مظلوم عبدي: ذهنية إقصائية للنظام السوري تريد العودة إلى ما قبل 2011

قال في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنه يأمل أن يصحح بايدن «أخطاء» ترمب... واتهم «قوات الاحتلال التركي» بـ«دعم داعش» شرق الفرات

قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (أ.ف.ب)
قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (أ.ف.ب)
TT

مظلوم عبدي: ذهنية إقصائية للنظام السوري تريد العودة إلى ما قبل 2011

قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (أ.ف.ب)
قائد «قوات سوريا الديمقراطية» مظلوم عبدي (أ.ف.ب)

أعرب قائد «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) مظلوم عبدي، في حديث إلى «الشرق الأوسط» أمس، عن أمله أن يقوم الرئيس الأميركي الجديد جو بايدن بـ«تصحيح أخطاء» إدارة الرئيس دونالد ترمب بينها إعطاء «الضوء الأخضر» لتركيا لـ«احتلال» مناطق في شمال شرقي سوريا.
ودعا عبدي إدارة بايدن، لتبني «استراتيجية جديدة» لتفعيل دور أميركا و«وضع نهاية للمحرقة السورية»، مشيرا إلى لقاءاته مع مسؤولين من التحالف الدولي لقتال «داعش» بقيادة أميركا «كشفت وجود توجه لتوسيع عملياته ضد الإرهاب». وقال: «الاحتلال التركي لمناطق رأس العين وتل أبيض ساهم في إحياء داعش، عبر دعم تلقاه من قوات الاحتلال التركي (...) الذي يحاول توسيع رقعة احتلاله» شرق الفرات.
وقال رداً عن سؤال، إن «حزب العمال الكردستاني (بقيادة عبد الله أوجلان) حزب كردي شقيق (...) لا نتبع له تنظيمياً. ونحن في «قوات سوريا الديمقراطية» مستقلون في قرارتنا ولنا استراتيجية واضحة نعمل وفقها في سوريا، التي هي ساحة عملنا فقط، لكننا نتبنى فكر ومشروع الأمة الديمقراطية الذي طرحه أوجلان». وعن التفاوض مع دمشق، قال عبدي إن عدم انتقال الحوار من البعد العسكري الذي يضمنه الجانب الروسي، إلى اتفاق سياسي «يعود للذهنية الإقصائية للنظام التي تسعى للعودة بالبلاد إلى ما قبل عام 2011» عبر «استفزازات وتوترات ومحاولته خلق فتنة عربية – كردية»، متمسكا بـ«عدم الانجرار وراء الفتنة التي يسعى النظام إلى تأجيجها، ونسعى لفتح حوار جدي حول المسائل المصيرية».
وقال عبدي إن «قسد» تحافظ على التوازن شرق الفرات «من خلال تعاملنا مع جميع الأطراف»، وإن روسيا تنسق مع قواته إزاء انتشارها شرق الفرات وإقامة قواعد ودوريات ومراكز عسكرية؛ وكل تحركاتها تتم وفق آلية متفق عليها بيننا».
وقال ردا على سؤال إنه لا يعارض المشاركة في أي جسم عسكري سوري مشترك «يحافظ على خصوصيتنا في قسد، وألا يكون ذا صبغة قومية أو دينية أو مذهبية ولا خاضعاً لأطراف خارجية». وزاد أن تشكيل مجلس عسكري مشترك «ممكن، إن توفرت الإرادة والنوايا الصادقة» من الأطراف المعنية.
وهنا نص الحديث الذي أجرته «الشرق الأوسط» خطياً وهاتفياً أمس:
> هل لا تزال «قوات سوريا الديمقراطية» تواصل ملاحقة خلايا «داعش» شرق الفرات؟
– بعد القضاء على «داعش» جغرافياً في معركة الباغوز، كانت هناك ضرورة لاجتثاث خلاياه النائمة واستئصالها من الحاضنة الشعبية التي كونها لنفسه اعتماداً على العنف والإرهاب المعمم الذي مارسه. لذلك ارتأينا في «قوات سوريا الديمقراطية»، وبعد العمليات الإرهابية التي وقعت في مناطق عدة، أن نبدأ، وبالتنسيق مع التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، حملة لضرب تلك الخلايا، وحققنا بعض النتائج المرجوة في القبض على العديد من قادات وعناصر التنظيم التي كانت تنفذ أعمال القتل والتفجير، والحملة لا تزال مستمرة.
لكن ما لاحظناه، أن عمليات خلايا التنظيم نشطت بعض احتلال تركيا لمناطق رأس العين وتل أبيض في شمال شرقي سوريا، وضبطنا بعض العناصر التي قدمت من تلك المناطق المحتلة من تركيا.
> هل لا تزال خلايا «داعش» موجودة والعملية ضدها مستمرة؟
– لا، لم تنته العملية بعد، وهي مستمرة. وعلى العكس، هناك ضرورة لأن نكثف العمليات، خاصةً بعد امتداد مسرح عمليات التنظيم في البادية السورية ومحاولاته الامتداد إلى المناطق التي حررتها قواتنا. فالتهديدات لا تزال قائمة، وهذه هي رؤيتنا نحن والتحالف الدولي أيضاً، وعلى هذا الأساس جهودنا منصبة في هذه الفترة على توسيع العمليات وتنوعها ضد الخلايا.
> هل كل شيء يتم بالتنسيق مع التحالف؟
– يمكن القول إن التنسيق جيد في هذه الفترة، ولم يطرأ عليه أي تغيير مع تسلم الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة مقاليد الإدارة. وحسب ما فهمنا من لقاءاتنا مع مسؤولين من التحالف؛ أن هناك توجها لدى التحالف لتوسيع عملياته ضد الإرهاب، خاصةً بعد التهديدات التي أطلقها التنظيم باستهداف مناطق متفرقة ودول عديدة، ومحاولاته زعزعة الاستقرار فيها.
