مظلوم عبدي: ذهنية إقصائية للنظام السوري تريد العودة إلى ما قبل 2011

قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه يأمل أن يصحح بايدن «أخطاء» ترمب... واتهم «قوات الاحتلال التركي» بـ«دعم داعش» شرق الفرات

قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (أ.ف.ب)
قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (أ.ف.ب)
TT

مظلوم عبدي: ذهنية إقصائية للنظام السوري تريد العودة إلى ما قبل 2011

قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (أ.ف.ب)
قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (أ.ف.ب)

أعرب قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، عن أمله أن يقوم الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بـ«تصحيح أخطاء» إدارة الرئيس دونالد ترمب بينها إعطاء «الضوء الأخضر» لتركيا لـ«احتلال» مناطق في شمال شرقي سوريا.
ودعا عبدي إدارة بايدن، لتبني «استراتيجية جديدة» لتفعيل دور أميركا و«وضع نهاية للمحرقة السورية»، مشيرا إلى لقاءاته مع مسؤولين من التحالف الدولي لقتال «داعش» بقيادة أميركا «كشفت وجود توجه لتوسيع عملياته ضد الإرهاب». وقال: «الاحتلال التركي لمناطق رأس العين وتل أبيض ساهم في إحياء داعش، عبر دعم تلقاه من قوات الاحتلال التركي (...) الذي يحاول توسيع رقعة احتلاله» شرق الفرات.
وقال رداً عن سؤال، إن «حزب العمال الكردستاني (بقيادة عبد الله أوجلان) حزب كردي شقيق (...) لا نتبع له تنظيمياً. ونحن في «قوات سوريا الديمقراطية» مستقلون في قرارتنا ولنا استراتيجية واضحة نعمل وفقها في سوريا، التي هي ساحة عملنا فقط، لكننا نتبنى فكر ومشروع الأمة الديمقراطية الذي طرحه أوجلان». وعن التفاوض مع دمشق، قال عبدي إن عدم انتقال الحوار من البعد العسكري الذي يضمنه الجانب الروسي، إلى اتفاق سياسي «يعود للذهنية الإقصائية للنظام التي تسعى للعودة بالبلاد إلى ما قبل عام 2011» عبر «استفزازات وتوترات ومحاولته خلق فتنة عربية – كردية»، متمسكا بـ«عدم الانجرار وراء الفتنة التي يسعى النظام إلى تأجيجها، ونسعى لفتح حوار جدي حول المسائل المصيرية».
وقال عبدي إن «قسد» تحافظ على التوازن شرق الفرات «من خلال تعاملنا مع جميع الأطراف»، وإن روسيا تنسق مع قواته إزاء انتشارها شرق الفرات وإقامة قواعد ودوريات ومراكز عسكرية؛ وكل تحركاتها تتم وفق آلية متفق عليها بيننا».
وقال ردا على سؤال إنه لا يعارض المشاركة في أي جسم عسكري سوري مشترك «يحافظ على خصوصيتنا في قسد، وألا يكون ذا صبغة قومية أو دينية أو مذهبية ولا خاضعاً لأطراف خارجية». وزاد أن تشكيل مجلس عسكري مشترك «ممكن، إن توفرت الإرادة والنوايا الصادقة» من الأطراف المعنية.
وهنا نص الحديث الذي أجرته «الشرق الأوسط» خطياً وهاتفياً أمس:
> هل لا تزال «قوات سوريا الديمقراطية» تواصل ملاحقة خلايا «داعش» شرق الفرات؟
– بعد القضاء على «داعش» جغرافياً في معركة الباغوز، كانت هناك ضرورة لاجتثاث خلاياه النائمة واستئصالها من الحاضنة الشعبية التي كونها لنفسه اعتماداً على العنف والإرهاب المعمم الذي مارسه. لذلك ارتأينا في «قوات سوريا الديمقراطية»، وبعد العمليات الإرهابية التي وقعت في مناطق عدة، أن نبدأ، وبالتنسيق مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، حملة لضرب تلك الخلايا، وحققنا بعض النتائج المرجوة في القبض على العديد من قادات وعناصر التنظيم التي كانت تنفذ أعمال القتل والتفجير، والحملة لا تزال مستمرة.
لكن ما لاحظناه، أن عمليات خلايا التنظيم نشطت بعض احتلال تركيا لمناطق رأس العين وتل أبيض في شمال شرقي سوريا، وضبطنا بعض العناصر التي قدمت من تلك المناطق المحتلة من تركيا.
> هل لا تزال خلايا «داعش» موجودة والعملية ضدها مستمرة؟
– لا، لم تنته العملية بعد، وهي مستمرة. وعلى العكس، هناك ضرورة لأن نكثف العمليات، خاصةً بعد امتداد مسرح عمليات التنظيم في البادية السورية ومحاولاته الامتداد إلى المناطق التي حررتها قواتنا. فالتهديدات لا تزال قائمة، وهذه هي رؤيتنا نحن والتحالف الدولي أيضاً، وعلى هذا الأساس جهودنا منصبة في هذه الفترة على توسيع العمليات وتنوعها ضد الخلايا.
> هل كل شيء يتم بالتنسيق مع التحالف؟
– يمكن القول إن التنسيق جيد في هذه الفترة، ولم يطرأ عليه أي تغيير مع تسلم الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة مقاليد الإدارة. وحسب ما فهمنا من لقاءاتنا مع مسؤولين من التحالف؛ أن هناك توجها لدى التحالف لتوسيع عملياته ضد الإرهاب، خاصةً بعد التهديدات التي أطلقها التنظيم باستهداف مناطق متفرقة ودول عديدة، ومحاولاته زعزعة الاستقرار فيها.
