصاد استمر في النمو في الفصل الرابع ككل، رغم فرض مزيد من القيود في نوفمبر (تشرين الثاني)».
وفرضت تدابير إغلاق في غالبية مناطق المملكة المتحدة مطلع يناير للحد من نسخة متحورة من فيروس كورونا المستجد تبين أنها أكثر عدوى. وتشبه تلك التدابير القيود التي فرضت في مستهل أزمة الفيروس أواخر مارس (آذار) 2020.
وتوقع بنك إنكلترا الأسبوع الماضي أن يسجل الاقتصاد انكماشا بنسبة 4.0 في المائة في الأشهر الثلاثة الأولى من هذا العام. لكنه توقع أيضا تسجيل تعاف في ما بعد، إذ ستعزز عمليات التلقيح إنفاق المستهلك، مع عودة النشاطات إلى مستويات ما قبل الجائحة مطلع 2022.
وكتب كبير خبراء الاقتصاد في بنك إنكلترا آندي هالدين في صحيفة «ديلي ميل»، اليوم الجمعة، أن الاقتصاد في مرحلة ما بعد كوفيد سيشهد قفزة. وقال إن «النشر السريع لبرنامج التلقيح في أنحاء المملكة المتحدة يعني أن منعطفا حاسما اجتيز في المعركة ضد كوفيد».ولاحظ أن «الاقتصاد أيضا أمام منعطف حاسم، مع كميات هائلة من الطاقة المالية المكبوتة والتي تنتظر إطلاقها».
وفي إجراءات الاستجابة للوباء، ضخ بنك إنكلترا والحكومة البريطانيا مليارات الجنيهات في الاقتصاد لتحفيز النمو وحماية وظائف. وأنفقت الحكومة نحو 300 مليار جنيه بشكل تدابير طارئة للرد على التداعيات الاقتصادية، ومن بينها مبالغ دعم باهظة لرواتب القطاع الخاص. وخفض بنك إنكلترا أيضا معدلات الفائدة الرئيسية إلى مستوى تاريخي عند 0.1 في المائة.


مقالات ذات صلة

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

أوروبا الطبيب البريطاني توماس كوان (رويترز)

سجن طبيب بريطاني 31 عاماً لمحاولته قتل صديق والدته بلقاح كوفيد مزيف

حكم على طبيب بريطاني بالسجن لأكثر من 31 عاماً بتهمة التخطيط لقتل صديق والدته بلقاح مزيف لكوفيد - 19.

«الشرق الأوسط» (لندن )
الاقتصاد السعودية تصدرت قائمة دول «العشرين» في أعداد الزوار الدوليين بـ 73 % (واس)

السعودية الـ12 عالمياً في إنفاق السياح الدوليين

واصلت السعودية ريادتها العالمية بقطاع السياحة؛ إذ صعدت 15 مركزاً ضمن ترتيب الدول في إنفاق السيّاح الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
صحتك تم تسجيل إصابات طويلة بـ«كوفيد- 19» لدى أشخاص مناعتهم كانت غير قادرة على محاربة الفيروس بشكل كافٍ (رويترز)

قرار يمنع وزارة الصحة في ولاية إيداهو الأميركية من تقديم لقاح «كوفيد»

قرر قسم الصحة العامة الإقليمي في ولاية إيداهو الأميركية، بأغلبية ضئيلة، التوقف عن تقديم لقاحات فيروس «كوفيد-19» للسكان في ست مقاطعات.

«الشرق الأوسط» (أيداهو)
أوروبا أحد العاملين في المجال الطبي يحمل جرعة من لقاح «كورونا» في نيويورك (أ.ب)

انتشر في 29 دولة... ماذا نعرف عن متحوّر «كورونا» الجديد «XEC»؟

اكتشف خبراء الصحة في المملكة المتحدة سلالة جديدة من فيروس «كورونا» المستجد، تُعرف باسم «إكس إي سي»، وذلك استعداداً لفصل الشتاء، حيث تميل الحالات إلى الزيادة.