> لوحظت زيادة هجمات «داعش» شرق الفرات ومناطق أخرى، تفجيرات إرهابية وهجمات. ما هو السبب؟
– هناك سببان لزيادة نشاط التنظيم الإرهابي؛ أوله كما قلنا في البداية، أن الاحتلال التركي لمناطق رأس العين وتل أبيض ساهم في إعادة إحياء التنظيم، عبر الدعم الذي تلقاه من قوات الاحتلال التركي. ولدينا معلومات مؤكدة، أن العناصر التي فرت من شمال وشرق سوريا، وصلت إلى المناطق التي تحتلها تركيا مثل عفرين وجرابلس وإعزاز والباب ورأس العين وتل أبيض، وأعادت تنظيم صفوفها ضمن صفوف ما يسمى «الجيش الوطني السوري»، ودعمتها تركيا عسكرياً ولوجيستياً وسهلت لها سبل الوصول إلى مناطقنا للقيام بعمليات قتل وتفجير، استهدفت في غالبيتها المدنيين.
السبب الثاني؛ أن انشغالنا في مقاومة الاحتلال التركي الذي يستهدف مناطقنا كل يوم، أتاح الفرصة للتنظيم لتنفيذ بعض العمليات، كما أن أطرافا أخرى تسعى للاستثمار في عمليات التنظيم، سعياً لإضعاف «قوات سوريا الديمقراطية» والإدارة الذاتية، ولي ساعدها لتقديم تنازلات لها.
> سنأتي لاحقاً للوجود التركي. لكن هناك من يقول إن هناك تهميشاً للعرب شرق الفرات.
– هذا الادعاء غير صحيح، على العكس من ذلك، الإخوة في المكون العربي يشكلون الغالبية العظمى ضمن «قوات سوريا الديمقراطية»، وكذلك يحمل عدد كبير منهم، ومن المكونات الأخرى أيضاً، مسؤوليات كبيرة ضمن الإدارة الذاتية الديمقراطية. نحن لا نفاضل بين أي من المكونات، وهي تتعايش في وئام واستقرار، مع الحفاظ على خصوصياتها القومية والثقافية، وبما يحقق الانسجام واللحمة المجتمعية.
> هناك من يقول إنكم تتهمون أي أحد ضدكم أنه «داعشي»؟
- بخصوص اتهام من يعارضنا نتهمه بأنه «داعشي»، أعتقد أن الوقائع المعيشة على الأرض تدحض هذه الادعاءات، فالحرية الموجودة في «روج آفا» (غرب كردستان) وشمال شرقي سوريا تتيح لكل الاتجاهات السياسية حتى المعارضة للإدارة، بالتعبير عن نفسها، وهي مكفولة ضمن حقوق التظاهر الشرعية، ضمن القوانين والتشريعات التي سنتها وشرعت لها الإدارة الذاتية. وإن كنتم تتابعون الأحداث عن كثب؛ فإن هناك بعض الأطراف التي تنتقد الإدارة، ونحن لا نغلق الباب أمام الرأي الآخر المختلف معنا، لأن الإدارة تشاركية وتعبر عن كل الألوان في المنطقة.
> تصاعدت الهجمات في البادية السورية، هل هناك أي تنسيق مع الحكومة السورية أو روسيا في الحرب ضد «داعش» غرب نهر الفرات؟
– لا، ليس هناك أي تعاون بيننا في هذا الخصوص.
> لماذا؟
– أولاً الطبيعة الجغرافية حد فاصل بيننا. ثانياً، وهذا هو الأهم، أن أي تعاون في هذا الصدد يستدعي توافقاً شاملاً على ملفات أخرى، ونعتقد أن لها الأولوية، وذلك قبل الحديث عن التنسيق العسكري، وهذا غير موجود حتى الآن.
- الوجود الأميركي
> كيف تنظر إلى الوجود الأميركي حالياً؟
– نعتقد أن الوجود الأميركي ضمن منظور الحرب ضد الإرهاب، يساهم في إعادة الاستقرار لسوريا بشكل عام. كما أن الولايات المتحدة دولة عظمى ولها دور كبير وأساسي في حل الأزمة السورية، ولا يمكن تهميش دورها.
>يقول مسؤولون أميركيون أمرين: وجودنا ليس إلى الأبد في سوريا، لكنه قائم إلى حين إلحاق الهزيمة الكاملة بـ«داعش»، هل تبلغتم ذلك؟
– لم تجر بيننا نقاشات من هذا القبيل، لكن قناعتنا أن الوجود الأميركي في سوريا مرهون بعاملين: الأول، القضاء على الإرهاب وعودة الأمن والاستقرار إلى مناطق شمال وشرقي سوريا. الثاني، مرتبط بحل الأزمة السورية وفق قرارات الأمم المتحدة، ومن ثم المشاركة في إعادة إعمار سوريا.
> الأميركيون موجودون على جانبي الحدود السورية – العراقية، هل هناك تنسيق؟
– مهمات قوات التحالف في العراق وسوريا منفصلة عن بعضها البعض، رغم وجود تنسيق في بعض الملفات الأمنية المتعلقة بتحركات «داعش» على طرفي الحدود، لكن على العموم التحالف ينسق مع الجيش العراقي وقيادة إقليم كردستان في العراق، بينما ينسق مع قواتنا في سوريا، ولا تعارض بين المهمتين.
> في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، انسحب الأميركيون من بعض مناطق شرق الفرات، هل أثر ذلك على قواتكم؟
– ارتكبت الإدارة الأميركية السابقة خطأ كبيراً بانسحابها من مناطق رأس العين وتل أبيض. ودعنا نكون أكثر وضوحاً، الرئيس السابق دونالد ترمب منح إردوغان الضوء الأخضر لاحتلال تلك المناطق، ولا شك أنها أثرت على فعالية قواتنا في محاربة الإرهاب، لانشغالنا في الدفاع عن تلك المناطق. بالتالي قرار الانسحاب انعكس سلباً على الولايات المتحدة واستراتيجيتها في سوريا ومنطقة الشرق الأوسط عموماً.
