أسواق العالم تلتقط أنفاسها مع تحول «اهتمام الأفراد»

الدولار يتراجع إثر تحسن المعنويات

التقطت أسواق الأسهم العالمية أنفاسها بعد أسبوع عاصف نتيجة هجوم الأفراد المغامرين على الأسهم تحدياً للصناديق الاستثمارية الكبرى (أ.ب)
التقطت أسواق الأسهم العالمية أنفاسها بعد أسبوع عاصف نتيجة هجوم الأفراد المغامرين على الأسهم تحدياً للصناديق الاستثمارية الكبرى (أ.ب)
TT

أسواق العالم تلتقط أنفاسها مع تحول «اهتمام الأفراد»

التقطت أسواق الأسهم العالمية أنفاسها بعد أسبوع عاصف نتيجة هجوم الأفراد المغامرين على الأسهم تحدياً للصناديق الاستثمارية الكبرى (أ.ب)
التقطت أسواق الأسهم العالمية أنفاسها بعد أسبوع عاصف نتيجة هجوم الأفراد المغامرين على الأسهم تحدياً للصناديق الاستثمارية الكبرى (أ.ب)

فتحت مؤشرات الأسهم الرئيسية في بورصة وول ستريت على ارتفاع، الاثنين، في أعقاب موجة بيع حادة في الأسبوع الماضي، إذ دفع تحول ناجم عن فورة تعاملات الأفراد في الفضة أسهم شركات التعدين للصعود.
وأصبحت الفضة أحدث محور تركيز لتحرك محموم عبر الإنترنت لمتعاملين أفراد يرفعون قيم الأصول التي يراهن مديرو الصناديق الكبيرة على انخفاضها.
وصعد المؤشر داو جونز الصناعي 72.1 نقطة، بما يعادل 0.24 في المائة، إلى 30054.73 نقطة، في حين فتح المؤشر ستاندرد آند بورز 500 مرتفعاً 16.9 نقطة، أو 0.46 في المائة، إلى 3731.17 نقطة. وقفز المؤشر ناسداك المجمع 155.5 نقطة، أو 1.19 في المائة، إلى 13226.18 نقطة.
وصعدت الأسهم الأوروبية، لتنتعش من أسوأ انخفاض أسبوعي منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بدعم من ارتفاع أسهم شركات التعدين. وزاد المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 0.8 في المائة، فيما قادت أسهم شركات تعدين، من بينها فريسنيلو وبوليميتال إنترناشونال وبوليدين، المكاسب المبكرة في المؤشر.
وسجل المؤشر ستوكس 600 انخفاضات تزيد عن 3 في المائة في الأسبوع السابق، بفعل مخاوف تحيط بتباطؤ توزيع لقاحات لـ«كوفيد 19»، وفي الوقت الذي أدت فيه التداولات المحمومة للأفراد إلى زيادة التقلبات.
وصعد المؤشر داكس الألماني واحداً في المائة. وأظهرت بيانات أن مبيعات التجزئة انخفضت بأكثر من المتوقع في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، إذ تسبب قرار بتشديد إجراءات العزل العام لمكافحة جائحة «كوفيد 19» في خنق إنفاق المستهلكين في أكبر اقتصاد في أوروبا.
وفي آسيا، أغلقت الأسهم اليابانية مرتفعة، الاثنين، بعد انخفاضها على مدى جلستين، إذ تلقت المعنويات دفعة بفضل توقعات إيجابية للأرباح ومكاسب، حققتها أسهم شركات تصنيع الرقائق التي تضررت في السابق. وارتفع المؤشر نيكي القياسي 1.55 في المائة إلى 28091.05 نقطة، وربح المؤشر توبكس الأوسع نطاقاً 1.16 في المائة إلى 1829.84 نقطة.
ونزلت الأسهم اليابانية على مدى يومين، إذ نما قلق المستثمرين بشأن وقوع مزيد من الاضطرابات في السوق بالولايات المتحدة، ناجم عن المعركة التي تتصدر عناوين الأخبار بين المستثمرين الأفراد وصناديق متخصصة في البيع على المكشوف للأسهم.
وتراجعت عملة الملاذ الآمن، الدولار، الاثنين، مع تحسن معنويات المخاطرة بفضل آمال بأن المستثمرين الأفراد الذين استهدفوا صناديق التحوط الأسبوع الماضي حولوا أنظارهم إلى مكان آخر.
وتراجعت العملة الأميركية مقابل معظم العملات المناظرة، إذ ارتفعت الأسهم الآسيوية عقب خسائر استمرت على مدى 4 أيام. وتقدم الدولار الأسترالي الأعلى مخاطرة، وكذلك فعل الجنيه الإسترليني.
وفي وقت سابق، تلقت العملة الأميركية الدعم، إذ ظل القلق ينتاب المتعاملين من أن المستثمرين الأفراد الذين نظموا أنفسهم عبر الإنترنت ربما يواصلون هجومهم على المراكز المدينة لصناديق التحوط، ما يثير مزيداً من التقلب، لكن يبدو أن تركيز الحشود تحول بشكل مباشر إلى الفضة. ويشعر البعض بالقلق من أن التقلبات الشديدة في «غيم ستوب» وأسهم أخرى قد تنذر بتصحيح في السوق. كما أن الجدل بشأن حجم حزمة تحفيز يقترحها الرئيس جو بايدن والتأخير في توزيع لقاحات مضادة لفيروس كورونا، يقدمان أيضاً أسباباً للحذر.
وناشدت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ المنتمين للحزب الجمهوري بايدن، المنتمي للديمقراطيين، خفض حزمته المقترحة للتخفيف من تداعيات الجائحة البالغة 1.9 تريليون دولار على نحو كبير، ويقترحون بدلاً من ذلك رقماً عند 600 مليار دولار.
وتراجع مؤشر الدولار 0.1 في المائة إلى 90.534 اليوم في آسيا، بعد أن حقق مكسباً بنحو نصف في المائة الأسبوع الماضي.
ويتحرك المؤشر ضمن نطاق محدود في الأسابيع الأخيرة إلى حد كبير، بعد أن صعد من أدنى مستوى في 3 سنوات تقريباً عند 89.206 في بداية العام.
وأضاف الدولار الأسترالي 0.2 في المائة إلى 76.57 سنت أميركي، ليعوض خسائر تكبدها في وقت سابق بفعل مؤشرات جديدة على ضعف التعافي في الصين، العميل الرئيسي للسلع الأسترالية. وأظهرت بيانات أن تعافي أنشطة المصانع في الصين تباطأ في يناير (كانون الثاني) الماضي، إذ عرقلته موجة من الإصابات بفيروس كورونا.
وقفز الإسترليني 0.4 في المائة إلى 1.3739 دولار، مقترباً من أعلى مستوى في عامين ونصف العام، البالغ 1.3759 دولار، الذي سجله الأسبوع الماضي. وتراجع اليورو 0.1 في المائة إلى 1.2185 دولار، ويواصل التقلب في نطاق ضيق. ونزل الدولار 0.1 في المائة إلى 104.655 ين، ليتراجع أكثر عن أعلى مستوى في شهرين ونصف الشهر، البالغ 104.94 الذي لامسه يوم الجمعة.