> لوحظت زيادة هجمات «داعش» شرق الفرات ومناطق أخرى، تفجيرات إرهابية وهجمات. ما هو السبب؟
– هناك سببان لزيادة نشاط التنظيم الإرهابي؛ أوله كما قلنا في البداية، أن الاحتلال التركي لمناطق رأس العين وتل أبيض ساهم في إعادة إحياء التنظيم، عبر الدعم الذي تلقاه من قوات الاحتلال التركي. ولدينا معلومات مؤكدة، أن العناصر التي فرت من شمال وشرق سوريا، وصلت إلى المناطق التي تحتلها تركيا مثل عفرين وجرابلس وإعزاز والباب ورأس العين وتل أبيض، وأعادت تنظيم صفوفها ضمن صفوف ما يسمى «الجيش الوطني السوري»، ودعمتها تركيا عسكرياً ولوجيستياً وسهلت لها سبل الوصول إلى مناطقنا للقيام بعمليات قتل وتفجير، استهدفت في غالبيتها المدنيين.
السبب الثاني؛ أن انشغالنا في مقاومة الاحتلال التركي الذي يستهدف مناطقنا كل يوم، أتاح الفرصة للتنظيم لتنفيذ بعض العمليات، كما أن أطرافا أخرى تسعى للاستثمار في عمليات التنظيم، سعياً لإضعاف «قوات سوريا الديمقراطية» والإدارة الذاتية، ولي ساعدها لتقديم تنازلات لها.
> سنأتي لاحقاً للوجود التركي. لكن هناك من يقول إن هناك تهميشاً للعرب شرق الفرات.
– هذا الادعاء غير صحيح، على العكس من ذلك، الإخوة في المكون العربي يشكلون الغالبية العظمى ضمن «قوات سوريا الديمقراطية»، وكذلك يحمل عدد كبير منهم، ومن المكونات الأخرى أيضاً، مسؤوليات كبيرة ضمن الإدارة الذاتية الديمقراطية. نحن لا نفاضل بين أي من المكونات، وهي تتعايش في وئام واستقرار، مع الحفاظ على خصوصياتها القومية والثقافية، وبما يحقق الانسجام واللحمة المجتمعية.
> هناك من يقول إنكم تتهمون أي أحد ضدكم أنه «داعشي»؟
- بخصوص اتهام من يعارضنا نتهمه بأنه «داعشي»، أعتقد أن الوقائع المعيشة على الأرض تدحض هذه الادعاءات، فالحرية الموجودة في «روج آفا» (غرب كردستان) وشمال شرقي سوريا تتيح لكل الاتجاهات السياسية حتى المعارضة للإدارة، بالتعبير عن نفسها، وهي مكفولة ضمن حقوق التظاهر الشرعية، ضمن القوانين والتشريعات التي سنتها وشرعت لها الإدارة الذاتية. وإن كنتم تتابعون الأحداث عن كثب؛ فإن هناك بعض الأطراف التي تنتقد الإدارة، ونحن لا نغلق الباب أمام الرأي الآخر المختلف معنا، لأن الإدارة تشاركية وتعبر عن كل الألوان في المنطقة.
> تصاعدت الهجمات في البادية السورية، هل هناك أي تنسيق مع الحكومة السورية أو روسيا في الحرب ضد «داعش» غرب نهر الفرات؟
– لا، ليس هناك أي تعاون بيننا في هذا الخصوص.
> لماذا؟
– أولاً الطبيعة الجغرافية حد فاصل بيننا. ثانياً، وهذا هو الأهم، أن أي تعاون في هذا الصدد يستدعي توافقاً شاملاً على ملفات أخرى، ونعتقد أن لها الأولوية، وذلك قبل الحديث عن التنسيق العسكري، وهذا غير موجود حتى الآن.
- الوجود الأميركي
> كيف تنظر إلى الوجود الأميركي حالياً؟
– نعتقد أن الوجود الأميركي ضمن منظور الحرب ضد الإرهاب، يساهم في إعادة الاستقرار لسوريا بشكل عام. كما أن الولايات المتحدة دولة عظمى ولها دور كبير وأساسي في حل الأزمة السورية، ولا يمكن تهميش دورها.
>يقول مسؤولون أميركيون أمرين: وجودنا ليس إلى الأبد في سوريا، لكنه قائم إلى حين إلحاق الهزيمة الكاملة بـ«داعش»، هل تبلغتم ذلك؟
– لم تجر بيننا نقاشات من هذا القبيل، لكن قناعتنا أن الوجود الأميركي في سوريا مرهون بعاملين: الأول، القضاء على الإرهاب وعودة الأمن والاستقرار إلى مناطق شمال وشرقي سوريا. الثاني، مرتبط بحل الأزمة السورية وفق قرارات الأمم المتحدة، ومن ثم المشاركة في إعادة إعمار سوريا.
> الأميركيون موجودون على جانبي الحدود السورية – العراقية، هل هناك تنسيق؟
– مهمات قوات التحالف في العراق وسوريا منفصلة عن بعضها البعض، رغم وجود تنسيق في بعض الملفات الأمنية المتعلقة بتحركات «داعش» على طرفي الحدود، لكن على العموم التحالف ينسق مع الجيش العراقي وقيادة إقليم كردستان في العراق، بينما ينسق مع قواتنا في سوريا، ولا تعارض بين المهمتين.
> في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، انسحب الأميركيون من بعض مناطق شرق الفرات، هل أثر ذلك على قواتكم؟
– ارتكبت الإدارة الأميركية السابقة خطأ كبيراً بانسحابها من مناطق رأس العين وتل أبيض. ودعنا نكون أكثر وضوحاً، الرئيس السابق دونالد ترمب منح إردوغان الضوء الأخضر لاحتلال تلك المناطق، ولا شك أنها أثرت على فعالية قواتنا في محاربة الإرهاب، لانشغالنا في الدفاع عن تلك المناطق. بالتالي قرار الانسحاب انعكس سلباً على الولايات المتحدة واستراتيجيتها في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط عموماً.