>إذن، ما هي توقعاتك من إدارة الرئيس جو بايدن؟
– نعتقد أن إدارة الرئيس الجديد جو بايدن ستعمل على تصحيح الكم الهائل من الأخطاء التي وقعت فيها إدارة ترمب السابقة، بما فيها كيفية التعامل مع الأزمة السورية، ومعظم السياسات التي أثرت سلباً على الدور الأميركي في سوريا. وهي – أي الإدارة الأميركية الجديدة – مدعوة إلى اتباع استراتيجية جديدة من شأنها إعادة تفعيل الدور الأميركي في الدفع باتجاه وضع نهاية للمحرقة السورية.
> هناك من يقول إن فريق بايدن أكثر تعاطفاً مع مطالبكم، ما هي توقعاتك؟
– الولايات المتحدة لها مصالح في سوريا والمنطقة، ونتقاطع معها في قضايا مهمة أيضاً، منها محاربة الإرهاب. لكن استراتيجية طويلة الأمد لا تتغير بتغير الرؤساء والإدارات. تحصل بعض التغييرات الطفيفة التي من شأنها أن تحدث تبدلاً في بعض المهام والأهداف والسياسات. يمكن القول في هذا الصدد؛ إنه لم تتبلور بعد رؤية الإدارة الجديدة، رغم بعض المؤشرات الإيجابية على إبدائها مقاربات جديدة ومشجعة من قواتنا والإدارة الذاتية.
- وجود متعدد
> في شرق الفرات، هناك اتفاقات: روسي – تركي، وأميركي – تركي، واتفاق بين دمشق و«قوات سوريا الديمقراطية»، كيف الوضع وسط كل هذه الاتفاقات؟
– نحن من نحافظ على حالة التوازن في المنطقة، من خلال تعاملنا مع كافة الأطراف، فلا تعارض بينها، ولكل مساحة من التأثير والعمل. فالقوات الروسية وكذلك قوات النظام دخلت مناطقنا وفق مذكرة تفاهم بيننا. روسيا وقعت على اتفاق 23 أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019 مع تركيا، يطلب منها الحفاظ على حالة وقف النار بين قواتنا وقوات الاحتلال التركي، وكذلك قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة. أما قوات النظام؛ فمنوط بها حماية الحدود السورية، بما يتفق ودورها في حفظ سيادة الدولة السورية.
> ماذا عن منطقة «نبع السلام»؟، هل نفذتم المتوقع منكم؟
– ما تدعى بمنطقة «نبع السلام»، هي مناطق اسمها الحقيقي «رأس العين وتل أبيض»، لكن الاحتلال التركي يحاول فرض مسمياته الاحتلالية عليها، مثلما أطلق على عفرين أيضاً اسم منطقة «غصن الزيتون»، ونحن لا نقيم لهذه المسميات وزناً ولا نعترف بها إلا كما كانت في السابق. من جانبنا، التزمنا بما يقع على عاتقنا وفق بنود الاتفاقية التي وقعها نائب الرئيس الأميركي السابق مايك بنس مع إردوغان، وكذلك الاتفاقية التي وقعها بوتين مع إردوغان، وانسحبنا من تلك المناطق بعمق 30 كلم، على أن يحقق الجانب الآخر أيضاً انسحاباً كاملاً من المنطقة، وتنتشر فيها قوات حرس الحدود السورية، لكن الجانب التركي لم يلتزم بها، بل يحاول دائماً توسيع رقعة احتلاله، والدولتان الراعيتان للاتفاقيتين ملزمتان أخلاقياً بالضغط على تركيا لتنفيذ بنود الاتفاقيتين.
> هل تقصد أن تركيا لا تنفذ المطلوب منها؟
– كما قلت لم تنفذ تركيا أياً من بنود الاتفاقيتين، وما يحصل من استهداف لقواتنا والمدنيين العزل في عين عيسى ومحيط تل تمر وكذلك في كوباني (عين العرب)، يكشف نوايا الدولة التركية في زعزعة الأمن والاستقرار في مناطقنا.
> إذن، كيف تنظر إلى أن روسيا وتركيا تسيران دوريات قرب كوباني، وهناك تفاهم روسي – تركي في عفرين؟
- تسيير الدوريات الروسية – التركية المشتركة في ريف كوباني، هو ضمن بنود اتفاقية موسكو، وجاء في سياق فرض نوع من التهدئة بيننا وبين تركيا، إثر احتلالها لمناطق رأس العين وتل أبيض. أما ما يرتكب في عفرين من انتهاكات بحق المدنيين الكرد من السكان الأصليين ربما لم يحدث مثلها في التاريخ، لجهة فظاعتها وشناعتها، والمسؤول الأول والأخير هو الاحتلال التركي، وتتحمل روسيا قسطاً من المسؤولية في عدم ردعها الاحتلال التركي في ارتكاب تلك الجرائم أو الحد منها. والاحتلال التركي يفرض طوقاً حديدياً محكماً على عفرين ولا يسمح حتى للمنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية وكذلك وسائل الإعلام في كشف تلك الجرائم. وهنا ندعو روسيا إلى تحمل مسؤولياتها الأخلاقية في إنهاء احتلال تركيا لعفرين.
- روسيا ضامن
> الجيش الروسي تمدد في الفترة الأخيرة إلى ديريك، وهناك قوات أميركية، ما هو تفسيرك؟
– كما اشرنا سابقا الشرطة العسكرية الروسية تقوم بدوريات على طول الحدود كما هو متفق عليه سابقا ضمن الاتفاقية 23 أكتوبر 2019.
> لكن، شاهدنا احتكاكات روسية – أميركية بين دوريات الطرفين. كيف تنسقون ذلك؟
– نحن نشدد دائما للطرفين الأميركي والروسي التركيز على عمليات بناء الاستقرار ومكافحة إرهاب «داعش».