يسرا سلامة (القاهرة)
صحتك طفل يخضع لاختبار الكشف عن فيروس كورونا (أرشيفية - أ.ب)

دراسة: «كورونا» يزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بالسكري

كشفت دراسة جديدة عن أن عدوى فيروس كورونا تزيد من خطر إصابة الأطفال والمراهقين بمرض السكري من النوع الثاني مقارنة بعدوى أمراض الجهاز التنفسي الأخرى.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

التوترات الانتخابية تُعقد خيارات «الفيدرالي»... خفض مرتقب للفائدة رغم الغموض

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
TT

التوترات الانتخابية تُعقد خيارات «الفيدرالي»... خفض مرتقب للفائدة رغم الغموض

مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)
مبنى «الاحتياطي الفيدرالي» في واشنطن (رويترز)

من المتوقع أن يقوم مسؤولو «الاحتياطي الفيدرالي»، يوم الخميس، بتخفيض سعر الفائدة الرئيسي للمرة الثانية على التوالي؛ استجابةً للتباطؤ المستمر في ضغوط التضخم، التي أثارت استياء كثير من الأميركيين وأسهمت في فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية.

ومع ذلك، أصبحت تحركات «الاحتياطي الفيدرالي» المستقبلية غامضةً بعد الانتخابات، نظراً لأن مقترحات ترمب الاقتصادية يُنظر إليها، على نطاق واسع، على أنها قد تسهم في زيادة التضخم. كما أن انتخابه أثار احتمالية تدخل البيت الأبيض في قرارات السياسة النقدية لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، حيث صرّح سابقاً بأنه يجب أن يكون له صوت في اتخاذ قرارات البنك المركزي المتعلقة بسعر الفائدة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

ولطالما حافظ «الاحتياطي الفيدرالي» على مكانته بوصفه مؤسسةً مستقلةً قادرةً على اتخاذ قرارات صعبة بشأن معدلات الاقتراض بعيداً عن التدخل السياسي. مع ذلك، وخلال ولايته الرئاسية السابقة، انتقد ترمب علناً رئيس «الاحتياطي الفيدرالي»، جيروم باول، بعدما قام البنك برفع سعر الفائدة لمكافحة التضخم، وقد يعيد ذلك الانتقاد مجدداً.

ويضيف الوضع الاقتصادي بدوره مزيداً من الغموض، حيث تظهر مؤشرات متضاربة؛ فالنمو لا يزال مستمراً، لكن التوظيف بدأ يضعف. على الرغم من ذلك، استمرّ إنفاق المستهلكين في النمو بشكل صحي، ما يثير المخاوف من أن خفض سعر الفائدة قد لا يكون ضرورياً، وأن القيام به قد يؤدي إلى تحفيز الاقتصاد بشكل مفرط، وربما إلى تسارع التضخم من جديد.

وتمثل الأسواق المالية تحدياً إضافياً لـ«الاحتياطي الفيدرالي»، فقد دفعت تحركات المستثمرين عوائد سندات الخزانة الأميركية إلى الارتفاع بشكل حاد منذ أن خفَّض البنك الفيدرالي سعر الفائدة في سبتمبر (أيلول). ونتجت عن ذلك زيادة في تكاليف الاقتراض في مختلف جوانب الاقتصاد، مما قلل من الأثر الذي كان من المتوقع أن يستفيد منه المستهلكون بتخفيض البنك أسعار الفائدة بنصف نقطة.

على سبيل المثال، انخفض معدل الرهن العقاري الأميركي لمدة 30 عاماً خلال الصيف، عندما أشار «الاحتياطي الفيدرالي» إلى نيته خفض سعر الفائدة، لكنه ارتفع مجدداً بمجرد تنفيذ البنك لتخفيض سعر الفائدة الرئيسي.