>إذن، ما هي توقعاتك من إدارة الرئيس جو بايدن؟
– نعتقد أن إدارة الرئيس الجديد جو بايدن ستعمل على تصحيح الكم الهائل من الأخطاء التي وقعت فيها إدارة ترمب السابقة، بما فيها كيفية التعامل مع الأزمة السورية، ومعظم السياسات التي أثرت سلباً على الدور الأميركي في سوريا. وهي – أي الإدارة الأميركية الجديدة – مدعوة إلى اتباع استراتيجية جديدة من شأنها إعادة تفعيل الدور الأميركي في الدفع باتجاه وضع نهاية للمحرقة السورية.
> هناك من يقول إن فريق بايدن أكثر تعاطفاً مع مطالبكم، ما هي توقعاتك؟
– الولايات المتحدة لها مصالح في سوريا والمنطقة، ونتقاطع معها في قضايا مهمة أيضاً، منها محاربة الإرهاب. لكن استراتيجية طويلة الأمد لا تتغير بتغير الرؤساء والإدارات. تحصل بعض التغييرات الطفيفة التي من شأنها أن تحدث تبدلاً في بعض المهام والأهداف والسياسات. يمكن القول في هذا الصدد؛ إنه لم تتبلور بعد رؤية الإدارة الجديدة، رغم بعض المؤشرات الإيجابية على إبدائها مقاربات جديدة ومشجعة من قواتنا والإدارة الذاتية.
- وجود متعدد
> في شرق الفرات، هناك اتفاقات: روسي – تركي، وأميركي – تركي، واتفاق بين دمشق و«قوات سوريا الديمقراطية»، كيف الوضع وسط كل هذه الاتفاقات؟
– نحن من نحافظ على حالة التوازن في المنطقة، من خلال تعاملنا مع كافة الأطراف، فلا تعارض بينها، ولكل مساحة من التأثير والعمل. فالقوات الروسية وكذلك قوات النظام دخلت مناطقنا وفق مذكرة تفاهم بيننا. روسيا وقعت على اتفاق 23 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 مع تركيا، يطلب منها الحفاظ على حالة وقف النار بين قواتنا وقوات الاحتلال التركي، وكذلك قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. أما قوات النظام؛ فمنوط بها حماية الحدود السورية، بما يتفق ودورها في حفظ سيادة الدولة السورية.
> ماذا عن منطقة «نبع السلام»؟، هل نفذتم المتوقع منكم؟
– ما تدعى بمنطقة «نبع السلام»، هي مناطق اسمها الحقيقي «رأس العين وتل أبيض»، لكن الاحتلال التركي يحاول فرض مسمياته الاحتلالية عليها، مثلما أطلق على عفرين أيضاً اسم منطقة «غصن الزيتون»، ونحن لا نقيم لهذه المسميات وزناً ولا نعترف بها إلا كما كانت في السابق. من جانبنا، التزمنا بما يقع على عاتقنا وفق بنود الاتفاقية التي وقعها نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس مع إردوغان، وكذلك الاتفاقية التي وقعها بوتين مع إردوغان، وانسحبنا من تلك المناطق بعمق 30 كلم، على أن يحقق الجانب الآخر أيضاً انسحاباً كاملاً من المنطقة، وتنتشر فيها قوات حرس الحدود السورية، لكن الجانب التركي لم يلتزم بها، بل يحاول دائماً توسيع رقعة احتلاله، والدولتان الراعيتان للاتفاقيتين ملزمتان أخلاقياً بالضغط على تركيا لتنفيذ بنود الاتفاقيتين.
> هل تقصد أن تركيا لا تنفذ المطلوب منها؟
– كما قلت لم تنفذ تركيا أياً من بنود الاتفاقيتين، وما يحصل من استهداف لقواتنا والمدنيين العزل في عين عيسى ومحيط تل تمر وكذلك في كوباني (عين العرب)، يكشف نوايا الدولة التركية في زعزعة الأمن والاستقرار في مناطقنا.
> إذن، كيف تنظر إلى أن روسيا وتركيا تسيران دوريات قرب كوباني، وهناك تفاهم روسي – تركي في عفرين؟
- تسيير الدوريات الروسية – التركية المشتركة في ريف كوباني، هو ضمن بنود اتفاقية موسكو، وجاء في سياق فرض نوع من التهدئة بيننا وبين تركيا، إثر احتلالها لمناطق رأس العين وتل أبيض. أما ما يرتكب في عفرين من انتهاكات بحق المدنيين الكرد من السكان الأصليين ربما لم يحدث مثلها في التاريخ، لجهة فظاعتها وشناعتها، والمسؤول الأول والأخير هو الاحتلال التركي، وتتحمل روسيا قسطاً من المسؤولية في عدم ردعها الاحتلال التركي في ارتكاب تلك الجرائم أو الحد منها. والاحتلال التركي يفرض طوقاً حديدياً محكماً على عفرين ولا يسمح حتى للمنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية وكذلك وسائل الإعلام في كشف تلك الجرائم. وهنا ندعو روسيا إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية في إنهاء احتلال تركيا لعفرين.
- روسيا ضامن
> الجيش الروسي تمدد في الفترة الأخيرة إلى ديريك، وهناك قوات أميركية، ما هو تفسيرك؟
– كما اشرنا سابقا الشرطة العسكرية الروسية تقوم بدوريات على طول الحدود كما هو متفق عليه سابقا ضمن الاتفاقية 23 أكتوبر 2019.
> لكن، شاهدنا احتكاكات روسية – أميركية بين دوريات الطرفين. كيف تنسقون ذلك؟
– نحن نشدد دائما للطرفين الأميركي والروسي التركيز على عمليات بناء الاستقرار ومكافحة إرهاب «داعش».
