مجلس عسكري سوري مشترك... مقترح خطي لروسيا «المتمسكة بالأسد»

مهماته توحيد البلاد وإخراج القوات والميليشيات الأجنبية عدا قوات موسكو

الأسد ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق في مارس 2020 (الرئاسة السورية)
الأسد ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق في مارس 2020 (الرئاسة السورية)
TT

مجلس عسكري سوري مشترك... مقترح خطي لروسيا «المتمسكة بالأسد»

الأسد ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق في مارس 2020 (الرئاسة السورية)
الأسد ووزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو في دمشق في مارس 2020 (الرئاسة السورية)

موسكو «غير المرتاحة» لإيقاع دمشق إزاء مسار العملية الدستورية في جنيف وتنتظر بلورة إدارة الرئيس جو بايدن سياستها السورية والعلاقة الأوسع بين أميركا وروسيا، تلقت مجدداً عروضاً من معارضين سوريين تدعو إلى تشكيل مجلس عسكري مشترك بين الجيش وفصائل مسلحة ومنشقين، بخيارات عدة، بينها مرسوم يصدره الرئيس بشار الأسد بعد الانتخابات المقبلة منتصف العام، يتولى مهمات عدة، بينها إخراج القوات والميليشيات الأجنبية عدا روسيا وتوحيد البلاد وقواتها ورعاية الحل السياسي.
إلى الآن، لا يزال الموقف الروسي، يقوم على: أولاً، إعطاء الأولوية للانتخابات الرئاسية نهاية مايو (أيار) المقبل وفوز الرئيس الأسد بولاية جديدة، حيث تعتبرها «نقطة انعطاف لكسر العزلة الدبلوماسية عن دمشق». ثانياً، دعم مسار الإصلاح الدستوري في جنيف ودعمه من «الضامنين» الثلاثة، روسيا وتركيا وإيران، في سوتشي منتصف الشهر المقبل لوضع «آليات» عمل اللجنة وإخراجها من «الإيقاع السلبي» الذي وضعته دمشق فيه. ثالثاً، تسويات وتفاهمات ومقايضات ميدانية بين المتحاربين و«المتوترين» السوريين و«رعاتهم» الخارجيين في السويداء ودرعا جنوباً، والحسكة والقامشلي وحلب شمال وشمال - شرق، وإدلب في الشمالي الغربي.
ضمن هذه الصورة، كان لافتاً أن موسكو التي «لديها حسابات أخرى» عبّر عنها مبعوث الرئيس الروسي ألكسندر لافرينييف خلال زيارته السرية مع جنرالات كبار إلى دمشق ولقاء الرئيس الأسد قبل التوجه إلى جنيف نهاية الشهر الماضي، تلقت عروضاً من شخصيات مدنية وعسكرية روسية تحثها على التفكير بتشكيل مجلس عسكري مشترك. ووصلت المقترحات بوسائل مختلفة خلال اتصالات مع وزير الخارجية سيرغي لافروف ونائبه ميخائيل بوغدانوف ومسؤول هذا الملف في وزارة الدفاع ألكسندر زورين، الذي عمل ميدانياً في سوريا سابقاً.