> هل تنسق روسيا معكم إزاء الوجود شرق الفرات خصوصاً أنه هناك قاعدة روسية واسعة في القامشلي ومراكز شرق الفرات؟
– نعم، هي تنسق معنا في عمليات الانتشار وتسيير الدوريات، وكل تحركاتها تتم وفق آلية متفق عليها بيننا.
> من هو حليفكم: روسيا أم أميركا؟
– نحن لا نعارض أياً من الطرفين، ونقيم علاقاتنا معهما وفق ما تتطلبه مصالح شعبنا، وبما ينسجم مع تطلعاته في الحرية والعيش بكرامة على أرضه، ويحقق له الأمن والاستقرار.
- البيت الكردي
> أين وصلت نتائج مبادرات لترتيب البيت الكردي؟
– قطعنا شوطاً لا بأس به في الحوار الذي أطلقناه. أهم مسألة حققناها في الفترة الماضية، إعادة الثقة بين الطرفين المتحاورين، كما أنجزنا مذكرة المرجعية السياسية، وهي الأساس في أي اتفاق لاحق، والمسائل الخلافية الأخرى تبقى ثانوية، سيتم الاتفاق حولها في جولات الحوار المقبلة، والتي ستنطلق قريباً.
> هل «قوات سوريا الديمقراطية» مستعدة لتلبية المطالب العسكرية وقبول الفصائل الأخرى فيها؟
– أبوابنا مفتوحة لكل القوى التي تؤمن بميثاق «قوات سوريا الديمقراطية» وأهدافها وتلتزم بنظامها الداخلي، وليس لديها أهداف تتعارض مع مبادئ الأخوة والعيش المشترك، والدفاع عن مناطقنا ضد كل القوى التي تسعى للنيل منها.
> هناك انتقاد لكم بأنكم تتبعون زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان، ما هو ردكم؟
- «حزب العمال الكردستاني»، حزب كردي شقيق، ولنا علاقات معه مثلما هي مع الأحزاب الكردية في إقليم جنوب كردستان، ولا نتبع له تنظيمياً. ونحن في «قوات سوريا الديمقراطية» مستقلون في قرارتنا ولنا استراتيجية واضحة نعمل وفقها في سوريا، التي هي ساحة عملنا فقط، ولكننا نتبنى فكر ومشروع الأمة الديمقراطية الذي طرحه السيد أوجلان.
- الحوار مع دمشق
> ما قصة حصاركم لـ«المربع الأمني» في الحسكة؟ وهل صحيح أن الطرف الآخر يحاصركم في حلب؟ لماذا هذا؟
– نحن لم نفرض أي حصار على مدينة الحسكة، والحركة بين مناطقنا وتلك المتواجدة فيها قوات النظام لم تتوقف مطلقاً، في حين أن قوات النظام تفرض حصاراً ظالماً وغير مبرر له على مناطق الشهباء التي يتواجد فيها نازحو عفرين، وكذلك على حيي الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، حيث يمنع إدخال المواد الغذائية والمحروقات والمواد والمستلزمات الطبية، وحواجزه المنتشرة هناك تضييق على الأهالي وتحد من حركتهم. وحصل هذا الأمر بعد أن فشلت رهاناتهم على سقوط بلدة عين عيسى.
لكن أعتقد أن السبب يعود للذهنية الإقصائية للنظام التي تسعى للعودة بالبلاد إلى ما قبل عام 2011، فالاستفزازات والتوترات التي يخلقها في الحسكة والقامشلي ومحاولته خلق فتنة عربية – كردية، ما هي إلا للضغط على «الإدارة الذاتية» والعودة بعقارب الساعة إلى الوراء. نحن من جانبنا، نحاول تهدئة الأمور وعدم الانجرار وراء الفتنة التي يسعى النظام إلى تأجيجها، ونسعى لفتح حوار جدي حول المسائل المصيرية، ولا ندفع الأمور نحو التصعيد.
> جرت سابقاً، جلسات حوار مع دمشق، هل الحوار مستمر أم مجمد؟
– توقف الحوار نتيجة ذهنية النظام المتزمتة. وقبل أيام كان وفد من «مجلس سوريا الديمقراطية» في دمشق، لكنه عاد خالي الوفاض، فالنظام يرفض كافة الحلول والمبادرات التي من شأنها التوصل إلى حل للأزمة السورية بطرق سياسية، وقناعتنا أن هذا التعنت لن يجديه نفعاً.
> لكن هناك تفاهمات عسكرية مع دمشق، هل يمكن القول إن التفاهم العسكري قائم، لكن السياسي مؤجل؟
– التفاهمات العسكرية رهن التفاهمات مع الجانب الروسي كطرف ضامن لها، لكنها لم تتطور إلى اتفاقات موسعة، نظراً لتهرب النظام من التزاماته وعدم قبوله أي تنازلات تساهم في زرع الثقة بيننا، وما يمهد الأرضية للانتقال من التفاهمات العسكرية إلى إطلاق حوار سياسي وطني جاد. ويقيننا أن أي تفاهم عسكري إن لم يقرن بتفاهم سياسي، ربما لن يدوم طويلاً، وهذا ما لا نتمناه أبداً.
> في الصورة الأوسع، هناك كلام عن مجلس عسكري سوري، هل «قوات سوريا الديمقراطية» مستعدة للمشاركة في مجلس مشترك، يضم النظام وأنتم والمعارضة؟
– كما قلت آنفاً، نحن لا نعارض في المشاركة في أي هيكلية أو جسم عسكري وطني سوري، يحقق الأهداف الوطنية السورية، في إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد، ويحافظ على خصوصيتنا في «قوات سوريا الديمقراطية»، وألا يكون المجلس الجديد -كما سميته أنت- ذا صبغة قومية أو دينية أو مذهبية، بل يؤمن بالدفاع عن الوطن، ولا يكون خاضعاً لأجندات أطراف خارجية.
> هل هذا ممكن؟
– نعم ممكن، إن توفرت الإرادة والعزيمة والنوايا الصادقة.



