انقلابيو اليمن يغلقون شوارع المدن لإرغام السكان على التظاهر

مقاتلون تابعون للحوثيين في أحد تجمعات الجماعة في صنعاء (رويترز)
مقاتلون تابعون للحوثيين في أحد تجمعات الجماعة في صنعاء (رويترز)
TT

انقلابيو اليمن يغلقون شوارع المدن لإرغام السكان على التظاهر

مقاتلون تابعون للحوثيين في أحد تجمعات الجماعة في صنعاء (رويترز)
مقاتلون تابعون للحوثيين في أحد تجمعات الجماعة في صنعاء (رويترز)

أغلقت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران، أمس، شوارع المدن الرئيسية في المدن الخاضعة لها، بما فيها العاصمة صنعاء، سعياً إلى إرغام السكان على التظاهر رفضاً للقرار الأميركي إدراج الجماعة على قوائم الإرهاب.
وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء أن الجماعة «أجبرت المواطنين والموظفين الحكوميين والمعلمين وطلبة المدارس وغيرهم على المشاركة في المظاهرات التي نظمتها في صنعاء وصعدة وحجة وذمار وعمران ومدن أخرى».
وقالت إن «مسلحي الجماعة الذين انتشروا برفقة عربات عسكرية وأمنية في شوارع وطرقات العاصمة صنعاء باشروا منذ صباح الاثنين بإغلاق جميع الشوارع والطرقات، خصوصاً الرئيسية المؤدية إلى ساحة باب اليمن، الأمر الذي تسبب في ازدحام شديد ضاق منه آلاف من السكان والمواطنين في العاصمة».
وتحدثت المصادر عن «حالة سخط واسعة سادت في أوساط الأهالي في صنعاء، خصوصاً المجاورين لمنطقة باب اليمن من جهة شارعي الزبيري وتعز وحي نقم وغيرها، جراء التسبب في ازدحام كبير للسيارات والمارة».
وشكا ملاك حافلات نقل وتجار وباعة متجولون في باب اليمن من بطش وتعسف الانقلابيين، وقطع أرزاقهم، وإجبارهم على إيقاف حافلاتهم وإغلاق متاجرهم، بحجة تنظيم الفعالية الحوثية.
وانتقد بعض من تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» قطع الأرزاق والشوارع والطرقات، وإعاقة السير، وتعطيل الناس عن الوصول إلى أعمالهم، بحجة تنظيم مظاهرات «هي بحد ذاتها ممارسات وتصرفات إرهابية بحتة مرفوضة ومستنكرة، ولا يمكن لأي يمني القبول بها من قريب أو بعيد».
وقال عدد من سكان باب اليمن إن مسلحي الجماعة منعوا المواطنين في أحياء وحارات عدة من الخروج إلى الشوارع الرئيسية بغرض التنقل إلى أعمالهم، في وقت خصصت فيه ممرات عدة محددة وإجبارية لمن أراد الحضور والمشاركة في الفعالية.
وتواصلاً مع موضوع تحشيد الانقلابيين تحت قوة السلاح والترهيب للموظفين والتربويين والمواطنين في العاصمة، كشف موظفون وعاملون بمؤسسات حكومية خاضعة لسيطرة الجماعة عن قيام مشرفين حوثيين قبيل المظاهرة بيوم بإجبار المئات من الموظفين والعاملين في القطاع العام بصنعاء على الحضور والمشاركة في الفعالية، مقابل ما قالوا إنها وعود بصرف نصف راتب شهر من مستحقاتهم المنهوبة من قبل الجماعة منذ سنوات عدة.
ونقل موظفون عن مشرفين حوثيين في بعض الوزارات والمؤسسات الحكومية قولهم للكادر الوظيفي: «غداً هو يوم الغربلة، وتحديد الموقف والولاء... إما لأميركا وإسرائيل أو للمسيرة القرآنية»، في تهديد واضح بالإقصاء والسجن لمن يتخلف من الموظفين عن المشاركة بمظاهرة الجماعة.
ويأتي ذلك في وقت مارس فيه قادة الجماعة ومشرفوها في العاصمة ضغوطاً كبيرة على مسؤولي الحارات الموالين لهم، إذ شددوا على ضرورة تحشيد المواطنين والسكان بمناطقهم، وحضهم بمختلف الطرق والوسائل الممكنة على المشاركة في تلك الفعالية.
إلى ذلك، أفادت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» بأن الجماعة التي تحكم سيطرتها على وزارة التربية والتعليم أجبرت قبيل مظاهرتها بيوم عدداً من المدارس الحكومية والخاصة على الدفع بمعلميها وطلابها للمشاركة في المظاهرة الحوثية.
وعلى مدى السنوات الماضية من عمر الانقلاب، اعتادت الجماعة على تنظيم آلاف من الفعاليات والمظاهرات الطائفية تحت تسميات مختلفة، تنفق عليها مليارات الريالات من قوت ومدخرات اليمنيين الذين بات أغلبهم يعانون الجوع والفقر والمرض والويلات والحرمان، وفق ما تقوله تقارير أممية ودولية.
وعلى الرغم من أن قادة الجماعة صرحوا علناً بأنهم «فخورون» بتصنيفهم على قوائم الإرهاب الأميركية، فإنهم في الوقت نفسه استنفروا كل طاقتهم أمس، بما في ذلك إنفاق مئات ملايين الريالات على إقامة المظاهرات التي تتوسل واشنطن للتراجع عن قرار التصنيف.


مقالات ذات صلة

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

المشرق العربي طالبات جامعة صنعاء في مواجهة قيود حوثية جديدة (غيتي)

قيود حوثية جديدة تستهدف طالبات كُبرى الجامعات اليمنية

بدأت الجماعة الحوثية إجراءات جديدة لتقييد الحريات الشخصية للطالبات الجامعيات والتضييق عليهن، بالتزامن مع دعوات حقوقية لحماية اليمنيات من العنف.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

تتزايد أعداد القتلى من قيادات الجماعة الحوثية الذين يجري تشييعهم دون الإشارة إلى أماكن سقوطهم، بالتوازي مع مقتل مشرفين حوثيين على أيدي السكان.

وضاح الجليل (عدن)
أوروبا مدنيون يرتدون زياً عسكرياً يشاركون في تدريب عسكري من قبل جنود أوكرانيين في كييف (أ.ف.ب)

تقرير: بمساعدة الحوثيين... روسيا تجند يمنيين للقتال في أوكرانيا

أفاد تقرير صحافي أن روسيا تقوم بتجنيد رجال من اليمن لإرسالهم إلى الجبهة في أوكرانيا بمساعدة من الحوثيين في اليمن.

«الشرق الأوسط» (لندن )
العالم العربي مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

فرضت الجماعة الحوثية إتاوات جديدة على الكسارات وناقلات حصى الخرسانة المسلحة، وأقدمت على ابتزاز ملاكها، واتخاذ إجراءات تعسفية؛ ما تَسَبَّب بالإضرار بقطاع البناء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.