مجلس عسكري
العرض الأول، جاء خطياً من معارضين من «منصتي» موسكو والقاهرة لـ«تنفيذ القرار 2254»، تضمن اقتراح «تشكيل مجلس عسكري خلال مرحلة انتقالية يتم الاتفاق حول مدتها». وقالت الوثيقة، التي حصلت «الشرق الأوسط»، على نسخة منها، أن المجلس يتشكل من ثلاثة أطراف، هي «أولاً، متقاعدون خدموا في حقبة الرئيس حافظ الأسد ممن كان لهم وزن عسكري واجتماعي مرموق. ثانياً، ضباط ما زالوا في الخدمة. ثالثاً، ضباط منشقون لم يتورطوا في الصراع المسلح ولم يكن لهم دور في تشكيل الجماعات المسلحة». وتابعت، أنه يرمي إلى تنفيذ 2254، ذلك من 10 خطوات، بينها «إصلاح المؤسسة العسكرية وإعادة تأهيلها وتمكينها من القضاء على الإرهاب، وتفكيك كافة الجماعات المسلحة، وجمع السلاح واستعادة سيادة الدولة على أراضيها كافة، وتسمية حكومة مؤقتة تتمتع بكامل الصلاحيات التنفيذية التي ينص عليها دستور 2012، والدعوة لمؤتمر وطني داخل البلاد ينتج عنه جمعية تأسيسية لكتابة دستور جديد للبلاد»، إضافة إلى «إطلاق المعتقلين»، و«إعادة اللاجئين إلى أماكن سكناهم الأصلية»، و«إجراء الاتصالات الدولية بالتعاون مع رئيس الحكومة لحشد الدعم من أجل إعادة الإعمار».
ومن المهمات المقترحة، «إخراج القوى الأجنبية كافة من البلاد، باستثناء القوات الروسية التي تعمل على مساعدة المجلس العسكري والحكومة المؤقتة في تأمين الاستقرار وتنفيذ 2254 وتشكيل هيئة مصالحة»، و«حماية عملية الاستفتاء على الدستور والانتخابات البرلمانية والرئاسية».
بالنسبة إلى «المرجعية القانونية»، اقترحت الورقة خيارين، «الأول، يبقى دستور 2012 سارياً خلال المرحلة الانتقالية على أن تحال صلاحيات رئيس الجمهورية كافة المنصوص عليها في الدستور إلى المجلس العسكري. الآخر، إعلان دستوري مؤقت مستوحى من تفاهمات فيينا 2015». وتضمن المناقشات مع الجانب الروسي أن يقوم الرئيس الأسد بعد انتخابات الرئاسة المقبلة بإصدار مرسوم تشكيل هذا المجلس وصلاحياته.

اختبار إعلامي
تزامن هذا مع قيام صحيفة «نيزافيسيمايا غازيتا» الفيدرالية الروسية، بنشر مقال للصحافي السوري المعارض ياسر بدوي يدعو إلى تشكيل مجلس عسكري «يتم بالتوافق بين الأطراف الفاعلة في سوريا، وعلى رأسها الاتحاد الروسي، ويضم المجلس الضباط القائمين على عملهم والضباط المنشقين الذين لم يشتركوا في عمليات قتل، ويقوم المجلس بالقضاء على الإرهاب، وحماية الوطن والمواطنين، وجمع السلاح». وفهم معارضون من نشر هذا المقال استعداداً روسياً رسمياً لمناقشة هذه الفكرة، وأن السفير السوري في موسكو اللواء رياض حداد احتج على ذلك.
المقترح الإعلامي، أشار إلى «بيانات من عشائر عربية وحقوقيين وسياسيين طالبت بمجلس عسكري يرأسه الجنرال مناف طلاس، نجل وزير الدفاع السوري الراحل العماد أول مصطفى طلاس، وهو حاصل على شهادة الدكتوراه بالعلوم العسكرية من موسكو عام 1994».
خلافاً للاقتراح السابق، هنا دعوة أن يوقف المجلس «العملية الانتخابية المزيفة» منتصف العام. لكن المقترحين توافقا على «الدور الروسي هو الحاسم بتشكيل المجلس وإعادة تأهيل الجيش السوري وتزويده بالمعدات لمواجهة الإرهاب، وإعادة الاستقرار للبلاد».
وأفاد معارضون بأن نحو 1100 ضابط منشق، بينهم مقيمون في تركيا ولهم روابط في شمال سوريا وغيرها، أعلنوا تأييدهم تشكيل هذا المجلس. وكان قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي، الذي تضم قواته 100 ألف عنصر وتسيطر على أكثر من ربع مساحة سوريا ومعظم ثروات البلاد، قال لـ«الشرق الأوسط»، «لا نعارض المشاركة في جسم عسكري (...) يحافظ على خصوصيتنا. ألا يكون ذا صبغة قومية أو دينية أو مذهبية، بل يؤمن بالدفاع عن الوطن، ولا يكون خاضعاً لأجندات خارجية».