حزم سعودي لفرض الاستقرار الأمني شرق اليمن

تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
TT

حزم سعودي لفرض الاستقرار الأمني شرق اليمن

تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)
تحالف دعم الشرعية استهدف شحنة عسكرية لـ«الانتقالي» في المكلا (أ.ف.ب)

دفع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي في شرق اليمن بدعم إماراتي، تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية إلى اللجوء إلى مسار الحزم لفرض الاستقرار السياسي والأمني في اليمن بعد أسابيع من محاولات لنزع فتيل الأزمة، حيث نفذ التحالف، الثلاثاء، ضربة جوية وقائية لاستهداف شحنة عسكرية غير قانونية في ميناء المكلا، بالتزامن مع التشديد على ضرورة خروج قوات أبوظبي من اليمن خلال 24 ساعة والتوقف عن تسليح أي طرف استجابة لطلب القيادة اليمنية الشرعية.

وفي حين جددت السعودية، التزامها بأمن اليمن واستقراره، وسيادته، ودعمها الكامل لرئيس مجلس القيادة الرئاسي والحكومة، عبرت في بيان لوزارة خارجيتها عن أسفها لما قامت به دولة الإمارات من ضغط على قوات المجلس الانتقالي الجنوبي لدفع قواته للقيام بعمليات عسكرية على حدود المملكة الجنوبية في محافظتي حضرموت والمهرة، تُعد تهديداً للأمن الوطني للمملكة، والأمن والاستقرار في الجمهورية اليمنية والمنطقة.