> هل تنسق روسيا معكم إزاء الوجود شرق الفرات خصوصاً أنه هناك قاعدة روسية واسعة في القامشلي ومراكز شرق الفرات؟
– نعم، هي تنسق معنا في عمليات الانتشار وتسيير الدوريات، وكل تحركاتها تتم وفق آلية متفق عليها بيننا.
> من هو حليفكم: روسيا أم أميركا؟
– نحن لا نعارض أياً من الطرفين، ونقيم علاقاتنا معهما وفق ما تتطلبه مصالح شعبنا، وبما ينسجم مع تطلعاته في الحرية والعيش بكرامة على أرضه، ويحقق له الأمن والاستقرار.
- البيت الكردي
> أين وصلت نتائج مبادرات لترتيب البيت الكردي؟
– قطعنا شوطاً لا بأس به في الحوار الذي أطلقناه. أهم مسألة حققناها في الفترة الماضية، إعادة الثقة بين الطرفين المتحاورين، كما أنجزنا مذكرة المرجعية السياسية، وهي الأساس في أي اتفاق لاحق، والمسائل الخلافية الأخرى تبقى ثانوية، سيتم الاتفاق حولها في جولات الحوار المقبلة، والتي ستنطلق قريباً.
> هل «قوات سوريا الديمقراطية» مستعدة لتلبية المطالب العسكرية وقبول الفصائل الأخرى فيها؟
– أبوابنا مفتوحة لكل القوى التي تؤمن بميثاق «قوات سوريا الديمقراطية» وأهدافها وتلتزم بنظامها الداخلي، وليس لديها أهداف تتعارض مع مبادئ الأخوة والعيش المشترك، والدفاع عن مناطقنا ضد كل القوى التي تسعى للنيل منها.
> هناك انتقاد لكم بأنكم تتبعون زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، ما هو ردكم؟
- «حزب العمال الكردستاني»، حزب كردي شقيق، ولنا علاقات معه مثلما هي مع الأحزاب الكردية في إقليم جنوب كردستان، ولا نتبع له تنظيمياً. ونحن في «قوات سوريا الديمقراطية» مستقلون في قرارتنا ولنا استراتيجية واضحة نعمل وفقها في سوريا، التي هي ساحة عملنا فقط، ولكننا نتبنى فكر ومشروع الأمة الديمقراطية الذي طرحه السيد أوجلان.
- الحوار مع دمشق
> ما قصة حصاركم لـ«المربع الأمني» في الحسكة؟ وهل صحيح أن الطرف الآخر يحاصركم في حلب؟ لماذا هذا؟
– نحن لم نفرض أي حصار على مدينة الحسكة، والحركة بين مناطقنا وتلك المتواجدة فيها قوات النظام لم تتوقف مطلقاً، في حين أن قوات النظام تفرض حصاراً ظالماً وغير مبرر له على مناطق الشهباء التي يتواجد فيها نازحو عفرين، وكذلك على حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، حيث يمنع إدخال المواد الغذائية والمحروقات والمواد والمستلزمات الطبية، وحواجزه المنتشرة هناك تضييق على الأهالي وتحد من حركتهم. وحصل هذا الأمر بعد أن فشلت رهاناتهم على سقوط بلدة عين عيسى.
لكن أعتقد أن السبب يعود للذهنية الإقصائية للنظام التي تسعى للعودة بالبلاد إلى ما قبل عام 2011، فالاستفزازات والتوترات التي يخلقها في الحسكة والقامشلي ومحاولته خلق فتنة عربية – كردية، ما هي إلا للضغط على «الإدارة الذاتية» والعودة بعقارب الساعة إلى الوراء. نحن من جانبنا، نحاول تهدئة الأمور وعدم الانجرار وراء الفتنة التي يسعى النظام إلى تأجيجها، ونسعى لفتح حوار جدي حول المسائل المصيرية، ولا ندفع الأمور نحو التصعيد.
> جرت سابقاً، جلسات حوار مع دمشق، هل الحوار مستمر أم مجمد؟
– توقف الحوار نتيجة ذهنية النظام المتزمتة. وقبل أيام كان وفد من «مجلس سوريا الديمقراطية» في دمشق، لكنه عاد خالي الوفاض، فالنظام يرفض كافة الحلول والمبادرات التي من شأنها التوصل إلى حل للأزمة السورية بطرق سياسية، وقناعتنا أن هذا التعنت لن يجديه نفعاً.
> لكن هناك تفاهمات عسكرية مع دمشق، هل يمكن القول إن التفاهم العسكري قائم، لكن السياسي مؤجل؟
– التفاهمات العسكرية رهن التفاهمات مع الجانب الروسي كطرف ضامن لها، لكنها لم تتطور إلى اتفاقات موسعة، نظراً لتهرب النظام من التزاماته وعدم قبوله أي تنازلات تساهم في زرع الثقة بيننا، وما يمهد الأرضية للانتقال من التفاهمات العسكرية إلى إطلاق حوار سياسي وطني جاد. ويقيننا أن أي تفاهم عسكري إن لم يقرن بتفاهم سياسي، ربما لن يدوم طويلاً، وهذا ما لا نتمناه أبداً.
> في الصورة الأوسع، هناك كلام عن مجلس عسكري سوري، هل «قوات سوريا الديمقراطية» مستعدة للمشاركة في مجلس مشترك، يضم النظام وأنتم والمعارضة؟
– كما قلت آنفاً، نحن لا نعارض في المشاركة في أي هيكلية أو جسم عسكري وطني سوري، يحقق الأهداف الوطنية السورية، في إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد، ويحافظ على خصوصيتنا في «قوات سوريا الديمقراطية»، وألا يكون المجلس الجديد -كما سميته أنت- ذا صبغة قومية أو دينية أو مذهبية، بل يؤمن بالدفاع عن الوطن، ولا يكون خاضعاً لأجندات أطراف خارجية.
> هل هذا ممكن؟
– نعم ممكن، إن توفرت الإرادة والعزيمة والنوايا الصادقة.



احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم، الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة بالضفة الغربية المحتلّة، بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة التي حرمت مسقط رأس السيد المسيح، حسب المعتقد المسيحي، من الاحتفال.

لكن هذا العام، بدت المدينة الواقعة في جنوب الضفة الغربية أكثر حيوية، بعد اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث يواجه مئات الآلاف برد الشتاء القارس بعد أن تركتهم الحرب في خيام مهترئة ومنازل مدمرة.

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم (أ.ب)

وفي الفاتيكان، من المقرر أن يترأس البابا لاوون الرابع عشر قداس عيد الميلاد الأول له عند الساعة 20:30 بتوقيت غرينتش في كاتدرائية القديس بطرس، بعدما دعا إلى «24 ساعة من السلام في العالم أجمع».

وانتخب الحبر الأعظم الأميركي من قبل مجمع الكرادلة، في مايو (أيار)، عقب وفاة البابا فرنسيس، وهو يتميّز بأسلوب أكثر هدوءاً من سلفه، لكنه سار على خطاه في قضايا أساسية، مثل الهجرة والعدالة الاجتماعية.

«أمل»

في بيت لحم، طغت على الأجواء أصوات الطبول ومزامير القِرَب التي تعزف ألحان تراتيل ميلادية شهيرة، بينما توجّه المسيحيون، صغاراً وكباراً، نحو وسط المدينة حيث ساحة المهد.

وقالت ميلاغروس إنسطاس (17 عاماً) التي ترتدي الزي الأصفر والأزرق لكشافة الساليزيان في بيت لحم «اليوم مليء بالفرح، لأننا (من قبل) لم نكن قادرين على الاحتفال بسبب الحرب».