نقطة تقاطع
هناك اتفاق في أوساط المعارضة والحكومة والقوى الخارجية بينها روسيا، على «الحفاظ على مؤسسات الدولة» مع اختلاف إزاء حدود «الإصلاح» و«إعادة الهيكلة» للجيش وأجهزة الأمن. وسبق واختبرت موسكو «فكرة تشكيل مجلس عسكري يضم 40 ضابطاً». وأبلغت موسكو معارضين، بأن الفكرة بين الخيارات المطروحة مستقبلاً، في حين قال مسؤول غربي، إن الجيش الروسي «مغروم تاريخياً في فكرة حكم العسكر واختبار فكرة المجالس العسكرية في دول حليفة، وإن كانت الظروف في سوريا تغيّرت كثيرا خلال السنوات الأخيرة». ودعمت موسكو تشكيل «الفيلق الخامس» جنوب سوريا. كما تقيم قاعدة حميميم علاقات عملياته مع الجيش السوري وتنسق دورياً مع «قسد» شرق الفرات ولها علاقات وتفاهمات مع الجيش الروسي والتركي وفصائل إيرانية و«خط أحمر» مع تل أبيب.
وكان المبعوث الأممي السابق ستيفان دي ميستورا اقترح في وثيقة إطاراً لتنفيذ «بيان جنيف» تشكيل ثلاثة أجسام، هي هيئة انتقالية و«مجلس عسكري مشترك» ومؤتمر وطني. وقال في وثيقة «منذ لحظة إنشاء الهيئة الانتقالية، تتمتع بسلطة مطلقة في كل الشؤون العسكرية والأمنية، وتشرف على المجلس العسكري».
وفي حين ورد تشكيل المجلس العسكري في وثائق قوى المعارضة مع دعوات إلى دمج مقاتلي المعارضة لتأسيس «جيش جديد» مع المطالبة بانسحاب الميليشيات غير السورية؛ الأمر الذي أكدته الأمم المتحدة في الوثيقة ذات الـ12 نقطة التي أقرها «مؤتمر الحوار الوطني» في سوتشي بداية 2018، فإن الوفد الحكومي في جنيف، يتمسك بالدعوة لدعم «الجيش العربي السوري في حربه ضد الإرهاب». كما رفضت دمشق في مفاوضات سابقة قبول «قوات سوريا الديمقراطية» كياناً مستقلاً ضمن الجيش السوري.



محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
TT

محافظ حضرموت لـ«الشرق الأوسط»: الإمارات بدأت الانسحاب والباب ما زال مفتوحاً لـ«الانتقالي»

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)
سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

دعا محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، جميع أبناء المحافظة المنخرطين مع المجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الدعم الأمني، إلى العودة صوب منازلهم، أو الالتحاق بإخوتهم في «درع الوطن»، متعهداً باستيعابهم واستقبالهم وترتيب أوضاعهم.

وكشف الخنبشي -في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»- أن القوات التابعة للإمارات بدأت فعلياً الانسحاب من جميع المواقع التي كانت تتمركز فيها، سواء في حضرموت أو شبوة.

سالم الخنبشي محافظ حضرموت اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح أن صفارات الإنذار دوَّت، مساء الثلاثاء، بمطار الريان، تمهيداً لسحب القوات الإماراتية الموجودة هناك، لافتاً إلى أن قوات أخرى انسحبت أيضاً من بلحاف في شبوة.

وأوضح المحافظ أن للإمارات وجوداً محدوداً في منطقتي الربوة والضبة بحضرموت بأعداد قليلة، ويقتصر على خبراء وقادة يتولون الإشراف على قوات الدعم الأمني التابعة للمجلس الانتقالي.

وأفادت مصادر متطابقة بأن القوات الإماراتية في محافظة شبوة، وتحديداً في معسكر مُرَّة، بدأت يوم الثلاثاء فعلياً تفكيك أجهزة الاتصالات، في إطار استعدادها لمغادرة البلاد، بناءً على طلب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي.

وشدَّد محافظ حضرموت على أن الحلَّ الوحيد لإنهاء الأزمة الحالية يتمثَّل في انسحاب جميع قوات المجلس الانتقالي الجنوبي من محافظتي حضرموت والمهرة، بشكلٍ سلمي. وقال إن «الباب ما زال مفتوحاً، ونتمنى أن يستغل الإخوة في (الانتقالي) هذه الفرصة، لتجنيب أنفسهم وحضرموت وكل البلاد أي اقتتال أو مواجهة عسكرية، وأن يعودوا من حيث أتوا، بعدها يمكن الدخول في حوار سياسي حول أي تشكيل مستقبلي، ولكن من دون فرض أمر واقع بالقوة».

ولفت الخنبشي إلى جهوزية قوات «درع الوطن» التي يشرف عليها رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، واستعدادها للانتشار في حضرموت والمهرة، وفقاً لإعلان حالة الطوارئ الذي أصدره الرئيس العليمي.

وأضاف أن هناك أيضاً قوات من أبناء حضرموت تُقدَّر بنحو 3 آلاف عنصر، كانوا يخدمون في المنطقة العسكرية الأولى، وهم جاهزون لمساندة إخوانهم في «درع الوطن».

