مجلس الأمن يُخفق في التوصل إلى بيان مشترك حول دارفور

أعضاء من بعثة الأمم المتحدة (يوناميد) يغادرون مخيم «كلمة» للنازحين في نيالا 31 ديسمبر (أ.ف.ب)
أعضاء من بعثة الأمم المتحدة (يوناميد) يغادرون مخيم «كلمة» للنازحين في نيالا 31 ديسمبر (أ.ف.ب)
TT

مجلس الأمن يُخفق في التوصل إلى بيان مشترك حول دارفور

أعضاء من بعثة الأمم المتحدة (يوناميد) يغادرون مخيم «كلمة» للنازحين في نيالا 31 ديسمبر (أ.ف.ب)
أعضاء من بعثة الأمم المتحدة (يوناميد) يغادرون مخيم «كلمة» للنازحين في نيالا 31 ديسمبر (أ.ف.ب)

فشل مجلس الأمن الدولي الذي عقد اجتماعاً مغلقاً لمناقشة الاشتباكات الدامية التي شهدها إقليم دارفور مؤخراً، في التوصل إلى اتفاق على إعلان مشترك أو على تغيير محتمل في الوضع، حسب دبلوماسيين.
وعُقد الاجتماع الطارئ بطلب من الأوروبيين والولايات المتحدة بعد اشتباكات عرقية خلّفت أكثر من مئتي قتيل خلال ثلاثة أيام في هذه المنطقة الشاسعة في غرب السودان. واقترح الأوروبيون والولايات المتحدة والمكسيك تبنّي إعلان يهدف إلى دعوة الحكومة السودانية إلى الإسراع في تطبيق خطتها لحماية السكان. لكنّ دبلوماسيين قالوا لوكالة الصحافة الفرنسية إن هذا المقترح قوبل برفض من جانب دول أفريقية أعضاء المجلس ومن الهند وروسيا والصين، دعت جميعها إلى احترام سيادة السودان.
وقال دبلوماسي، طلب عدم كشف هويته وينتمي إلى الفريق الذي رفض تبني بيان مشترك، إن «هذا نزاع بين مجموعات سكانية» وهناك دائماً «بقايا (اشتباكات) في بلد لا يزال في مرحلة ما بعد النزاع». وأضاف: «هذا بلد في وضع صعب وتجب مساعدته بدلاً من إعطائه دروساً».
وذكر دبلوماسي آخر أن معظم الدول الأعضاء في المجلس خلال الاجتماع نددت بالعنف، وأكد بعضها أن الأمر متروك للحكومة لملء فترة «الفراغ» الناجمة عن توقف مهمة بعثة حفظ السلام المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي (يوناميد) في 31 ديسمبر (كانون الأول). وقال الدبلوماسي، مشترطاً أيضاً عدم كشف هويته، إن انسحاب نحو ثمانية آلاف عنصر من هذه المهمة على مدى ستة أشهر «لم يتغير»، معتبراً أن «العودة إلى الوراء ستقوّض بناء ثقة الناس في الحكومة».
وصرح مصدر دبلوماسي آخر بأنها «وصمة عار خطيرة للأمم المتحدة»، مضيفاً أن قوات حفظ السلام «موجودة ولكن ليس لديها تفويض» بالتدخل. وعاد هدوء هش إلى دارفور مع نشر القوات السودانية، لكن لا تزال هناك مخاوف من مزيد من العنف في هذه المنطقة السودانية التي عانت من نزاع استمر سنوات.
في نهاية العام الماضي، أشارت الأمم المتحدة إلى أن السلطات السودانية تعهّدت بنشر قوة حماية في دارفور قوامها 12 ألف عنصر لتتولى اعتباراً من يناير (كانون الثاني)، المهمة من قوات حفظ السلام التابعة لـ«يوناميد» بعد 13 عاماً. وبعد انتهاء مهمة هذه البعثة، تعتزم الأمم المتحدة البقاء في السودان من خلال بعثة سياسية مقرها الخرطوم، تهدف إلى دعم الانتقال في السودان.
وأفاد ناطق باسم المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بأن 250 شخصاً قُتلوا، وبينهم ثلاثة من العاملين في المجال الإنساني، في الاشتباكات التي بدأت في 15 يناير في غرب دارفور، ثم امتدت في اليوم التالي إلى جنوب الولاية. ونقل الناطق باسم المنظمة الدولية في نيويورك ستيفان دوجاريك، ما أشار إليه ممثل صندوق الأمم المتحدة للطفولة(يونيسيف) في السودان عبد الله فاضل، بشأن أعمال العنف التي وقعت الأسبوع الماضي في الجنينة بغرب دارفور، قائلاً إنها أدت إلى مقتل أكثر من 80 شخصاً، بينهم عشرة أطفال، بالإضافة إلى تشريد آلاف آخرين. وناشد زعماء القبائل في المنطقة والشباب والقبائل «وقف القتال».
وقال إنه «تجب معالجة أسباب الصراع الجذرية وطويلة الأمد ووضع أسس سلام دائم». وأسف لأنه «بعد مرور 10 سنوات، فإن مستوى العنف في شوارع هذه المدينة الجميلة آخذ فقط في التصاعد».
ووفقاً للناطق باسم المفوضية في جنيف بوريس شيشيركوف، فإن نحو 3500 لاجئ سوداني جديد وصلوا إلى شرق تشاد. وقال: «جرت استضافة هؤلاء اللاجئين -ومعظمهم من النساء والأطفال- في أربعة مواقع نائية للغاية تفتقر إلى الخدمات الأساسية أو البنية التحتية العامة، حيث كانوا يحتمون تحت الأشجار».
وأضاف أنه «نظراً لوضع (كوفيد – 19) توجّه السلطات المحلية التشادية الوافدين الجدد إلى موقع عبور، حيث سيخضعون للحجر الصحي قبل نقلهم إلى مخيم للاجئين الحالي بعيداً عن الحدود». وأكد أن المفوضية تسرع إيصال الإمدادات إلى المنطقة استجابةً لحاجات اللاجئين، فضلاً عن تعبئة الموارد كجزء من الاستجابة المشتركة بين الوكالات الإنسانية.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.