وعلى غرار سائر دول الشرق الأوسط، يشكّل المسيحيون أقلية في الأراضي المقدسة، إذ لا يزيد عددهم على 185 ألفاً في إسرائيل، و47 ألفاً في الأراضي الفلسطينية.

وشارك مئات الأشخاص في المسيرة التي جابت شارع النجمة الضيق المفضي إلى كنيسة المهد والساحة المؤدية لها.

وتجمّع حشد غفير في ساحة المهد، فيما أطلّ عدد قليل من المتفرجين من شرفات مبنى البلدية لمتابعة الاحتفالات.

وفي وسط الساحة، وقفت شجرة الميلاد الكبيرة المزينة بكرات حمراء وأخرى ذهبية لتزيد بهجة على الأجواء.

ويعود بناء الكنيسة إلى القرن الرابع، وقد بُنيت فوق مغارة يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح وُلد فيها قبل أكثر من ألفي عام.

وقالت كاتياب عمايا (18 عاماً)، وهي من أعضاء الكشافة أيضاً، إن عودة الاحتفالات تمثّل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة.

وأضافت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هذا يمنحنا أملاً بأن المسيحيين ما زالوا هنا يحتفلون، وأننا ما زلنا نحافظ على التقاليد».

في وسط الساحة، وقفت شجرة الميلاد الكبيرة المزينة بكرات حمراء وأخرى ذهبية لتزيد بهجة على الأجواء (أ.ف.ب)

«إخوتنا وأخواتنا في غزة»

خلال الحرب المدمرة التي دارت في قطاع غزة، عمدت بلدية بيت لحم المنظمة للاحتفالات الخاصة بعيد الميلاد إلى تخفيف مظاهر الاحتفال، فاقتصرت على المراسم الدينية.

وقالت عمايا: «هذه الاحتفالات هي بمثابة أمل لشعبنا في غزة... بأنهم سيحتفلون يوماً ما ويعيشون الحياة من جديد».

وقبل ساعات ظهر الأربعاء، وصل بطريرك اللاتين في القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، إلى بيت لحم، استعداداً لترؤس قداس منتصف الليل التقليدي في كنيسة المهد.

وقال لدى وصوله إلى كنيسة المهد أمام المئات من المحتشدين: «أُوصِل لكم التحيات والصلوات من إخوتنا وأخواتنا في غزة».

وكان بيتسابالا زار غزة المدمّرة من الحرب في عطلة نهاية الأسبوع، وترأس قداس عيد الميلاد في رعية العائلة المقدسة بمدينة غزة الأحد.

بطريرك اللاتين في القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا وسط الحشود (أ.ب)

وأُبرم اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» برعاية أميركية وقطرية ومصرية وتركية، ودخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن السكان ما زالوا يواجهون حياة صعبة وبائسة بعد فقدان منازلهم وأحبتهم.

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بخرق الاتفاق.

«مكان مميّز جداً»

يأمل سكان بيت لحم أن تسهم عودة احتفالات عيد الميلاد في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح.

ويعتمد اقتصاد مدينة بيت لحم، على وجه الخصوص، على السياحة.

وتسببت الحرب في غزة بعزوف السياح عن المجيء خلال الحرب إلا أعداد قليلة جداً، كما تسببت الحرب بارتفاع معدلات البطالة.

لكن الزوار المسيحيين بدأوا، في الأشهر الأخيرة، بالعودة تدريجياً إلى المدينة المقدسة.

يأمل سكان بيت لحم أن تسهم عودة احتفالات عيد الميلاد في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح (أ.ف.ب)

وقال جورج حنا، من بلدة بيت جالا المجاورة «بيت لحم مكان مميّز جداً، نريد أن تصل رسالتنا إلى العالم كله، وهذه هي الطريقة الوحيدة».

وخلص إلى القول: «نأمل أن نتمكن من الاحتفال، وأن يكون الأطفال سعداء، هذا هو العيد بالنسبة لنا».


التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
TT

التفاهم المصري - الأميركي على «إعمار غزة» يكتنفه الغموض وغياب التفاصيل

فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل طفلاً بجوار أنقاض المباني المدمرة في مخيم جباليا للاجئين شمال قطاع غزة الأربعاء (أ.ف.ب)

رغم اتفاق القاهرة وواشنطن على ضرورة تفعيل خطة لإعادة إعمار غزة، فإن النهج الذي ستتبعه هذه الخطة ما زال غامضاً، فضلاً عن عدم تحديد موعد لعقد مؤتمر في هذا الشأن.

ووسط تسريبات إسرائيلية عن مسعى لإعمار جزئي، وتناغم خطة أميركية جديدة مع هذا المسار العبري من دون رفض للخطة المصرية في إعمار كامل وشامل، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية تميم خلاف، لـ«الشرق الأوسط» إن مصر تهدف إلى «إطلاق مسار متكامل بشأن إعمار غزة».