«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
TT

«مؤتمر الأطراف الـ16» في الرياض يضع أسساً لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً

استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)
استطاع «كوب 16 - الرياض» تأسيس مسارات عالمية جديدة لمكافحة التصحر والجفاف (الشرق الأوسط)

بعد أسبوعين من المباحثات المكثفة، وضع «مؤتمر الأطراف السادس عشر (كوب 16)» لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الذي يعدّ الأكبر والأوسع في تاريخ المنظمة واختتم أعماله مؤخراً بالعاصمة السعودية الرياض، أسساً جديدة لمواجهة التصحر والجفاف عالمياً، حيث شهد المؤتمر تقدماً ملحوظاً نحو تأسيس نظام عالمي لمكافحة الجفاف، مع التزام الدول الأعضاء باستكمال هذه الجهود في «مؤتمر الأطراف السابع عشر»، المقرر عقده في منغوليا عام 2026.

وخلال المؤتمر، أُعلن عن تعهدات مالية تجاوزت 12 مليار دولار لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي والجفاف، مع التركيز على دعم الدول الأشد تضرراً، كما شملت المخرجات الرئيسية إنشاء تجمع للشعوب الأصلية وآخر للمجتمعات المحلية، إلى جانب إطلاق عدد من المبادرات الدولية الهادفة إلى تعزيز الاستدامة البيئية.

وشهدت الدورة السادسة عشرة لـ«مؤتمر الأطراف» مشاركة نحو 200 دولة من جميع أنحاء العالم، التزمت كلها بإعطاء الأولوية لإعادة إصلاح الأراضي وتعزيز القدرة على مواجهة الجفاف في السياسات الوطنية والتعاون الدولي، بوصف ذلك استراتيجية أساسية لتحقيق الأمن الغذائي والتكيف مع تغير المناخ.

ووفق تقرير للمؤتمر، فإنه جرى الاتفاق على «مواصلة دعم واجهة العلوم والسياسات التابعة لـ(اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر) من أجل تعزيز عمليات اتخاذ القرار، بالإضافة إلى تشجيع مشاركة القطاع الخاص من خلال مبادرة (أعمال تجارية من أجل الأرض)».

ويُعدّ «مؤتمر الأطراف السادس عشر» أكبر وأوسع مؤتمر لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» حتى الآن، حيث استقطب أكثر من 20 ألف مشارك من مختلف أنحاء العالم، بمن فيهم نحو 3500 ممثل عن منظمات المجتمع المدني. كما شهد المؤتمر أكثر من 600 فعالية ضمن إطار أول أجندة عمل تهدف إلى إشراك الجهات غير الحكومية في أعمال الاتفاقية.