وقالت وزارة الخارجية السعودية «إن تلك الخطوات التي قامت بها دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة تُعد بالغة الخطورة، ولا تنسجم مع الأسس التي قام عليها تحالف دعم الشرعية في اليمن، ولا تخدم جهوده في تحقيق أمن اليمن واستقراره».

المجلس الانتقالي الجنوبي يحاول إخضاع حضرموت والمهرة بقوة السلاح (رويترز)

وأكدت السعودية في هذا الإطار أن أي مساس أو تهديد لأمنها الوطني هو خط أحمر لن تتردد المملكة حياله في اتخاذ جميع الخطوات والإجراءات اللازمة لمواجهته وتحييده.

وجددت الرياض تأكيدها أن «القضية الجنوبية» في اليمن قضية عادلة، لها أبعادها التاريخية، والاجتماعية، وأن السبيل الوحيد لمعالجتها هو عبر طاولة الحوار ضمن الحل السياسي الشامل في اليمن، الذي ستشارك فيه جميع الأطياف اليمنية بما في ذلك المجلس الانتقالي الجنوبي.

وشددت الخارجية السعودية على أهمية استجابة الإمارات لطلب اليمن بخروج قواتها العسكرية من الجمهورية اليمنية خلال 24 ساعة، وإيقاف أي دعم عسكري أو مالي لأي طرف كان داخل اليمن.

وقال البيان إن السعودية تأمل أن تسود الحكمة وتغليب مبادئ الأخوة، وحسن الجوار، والعلاقات الوثيقة التي تجمع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، ومصلحة اليمن، وأن تتخذ الإمارات الخطوات المأمولة للمحافظة على العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، والتي تحرص المملكة على تعزيزها، والعمل المشترك نحو كل ما من شأنه تعزيز رخاء وازدهار دول المنطقة واستقرارها.

ضربة وقائية محدودة

في سياق الإجراءات الوقائية لحماية المدنيين، أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف، اللواء الركن تركي المالكي، أن قوات التحالف الجوية، قامت صباح الثلاثاء، بتنفيذ عملية عسكرية «محدودة» استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت بميناء المكلا بمحافظة حضرموت.

وأوضح المالكي أنه في يومي السبت والأحد، الموافق 27-28 ديسمبر (كانون الأول) 2025، تم دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف.

وأشار المتحدث باسم التحالف إلى أن طاقم السفينتين قام بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين، وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، مما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍّ سلمي، وكذلك انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 لعام 2015.

لقطة جوية لشحنة عسكرية وصلت إلى ميناء المكلا لدعم المجلس الانتقالي الجنوبي (أ.ب)

وقال المالكي: «استناداً لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، لقوات التحالف باتخاذ جميع التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أُفرغت من السفينتين بميناء (المكلا)، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية، وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

خفض التصعيد

أكد المتحدث باسم تحالف دعم الشرعية في اليمن، تركي المالكي، استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي حضرموت والمهرة، ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف إنجاح جهود السعودية والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع.

المجلس الانتقالي الجنوبي نفذ تصعيداً عسكرياً أحادياً في حضرموت والمهرة (أ.ف.ب)

وكان التحالف دعا قبل تنفيذ الضربة جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكداً أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعياً الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.


مسؤول يمني: الرئاسة تحركت لمواجهة تهديد مباشر لأمن البلاد

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
TT

مسؤول يمني: الرئاسة تحركت لمواجهة تهديد مباشر لأمن البلاد

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)
الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

أكد مسؤول يمني أن القرارات التي أصدرها الرئيس رشاد العليمي جاءت للحفاظ على المركز القانوني للدولة اليمنية، ومواجهة خطر داهم لأمن واستقرار ووحدة اليمن، لا سيما والخطر الحوثي لا يزال ماثلاً.

وأوضح الدكتور متعب بازياد نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني أن قرارات مجلس الدفاع الوطني اليمني، كمؤسسة دستورية، باركت جهود الأشقاء في السعودية لخفض التصعيد واحتواء الموقف المتأزم وحماية المدنيين في المحافظات الشرقية ووقف الانتهاكات بحقهم.

الرئيس رشاد العليمي خلال ترؤسه اجتماع مجلس الدفاع الوطني (سبأ)

وأضاف في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» بقوله: «الأخ الرئيس كان طيلة الفترة الماضية يكرّس في كل اللقاءات والمناسبات، وحتى في أوج الخلاف بين القوى السياسية، أهمية الحفاظ على المركز القانوني للدولة اليمنية في الوعي العام وعقل الدولة، وقاتل قتالاً شرساً دون اهتزاز هذا المركز، كأهم أعمدة مظاهر السيادة ووحدة القرار والسيادة».