تلك الجهود أكدتها أيضاً الخارجية الأميركية لـ«الشرق الأوسط» قائلة إنها «تتواصل بشكل فعال مع الشركاء بشأن إعمار غزة».

المسار الأول

ومنذ دخول اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ظهر مساران، أحدهما مصري والآخر أميركي يبدو متناغماً مع طرح إسرائيلي، والاثنان يقودان تصورات على أرض الواقع بشأن إعمار القطاع المدمر بسبب الحرب الإسرائيلية على مدار نحو عامين.

وعقب الاتفاق، كان المسار المصري أسرع في الوجود، وجدد الرئيس المصري التأكيد على عقد مؤتمر لإعمار قطاع غزة، وكان موعد نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، هو المحتمل لذلك التنظيم، ومع عدم عقده قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، قبل أسابيع، إن القاهرة تعمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين على تهيئة البيئة المناسبة لنجاح مؤتمر «لتعافي المبكر وإعادة الإعمار في قطاع غزة». في معرض ردّه على سؤال عن سبب تأجيل المؤتمر.

ولتسريع الجهود، قال وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، في مؤتمر صحافي ببرلين، مع نظيره الألماني يوهان فاديفول، أوائل ديسمبر (كانون الأول) الحالي: «نتشاور مع الولايات المتحدة لتكوين رئاسة مشتركة لمؤتمر الإعمار، ونأمل التوافق على توقيت في أسرع وقت ممكن لعقد هذا المؤتمر، بالتعاون مع الشركاء».

لقطة عامة لخيام نازحين وسط أحوال جوية قاسية في خان يونس جنوب قطاع غزة 18 ديسمبر 2025 (رويترز)

واعتمدت «القمة العربية الطارئة»، التي استضافتها القاهرة في 4 مارس (آذار) الماضي، «خطة إعادة إعمار وتنمية قطاع غزة» التي تستهدف العمل على التعافي المبكر، وإعادة إعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين، وفق مراحل محددة، وفي فترة زمنية تصل إلى 5 سنوات، وبتكلفة تقديرية تبلغ 53 مليار دولار.

ودعت القاهرة إلى عقد مؤتمر دولي لدعم إعادة الإعمار في غزة، بالتنسيق مع الأمم المتحدة.

إعمار من دون تهجير

وحسب عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية والأكاديمي المصري أحمد فؤاد أنور، فإن «مصر تسعى لتوفير توافق أكبر على جعل أي نهج للإعمار، سواء عبر خطة مصرية أو غيرها وفق إطار جعل غزة مكاناً ملائماً للحياة دون أي تهجير أو تهديد للأمن القومي المصري»، متوقعاً أن «تنجح الدبلوماسية المصرية في ذلك كما نجحت في مؤتمر شرم الشيخ للسلام».

ويضيف أنور: «الأولوية لدى مصر هي توفير طوق نجاة للجانب الفلسطيني، وتواصل التعاون مع الشركاء بشكل جدي من أجل توفير الزخم اللازم لإنجاز مهمة الإعمار، سواء كانت نابعة من خطة مصرية أو أميركية شريطة أن تصل بنا لجعل غزة مكاناً ملائما للسكن وليس للتهجير أو المساس بحق الفلسطينيين أو الأمن القومي المصري».

المسار الآخر

وفي 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدأت بوادر المسار الآخر الأميركي، وأكد جاريد كوشنر، صهر ترمب في مؤتمر صحافي بإسرائيل، أن إعادة إعمار غزة في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش الإسرائيلي «مدروسة بعناية، وهناك اعتبارات جارية حالياً في المنطقة الخاضعة لسيطرة جيش الدفاع الإسرائيلي، إذا أمكن تأمينها لبدء البناء، بوصفها غزة جديدة؛ وذلك بهدف منح الفلسطينيين المقيمين في غزة مكاناً يذهبون إليه، ومكاناً للعمل، ومكاناً للعيش»، مضيفاً: «لن تُخصَّص أي أموال لإعادة الإعمار للمناطق التي لا تزال تسيطر عليها (حماس)».

ومطلع الأسبوع الحالي، تحدث تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن خطة أعدها كوشنر والمبعوث الأميركي ستيف ويتكوف تسمى «مشروع شروق الشمس» لإعمار غزة مع اشتراط نزع سلاح «حماس»، بدءاً من الجنوب في رفح على مدار 10 سنوات، وتعنون بـ«رفح الجديدة» (تتمسك بها إسرائيل للبدء بها، والتي تقع على مقربة من الحدود المصرية) دون تحديد أين سيقيم نحو مليوني فلسطيني نازح خلال فترة إعادة البناء.

هذا المسار الأميركي المنحاز لإسرائيل، وفق تقديرات فؤاد أنور، «أقرب لصفقة تفاوضية، تريد أن تضع شروطاً تخدم مطالب إسرائيل بنزع (سلاح المقاومة)، والضغط عليها وفي الوقت ذاته احتمال تمرير التهجير دون أن ترفض الخطة المصرية صراحة، وبالتالي هناك اختلاف بين رؤيتي القاهرة وإسرائيل».