وأوضح محافظ حضرموت، سالم الخنبشي، أن مستوى التنسيق مع السعودية في أعلى مستوياته. وأضاف أن المملكة «تنظر إلى حضرموت والمهرة بوصفهما عمقها الأمني الاستراتيجي؛ إذ تجمعنا حدود تتجاوز 700 كيلومتر، ومن هنا فإن أمن واستقرار حضرموت والمهرة يُعدَّان جزءاً من الأمن الاستراتيجي للمملكة»؛ مشيراً إلى أنهما «يمثلان أيضاً عمقاً بشرياً وتاريخياً وإنسانياً، وتجمعنا أواصر القربى والأخوة»، مؤكداً الحرص على «ألا تتحول حضرموت والمهرة إلى بؤرة خطر تهدد أمن المملكة».

ووفقاً للخنبشي، فإن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي ومجلس الدفاع الوطني جاءت في توقيتٍ مناسب، بهدف تفويت الفرصة على كل من سعى إلى استغلال الوضع، على حدِّ تعبيره.


مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
TT

مصر تتابع التطورات في اليمن وتثمن التعامل البنّاء للسعودية والإمارات

العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)
العاصمة المصرية القاهرة (الشرق الأوسط)

قال بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الثلاثاء)، إن القاهرة تتابع باهتمام بالغ الأوضاع الأخيرة على الساحة اليمنية، وذلك من خلال الاتصالات المكثفة التي تجريها على أعلى المستويات وعلى مدار الساعة مع الأطراف المعنية كافة.

وأضاف البيان أن مصر تؤكد ثقتها التامة في حرص الأشقاء في كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة على التعامل بحكمة مع التطورات الحالية في اليمن، وذلك في إطار إعلاء قيم الأخوة بين البلدين الشقيقين، وصون وحدة الصف والمصير العربي المشترك في هذه المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق والمنطقة.

وتعرب جمهورية مصر العربية في هذا السياق عن تقديرها البالغ لحكمة القيادتين السعودية والإماراتية في التعامل البنّاء مع تطورات الأوضاع في اليمن، والحرص على تحقيق الاستقرار في اليمن، والحفاظ على سيادته ومصالح شعبه الشقيق.

وتؤكد جمهورية مصر العربية أنها لن تألو جهداً في مواصلة اتصالاتها المستمرة مع الأشقاء في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، ومع الجانب اليمني، وباقي الأطراف الإقليمية والدولية المعنية؛ للعمل على خفض التصعيد، وبما يمهد إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة في اليمن، تحقق طموحات وتطلعات الشعب اليمني الشقيق المشروعة في مستقبل آمن ومزدهر وتدعم الأمن والاستقرار في المنطقة.


العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
TT

العليمي: فرض الأمر الواقع في أراضينا يهدد الدولة ومكافحة الإرهاب ليست ذريعة سياسية

اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)
اجتماع العليمي مع سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

حذّر الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، من خطورة التحركات العسكرية الأحادية في المحافظات الشرقية، مؤكداً أنها تُمثل تهديداً مباشراً لوحدة القرار العسكري والأمني، وتقويضاً للمركز القانوني للدولة، وإعادة إنتاج لمنطق السلطات الموازية الذي يرفضه المجتمع الدولي.

جاء ذلك خلال لقائه، الثلاثاء، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، بحضور وزير الخارجية وشؤون المغتربين الدكتور شائع الزنداني، حيث خُصص اللقاء لاستعراض آخر مستجدات الأوضاع المحلية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، الأمر الذي استدعى اتخاذ حزمة من القرارات والإجراءات الدستورية والقانونية الحازمة، حمايةً لأمن المواطنين، وصوناً لوحدة اليمن وسيادته واستقراره وسلامة أراضيه.

وفي مستهل اللقاء، رحّب الرئيس بالسفراء، مثمّناً وحدة مواقف دولهم الداعمة للشعب اليمني في أصعب مراحله، سياسياً وإنسانياً واقتصادياً، ومؤكداً أن ما تشهده المحافظات الشرقية لا يندرج في إطار خلاف سياسي داخلي، بل يُشكّل مساساً خطيراً بأسس الدولة ووحدة مؤسساتها.