وقال: «من هذا المركز استمدّت القرارات التي تتحدث عنها اليوم قوتها ومشروعيتها، فالقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية له سلطات واسعة تكفي لاتخاذ ما يلزم بشأن الحفاظ على وحدة البلاد والذود عن سيادتها وسلامة أراضيها وحياة الشعب وكرامته».

استخدام القوة خارج القانون

أشار الدكتور بازياد إلى أن تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية منذ الوهلة الأولى، جاء بطلب الحكومة اليمنية بقيادة الرئيس السابق، ولتحقيق أهداف محددة، أبرزها حماية مسار الانتقال السلمي للسلطة في اليمن من تغوّل أي طرف يستخدم القوة العسكرية لفرض رؤيته أو مشروعه السياسي للحل دون إرادة الشعب، وخلافاً للمسار السلمي الذي حددته المرجعيات السياسية الثلاث (المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة).

وتابع: «في تلك اللحظة التي انقلب فيها الحوثي وصالح على هذا المسار السلمي، تشكّل في اليمن مشهد ميليشيات منفلتة هدّدت حياة اليمنيين، كما زعزعت الأمن والسلم في الجوار والمنطقة، واليوم يتشكّل مشهد مشابه في استخدام القوة خارج القانون وخارج أطر المؤسسات الدستورية لفرض مشروع سياسي يهدد وحدة البلاد ويزعزع الأمن والسلام في أجزاء واسعة من اليمن، المحافظات الشرقية على وجه التحديد».

وبحسب نائب مدير مكتب رئيس الوزراء اليمني فإن «وجود قوات متمردة في هذه المناطق الشرقية يمثل أيضاً حساسية خاصة لأمن واستقرار الأشقاء في المملكة وسلطنة عُمان، اللتين أبدتا قلقهما الواضح جراء تدهور الوضع الأمني في حضرموت والمهرة وعلى الحدود».

مواجهة خطر داهم

يؤكد الدكتور متعب بازياد أن «المملكة العربية السعودية، كقائدة لتحالف دعم الشرعية، إلى جانب قيادة الدولة اليمنية، كانتا أمام خطر داهم لأمن واستقرار ووحدة اليمن، لا سيما والخطر الحوثي لا يزال ماثلاً، وأيضاً أمام تهديد عابر للحدود، فكانت قرارات مجلس الدفاع الوطني اليمني، كمؤسسة دستورية، التي باركت جهود الأشقاء في المملكة العربية السعودية لخفض التصعيد واحتواء الموقف المتأزم وحماية المدنيين في المحافظات الشرقية ووقف الانتهاكات بحقهم».

وأضاف: «المملكة تقوم بدور مقدّر في هذا الميدان انطلاقاً من التزامها السياسي والأخلاقي بقيادة مساعي إحلال السلام في اليمن».

عربات عسكرية محترقة جراء الضربة التي نفذها تحالف دعم الشرعية في اليمن ضد دعم عسكري خارجي في ميناء المكلا فجر الثلاثاء (أ.ف.ب)

مخرجات الحوار الوطني

أوضح الدكتور متعب أن المحافظات الشرقية (حضرموت، شبوة، المهرة، سقطرى) التي توصّل أبناؤها إلى صيغة تكامل فيما بينها من خلال إقليم فيدرالي وفقاً لمخرجات الحوار الوطني الشامل، تُعدّ أكثر جهات اليمن تقبّلاً لحضور الدولة وثقافة القانون، وهذه بيئة مناسبة للمساهمة في بناء مشروع وطني جامع انطلاقاً منها.

وقال: «أعتقد أن هذه فرصة سانحة أن تلتفت الدولة اليمنية لمطالب هذه الجهة وتطلعات أبنائها التي لا تختلف عن تطلعات سائر اليمنيين في بناء دولة اتحادية تقوم على مبدأ الشراكة في السلطة والتوزيع العادل في اقتسام الثروة والموارد».

وختم حديثه بالقول: «هذه الخطة - مخرجات الحوار الوطني - يساهم تحالف دعم الشرعية في دعمها ورعاية مسارها السلمي، ومعه المجتمع الدولي أيضاً، الذي ينشد أمن واستقرار هذه المنطقة الحيوية من العالم التي يقع اليمن في قلبها».


العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

TT

العليمي يندد بتورط الإمارات في دعم تمرد «الانتقالي»

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الالتزام بحماية المدنيين وصون المركز القانوني للدولة ووحدة قرارها العسكري والأمني، محذّراً من خطورة التصعيد الذي يقوده «المجلس الانتقالي الجنوبي» في محافظتَي حضرموت والمهرة، ومندداً بما وصفه بتورط دولة الإمارات في دعم هذا التمرد وتقويض مؤسسات الدولة الشرعية.

وقال العليمي، في بيان وجّهه إلى الشعب اليمني، إن التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، وما رافقها من انتهاكات جسيمة بحق المدنيين، «تأتي في توقيت بالغ الحساسية، بينما يخوض اليمن معركته المصيرية ضد الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، ويكابد واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم». وشدد على أن أي انزلاق إلى صدامات داخلية أو فتح جبهات استنزاف جديدة لن يخدم سوى أعداء اليمن ويقوّض فرص السلام.