أي المسارين سينجح؟

وسط ذلك الاختلاف، والتساؤل بشأن أي المسارين سيكتب لها التموضع، قال وزير الخارجية التركي في تصريحات أدلى بها للصحافيين، السبت، إن «هناك تفاهمات تبعث على الأمل رغم تعنت إسرائيل»، مضيفاً: «هناك دراسة أولية بشأن إعادة إعمار غزة، تم تقديمها ونقاشها بشكل تمهيدي»، وفقاً لما ذكرته وكالة «الأناضول» التركية، غداة اجتماع للوسطاء في مدينة ميامي الأميركية، لبحث مستجدات اتفاق وقف إطلاق النار.

وخرج تقرير «بلومبرغ»، الاثنين، التي نقلت خلاله عن مصادر، أن الولايات المتحدة وحلفاءها يجددون مساعيهم لعقد مؤتمر حول إعادة إعمار قطاع غزة، مطلع الشهر المقبل على أقرب تقدير على أن يعقد في واشنطن أو مصر أو مواقع أخرى في ظل سعي إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإعطاء زخم جديد لاتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس».

عمال فلسطينيون يُصلحون قبل أيام طريقاً تضرر من الحرب بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

وتعليقاً على تقرير «بلومبرغ»، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية، في تصريح خاص، الأربعاء، إن «الجهود الدولية لا تزال مستمرة للتشاور والتنسيق بين الأطراف المعنية، بما في ذلك مصر والولايات المتحدة، وبالتعاون مع الشركاء الإقليميين والدوليين؛ بهدف تهيئة الظروف الملائمة لإطلاق مسار متكامل للتعافي المبكر وإعادة الإعمار».

وأضاف خلاف: «لا تزال المشاورات جارية بشأن إعادة الإعمار، لدعم الشعب الفلسطيني وتخفيف معاناته، وبما يتسق مع الجهود الأوسع لتثبيت وقف إطلاق النار ودفع مسار التهدئة».

وبشأن مستجدات عقد مؤتمر الإعمار، وهل سيكون بشراكة مع مصر أم منفرداً، وحول مكان انعقاده، قالت الخارجية الأميركية في تصريح خاص مقتضب، إن الولايات المتحدة «تتواصل بشكل فعال مع الشركاء بشأن إعمار غزة».

وتحفظت وزارة الخارجية الأميركية عن الإدلاء بتفاصيل حالية، قائلة: «نتواصل بشكل فعّال مع شركائنا، وليس لدينا أي بيانات رسمية في الوقت الحالي».

ويرى فؤاد أنور، أن «مسار مصر أقرب للنجاح وسط المحادثات والمشاورات المصرية المستمرة لإنجاز مسار الاتفاق»، مشيراً إلى أن «واشنطن لن تغامر بالانحياز الكامل لإسرائيل في المرحلة الثانية المنتظرة والمرتبطة بترتيبات أمنية وإدارية مهمة، وقد تتجاوب مع الأفكار المصرية العربية ونرى مقاربة مغايرة أفضل قليلاً وتبدأ النقاشات بشأنه للوصول لرؤية ذات توافق أكبر».


وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
TT

وفد من «حماس» يبحث مع وزير الخارجية التركي مجريات تطبيق اتفاق غزة

«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)
«حماس» تقول إن المساعدات الإغاثية التي تدخل قطاع غزة لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات (رويترز)

قالت حركة «حماس» إن وفداً بقيادة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية التقى مع وزير الخارجية التركي هاكان فيدان في أنقرة اليوم الأربعاء، وبحث معه مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب، والأوضاع السياسية، والميدانية.

وذكرت «حماس» في بيان أن الحية أكد لوزير الخارجية التركي التزام الحركة ببنود اتفاق وقف إطلاق النار، محذراً من استمرار «الاستهدافات، والخروقات» الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة، والتي قال إنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، وتقويض التفاهمات القائمة».

وفيما يتعلق بالأزمة الإنسانية المتفاقمة في غزة، أشار الحية إلى أن المساعدات الإغاثية التي تدخل القطاع «لا ترقى للحد الأدنى من الاحتياجات»، موضحاً أن 60 في المائة من الشاحنات التي تسمح إسرائيل بدخولها هي شاحنات لبضائع تجارية، وليست مساعدات إنسانية.

وأكد الحية أن ذلك «يحرم الشريحة الكبرى من أبناء شعبنا من الحصول على احتياجاتهم الأساسية من غذاء، ودواء، وخيام بشكل إغاثي عاجل».

وتناول اللقاء أيضاً التطورات في الضفة الغربية، والقدس، حيث أكد وفد «حماس» على خطورة الممارسات «الإجرامية» الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني، والمقدسات الإسلامية، والمسيحية.

كما ناقش الجانبان مسار تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية لمواجهة «المخططات» التي تستهدف تصفية القضية الفلسطينية، بحسب بيان «حماس».