ويرتفع سعر الفائدة عموماً؛ نتيجة لتوقعات المستثمرين بزيادة التضخم، وارتفاع العجز في الموازنة الفيدرالية، ونمو اقتصادي أسرع تحت قيادة ترمب. وقد شهدت الأسواق ما وُصف بـ«ترمب ترايد»، حيث قفزت أسعار الأسهم يوم الأربعاء، وارتفعت قيمتا البتكوين والدولار. وكان ترمب قد أشار إلى العملات المشفرة خلال حملته الانتخابية، ومن المتوقع أن يستفيد الدولار من ارتفاع سعر الفائدة، ومن زيادات التعريفات الجمركية المقترحة من قبل الرئيس المنتخب.

وتشمل خطة ترمب فرض تعريفة لا تقل عن 10 في المائة على جميع الواردات، إلى جانب زيادات كبيرة في الضرائب على السلع الصينية، وتنفيذ عمليات ترحيل جماعي للمهاجرين غير الشرعيين، مما قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم بشكل شبه مؤكد، ويجعل من غير المرجح أن يواصل «الاحتياطي الفيدرالي» خفض سعر الفائدة الرئيسي. وقد تراجع التضخم السنوي وفقاً للمؤشر المفضِّل لدى البنك الفيدرالي إلى 2.1 في المائة في سبتمبر.

ويُقدِّر الاقتصاديون في «غولدمان ساكس» أن تدفع تعريفة ترمب المقترحة بنسبة 10 في المائة، إلى جانب ضرائبه على الواردات الصينية والسيارات من المكسيك، التضخمَ للعودة بين نحو 2.75 في المائة و3 في المائة بحلول منتصف عام 2026.

ومن المتوقع أن يتسبب هذا الارتفاع في التضخم في تقويض تخفيضات أسعار الفائدة المستقبلية التي أشار إليها «الاحتياطي الفيدرالي» في سبتمبر. ففي ذلك الاجتماع، خفّض صانعو السياسات سعر الفائدة الرئيسي بنصف نقطة إلى نحو 4.9 في المائة، وأعلنوا توقعهم لإجراء تخفيضين إضافيَّين بمقدار رُبع نقطة لاحقاً هذا العام؛ أحدهما يوم الخميس، والآخر في ديسمبر (كانون الأول) - مع توقع 4 تخفيضات إضافية خلال عام 2025.

لكن المستثمرين أصبحوا يرون أن تخفيضات سعر الفائدة خلال العام المقبل باتت غير مرجحة بشكل متزايد، حيث انخفضت احتمالات تخفيض سعر الفائدة في اجتماع يناير (كانون الثاني) المقبل إلى 28 في المائة فقط، بعد أن كانت 41 في المائة يوم الثلاثاء، وقرابة 70 في المائة قبل شهر، وفقاً لأسعار العقود الآجلة التي تتابعها «فيد ووتش».

وقد أدى ارتفاع تكاليف الاقتراض على منتجات مثل الرهون العقارية وقروض السيارات، رغم تخفيض «الاحتياطي الفيدرالي» سعر الفائدة الرئيسي، إلى تحدٍّ جديد للبنك المركزي؛ إذ إن محاولته لدعم الاقتصاد عبر خفض تكاليف الاقتراض قد لا تحقق الأثر المرجو إذا استمرّ المستثمرون في رفع معدلات الفائدة طويلة الأجل.

وشهد الاقتصاد نمواً بمعدل سنوي يقل عن 3 في المائة خلال الأشهر الستة الماضية، بينما ارتفع إنفاق المستهلكين - بدعم من مشتريات ذوي الدخل المرتفع - بقوة في الرُّبعين الثالث والرابع.

في المقابل، شهد توظيف الشركات تراجعاً، حيث واجه كثير ممَّن فقدوا وظائفهم صعوبةً في العثور على فرص عمل جديدة. وقد أشار باول إلى أن خفض سعر الفائدة الرئيسي هو جزئياً لتعزيز سوق العمل. لكن إذا استمرَّ النمو الاقتصادي بشكل صحي وارتفع التضخم مجدداً، فسيتعرض البنك المركزي لضغوط متزايدة للحد من تخفيضات سعر الفائدة أو إيقافها.