وخاطب رئيس مجلس القيادة أبناء المحافظات الجنوبية، مؤكداً أن قضيتهم العادلة كانت ولا تزال في صلب مشروع الدولة الوطنية، وأن حقوقهم السياسية والاقتصادية والإدارية محل التزام كامل ضمن مرجعيات المرحلة الانتقالية، وبما يضمن شراكة مسؤولة تحفظ الكرامة وتؤسس لاستقرار دائم. وفي الوقت نفسه، حذّر من احتكار تمثيل القضية الجنوبية أو توظيفها لتحقيق أهداف سياسية غير مشروعة على حساب وحدة الدولة وسيادتها.

توضيح الموقف

أوضح العليمي أنه، ومن موقعه الدستوري بصفته قائداً أعلى للقوات المسلحة، أصدر توجيهات واضحة بمنع أي تحركات عسكرية أو أمنية خارج إطار الدولة أو دون أوامر صريحة من القيادة العليا، «حرصاً على حقن الدماء ومنع الانزلاق إلى مواجهات داخلية». غير أن هذه التوجيهات، وفق البيان، قوبلت بالتجاهل، حيث مضت التشكيلات التابعة لـ«المجلس الانتقالي» في تنفيذ تحركات أحادية، وُصفت بأنها تمرد على مؤسسات الدولة الشرعية.

وأشار رئيس «مجلس القيادة» إلى أن «الدولة حققت خلال السنوات الأخيرة، وبدعم من الأشقاء والأصدقاء، إنجازات ملموسة في مكافحة الإرهاب، شملت تفكيك خلايا إرهابية وتجفيف مصادر تمويلها، وتأمين المدن والممرات الحيوية، إلى جانب نجاحات متقدمة في مكافحة تهريب الأسلحة والمخدرات». وأكد أن مكافحة الإرهاب قرار سيادي تمارسه مؤسسات الدولة المختصة، وأنه لا يجوز استخدامه ذريعة لتبرير التصعيد أو فرض وقائع خارج إطار الشرعية.

معدات وآليات عسكرية في ميناء المكلا قدمتها الإمارات لـ«الانتقالي» دون إذن «التحالف» والشرعية (أ.ف.ب)

وبشأن حضرموت، أكد العليمي أن إجراءات إعادة التموضع في وادي حضرموت كانت في مراحلها الأخيرة ضمن خطة انتشار لقوات «درع الوطن»، أُقرت من وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان وصدّق عليها شخصياً، وبما يحقق الأمن والاستقرار دون الحاجة إلى أي تصعيد عسكري. وأضاف أن رئاسة الدولة، «حرصاً منها على تغليب الحلول السياسية، وجّهت بتشكيل لجنة تواصل رفيعة المستوى من قيادة الدولة والمكونات السياسية لاحتواء التصعيد وفتح قنوات الحوار، غير أن هذه الجهود قوبلت بالتعطيل والإصرار على المضي في مسار التصعيد».

تحكيم العقل

جدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني دعوته قيادة «المجلس الانتقالي الجنوبي» إلى تحكيم العقل وإعلاء المصلحة العليا للشعب اليمني، وإلى تسريع انسحاب قواته من محافظتي حضرموت والمهرة دون قيد أو شرط، محذراً بأن استمرار التصعيد أفضى إلى إهدار مكاسب سياسية واقتصادية وتنموية، وفاقم من معاناة المواطنين.

وأكد العليمي أن الدولة ستواجه أي تمرد على مؤسساتها بحزم، وفقاً للدستور والقانون وقرارات الشرعية الدولية، بما في ذلك رفع أي غطاء سياسي عن مرتكبي الانتهاكات، مشدداً على أن دماء اليمنيين «خط أحمر» لا تهاون فيه.

مسلح من أنصار «المجلس الانتقالي الجنوبي» (أ.ف.ب)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بـ«الدور الأخوي الذي تضطلع به السعودية في دعم اليمن وشرعيته الدستورية وقيادة جهود خفض التصعيد، انطلاقاً من المصالح والتحديات المشتركة»، مؤكداً أن هذا الدعم سيظل محل وفاء وتقدير في الذاكرة الوطنية. وفي المقابل، أعرب عن «أسف بالغ للدور الإماراتي المتزايد في دعم تمرد المجلس الانتقالي»، مستشهداً ببيان «قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية» بشأن شحنات سلاح وعتاد عسكري وصلت إلى ميناء المكلا دون تصريح، وما تضمنه من دلائل على تقويض سلطة الدولة وتهديد وحدة الجمهورية وسلامة أراضيها.

وشدد العليمي على أن اليمن لا يحتمل فتح جبهات استنزاف جديدة، وأن طريق الخلاص تكمن في دولة المواطنة المتساوية، وسيادة القانون، والشراكة في السلطة والثروة، والسلام، واحترام مبادئ حسن الجوار.