وأوضح الرئيس العليمي أن القيادة اليمنية بذلت خلال الفترة الماضية جهوداً مكثفة للتهدئة وخفض التصعيد، واحتواء تداعيات الإجراءات العسكرية الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي خارج مرجعيات المرحلة الانتقالية، ودون موافقة مجلس القيادة الرئاسي أو التنسيق مع قيادة تحالف دعم الشرعية، غير أن هذه المساعي قوبلت - حسب تعبيره - بالتعطيل والإصرار على فرض الأمر الواقع.

وأشار إلى أنه بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، وجّه صراحة بمنع أي تحركات عسكرية خارج إطار الدولة، وتمت الموافقة على خطة إعادة تموضع تدريجية لقوات «درع الوطن» من ثلاث مراحل، نُفذت مرحلتان منها بالفعل. كما كشف عن تشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، إلا أن تلك الجهود لم تلقَ استجابة.

وشدّد الرئيس العليمي على أن المشكلة لم تكن يوماً نقصاً في الحلول، بل تعطيلها المتعمد، مفنداً في الوقت ذاته ما وصفها بالسرديات المضللة التي تحاول تبرير فرض الأمر الواقع بالقوة تحت لافتة مكافحة الإرهاب. وقال إن مكافحة الإرهاب «قرار دولة ومؤسسات شرعية، وليست ذريعة سياسية»، مذكّراً بالإنجازات التي حققتها المؤسسات العسكرية والأمنية اليمنية، بدعم شركائها، في تفكيك الخلايا الإرهابية، وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية.

وفي ملف القضية الجنوبية، جدّد الرئيس العليمي التأكيد على الموقف المبدئي والثابت من معالجتها، وفق أي خيارات تقررها الإرادة الشعبية الحرة، مع رفض قاطع لفرض أي حلول بقوة السلاح أو الأمر الواقع.

وعدّ أن اختزال القضية الجنوبية في تمثيل حصري أو تحركات عسكرية يسيء إلى عدالتها ويقوّض فرص الحل السياسي المستدام، ويلحق الضرر بأبناء الجنوب قبل غيرهم، لافتاً إلى أن هذا الموقف يتطابق مع ما أكدته المملكة العربية السعودية من أن القضية الجنوبية لا تُحل إلا عبر الحوار وفي إطار تسوية سياسية شاملة.

وحذّر رئيس مجلس القيادة الرئاسي من أن وجود ميليشيات لا تأتمر لأوامر الدولة يعرّض أولويات المجتمع الدولي ومصالحه في المنطقة للخطر، فضلاً عن تطلعات الشعب اليمني للأمن والاستقرار والعيش الكريم.

وأكد أن أي اضطراب في حضرموت والمهرة سينعكس مباشرة على تصدير النفط، ودفع المرتبات، ويعمّق الأزمة الإنسانية، ويقوّض الثقة مع مجتمع المانحين.

وتطرق الرئيس العليمي إلى الدور الإماراتي في التطورات الأخيرة، مؤكداً أن اليمن لا ينكر ما قدمته دولة الإمارات من أدوار ومساهمات في مراحل سابقة، لكنه شدد على أن المرحلة الراهنة تتطلب وضوحاً كاملاً، والنأي بالنفس عن دعم أي مكون خرج على آليات التوافق التي رعتها الإمارات نفسها ضمن تحالف دعم الشرعية. وقال إن أي ضغوط لدفع قوات محلية إلى تحركات عسكرية تشكل تهديداً للأمن القومي اليمني والسعودي، وتتعارض مع الأسس التي قام عليها التحالف.

وأضاف أن المطالبة بمغادرة القوات التي خرجت عن تلك الأسس «مطلب سيادي طبيعي»، لا يستهدف العلاقات الثنائية ولا ينكر التاريخ، بل يهدف إلى حماية فكرة التحالف ذاتها.

وفي ختام اللقاء، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدول الراعية للعملية السياسية إلى موقف دولي موحد وصريح يرفض الإجراءات الأحادية، ويدعم قرارات الدولة اليمنية وجهود التهدئة التي تقودها المملكة العربية السعودية، مع ممارسة ضغط سياسي وقانوني لتمكين الحكومة الشرعية من ممارسة سلطاتها الحصرية، وترجمة ذلك داخل مجلس الأمن والمحافل الدولية وفق القانون الدولي.

وختم الرئيس العليمي بالتأكيد على أن سقوط منطق الدولة في اليمن يعني غياب أي استقرار يمكن البناء عليه أو الاستثمار فيه، محذراً من تحويل اليمن إلى نموذج جديد لتفكك الدول، ومشدداً على أن الشعب اليمني يستحق فرصة حقيقية للسلام والحياة الكريمة.