استدامة البيئة

وقدم «مؤتمر الأطراف السادس عشر» خلال أعماله «رسالة أمل واضحة، تدعو إلى مواصلة العمل المشترك لتحقيق الاستدامة البيئية». وأكد وزير البيئة السعودي، عبد الرحمن الفضلي، أن «الاجتماع قد شكّل نقطة فارقة في تعزيز الوعي الدولي بالحاجة الملحة لتسريع جهود إعادة إصلاح الأراضي وزيادة القدرة على مواجهة الجفاف». وأضاف: «تأتي استضافة المملكة هذا المؤتمر المهم امتداداً لاهتمامها بقضايا البيئة والتنمية المستدامة، وتأكيداً على التزامها المستمر مع الأطراف كافة من أجل المحافظة على النظم البيئية، وتعزيز التعاون الدولي لمكافحة التصحر وتدهور الأراضي، والتصدي للجفاف. ونأمل أن تسهم مخرجات هذه الدورة في إحداث نقلة نوعية تعزز الجهود المبذولة للمحافظة على الأراضي والحد من تدهورها، وبناء القدرات لمواجهة الجفاف، والإسهام في رفاهية المجتمعات في مختلف أنحاء العالم».

التزامات مالية تاريخية لمكافحة التصحر والجفاف

وتطلبت التحديات البيئية الراهنة استثمارات ضخمة، حيث قدرت «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر» الحاجة إلى 2.6 تريليون دولار بحلول عام 2030 لإصلاح أكثر من مليار هكتار من الأراضي المتدهورة. ومن بين أبرز التعهدات المالية خلال المؤتمر «شراكة الرياض العالمية لمواجهة الجفاف» حيث جرى تخصيص 12.15 مليار دولار لدعم 80 دولة من الأشد ضعفاً حول العالم، و«مبادرة الجدار الأخضر العظيم»، حيث تلقت دعماً مالياً بقيمة 11 مليون يورو من إيطاليا، و3.6 مليون يورو من النمسا، لتعزيز جهود استصلاح الأراضي في منطقة الساحل الأفريقي، وكذلك «رؤية المحاصيل والتربة المتكيفة» عبر استثمارات بقيمة 70 مليون دولار لدعم أنظمة غذائية مستدامة ومقاومة للتغير المناخي.

وأكدت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة، أمينة محمد: «عملنا لا ينتهي مع اختتام (مؤتمر الأطراف السادس عشر). علينا أن نستمر في معالجة التحديات المناخية؛ وهذه دعوة مفتوحة للجميع لتبني قيم الشمولية، والابتكار، والصمود. كما يجب إدراج أصوات الشباب والشعوب الأصلية في صلب هذه الحوارات، فحكمتهم وإبداعهم ورؤيتهم تشكل أسساً لا غنى عنها لبناء مستقبل مستدام، مليء بالأمل المتجدد للأجيال المقبلة».

مبادرات سعودية

لأول مرة، يُعقد «مؤتمر الأطراف» في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما أتاح فرصة لتسليط الضوء على التحديات البيئية الخاصة بالمنطقة. وضمن جهودها القيادية، أعلنت السعودية عن إطلاق 5 مشروعات بيئية بقيمة 60 مليون دولار ضمن إطار «مبادرة السعودية الخضراء»، وإطلاق مرصد دولي لمواجهة الجفاف، يعتمد على الذكاء الاصطناعي؛ لتقييم وتحسين قدرات الدول على مواجهة موجات الجفاف، ومبادرة لرصد العواصف الرملية والترابية، لدعم الجهود الإقليمية بالتعاون مع «المنظمة العالمية للأرصاد الجوية».

دعم الشعوب الأصلية والشباب

وفي خطوة تاريخية، أنشأ «مؤتمر (كوب 16) الرياض» تجمعاً للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية لضمان تمثيلهم في صنع القرار بشأن إدارة الأراضي والجفاف. وفي هذا السياق، قال أوليفر تيستر، ممثل الشعوب الأصلية: «حققنا لحظة فارقة في مسار التاريخ، ونحن واثقون بأن أصواتنا ستكون مسموعة»، كما شهد المؤتمر أكبر مشاركة شبابية على الإطلاق، دعماً لـ«استراتيجية مشاركة الشباب»، التي تهدف إلى تمكينهم من قيادة المبادرات المناخية.

تحديات المستقبل... من الرياض إلى منغوليا

ومع اقتراب «مؤتمر الأطراف السابع عشر» في منغوليا عام 2026، أقرّت الدول بـ«ضرورة إدارة المراعي بشكل مستدام وإصلاحها؛ لأنها تغطي نصف الأراضي عالمياً، وتعدّ أساسية للأمن الغذائي والتوازن البيئي». وأكد الأمين التنفيذي لـ«اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر»، إبراهيم ثياو: «ناقشنا وعاينّا الحلول التي باتت في متناول أيدينا. الخطوات التي اتخذناها اليوم ستحدد ليس فقط مستقبل كوكبنا؛ بل أيضاً حياة وسبل عيش وفرص أولئك الذين يعتمدون عليه». كما أضاف أن هناك «تحولاً كبيراً في النهج العالمي تجاه قضايا الأرض والجفاف»، مبرزاً «التحديات المترابطة مع قضايا عالمية أوسع مثل تغير المناخ، وفقدان التنوع البيولوجي، والأمن الغذائي، والهجرة القسرية، والاستقرار العالمي»